بسمه تعالى ـ الذهاب الى العباس عليه السلام للتحالف به على امر بدعية أحدهما ويكذبه الآخر فيحلف أحدهما، او على أمر يدعي أحدهما وأمر آخر يدعيه الاخر، فيحلف كل منهما على ما يدعيه لإثباته او نفيه وهذا مما تعارف عليه الناس قديما وحديثا حتى اصبح سلوكا عاما عند المعظم ممن يعتقد باهل بيت العصمة ويعظم شأنهم وشأن ممن يرتبط بهم بعلاقة سببية كالسيد العباس عليه السلام.
وقد وجد الكثيرون من البسطاء والطيبين وممن لم تتلوث فطرتهم وبقوا على بساطتهم وسجيتهم، ولم يتقذروا بأدران الذنوب والسيئات ان اليمين الكاذب (بالعباس) لم يتأخر اثره ولم يتباطئ رده على الكاذب فأثره معجلا وسريعا، ومن هنا سمي (بالحار) وهي لفظة يستعملها اهل العرف العراقي للسرعة في الطلب والانجاز، الا تراهم يقولون (حار بحار) أي حالا وبلا تأخير، وكذا قولهم (حار ومكسب ورخيص)، يصفون به الخبز اشارة لكون طلب الطالب يتصف بهذه الامور، معجل ورخيص و(مكسب) وصفا للخبز والذي قلما يكون متضمناً هذه الاوصاف في نفس الان.
المهم- ان لفظه (حار) تعني عندهم التعجيل والفورية وقد وجد الكثيرون بان الحلف الكاذب (بالعباس) عليه السلام، فوري التأثير على الكاذب، ومن هنا اطلقوا عليه (حار) او اطلقوا على العباس عليه السلام (ابو راس الحار).
واما ان هذا خلاف كونهم (أي اهل البيت) عليهم السلام اهل رحمة، فلا ينافي تعجيل العقوبة لمن يسخر منهم ويستهزئ بمقامهم لقيام الحجة عليه وعلى غيره ممن يستبعدون تأثيرهم، ويقللون من مقاماتهم وعلو مراتبهم عند الله تعالى، مع علمنا كما ورد في الحديث القدسي (عبدي اطعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكن) ولا اعتقد ان احدا يشكك بعبادة وطاعة العباس عليه السلام لله تعالى، وكيف لا وهو ابن سيد الوصيين وامام المتقين، أفلا يكون إماما لابنه؟!
فالمحب لهم يأخذ استحقاقه والمكذب يأخذه وليس بالضرورة ان يكون ما يأخذه في الدنيا فقد يتأخر عنه في الاخرة ومن هنا كانت تسمية (ذي الرأس الحار) عند العامة، لتعجيل الاستحقاق الدنيوي وبيان مقام العباس عليه السلام اكراما من الله تعالى.
مع الالتفات ان التأثير من قبل الله تعالى، اكراما للعباس ودفاعا عنه (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) (الحج:38).
وليس التأثير من العباس مستقلا عن الله تعالى فبأن هذا مما لم يقله عاقل فضلا عن متدين، بدين الله ورسوله وللمعصومين بطاعته.
وهذا هو جواب الشق الثاني- اما جواب الاول، فهو ان الحلف بما له حرمة وأهمية عند الحالف صحيح، الا انه لا اثر له شرعا من حيث الوضع كإيجاب الكفارة لو تبين حنثه، كما هو الحال بالنسبة للقسم بالله تعالى او بما اختص به من اوصاف على ما هو مقرر في كتب الفقه.
واوضح دليل على صحة الحلف بالمعصومين والعباس (عليهم السلام)، هو قسم الله العظيم في قرآنه ببعض مخلوقاته، كقسمه بالتين والزيتون، والعاديات والصبح، والسماء و ….. وهي بالتأكيد اقل حرمة عند الله من الإنسان فضلا عن المعصوم بالأصل او المعصوم بالعارض (كالعباس)، فهل يعقل عدم جواز الحلف به؟.. كلا لا يعقل.
واما فلسفة الحلف مختصراً فان الحالف لتأكيد صدقه وصحة كلامه يضم اليه، الحلف، باعتبار ان المحلوف به شديد الحرمة والاهمية عنده يستبعد ان يكذب فيقلل من حرمته وأهميته، وبالتالي يسقط اعتباره عند الاخرين.
او انه يعلم ان المستمع لم يثق به الا إذا ضم اليه ممن محترم عنده يلزمه بصدق كلامه وصحته، والا لم يكن لكلامه تأثير على المستمع واصغاء منه اليه خصوصاً اذا كان المستمع ممن لا يرى للحق موقعا عند المتكلم او لا يعتقد بما يقول.18 ذي الحجة 1424هـ
|