الرئيس لمن؟

تصريحات السيد جلال الطالباني الرئيس العراقي فيما يتعلق بالأكراد الذي ينتمي إليهم قومية ولكنه لا يمثلهم خاصة بصفته رئيس الجمهورية للعراق بكل أطيافه ومكوناته ، وهذا ما تحمله صفة الرئيس وفق الظوابط القانونية والدستورية والدبلوماسية فيعتبر تصريح الرئيس إنحيازاً واضحاً لفئة دون أخرى  وخروجاً عن سياق الممثلية العامة لعموم الشعب ، وهو بهذا المقدار يعتبر إخلالاً بواجبات الرئاسة . التي لم تأت بإعتبار الرغبة الكردية وإنما أتت بإعتبار رغبة العراقيين جميعاً على أسس النظام البرلماني المعمول به في العراق ، والذي قلنا أنه غير مناسب لشعب مثل العراق فانه يؤسس لمحاصصة مقيتة لن يستطيع العراق إستعادة عافيته في ظلها ، وقد قرأناها من خلال القانون الأساس الذي يشكل ركيزة أساسية للدستور المكتوب على أساس توافقات حزبية صرفة ومصالح كيانية لاعتبارات سياسية بحته بعيدة عن صفتها الوطنية ، وحياديتها الشعبية وها هو الدستور يتلاعب به المتلاعبون كل يفسره على ما يشتهيه ويدعي تطبيقه ، ذلك لانهم كتبوه محاصصة ، ودونّوه مجاملة فللجميع الحق في أن يصف فعله دستورياً وهو كذلك لكن دستورية المحاصصة والمجاملة لا دستورية الأمة وعموم الشعب ومستقبل البلد .

    أن إستعادة العراق لموقعه ومكانته بين دول الأرض ، ودوره في السياسة الأقليمية والدولية أمر صعب جداً في مثل هذه الأنظمة الدستورية المعمول بها ، وسيجر العراق لمشاكل عديدة بدأت بوادرها تظهر في تصريحات الرئيس ، والحراك الحاصل في بعض المناطق التي وصفها وللأسف الإعلام بالمنازع عليها وكأننا في دولتين وقوميتين  ليحصل التنازع بينهما ولسنا دولة واحدة تحت أسم واحد وعلم واحد.

    أن المناداة بتغيير الدستور لتصحيح الأخطاء ليس سهلاً كما يتصوره المنادون لذلك مع أن هذه المطالبات تشكل إنعكاساً لما واجهوه  من صعوبات في إداء عملهم .

    وهو أيضاً ما نبهنا عنه قبل أكثر من أربع سنوات ، ذلك لان الذين تحققت لهم مكاسب كبيرة في ضوئه ، كما صرح الرئيس العراقي بذلك علناً في مؤتمر الحزب الذي ترأسه الرئيس جلال ، سوف لن يقبلوا بأي تغيير مزمع بالدستور وسيعملون جاهدين على العزف بأنه دستور منتخب من عموم الشعب ، مع أن الحقيقة خلافه ، فأن الذين حضروا للتصويت عنه لا يتجاوز نصف الذين يحق لهم التصويت ، وكان إمراره في ظرف صرح الكثيرون من السياسيين بأنه وبكل الأخطاء التي وقعت فيه كان يمثل مرحلة لابد من تجاوزها ، وقبوله لعبورها ، وأن ظروفاً مر بها البلد أقتضت إمراره ، وحين زالت تلك الظروف ، فلا موجب لبقاء بعض بنوده .

      وقد فاتهم أنه دستور دائم ولو ألتزموا بما قدمناه من دستور مؤقت لعولجت المشكلة بكل شفافية ووضوح ، بدون السجال الحاصل بين المستفيد وبين غير المستفيد من بعض بنوده .

      أن الرئيس العراقي مقيد بالإلتزامات الدستورية التي تمنع تصريحاته بإتجاه الأكراد الذي ينتمي أليهم ، وهو بذلك يبدي إنحيازياً واضحاً ، مع أن إنحيازه ينبغي أن يكون للشعب ، وللدستور بدون مجاملة ، وإستمالة للناخبين في إنتخابات مجالس المحافظات لاقليم كردستان والذي نتوقع تجنيد الإمكانيات الحكومية للإقليم في حسمها لصالح الحزبين الكبيرين وأن كانت كل الإحتمالات قائمة كما حصلت أمور غير متوقعة في الإنتخابات السابقة للمحافظات الأخرى .

    أن التصريح مسؤولية خطيرة على الرئيس وغيره من أعضاء الحكومة مراعاة كلماتهم ومواقيت تصريحاتهم وان أية هفوة قد تسبب مشكلة كبيرة لها تداعيات عظيمة يتحمل مسؤولياتها أمام الله والشعب والتاريخ المصرح وحده ، وسيواجه نتائج تصريحاته عاجلاً أم آجلاً .

     (( أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً)) النساء 58..