تحديث
07/09/2022 6:39 مساءا
ظواهر انحرافية
بدأت تبرز في الوسط الشيعي ظاهرة النيل من بعض الاعتقادات الضرورية الثابتة في وسطنا الشيعي من قبل بعض من لا حريجة لهم في الدين وهم أكثر من واحد بتراتيب على نحو المتوالية العددية في أوقات معينة، تارة على نحو كلمات يطلقها بعض من يعتبر نفسه فقيهاً وهو لا يمت للفقه بصلة، وتارة أخرى على نحو لقاء تلفازي، وثالثة على نحو استغلال شعيرة عبادية كصلاة الجمعة، وليست أدري ماهي غايات هؤلاء وأهدافهم ان كانوا رجال دين كما يدعون، فأن هذه الدعوة وهابية بامتياز يراد بها طمس معالم وقبر وسائط الفيض والرحمة الالهية والتي تمثلها مراقد الاولياء والصالحين ظناً منهم ان هذا يخدم رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) ويسدي خدمة لدين الله.
والأمر بالمطلق خلاف ذلك، ولنا عشرات الادلة القرآنية والروائية على ضرورة التمسك بزيارة القبور ومراقد أهل بيت العصمة، والغاء الواسطة نهج ابليس حينما رفض خلافة آدم عليه وعلى غيره قائلاً ((قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً))، أتركني أنا وأنت يا رب لا تجعل واسطة ووسيلة بيني وبينك وهذه بالضبط دعوى الوهابية التي يطبلون لها منذ عقود.
ولا يفوتني ان اطرح هذا السؤال: هل وظيفة رجل الدين تقريب الناس له أو تبعيدهم عنه؟ الجواب جلي هو الأول لا الثاني، حينئذٍ هذه الدعاوي من الأول أو من الثاني، ولا ينبغي لرجل الدين ان يكون نهجه ذلك، لأن حسابه شديد يوم القيامة حيث يغفر للجاهل سبعين ذنباً قبل ان يغفر للعالم ذنباً، هذا اذا سلمنا ان اصحاب الدعوة علماء.
وإذا كنا لا نرد على بعضها فيما سبق لأن صاحبها لا يستحق مثل هذا الرد الذي يعطي بعداً اجتماعياً لا يستحقه بعبارة عامية (أكبّر راسه) ولما تمادت هذه الدعوة اصبح لزاماً ردعها حفاظاً على معتقدات دين الناس واداء واجب النهي عن المنكر.
أما دعواهم بأمر النبي (صلى الله عليه وآله) هدم القبور، فذلك هي قبور المشركين كي لا يكونوا معلماً يقتدى به، ثم قال (صلى الله عليه وآله) كنت نهيتكم عن زيارتها والآن أمركم بزيارتها بعد انتشار الاسلام ومقابر المسلمين اصبحت كثيرة، وعلى الباحث والطالب للحقيقية ان يرصد كل البيانات الشرعية للخروج بنتيجة فقهية صحيحة، وهذا ديدن علمائنا في الاستنتاج الفقهي، على عدم الاكتفاء برواية هنا أو هناك بل جمع كل نص له صلة، بموضوع البحث حتى تستقيم النتيجة، مع ضم كلمات العلماء والفقهاء وسيرة العقلاء أو المتشرعة وتصيد الاجماع ان كان في المسألة وأما رؤية رواية هنا أو هناك والبناء عليها فهذا فقه مبتور واستنتاج أعرج، وهو بنهج العامة في فتاواهم حيث يتصيدوا رواية هنا والبناء عليها وقد تكون ضعيفة لا حجية فيها.
وأما أدلة زيارة القبور وعمارتها فهذه بعضاً منها:
1- قوله تعالى ((َقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً)) والله لم ينهى عن ذلك بل سكت عنه.
2- ((ُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)) ومن أوضح مصاديق المودة زيارة قبور موتى المطلوب مودتهم.
ومن الروايات:
1- قوله (صلى الله عليه وآله) ((بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)) حيث عبر بالروضة التي ينشرح صدر الانسان إذا أتاها بل هي محل الرحمة الالهية.
2- زيارة فاطمة عليها السلام قبر عمها حمزة كل ليلة جمعة، وفعل المعصوم حجة كقوله واقراره.
وهكذا غيرها كثير يمكن للمنصف ان يحشدها أدلة خاصة لصحة زيارة القبور بل عمارتها وبنيانها.
