الحسين مشعل الاحرار

لقد خطط الامام الحسين (عليه السلام ) ثورته المباركة متجاوزة زمن وقوعها ومتحركة على طول حركة الزمن مهما امتد وحصل فتراها متجددة متكرسة يوما بعد يوم ، وحاضرة في وقت الازمات والصراعات اذ ما من صراع الا و فيه طرفان يقعان في مواجهة بعضهما للاخر واحدهما على الباطل والاخر على الحق ، وان تلبس امر الحق والباطل على الاخرين فقد يقعوا في تقييم الحق باطلا او  ينعكس عندهم الامر وقد يكون الامر مفتعلأ تخلصا من مسؤوليه الوقوف مع الحق ضد الباطل والظلم فيما لو كان ممتلكا لكل وسائل الباطل والنفوذ والبطش والسيطرة والدمار وقد تكون خذلانا للحق واستدامة للباطل ذلك لانهم على باطل في رؤاهم السياسية وسلطتهم الحكومية وحينما يكون الباطل لباسهم وصفتهم فلا رجاء من نصرتهم للحق واستنصارهم له ضد الباطل والظلم ، وقد يكون الموقف متكأَعلى ارادة لم تتوفر عندهم لان همهم البقاء في السلطة والاستلذاذ بمعطياتها ولو على حساب الكرامه والرفعة وذلك هو مبلغهم من العلم والامر .

    ولكن عندما يسفر الباطل بوقاحة واستهتار لضرب كل القيم ويتجاوز كل الاعراف والرسالات وينصرف بمنطق (وقد افلح اليوم من استعلى )ينقطع عذر المتخاذلين ونكشف سوءآت المتسترين ،مهما طال زمن بقاءهم وكابروا في اعمالهم .

والباطل وان علا فأنه زائل لامحاله والحق وان اندحر ماديا ولكنه سيعود منتصرا ،وينال كرامة الاجيال وأوسمة الشجعان ،والحق أحق ان يتبع وان منع الباطل بقوة الحديد والنار اتباعه .

وقد ترجم امام المسلمين الحسين بن علي (عليه السلام )استنصاره للحق وان غلت التضحيات وعلت صرخات استنجاد الباطل بمزيد من الامدادات ،فقد دمر كل المقولات واخرس كل الالسن بان القوة والعدد منتصرة على الدم والاراده وقد كذبهم التاريخ وفضحهم الزمان فها هو الحسين يزداد اشرافا في قلوب الاحرار ويزداد نورا في قلوب المؤمنين ويتمثل على الدوام صرخه مدوية تهز اركان الباطل ونقف في وجه الظلم مهما تمادى واحكم قضيته على العباد والبلاد .

فالحسين (عليه السلام ) هو رافد الثوار الذي لاينصب ومعين الاحرار الذي لا يجف . ان وقفة تامل واستذكار لما قام به الحسين (عليه السلام ) كفيله بان تفجر في نفوس المظلومين  براكين من الغضب والاقدام لضرب مصالح الظلمة . ومواقع المتكبرين وان دانت لهم الارض ومن فيها تخاذلا او استسلاما وسيقوي هذا الاستذكار مشاعر التضحية في سبيل كرامة الأنسان وسيرفع حواجز المواجهة مع الطواغيت التي تراهن على الدوام وفق اساليبها وألياتها على خلف حواجز من الخوف والترعيب في مواجهة غطرستهم فهي مغترة بما تملكه من آليات القوة والدمار ولكنها واهية واهنة من حيث الارادة والعزيمة فنراها دائما وابدا تخشى مواجهة الشجعان فتقاتل من وراء (جُدُر) كما يصور لنا النص القرآني حالهم ، فهم يعتمدون على الضربة الاولى ويعبرون عنها بالضربة المروعه التي ستزعزع ارادة المقاومين وصلابة المدافعين ،وما ان تمتص هذه الصدمةاو الضربة الاولى المروعة يرتبك حالهم ويجن جنونهم ويألمون كما يألم المجاهدون ولايرجون من الله ما يرجونه المدافعون . ومن اصدق من الله قيلا. الا  ان اكثر ما يوهم اهل الحق ويضعف موقفهم تخاذل الاقرباء والاصدقاء وزيف ادعاءاتهم التي يطلقونها وقت الراحة والدعة . وقد يكونون متعاطفين لكنهم ليسوا من الشجاعة بمكان ومن الكرامة باحترام ليتخذوا موقف نصرة الحق واحترام قيم العدل والانصاف ومناصرة الحق ومدافعة الظلم . ان صورة المواجهة اليوم ما بين المجاهدين في حماس ،والآلة اليهوديهة المستكبرة ، وموقف الاخوة والاشقاء العرب هو موقف قلوبهم معك وسيوفهم  عليك في اصرح

