احتيالات انتخابية

في خضم الحراك الحاصل بين الكتل المرشحة لمجالس المحافظات وهي تضم كتل بالسلطة واخرى خارجة عنها وكيانات تشكلت لاجل خوض هذه الانتخابات . وكلما قرب موعد اجرائها زادت ضراوة المعركة ومحاولات استقطاب الناخبين او استمالتهم من قبل البعض لضمان اصواتهم ، وقد اتبعت اساليب بعيدة عن روح الديمقراطية او نزاهة المشاركة والحملة الدعائية بصور عديدة بعضها يسطح عقل الانسان وبعضها يترنم على جهله بالاموروالبعض الاخر يدغدغ مشاعر الناخبين تطميعا ماديا تارة ، واخرى توظيفيا ، ويتسارع على الاول منها اصحاب الاموال والثروة يوزعون منها على بيوت او محلات او مناطق بشرط ضمان الصوت ، وتبقى ازمة استغلال الرموز الدينية ، واماكن العبادة التي نص قانون الانتخابات على منعه . جاريا على قدم وساق ، ولم يعرف هذا الاستغلال اقراره بيد من ؟ بيد الجهة الدينية نفسها ولكنها لا تصرح فيه علنا خوف وقوعها في الحرج اذا لم تقر تلك القائمة او من نفس الكيانات استقواءً بها ، وعليها والحال هذه ان تعلن صراحة براءتها من ذلك ، وعبر وسائل اعلامية لا تخضع للتفاسير المتعددة او يعاب عليها وثاقة نقلها .

   ومن هذه الصور المؤسفة والممارسة علنا ـ توزيع بعض الاموال على بيوتات ناس، مع الضمان للصوت ، بوسيلة الحلف بالقرآن ، او بوجه اخر من القسم ، استغلالا لبساطة الجمهور وعظيم تأثيرالحلف عندهم .ولو سألنا الموزعين انفسهم ، فانهم لا يراعون للحلف قيمة ولا لمكانته في النفوس تقديرا . وهذا ما اخبرنا به حالهم ، وألفنا به تصرفاتهم .

    ومن هذه الوسائل ، اسلوب الترهيب كما ادعي في منطقة التاجي ببغداد ، عندما اجمع بعض الشخصيات المتنفذة اهالي المنطقة ، وهددهم بمحو دورهم  اذا لم ينتخبوا القائمة الكذائية.

   وهنا انطبق،قول العامة من الناس ( تيتي تيتي مثل مارحتي اجيتي )، او ماورد عن المعصومين (( لتركبن سنن من كان قبلكم )).

   ومن هذه الوسائل ، التزلف والتملق لعامة الناس خصوصا البسطاء منهم من قبل المرشحين ممن هم الآن في السلطة ، بعد ان كان الوصول اليهم معجزة والتحدث معهم منقبة ، والسعي للقاء بهم مكسبا ، وكان الاحرى بهم ان يكونوا كذلك في تعاملهم مع الناس الذين رشحوهم وجعلوهم في هذه المواقع والمناصب لتبقى صورتهم حسنة واقعا وفعلا لاتزلفا ما دامت الحاجة الى الجمهور .

    ومن هذه الوسائل ، محاولات شراء ذمم المسؤولين على المراكز الانتخابية ، ومساومتهم على مبالغ ضخمة لملئ الاستمارات الفارغة لصالحهم او ادخال اخرى او استغلال الاميين في التأشير لمن دفع لهم دون من يريده الناخب.

    ومنها ، تزوير وثائق شخصية من الجنسية والشهادة لافراد وهميين لا وجود لهم بغية جمع هذا المقدار من الاصوات الوهمية الى عدد الناخبين لهم . ومسؤولية هذا الاجراء يتحمله شرعا وقانونا مسؤول هذه الدوائر التابعة لوزارة الداخلية ، وقد تشترك دوائر اقليمية في ذلك .

    ان هذه الاساليب وغيرها تدلل بما لايقبل الشك على افلاس الفاعلين لها ، وان اوراق لعبهم بمشاعر الناس وادواتهم الاعلامية لصناعة قناعة الجمهور لقوائمهم قد استنفذت ولم تعد تنطلي  على الناس وعندما يكون الهدف هو الوصول الى السلطة بأي ثمن ، كان الدافع لمثل هذه الاساليب الوضيعة الرخيصة متوفرا عند القائمين بها ولكنها ، قصيرة المكث، قليلة البقاء وهي من الباطل الزهوق لامحالة .

     ان العملية الانتخابية تحتاج الى الحصانة من قبل نفس القائمين عليها برعايتها وابعادها عما يلوثها ويجعلها لقمة رخيصة لاتحترم خيارالانسان وحريته في التعبير عن الرأي الذي كفله الدستور له. وان أي خلل يحصل لها وهي في باكورة اعوامها فانها سوف تتغير عن قريب ولا يلومن القائمين عليها الا انفسهم .

    ان استجداء اصوات الناس بمثل هذه الحيل يجعل الناس تتساءل عن جدوى العميلة الانتخابية في اختيار الكفوء ،النزيه، الامين ، الحريص، والطريق الى مثل هذا الاختيار منسد بمثل هذه الاساليب الرخيصة ، وهي لا تختلف مضمونا عن ارهاب الدولة للنظام السابق بالفوز بنسبة 99,9 % من عموم الناخبين في ضحك على العقول قبل الذقون .

    السياسي المحنك هو من يمد ببصره الى اقصى الشعب ولا يستغل او يحتال على الوصول الى السلطة ، فانها طريق محفوف بالمخاطر وهي لاتنال الا المحتالين ، واما المخلصين فانهم بمنأى عن هذه المخاطر ، وسيكون الامر لهم في نهاية مصير طريق الانتخابات لو احسنوا الصنعة ، واحترموا قواعد اللعبة .