بسمه تعالى : إنما تكون القلوب متوجهة إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، لأنه يشكل نقطة الانطلاق الحقيقية لمحاربة الطاغوت وإسقاط جبروته لتخلو الأرض من عواقب المسير والكدح نحو الله والانطلاق في آفاق التكامل والتواصل لبناء الإنسان بناءً قد خططت له السماء منذ أن أرسل الله الرسل وانزل الكتب ، إلا أن الحركة الحسينية التي جعلت هدفها طلب الإصلاح في امة رسول الله ( صلى الله عليه واله ) وهو هدف كل الرسالات السماوية السابقة ، وهو نفس الهدف المكلف به إمامنا المهدي ( عجل الله فرجه الشريف ) وسهل مخرجه .
وإذا ضممنا المقولة المشهورة لرسول الله ( صلى الله عليه واله ) – حسين مني وأنا من حسين – فكل ما كان للحسين فهو لرسول الله ( صلى الله عليه واله ) إذ لا خصوصية للحسين إلا كونه امتداداً للرسالة وإبقاءً لها .
وهذا الإبقاء هو الذي سيسود العالم ويظهره الله على الدين كله ، كما وعد تعالى في كتابه ( ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) واليد التي سيظهره عليها هي يد الإمام المهدي ( عجل الله فرجه الشريف ) .
فالارتباط وثيق ما بين المنطلق لرسالة السماء وبين إظهارها على الدين كله ، والمنطلق متمثل برسول الله ( صلى الله عليه واله ) وبثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) للتلازم بينهما والإظهار متمثل بالإمام الحجة .
وهذا الامتداد والترابط ضروري لتعميق الشعور بأهمية الهدف وضخامة الحدث الذي تنتظره الدنيا للحصول ، إذ أن هذا الامتداد يعطي الإنسان زخماً وشعوراً عالياً بالمسؤولية يتعدى شعوره الشخصي إلى الشعور بالإسلام وأهميته أو قل إلى الشعور بالأمة التي تحمل لواء الإسلام لتنشره على وجه البسيطة ، وهذا المعنى يتناسب مع عظمة الهدف وسعته والذي يحتاج إعداداً خاصة للمؤمنين به وتدريباً اجتماعياً على التضحية والصمود والتعبئة العامة على المواجهة في حالات الضرورة والتصدي . وهي حاصلة بفضل الله بمثل هذه الشعائر العظيمة التي شرعها الإسلام .
على أنها مظهر من مظاهر العز والفخر للمسلمين وهم يواجهون تحدياً حضارياً كبيراً من قوى الشر في العالم ، كما أن هذه الشعائر تعطي الهيبة للإسلام أمام أمم العالم ، وتكون في عين الوقت مانعة للمؤمنين على تقبل أو التفاعل مع التأثيرات التي يحوكها أعداء الإسلام لتهميش دوره وتقليل أهميته في نفوسهم وتضعيف دوره في بناء الحياة الصالحة للإنسانية .
ويبقى الحسين ( عليه السلام ) بما يمثله من وجود مبارك بمرقده الشريف يرفد الوعي الإنساني بمعاني البطولة والفداء التي تحتاجها الأهداف السامية والعظيمة ، ويصبح الالتقاء معه في زيارة مرقده الشريف هو المحفز القوي والباعث للنفوس على التضحية والصمود ، وهما أهم ما يحتاجه يوم الظهور الميمون للإمام الحجة ( عجل الله فرجه الشريف ) لقيادة العالم وبسط نفوذ الإسلام العظيم على وجه الأرض ليملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراًُ .
والقسوة التي تعرض لها الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه في واقعة كربلاء هي الأشد في تاريخ الإنسانية ، ولذا ستبقى الأكثر تأثيراً وحشداً للناس وتعبئتهم كما يشهد لها واقع زياراته المخصوصة .
فقد أتضح من خلال هذا العرض البسيط وجه الربط بين الأمرين :
- لوحدة الانتماء إلى الإسلام العظيم .
- لوحدة الهدف .
- لوحدة الصلة باعتبار الحسين ( عليه السلام ) يمثل الجد للإمام المهدي ( عليهما السلام ) ، والطلب بثأره أو بدمه من واجبه لأنه يمثل ولي دمه في الوقت الحاضر ، ومن هنا نفهم رفعه لشعار ( يالثارات الحسين ) حين ظهوره الميمون .
- لشدة الارتباط العاطفي جماهيرياً مع الشخصيتين أما لعظمة الموقف أو لشدة المظلومية لكل منهما .
- كون الحسين (عليه السلام ) بثورته والأنبياء بدعوتهم والأئمة بتضحياتهم وكل المؤمنين بجهادهم عبر التاريخ ستجنى ثمار جهودهم بانتصار الحق على الباطل يوم الظهور الميمون ، فكانت ولادته ( عليه السلام ) ولادة لإحياء الحق والمساعدة على انتصاره على الباطل الذي شرع بمشروعه الإمام الحسين ( عليه السلام ) وللكلام تتمة .... .
وتبقى أحياءنا للذكرى مرهوناً بما يختلج في نفوسنا من أهداف ما يراد تحقيقها ومن معاني ما يراد زرعها في نفوسنا كما تقدمت الإشارة إليها ، لا أن يكون إحياءنا للذكرى لمجرد الذكرى بل للتزود منها لنعين أنفسنا على السير بالاتجاه الصحيح المرضي عند الله ورسوله والإمام المنتظر ( عجل الله فرجه الشريف ) ولنرفع شعارات نسعى لتطبيقها بصدق كي لا نكون من مصاديق قوله تعالى ( كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) .
|