تصوير يذكره الشاعر الفرزدق للامام الحسين (عليه السلام)عندما استخبره حال اهل الكوفة الذين هم الان  حكومات الدولة العربية اسما لامسمى

ان على اهلنا في فلسطين وغزه بالذات ان يتمعنوا ، مشعل الاحرار الذي رفعه الحسين (عليه السلام ) لكل الاحرار في الارض وعلى امتداد زمانها وبقاء مجتمعها الانساني حاضرا على صعيدها وان لايعولوا على فتات العرب وصدقاتهم من تبرعات شعبية خجولة وكان حالهم بوصف اذهب وربك فقاتلا اناههنا قاعدون ومن صدقاتنا دافعون .

ان افضل رد لهذا الاسلوب المتخاذل العربي والاسلامي هو رفع تلك المعونات والتنكير لها وارجاعها بعزة بدلا من اخذها بذلة هو ما يعزز قوة ارادتكم ويفضح زيف ادعاءاتهم ويعرضهم للادانة اكثر ما هم متعرضون ، ولتكن صورة الحوراء زينب (عليها السلام) عندما رفضت صدقات اهل الكوفة بعد خذلانهم في نصرة الحسين (عليه السلام )اعظم شاهد على رفض صدقات الجبناء وتبرعات الاسراء ، أسراء لأرادة الشر والعدوان التي هزمت في الماضي ولا زالت تهزم ارادتهم مجتمعة في وصف الصراع ما بين العرب واليهود بالصراع العربي اليهودي ثم انهزمت ارادتهم لتقلص في الصراع العربي الفلسطيني، ثم لم تكتف بهذا الانهزام حتى توزعت الى الضفة وغزة فكانت مع الضفة لمجاراتها لمخطط التخذيل والاستسلام على غزة لممانعتها منهج التخذيل والانهزام ، وهاهي ارادتهم خجولة حتى من اتخاذ موقف يشرف مكانتهم امام شعوبهم التي لم تعد اضاليل اعلامهم ينطوي عليها ، فغسلوا ايديهم منهم كما يقول الشاعر الشعبي العراقي ( غسلت ايديه منك بثنعش تنكر )، نعتقد ان العمق الايماني لقضية الحسين والتعاطف معها سيوفر المزيد لاهالي غزة وسيبدل استعطاف الاخرين لهم الى احترام لصمودهم واكبار لفعلهم ، وهذا ما قدمه بطل الاحرار وسيد الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) لاحرار العالم واهل غزة ان شاء الله منها . ولايفوتني ان اذكّر خطباء المنبر الحسيني وفقهم الله بعد هذا الاستقطاب الجماهيري الكبير استغلال هذا التواجد والتفاعل لتكريس الفعل الحسيني وتثوير قيم الشهادة والتضحية وتشجيع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عملاً وترجمة الشعارات الحسينية في نفوس المستمعين عملا و استحضارها شعورا ليكون المستمع والمحب الحسيني مشعلا من مشاعل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ان يكون متعاطفاً معها صفرا من اتخاذ موقف فيها يجعله صادقاً في مقولة ( ياليتنا كنا معكم) واما ان يكثر السواد ويعلو الصراخ وتذرف الدموع حزناً على واقعة الطف فان ذلك سيصيّرها امر شعائرياً وممارسة طقوسية تفقد قيمتها مع مرور الايام وان كانت ستبقى ممارسة عند المحبين والموالين ، وان الحسين ما كان ليخرج الا لطلب الاصلاح في امة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن في منابرنا وخطبنا ينبغي ان نمارس هذه الشعائر في امل اصلاح  امة الاسلام اينما كانت وفي اي بقعة عاشت والاصلاح المنشود توفره من خلال المنبر الحسيني هو رفض الظلم علناً وجهاراً وتأييد العدل سلوكاً وموقفاً ليستقيم امرنا ونعبر من خلاله الى استقامة امر الاخرين شعوباً وافراداً ، ولو كانت معاني الثورة الحسينية متمثلة في نفوس المسلمين لما آل حال اهلها يعلن بصراحة ( ولكن لاحياة لمن تنادي ) اخوتي الخطباء بقدر ما تكون قدرة على تفعيل معاني النهضة الحسينية في نفوس المستمعين سيبقى مشعل الثورة الحسينية مرفوعاً يهتدي بثورته كل احرار الارض .