وجريان سيرة المتشرعة على زيارة القبور الا من شذ من اتباع الشيطان الوهابية.
ولا ينبغي لنا ترك نصح المؤمنين بأن لا ينساقوا وراء هذه الاقاويل وعليهم ارجاعها الى علماء الأمة ليبينوا خطأها وخللها وشيطانها.
ولا ننصح بنشرها عبر وسائل التواصل بل يجب نشر الرد عليها ووأدها في أوان ظهورها كي لا تأخذ لها طريقاً في نفوس العامة واذهانهم.
بل نستطيع القول ان نشرها من نشر كتب الضلال المحرمة شراؤها وتداولها الا للقادر على الرد عليها.
على العامة من الناس رد هذه الانحرافات الى الذين يستنبطونه كما قال تعالى ((وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً)) النساء83
عبد الله المؤمن الفقيه المهندس
قاسم الطائي
10 رمضان المبارك 1443
زيارة الموتى في العيد للعراقيين
يتعارف أهلنا في العراق بزيارة القبور – قبور موتاهم خاصة – في أيام العيد من الفطر والاضحى، يتفقدون فيها أحبتهم الذين فارق الموت بينهم فأنتقل الميتون الى الدار الآخرة وبقي الاحياء في دار الدنيا، ولا يعقل زيارة الميت للحي بوجوده الدنيوي البشري لأنه أرتحل عنه للدار الاخرى، ولكن زيارة الحي للميت ممكنة بل وقد تكون مطلوبة طلباً استحقاقياً للميت على الحي كما لو كان أبوه أو أحد أبنائه أو عزيزه وكل هؤلاء وغيرهم يستحقون على الحي مواصلتهم بعد ان انقطعت عنهم سبل الخير وزيادة الثواب وإن كانت السيئات قد انقطعت عنهم، ولكن الحاجة الى الحسنات تبقى حاجة واقعية يتأملون تحصيلها من الاحياء الباقين لزيارتهم، وتسمى هذه الزيارة بزيارة القبور أو الموتى، ولعل العديد من العراقيين يسألون أو لا يعرفون منشأ هذه الزيارة وقد يكون منهم من يتصور عدم جدواها أو عدم شرعيتها أو أنها ترف للأحياء بلا نفع للأموات، وكل ذلك خطأ تقصيري عن آثار هذه الزيارة وعظيم أثرها للميت أولاً وللحي ثانياً.
وكأن تزاورهم في الدنيا حينما كان الميتون أحياء، هو هو عندما أرتحل البعض منهم الى الدار الأخرة حيث تبقى المسرة والمودة جارية بينهم، وإليك الأدلة الشرعية والاعتبارات الدينية لهذه الزيارات.
أ- في زيارة قبور المؤمنين وعلم الميت بمن زاره.
الكليني (ره) عن حفص بن البحتري عن الصادق (عليه السلام) في زيارة القبور،(( قال: إنهم يأنسون بكم فإذا غبتم عنهم استوحشوا))
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) زوروا موتاكم، فأنهم يفرحون بزيارتكم، وليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه وعند قبر أمه بما يدعو لهما.
وعن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) كيف التسليم على أهل القبور؟ فقال: ((تقول السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا فرط ونحن ان شاء الله اليكم لاحقون)).
وغيرها بصيغ أخرى، هذا لمن أراد ان يسلم وهو مار على مقبرة أو داخل فيها وماذا يقرأ؟
فعن الرضا (عليه السلام) قال: ((من أتى قبر أخيه، ثم وضع يده على القبر وقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات، أمن يوم الفزع الأكبر أو يوم الفزع)).
وهناك من الروايات تقيد قراءة سورة يس.
وبعضها قيدتها بأن يكون الزائر بعد وضع اليد على القبر مستقبل القبلة.
والميت ينتفع بالصلاة وغيرها من الدعاء والصدقة والصيام وغيرها من أفعال البر.
فعن الصادق في كتاب الفقيه للصدوق (قده) ان الميت ليفرح بالترحم عليه والاستغفار له كما يفرح الحي بالهدية تهدى إليه.
وتوضح هذه الرواية بأن الميت إذا كان في ضيق يوسع عليه، فقد سأل عمر بن يزيد الصادق (عليه السلام) أيصلى على الميت ؟ فقال: ((نعم، حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق، ثم يؤتى فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك)).
