حول تصريح بعض رجال الدين بعدم تَسَيس الدين لتسَيًس الدين

عرضت بعض القنوات الفضائية العامة في العراق في شريطها الإخباري بتاريخ 7-9 2007. تصريح بعض رجال الدين المعروفين في العراق بأن على القوى السياسية عدم تسيس الدين ………

   وحق إن يقول بعدم تسييس المرجعية الدينية التي تزج في الكثير من القضايا الداخلية زجاً طمعاً في تأييدها لهذه الجهة أو تلك لأن الإتكاء على المرجعية يعطيها زخماً كبيراً وميولاً جماهيرياً ومبرراً شرعياً لعملها وهذا ما تسعى كل القوى السياسية في العراق التي تعتبر المرجعية قيمة عليا لا يُمكن تجاوزها – وهي كذلك .

  ولكن من المنطقي أن نتسائل ونطرح الآن التساؤل التالي . وقد عرضناه في كتابات سابقة – أليس المنادى به مضموناً عند  المعظم هو فصل الدين عن السياسة وإن إقتراب الدين من السياسة أمر محظور ولو في أذهان الساسة المحترمين إذا كان الإقتراب محظوراً فما بال التقريب الذي تقوم به الأحزاب والكيانات السياسية ليس بمحظور مع أن المفهومين متقاربان إذ لا فرق بين الإقتراب والتقريب إلا بتضمين الأخير إرادة الفاعل مع صدق الإلتقاء بين الطرفين سواءً بالإقتراب أو بالتقريب ، وعلى هذا فما هو محظور على الإقتراب ينبغي أن يكون محظوراً على التقريب ، إلا إذا إستثني من دائرة الحظر إرادة  المقرب وهو هنا الكيان أو الحزب فما دامت إرادته على تقريب المرجعية الدينية للإستقواء بها والإستعانة من خلالها فالمجال مفتوح والمسألة مسموح بها وهي تعطي معنى إستقواء السياسة بالدين وزج الدين لقبول الطرح الحزبي وبهذا الإجراء يكون الدين محكوماً لا حاكماً وتابعاً بدلاً من ان يكون متبوعاً وعندما نستعمل لفظ الدين فإن القصد هو المرجعية وإلا فإن الدين هو الحاكم على الإطلاق على الجميع لأنه نازل من الحاكم والمطلق رب الأرباب وأما غيره حتى أفضل خلقه ومحبوبه محمد (صلى الله عليه وآله) فهم محكومون للدين ومنقادون لإرادة رب العالمين ، وليس لهم من الأمر شيء ، فالدين موقعه الحاكمية ولغيره المتبوعية لا غير . وعلى هذا فإن النتيجة ستكون أسوأ من مقولة فصل الدين عن السياسة ، لأنها ستكون تابعية الدين للسياسة ، والفرق بين الأمرين واضح من حيث أن الفصل يعطي للدين أهلية الإحتفاظ بخصوصياته وعلى التابعية يفقد تلك الخصوصية ويتحول ويتبدل على وفق أهواء المتبوعين ، وبالتالي يصبح الدين الواحد أدياناً متعددة ومذاهب متفرقة كتفرق أهواء المتبوعين واتجاهاتهم ورغباتهم في تسييس الدين .

   وقد يقبل البعض هذا التقريب بدعاوى متعددة وإن الدعم المرجعي مطلوب في وقت الصراع السياسي المحتدم مع القوى السياسية الأخرى التي تريد إحكام سيطرتها على مقدرات السياسة في البلد ، في هذا الوقت الحرج بالذات وقد إستجابت المرجعية لهذا التقريب ظناً منها بصحة الخطوة وضرورة شد الأزر للقوى العاملة في الساحة العراقية .

   أليس من المنطقي أن نطالب أصحاب الشأن بما وعدوا به من إنجازات وبرامج لها طابع الصالح العام وأن نقيّم عمل المستقوين بها بكل دقة و موضوعية لمعرفة أسباب الخلل وسوء النتائج العامة فيما يتعلق بواقع الحياة الإجتماعية العراقية والأمنية والخدمية إذ ربما تكون الحسابات المنظورة سابقاً غير واقعية و إن عناصر كانت مؤثرة في سير نتائج الأعمال لم تكن بالحسبان عند السادة أو كانت ولكن لم يُحسب لها حساب في دائرة التأثير على الأحداث أو غير ذلك من الأسباب ولكنها لا تعفي القائمين عن مراجعة حساباتهم وعرض نتائجهم على المرجعية الدينية لآخذ النتيجة مهما كانت فإن كانت سلبية إستفادت من التجارب السابقة وإمتلئت من الخبرة المتراكمة لتستعين بها في جولة جديدة وإن كانت إيجابية والواقع لا يصدقها متنت أداءها وطورت أساليبها لتحقيق المزيد من النجاحات المستقبلية

 

محرك البحث

اخر تحديث

الاحصائيات

الطقس

3:45