في الآونة الأخيرة ظهرت قضية أثارها (أحمد الكاتب) حول مقولة للإمام علي (عليه السلام) ونصها: [ولست أنا بفوق ان أخطئ] ومن ظاهرها انها تشكك بعصمة الإمام عليه السلام. ما هو مصدر هذه المقولة؟ وما هو معناها؟ وهل هي خاضعة للتمحيص من حيث السند أم لا؟ |
بسمه تعالى: يريد (عليه السلام) ان يبين – على تقدير صدور هذا الكلام منه – لأن السؤال لم يذكر مصدره ليراجع ثم تتبين نسبته الى أمير المؤمنين (عليه السلام) – وعلى كل حال- فلو فرضنا صحة صدوره منه (عليه السلام)، فلا دخل لهذا الكلام في الشك بعصمة الإمام (عليه السلام)، ولا دلالة فيه على نفي العصمة عنه (عليه السلام) وإنما توهم الكاتب المذكور ذلك لاعتقاده بان العصمة تنافي الاختيار وامتناع المعصية على المعصوم، وليس ذلك بصحيح، ولذا عرف علماء الإمامية العصمة بتعاريف متعددة قيدها بعضهم بالمنع عن المعصية مع قدرته عليها ولو ارتفعت القدرة لم يبق ما هو مائز للمعصوم عن غيره. والإمام (عليه السلام) بصدد دفع توهم عدم قدرته على الخطأ كي لا تكون خصيصة له على غيره، وقوله (عليه السلام) لا ينفي إمكان وقوع الخطأ منه، ولكنه لم يقع خارجا. وهذا المعنى موجود لبعض التقاة من الناس فهو مع قدرته على ارتكاب المعصية والوقوع في الخطأ لا يرتكبه لما يرى من سوء عاقبته ودناءته في الدنيا والآخرة وهو موجود عند السائل بطبيعة الحال على ما هو المظنون، وعند كاتب هذه السطور فكيف لا يكون بالمعصوم موجودا وهو على أعلى درجات التقوى، ومعرفته اليقينية بعواقب الأخطاء والسيئات وفنائه في محبوبه الخالق القدير، وشوقه الشديد إليه كلها عواصم تمنع منه الوقوع في الخطأ، ولكنها لا تمنع امكان وقوعه، وبقاء اختيار المعصوم لفعله وإلا – أي لو لم يكن مختارا لما امتاز على غيره وكان أهلا للمدح والثناء- . ويمكن اعتبار هذا الجواب عقائديا، ويعبر عنه فنياً – بدفع دخل- بلغة المنطق والأصول. وإليك جواب أخلاقي آخر، يروم الأمير (عليه السلام) ان يدفع عن نفسه ويبرأها بأن تكون فوق الخطأ كي لا يتورط ضعاف النفوس باعتقاد ألوهية الإمام (عليه السلام) كما حصل لبعض منهم وقد وعظهم وزجرهم فلم ينفع علاج الزجر لهم بعودتهم الى عدم الشرك بالله باعتقاد ألوهية الإمام، فلم يجد بداً من احراقهم بالنار كما هو مسطور بسيرة حياته المباركة. ويمكن ان يكون النفي في العبارة للموضوع لا للمحمول، أي نفي للمبتدأ وقد اكده بكلمة – أنا- وليس للخبر أو المحمول بلغة المنطق وهو – فوق ان اخطئ- وبهذا الجواب الأخير يكون لا معنى لاعتراض الكاتب المذكور، ويصبح محصل العبارة، ليس أنا الذي لا يخطئ وإنما الذي لا يخطئ هو الله تعالى، ومنه تعرف صحة الجواب الأخلاقي المتقدم. 8 محرم 1426 |