بل على الناصب يخفف عنه بعض ما هو فيه.
عن أبي حمزه عن الكاظم (عليه السلام): قال : سألته عن رجل يحج ويعتمر ويصلي ويصوم ويتصدق عن والديه وذوي قرابته؟ قال: لا بأس به يؤجر فيما يصنع وله أجر آخر بصلته بقرابته، قلت: وإن كان لا يرى ما أرى وهو ناصب؟ قال: يخفف عنه بعض ما هو فيه.
وهذا يعني أن هنا أجراً للفاعل وللميت كما في رواية الصادق (عليه السلام) أنه قال يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء، قال ((يكتب أجره للذي يفعله وللميت)).
ويُخبر الميت عن مصدر هذا العمل فيقال: هذا بعمل ابنك فلان وبعمل أخيك فلان كما في رواية حماد عن الصادق (عليه السلام).
وللحديث تتمه تأتي ان شاء الله ..
رمضان المعنى
قال أهل اللغة كلمة رمضان
رَمَض: شهر رمضان هو من الرّمض أي شدة وقع الشمس، يقال أَرَمَضته فرمض أي أحرقته الرمضاء وهي شدة حر الشمس ورمضت الغنم رَعت في الرمضاء فقرحت أكبادها، وفلان يترَّمض الطباء أي يتبعها في الرمضاء.
وقال آخر: رمض أصل مطرد يدل على حدة في الشيء من حرّ وغيره فالرّمض حر الحجارة، وذكر قوم ان رمضان اشتقاقه من شدة الحر، لأنهم لما نقلوا الشهور عن اللغة القديمة سمّوها بالأزمنة فوافق رمضان أيام رمض الحر، ويجمع على رمضانات وأرمضاء.
ويقال: رمضت اللحم على الرَّصف إذا انضجته، وكل حاد رميض.
وقال آخر: رمضان في الأصل مصدر كالحيوان ثم جعل إسماً للشهر ومنع من الصرف للعلمية والألف والنون الزائدتين، ووجه التسمية شدة حر الفصل الذي وضع له هذا الأسم.
ولا يخفى: ان التسمية كانت قبل الاسلام وقبل تكليف الصيام.
وقال آخر: الرمض بفتحتين شدة وقع الشمس على الرجل وغيره .. ورمض يومنا أشتده حره.
والمتحصل في كلماتهم – الشدة في الفعل أو الأمر – فحينما يقال شهر رمضان يعني الشهر الموصوف بالشدة، وهي وإن أخذت من شدة الحر الا أنه لا موجب لحصرها في الحر، بل في كل أمر شديد وقعاً على النفس.
وحيث يكون الصوم شديداّ على النفس وهو واقع في هذا الشهر المسمى رمضان، فكان الفعل –الصيام- شديداّ كانت ثمة مناسبة لايقاعه في هذا الشهر وليس من الضروري أن يكون في الحر في اوقات الصيف، بل في معظم أوقات السنة من الصيف والخريف والشتاء والربيع كما هو معروف في حركة الأشهر فأن الشهر العربي يدور على مدار السنة كل 33 سنة تقريبا يرجع الى موقعه كما هو الملاحظ وبالرغم من دورانه تبقى الشدة فيه من جهة وقوع الصيام فيه، وهو أي الصوم شديد ولو في الجملة وعلى بعض النفوس القريبة القيام بالصوم أو الكبيرة جداً والتي لا تساعدها قواها النفسية على تحمله الا بشدة.
هذا ولا ينبغي النظر الى منطقة واحدة في الارض بل الى جميع مناطق الأرض حيث يكون بعضها في الشتاء وبعضها في الصيف كما هو حال جنوب الأرض وشمالها أو بعضها في طول المدة أو في قصرها كما هو حال الانتقال الى أو الاقتراب من مناطق القطبين حيث يزداد النهار في بعضها وينقص في مقابله من القطب الآخر.
وبالجملة فإن شدة الشهر محققه وإن لم تكن لجميع البشر وفي مختلف جغرافيتهم.
هذا من جانب وقوعه التكويني الخارجي، وأما من جانب وقوعه وأمتثاله النفسي فهو على النفوس الايمانية القوية خفيف بل تفرح وتُسر لأنه ميدان اختبار ايمانها وإرادتها في امتثال وقبول التكاليف الإلهية، فيما هو شديد على البعض بل وثقيل على أهل النفوس الضعيفة والتي لا تعرف طعم الإيمان، وهذا ما تتفاوت به النفوس من حيث القبول وشدة الثواب ودرجة القرب.
