أربعينية الإمام الحسين عليه السلام

كثير من المناسبات الحزينة مرت علينا من إستشهاد الرسول الأعظم e وأمير المؤمنينعليه السلام والآئمة المعصومين (عليهم السلام) إلا إنه لم يكن هناك إنشداد فكري وعاطفي كما في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام .ما هو السبب أو العلة وراء ذلك ؟نسأل الله أن يجعلكم ذخراً للدين والمذهب.

 بسمه تعالى :تفسير ذلك يقع في:

1-التفسير الشرعي:ويكاد ينحصر في:

أ-أنه من إحياء الذكرى التي أمر المعصوم بإحيائها فقد ورد (إحيوا ذكرنا فقد رحم الله من أحيا ذكرنا) هذا وإن كان مشتركاً بين كل المناسبات لهم ولكنها مُؤكدة لمناسبة الحسين عليه السلام .

ب-إن من خصوصيات الإمام الحسينعليه السلام أن له حرارة في قلوب الموالين باقية إلى يوم القيامة كما هو وارد عنهم (عليهم السلام).

ج-إن الإسوة المتمثلة برسول اللهe وبأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وإن فقدت بريقها برحيل الرسول ولكنها باقية متمثلة بغيره من أصحاب الكساء بحيث لايجد المسلمون حرماناً كبيراً من بركة وجوده لوجود الآخرين وهكذا كانوا يجدون لهم ما يكون سلوى لهم برحيل أحد الخمسة إلا الحسين عليه السلام حينما إستشهد شعر المسلمون بالفراغ والغربة والحزن العميق في نفوسهم قد ترك أثره إلى الآن في نفوس أجيالهم وهذا ما أشار إليه المعصومين في وجه تعليله شدة الحزن عليه دون غيره من أهل الكساء.

2-التفسير الإجتماعي لهذه الظاهرة :-

أ-إضعاف الكيان الإجتماعي للأمة بعد فقد زعيمها الروحي وشخصها الأول موقعاً في القلوب هذا الإستضعاف لا زالت آثاره باقية إلى الآن ولكن بصورة آخرى غير صورة أحداث كربلاء بل بصورة السائرين على درب الحسين درب الشهادة والتضحية ولازلنا إلى الآن نسمع ونشاهد نماذج من هذا القبيل وآخرها إستهداف الشيخ أحمد ياسين ظناً من الكيان الغاصب بأن الوحدة الفلسطينية وكيانها سيضعف بإغتيال الشيخ وهذا الإضعاف يولد إحساساً بالتقصير في أداء واجب الدفاع عن المقدسات والشخصيات العظيمة التي من حقها على الأمة أن تدافع عنها وتؤكد قيمتها في حضارة الأمة ، هذا التقصير أو الشعور به يرجع أحياناً على هذا النحو من الإنشداد العاطفي.

ب-الإحساس العام لدى معظم المسلمين بأن كيان دولتهم الإسلامية وعظمتها وسيطرتها على بقاع واسعة من الأرض قد تعرض للإنهيار بعد جريمة القتل الواقعة في محرم الحرام والتي إستهدفت أعظم شخصية إسلامية آنذاك وضياع مثل هذه القيمة لكيان الأمة يخلق شعوراً بالأسف والحرقة على ما حصل ويولد إحساساً بالحزن والأسى.

3-التفسير التاريخي:

قد شكلت واقعة كربلاء منعطفاً خطيراً في سير الأحداث وتأثيرها على واقع المسلمين وتفرقهم لا زالت نتائجه شاخصة إلى الآن للعيان، كما أن لأبطال الواقعة وعظم أصحابها وإرتباطها برسول الله e أبلغ الأثر في متابعة الناس لأخبارهم وما جرى عليهم من ظلم وإضطهاد وقد إعتاد الكتاب المؤرخون على كتابة تاريخ العظماء من الناس دون غيرهم إلا عابرا.ويزداد الأمر إهتماماً مع زيادة أهمية الرجل وموقعه إجتماعياً ودينياً ، ولإعطاء القصة التفاصيل الكاملة تقريباً للحادثة وخصوصاً جوانبها المأساوية أثرها في البقاء على إمتداد التاريخ وشعائر الناس.

4-التفسير السياسي:

الإنتصار للحق والعدل ضد الظالمين والمستكبرين والمفسدين هو الشعار العام للسياسيين عموماً في المجتمعات كافة وقد كرسه الحسينعليه السلام بأجلى صورة مع قلة الإمكانيات وبساطة الوسائل مقابل ما يملكه الظالمون وهو أمر يخلق تعاطفاً على مستوى الإكبار والإجلال للمتصدي لعظيم التضحية والشجاعة وتعاطفاً على مستوى الميل الفطري لمواساة البطل المقتول المظلوم ومحاولة تمثيل شخصيته ولو من الناحية النفسية .

5-المستوى النفسي:

ويتمثل بعمق المسألة الكربلائية وشدة القساوة والحقد الذي تعامل بها الظلمة مع الحسين عليه السلام ولا تماثلها مأساة في التاريخ الإنساني جعلها حالة فريدة تثير في النفوس اللوعة والحزن وقد ورد (( لا يوم كيومك يا أبا عبد الله )) فهو يوم متميز في التاريخ الإنساني يدفع الإنسان إلى معرفة تفاصيله والتعرف على خصائصه من خلال ما مثله من مأساة ومظالم على الدين والإنسانية وهناك أمور آخرى تركت للإختصار . 11/صفر/1425 للهجرة