الشعب التونسي والحسين عليه السلام
عندما نرفع شعارات كبيرة ومهمة كان إمامنا الحسين عليه السلام قد كررها قبل رفعها فجاءت مناسبة ومؤثرة في نفوس الآخرين، وهو قبل هذا يريد تحرير إرادة الإنسان من قيود الطواغيت قبل قيود النفوس، فتتحرك الشعوب وفق حرية إرادتها وصناعة قرار مستقبلها ملبية لنداء إرادتها الذي أطلقه الحسين عليه السلام قبل أربعة عشر قرناً صوتاً مدوياً في أعماق التاريخ لا زلنا نسمعه، وقد نعيه وقد لا نعيه، وهذه هي مشكلة الأمة الإسلامية في شعوبها المتعددة والمتنوعة، مذهباً وطائفة.
وقد لا نبالغ بأن من الواعين لنداء الحسين عليه السلام هو الشعب التونسي الذي أزاح دكتاتور من طواغيت هذا العصر جثم على الشعب التونسي المسلم ربع قرن من الزمان.
ومن لا يعي هذا النداء من الشعوب الأخرى، فلا بد من البحث عن منشأه وسببه ولعله في الشعب نفسه أو في رجالاته من أهل الحل والعقد الذين لا يلامس وجدانهم التغيير وهو من آثار التحرير فيشيعون في أممهم أفكاراً توارثية، وانساقاً تراثية يراد منها تكريس واقع التبعية والأسر لإرادة الشعوب.
ومن حقنا أن نسأل، هل نحن من الواعين أو من غير الواعين، لنتفاعل مع الشعائر الحسينية، والزيارة المليونية التي هي تظاهرة عالمية في البحث عن تحرير إرادتنا واستقامة أمورنا، أو ننتظر كلمة المتكاسلين اصبر- ونحن غير صابرين- فلها مدبر.
إن هنا فرقاً بين تغيير تصنعه إرادة الشعوب نفسها وبين تغيير يطرأ عليها من الخارج، بعد أن عجزت أو ضعفت إرادتها عن التغيير المطلوب، ففي الأول الشعب هو صاحب القرار المستقبلي، وفي الثاني التغيير مفروض عليه، وكأن ما صار هو عين ما كان باختلاف ادوار المؤثرين، وقد نجد في النص القرآني مؤشراً واضحاً على هذا المعنى..
{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}الرعد11
المكتب العام
النجف الأشرف
13/صفر/1432هـ