كما ويمكن ان تكون شدته على طوارئ البدن للانسان من الامراض والاسقام فهو ينظم عمل الأجهزة ويقلل من تعرضها للاسقام، والأمرض بل قد يوقفها ويمنع انتشارها أو يقلل من آثارها كما قيل في مرض السرطان، وفوائده الصحية كثيرة وعديدة وقد أطلق عليها الشرع بقوله (صلى الله عليه وآله) ((صوموا تصحوا)) والتجربة أكبر برهان، والوجدان لا يكذب الانسان.
ذكريات تحليلية
في عام 1990 حينما انهار الإتحاد السوفيتي – القطب الثاني- وتجزأ الى عدة دول أهمها روسيا وأوكرانيا وغيرهما، إزدادت الغطرسة الأمريكية وتبجحت في نجاحها في تفكيك خصمها اللدود، وأخذت بتسيد المشهد الدولي وتفرض رؤاها بقوانين قوتها على العالم غير مكترثة بالقانون الدولي أو المؤسسات العالمية من مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة فهي مؤسسات في خدمة المصلحة الأمريكية لا في خدمة الحق والعدل الدوليين ثم سعت بخبث لتقليم أظافر ما تبقى من الإتحاد السوفيتي، فشرعت بتفكيك – يوغسلافيا- الحليف القوي لموسكو- في منتصف تسعينيات القرن الماضي وأصبحت اثراً بعد عين في ستة دول صغيرة وضعيفة ضمتها فيما بعد للناتو ثم احتلت أفغانستان لتكون متاخمة للجهة الجنوبية لروسيا، ثم إحتلت العراق بدون تفويض من مجلس الأمن، بل لم تلتفت لكلمات الآخرين، ثم تدخلت في سوريا بدون ترخيص من حكومتها وتحاول فرض رؤيتها وأهدافها ومع كل هذه المظالم التي ارتكبتها الإدارات الأمريكية في حق شعوب ودول الأرض متناسية كل ذلك في حملتها المحمومة ضد روسيا التي بدأ نجمها يبزغ في سماء السياسة الدولية، ويزداد قوة تأثيرها في الأحداث حتى اذا ما عالجت قضية أوكرانيا التي جعلها الغرب خاصرة لروسيا وربما قد شنت إعتداءً عليها من خلالها فسارعت روسيا لمعالجة الأمر وتقليم أظافر أمريكا والغرب فيها ودفع احتمال قيامها بعمل عدائي ضد روسيا، رفعت أمريكا عقيرتها وشنت أكبر حصار على بلد في الأرض بعقوبات لم يسبقها مثيل ولا مشابه عقوبات فنزولا وايران بأي وجه ولكن الإستعداد الروسي لهذا السيناريو هو من أفشل عقوبات الغرب وإرتد عليهم، كما ان العديد من دول الأرض بدأت تغير نهجها الدولي وتحالفاتها الدولية ولم تكترث لطلب أمريكا بزيادة صادرات النفط والغاز لتقليل الإعتماد على الطاقة الروسية، كما ان الأسعار بدأت تتصاعد في بلدان الغرب وامريكا جراء هذه العقوبات وبدأ أفول نجم الدولار وسيطرت أمريكا على نظام النقد العالمي وتحرر العديد من دول الأرض من إعتمادها على الدولار في تبادلاتها التجارية بضربة إستباقية فجرتها موسكو للتقليل من أهمية الدولار في التعاملات التجارية، والمسألة تسير لصالح روسيا بكل الإتجاهات العسكرية والإقتصادية والسياسية وان فترة القطب الواحد الى زوال و ظهور قوى دولية مؤثرة.
والذي أريد قوله بأن انهيار إمبراطورية أمريكا كنت قد توقعته عام 1990 أبان انهيار الإتحاد السوفيتي وكان توقيتي هو العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لكنه ظاهراً زحف الى العقد الثاني من هذا القرن وقد مزق أخي الأوراق التي دونت بها هذه القراءة خوفاً عليَّ بعد إعتقالي من جهاز المخابرات الصدامي عام 1993 وقد حللت فيما يكون في العراق من فوضى بعد رحيل الطاغية – صدام- وها هي الاحداث تثبت لنا ذلك.
((وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ))
ثوابت للاعبي السياسة
هذه جملة ثوابت في عالم السياسة نقدمها للاعبيها تذكيراً لهم ليكونوا على دراية بها ووعي لها، وهذا من حق السلطان على رجل الدين كما يقول الإمام (عليه السلام) ومن واجب السلطان اطاعة والإصغاء لرجال الدين هكذا ورد.
الثابت الأول: أحذر ما يسمون أنفسهم بالدول العظمى وهي ليست كذلك فإن سياستهم قائمة على الكذب والدجل وتزوير الحقائق وخلق الافتراءات، وخير شاهد صدق على ذلك هو ما ارتكبه أكبر الكذابين و السراق أمريكا في العراق وقبله يوغسلافيا، وسوريا وأفغانستان، وغيرها من بقاع الأرض بعد اليابان وفيتنام وكوريا ونيكاراكوا فكونوا على حذر من أمريكا.
الثابت الثاني: لا تستهين بنفسك وتقلل من شأنك وان كانوا اقوى منك عسكرياً وإقتصادياً ولكن بإرادتك تكون أقوى منهم نفسياً ما داموا لا يتمكنوا من ترويضك وإخضاعك لإرادتهم، وبشيء من الصبر والتحمل ستفك عرى غطرستهم ومكائد صفهم وتسلم من دسائسهم، ونموذجان امامنا، إيران وفنزولا حتى أضحت اشرف نموذج لجميع دول الأرض يحتذى بها في تكسير العقوبات المفروضة.
الثابت الثالث: إياك ان تخدع بشعارات طنانة مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير وإشتراك الجمهور وغيرها، فهي اضاليل شيطانية كذبها واقع سياستهم وتعاملاتهم الدولية، في أوكرانيا غزو وتدمير وحشدوا لها اكبر امكانياتهم الاقتصادية والإعلامية، وفي اليمن وفلسطين مع القتل والدمار ومصادرة الأراضي لا وجود لهذه الشعارات لأنها مزيفة لا واقع لها فهي تتبع مصالحهم، فإذا سارت على نهجها كانت متصدرة المشهد وإذا خالفت كانت غير ذي بال لا يعبأ بها.
واذكر بمثالين: فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر عام 1988 وإصطف العالم الغربي لضربها وأنهائها من خلال استقالة رئيس الجمهورية لتلغى وهذا ما حصل في فوز هنية بالانتخابات الفلسطينية قبل مدة حتى جعلوه يستجدي من دول الأرض لأنه تجرأ على تعرية سياساتهم وإبانة كذبهم.
الثابت الرابع: لا تقبل دعم أو مساعدة مالية منهم، فإن مقابلها شراء مواقفك وذمة شعبك والمنّ عليك في كل ظرف وحدث حتى تضطر لمتابعة سياساتهم الظالمة وانت غير مقتنع بها فتكون ظالماً مثلهم هذه اساسيات التعامل مع المجتمع الدولي لما يسمون انفسهم الكبار
((وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ))
الغباء السياسي
الحملة المحمومة التي تقودها دول الغرب من أجل ما يسمى نشر الديمقراطية في انظمة الحكم لدول الأرض وكأنه النموذج الذي يصنع كل معاني الخير والنمو والتطور للبلدان ودائماً ما تلوح بورقة حقوق الانسان وحرية التعبير واطلاق الحريات وغيرها من الشعارات الفارغة من مضمون حقيقي لها.
ومن الحق ان نتساءل عن هذا الاندفاع؟ فهل النظام الديمقراطي النموذج الذي ينبغي ان يحتذى به أم لا؟ وهل حقق في بلدان طبقته النمو والرقي وجنبها الحروب؟
والاجابة عنهما، أما عن الأول، فهو ليس النموذج المحتذى به ، وإنما يفرض في معظم دول الارض بفعل الضغط الأمريكي والابتزاز السياسي الذي يمارسه الغرب وأولهم أمريكا، ففي العراق نظام يعبر عنه ديمقراطي، ولكنه يعني الفوضى والنهب والسلب وتمزيق البلد الى تيارات واتجاهات وتحالفات إقليمية، والآن يسير نحو الهاوية، لا يعرف اين ترسو سفينته؟ وافراده حيرى لا يهتدون سبيلاً.
ولست اعرف سبب اصرار الغرب على نشر الديمقراطية كما يدعون هل لأنها تجلب الخير والعدل والانصاف، والتطور والنمو كلا، بل لأنها فكرة يهودية بالاساس تعني الفوضى وضياع القرار الصائب لتعدد وجهات النظر، وإذا أردت ما يؤكد هذه الحقيقة فأسمع قوله تعالى ((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) الزمر29، لأن تعدد الرؤى ووجهة النظر يفسد الأمر، نعم في حدود المشورة وأحكام الرأي لصاحب القرار الأمر نافع ومفيد.
العبرة كل العبرة بنظام يحقق العدالة الاجتماعية وبحبوحة العيش واستقرار البلد الذي فيه تطوره، أياً كان النظام، ديمقراطي، فردي، عسكري، لاهوتي، أو أي تسمية أخرى المشكلة ليست في عنوان النظام بل في اهداف النظام من العدل والحرية والمساواة، ولذلك منشأ قرآني واضح حيث يقول ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) البقرة62
فالمهم هو الايمان بالله واليوم الآخر لا العناوين المذكورة في الآية، والمطلوب هو الايمان بالله واليوم الآخر لا غير.
ان على الشعوب ان تعي هدفية أي نظام هو ما يهدف إليه من العدل والمساواة، لا عنوانه من ديمقراطي أو استبدادي ونحوهما، لأنهما عناوين لا قيمة لها بدون اهداف الحرية والعدل، فلماذا التركيز عليها والسعي لإعمالها في نظام البلد دون غاياتها من مبادئ الحكم في شرائع السماء والارض من العدل والمساواة والحرية.
ولا يفوتني ان أذكر بنظام الصين الشيوعي وهو يصنع المعجزات الاقتصادية واثبات وجوده كدولة عظمى وقطب كبير من اقطاب العالم، وهو نظام ليس بديمقراطي كما هو واضح.
ويمكن تقريب هذا المعنى بالمقولة المشهورة عندنا أنظر الى ما قال ولا تنظر الى من قال، لأن المهم في حياة الناس هو ما قال ولا قيمة لمن قال الا باعتبار ما قال.
العيد .. ماذا يعني
العيد من المناسبات المفرحة والمسّرة التي تدخل الفرحة على نفوس المسلمين، والعديد منهم يعيش لحظاته المسّرة ولكنه لا يعرف ما هو سببها ولِمَ يشاركه غيره من المسلمين هذا السرور؟
العيد: على ما قاله الطريحي في مجمع البحرين: هو كل يوم مجمع، وقيل هو اليوم الذي يعود الذي يعود فيه الفرح والسرور، وجمع بالياء وأصله الواو لأنه من عود وجمعها أعواد، وهذا فرق وجيه بين الأعواد كجمع للعود والأعياد جمع للعيد.
وفي الحديث: إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعاً يجتمعون فيه فيحمدون الله على ما منّ عليهم ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب لأن أول السنة عند أهل الحق شهر رمضان.
وعيد الفطر إكتسب أهمية باعتبار كونه أول يوم لفراغ المسلم من عبادة الصوم وهي من الأهمية التي لا تخفى على المسلمين، ومن الواضح إن الإنسان يسر إذا أدى واجباً أو مطلوباً يقوم به الإنسان فإنه يعطي شعوراً بالغبطة و الاطمئنان كما يشهد بذلك الوجدان المحسوس، ويرافقه الشكر لله على حسن التوفيق لأداء هذه الطاعة.
ومن الطبيعي إنه إذ ازدادت أهمية هذا الواجب إزدادت أهمية الفراغ منه حتى قد يصل هذا الشعور الى حد يستحق أن يكون يوم مسّرة وفرح – عيداً- إسلامياً ينص عليه في الشريعة ويحتفل به المسلمون على طول العصور – كما قاله السيد الشهيد الصدر (قده) في ما وراء الفقه –
والعيد - كعيد الفطر يأتي بعد الانتهاء من فريضة الصوم خلال شهر كامل وعيد الأضحى يأتي بعد الانتهاء من الأركان الأساسية لفريضة الحج – كالوقوف في عرفات، والمشعر الحرام، وكأن الحج قد أنتهى.
والعيد بعد أن كان من العَود أي الرجوع ولكن ليس مطلق الرجوع بل خصوص الرجوع الذي فيه مسّرة وفرح، ولذا كان في عيادة المريض سرور له وكان أنفع إذا عاد اليه بعائدة أي تكرم عليه بكرم وقد سهم هذا الشيء اعود عليك من كذا -أنفع منه – والعوائد هي جمع عائدة وهي التعطف والاحسان ومنه الدعاء وعوائد المزيد متواترة.
فالعيد بحسب وضعه اللغوي يتضمن المسّرة والفرح، والتلطف، والأجتماع، والمواصلة، والنفع.
فإذا جاء العيد دخل السرور و الفرح القلوب، ودخل التعاطف بينهم فيعطف غنيهم على فقيرهم، وكبيرهم على صغيرهم، ويجتمع المؤمنون يتبادلون السلام والتحية والتهنئة بالعيد، ويتواصلون مع أرحامهم وأقاربهم وأصدقائهم وينفع غنيهم محتاجهم بإدخال السرور عليه بما يصله منه.
ومجيئه يعني عوده من جديد حتى اعتاده المسلمون وانتظروا بركاته وقدومه.
وحيث يكون بعد عبادة والفرح من امتثالها، خاصة إذا كانت صعبة وشاقة على النفس، كان هدفه من الطاعة لا في اللغو والتبذير والأستخفاف، والخفة في الغناء والرقص، فإنه ليس بعيد، ولذا ورد كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد.
وما يسمى بالعيد الوطني أو غيره فهو مأخوذ من المسرة التي عليها جمهور المواطنين لاستقلال بلدهم أو تحرير أرضهم أو إنهاء إستبداد الآخرين لهم، فهو بلحاظ المسّرة عيد ولكن لا تأتي فيه ما يأتي في الأعياد الإسلامية من التهاني والتبريكات، وإرسال رسائل الدعاء والتحية، ولا قيمة له إلا بلحاظ وحدة الاجتماع – الدولة- لا غير.
إستثمار الفرصة
السياسة الأمريكية جارية على اساس معالجة الأزمات على نحو التتابع بمعنى أنها لا تخوض غمار أزمة جديدة إلا بعد الانتهاء من أزمتهم الحالية، وأما ان تدير أزمتين في آن واحد فلا، وهذا ما دأبت عليه سياسة أمريكا في تعاطيها مع الازمات الدولية وهذه تمثل فرصة للدول التي تقف أمريكا ضد مصالحها وسياساتها في ان تستغل انشغالها بالأزمة الأوكرانية لأنها تمثل وجوداً لأمريكا باعتبارها القطب الأوحد ولا يمكن ان تتخلى عن هذه المواجهة مع روسيا مهما كان الأمر ومن هنا نلاحظ تركها للملف الايراني النووي، والأزمة في فنزولا بل في قضية الشرق الأوسط – فلسطين-.
وهذه فرصة المسلمين والعرب لتحرير القدس وإزاحة احتلال الاراضي الفلسطينية أو على الأقل خلق وضع جديد يخدم القضية الفلسطينية بعد انشغال الحليف الاستيراتيجي لليهود – أمريكا – وفي حرب وجودها مع روسيا في أوكرانيا، فالتلويح والمواجهة مع الغاب الصهيوني ورفض شروط من يقبل بترسيم الحدود لدولة فلسطين عام 1967 وجعل القدس عاصمة فلسطين، وقطع العلاقات مع اليهود وطرد كل مواقع وجودها في الوطن العربي كمقرات الموساد في شمال العراق وغيرها، هذا مضافاً الى ان الروس يكونون في جانب العرب وقضيتهم لأن عدو عدوي صديقي على القاعدة المتعارفة إذ انها بحاجة لكسب الود العربي في هذه القضية وبيان تأثيرها فيها وهو مكسب بحثت عنه موسكو من زمان وهذه فرصتها.
إذن ثلاث عوامل تلجئ العرب لإسترداد حقوقهم في فلسطين وقد لا تحين فرصة أخرى:
العامل الأول: الانشغال الامريكي.
العامل الثاني: فرصة التأريخ للعرب.
العامل الثالث: بروز روسيا بقوة وهي بحاجة الى الود العربي، وورد عندنا ان الفرص تمر مر السحاب إذا لم يستغلها المرء وقد لا تعود أو تعود بشكل لا يستطيع الفرد التعامل معها.
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما ان يهل شهر رمضان أو ينتهي تبرز مسألة رؤية الهلال واختلاف الآراء فيها وقد تتبعت الأقوال فيها فوجدتها كما يلي:
القول الاول: يشترط في كفاية رؤية الهلال أن تكون البلدان (بلد الرؤية والبلد المطلوب) متقاربة وآفاقها متحدة، وينسب هذا القول الى المشهور واختاره من المعاصرين سماحة السيد السيستاني والسيد الخميني
القول الثاني: ان ثبوت الهلال في اي منطقة كاف للثبوت فيما يكون على غربها من المناطق ولا يكفي لما يكون على شرقها، وينسب هذا القول الى السيد الشهيد الصدر الثاني (قده)
القول الثالث: كفاية رؤية الهلال في بلد ما لثبوته في غيره من البلدان مطلقا، واختار هذا القول سماحة الشيخ الفياض والفيض الكاشاني وقواه صاحب الجواهر
القول الرابع: مثل القول الثالث لكن مع تقييده بكون البلدين مشتركين في الليل وينسب هذا القول الى سماحة السيد الخوئي والسيد محمود الهاشمي والسيد السبزواري.
القول الخامس: مثل القول الثالث لكن مع تقييد بعد العلم بالمخالفة، اي كفاية رؤية الهلال في بلد لثبوته في كل البلدان التي علم توافقها او احتمل ما لم يقطع بعدم امكانية رؤية الهلال، وينسب هذا القول الى العلامة (قده) واستجوده صاحب المدارك.
القول السادس: القول الثالث لكن مع تقييده بكون البلد الذي رؤي فيه الهلال من الدول الاسلامية المعروفة في زمان المعصومين عليهم السلام وينسب هذا القول الى سماحة الشيخ محمد اليعقوبي
سماحة شيخنا المرجع الفقيه ما هو قولكم في رؤية الهلال وما هو تعليقكم على الاقوال
الشيخ محمد الجبوري
22/شعبان/1436 هـ
بسمه الله الرحمن الرحيم
إن ثبوت الهلال في اي بقعة من الارض كاف لثبوته في غيرها مع إمكان رؤيته ولو بالعين المسلحة لعدم الخصوصية للرؤية البصرية، وإنما هي مجرد الفرد الغالب والممكن في زمن النص، والناس فيه على حد سواء مع سلامة الحاسة وعدم المنع من رؤية الهلال.
وأما الاقوال المذكورة فمناقشتها ليس هنا محلها وهي محترمة وتعبر عن اراء قائليها وللإشارة فقط نذكر:
الاول: تقارب الآفاق أو اتحادها غير محدد شرعا وهل تكون كما يقال بزمن طوله (15) دقيقة أو أقل وهل يشترط فيه وحدة خط العرض او لا؟ فمثلا افق النجف وقم متحدان أو مختلفان ؟
وأما الثاني: فهو سليم من جهة الشرق وأما اطلاق عدم الثبوت للغرب ليس على ما ينبغي كما لو ظهر في غرب النجف بمقدار يسير من خطوط الطول بحيث يشترك الليل في البلدين بمعظمه، كالعراق وسوريا أو لبنان، فالقول بعدم ثبوته بالعراق لو ثبت بسوريا لا يخلو من مجازفة.
وأما الثالث: فإطلاقه مع عدم إمكان رؤيته ولو بالعين المسلحة يعني الغاء البيانات الشرعية المحددة لرؤية الهلال وثبوته، وإن كان هو القريب لما قلناه.
وأما الرابع: اطلاق الاشتراك ولو للحظة مشكل الا اذا ارجعناه للقول الثالث المتقدم، لأن عدم الإشتراك سيكون للنقط المقابلة لظهور الهلال من الجهة المقابلة للأرض وأما غيرها فهي تشترك أما السابقة لظهور الهلال منها وأما اللاحقة لها، ومثل هذا ـ عدم الاشتراك ـ لا يؤثر في صدق ثبوته لجميع الارض.
وأما الخامس: وهو عين الرابع بضم الملاحظة التي ذكرناها اذ العلم بالمخالفة لا يصدق الا في النقطة المقابلة لنقطة ثبوت الهلال
وأما السادس: فلا محصل للقيد المذكور وأية خصوص للبلاد الاسلامية أنذاك مع كون الفجر وظهوره ظاهرة كونية تشترك بها جميع البلدان.
قاسم الطائي
25/ شعبان/ 1436 هـ