المرقد السامرائي

بقاء المرقد المطهر للامامين العسكريين في سامراء على وضعه القائم بعد جريمة العصر الكبرى لتفجير القبة الذهبية من قبل اعداء الدين والانسانية أياً كانت صفتهم وعقائدهم فانهم أعجز من ان يمرروا مشروعهم التخريبي للمرقد المقدس ليلحق بسابقيه من مراقد المعصومين في البقيع عندما اقدم الوهابيون على هدمها وازالتها وتسويتها بالارض كي لا تتميز عن قبور الاخرين ويمحى اثرها في تأكيد العقيدة الحق والاعتقاد الصدق بامامة المعصومين ( عليهم السلام ) .

      واذا عجزت قلوب المؤمنين باعادة بنائها وارجاع رسمها لاسباب موضوعية تتعلق بسياسة البلدان وعدم التدخل بشؤونها واحترام عقائد الناس و … مما يبر به هذا التقاعس والتخاذل عن مطالبة السلطات السعودية بضرورة احترام مشاعر المسلمين ومعتقداتهم والحفاظ على قداسة الشخصيات الاسلامية العظيمة وارتباط المعتقدين بها ، حفاظاً على تاريخ الاسلام ومشاعر المؤمنين في الولاء والطاعة للقادة العظماء .

      فما بالنا نعجز ونتخاذل حتى على مستوى مطالبة الحكومة بضرورة الاستعجال في اصلاح الاضرار واعادة بناء القبة الذهبية ، وهو اعمق الاسباب في تفجير الوضع الامني وزيادة الانفلات وتعميق الاحتقان الطائفي ومعالجته بسرعة سيردم الهوة الكبيرة التي حصلت بين المسلمين نتيجة التنوع الطائفي .

      واغرب ما في الامر شيئان ، احدهما كون الحكومة برئاسة وزرائها من الموالين لأهل البيت ( عليهم السلام ) ومن المعتقدين بامامتهم واحقيتهم وسمو مكانتهم في العالم الاسلامي قاطبة ، والاعتقاد المذهبي مع امتلاك سلطة القانون وقدرة التنفيذ عاملان قويان للاسراع في اعادة البناء وتركه موجب لتوصيف الحكومة بالضعف والتقصير من احترام مشاعر امة كبيرة قد هتكت حرمتها بانتهاك حرمة مراقد أئمتها المقدسة ، وبالتالي سيسقطها عن الاعتبار وارتباط المواطن بها كحكومة قد حكمّ ارادته في وصولها الى رأس السلطة ، وقد ضحى بحياته وأمانه عندما سعى جاهداً لصناديق الاقتراع ليعطيها صوته ، وهي تصم سمعها عن سماع مطالبته بابسط حقوقه .

      ثانيهما – ان التهمة في عملية التفجير قد وجهت اعلامياً ورسمياً عبر قنوات متعددة الى جماعة ارهابية قد اقدمت على جريمتها ولا زالت تلوح بعض تصريحات المسؤولين بان الاقدام على مشروع اعادة الاعمار للمرقد يصطدم بتهديدات جدية من هذه الجماعات ومن يقف خلفها .

      ومن الحق ان نتساءل ، هل تعقل ان جماعة مهما كانت قدرتها فهي لا توازي قدرات الحكومة وامكانيتها في ان تعرقل او تمنع اعادة البناء ، مع كل الجماهير التي ستصطف خلف حكومتها فيما لو جدت وحزمت أمرها في اعادة البناء وارجاع المرقد المقدس الى سابق عهده ورفع مظاهر التلاعب بمشاعر ومعتقدات الناس واحكام القبضة على ردم الهوة الكبيرة التي فجرت الاوضاع الامنية المتأزمة .

      فعلى الحكومة ان تستفيد من الجماهير الكبيرة التي ستقف خلفها وهي تمارس سلطاتها المشروعة قانونياً ودستورياً وتقوم بواجباتها التي املاها عليها الدستور في تحقيق الامن والاستقرار .

      وان لم تفعل مع كل غض النظر عن هذه المهمة العظيمة فان قراءة ذلك سيدخلنا في تحليلات وتعليلات تطال جميع الاطراف ، واولها الحكومة ، فما هو سبب العجز ؟ ولماذا السكوت ؟ والى متى التأجيل ؟ واين تصريحات المسؤولين السابقة ؟ تصريح محافظ تكريت بأنه سيقوم فوراً بعد اكمال التحقيق باعادة الاعمار ، ومثله تصريح رئيس الحكومة ( الجعفري آنذاك ) وكذا رئيس الجمهورية الطلباني بل تعدى الامر ضحكاً على عقول الناس ومشاعرهم بان صرح المندوب السامي الامريكي ( خليل زاده ) بانه سيتبرع في اعادة البناء ومن وراءه رئيسه ( بوش ) .

      لا نعلم لحد هذه اللحظة اين مصير التحقيق والى أي شيء توصل ؟ وما صرح به المستشار للامن الوطني لا يعدو مادة للمزايدة والاستهلاك المحلي والحفاظ على ماء الوجه ، للسلطة الحاكمة ، ومدى احترامها لمشاعر المسلمين والموالين لاهل البيت ( عليهم السلام ) .

      وهل ان في التفجير ، كما ربما يثار مقدمة لعزل طائفي واقعي تمهيداً لتقسيم العراق على اساسه ، او إلجاءً لتمرير مشروع معين يراد له ان يحصل بكل ثمن .

      او ان الغل الذي اوقعه من يقف وراء الجريمة على مشاعر المؤمنين يراد له ان ينمو عبر شخوص هذه الجريمة النكراء والعجز عن السعي لمحو اثارها المدمرة على صعيد وحدة البلد وامنه واستقراره ، ووحدة نسيجه الاجتماعي بل وتاريخه وتراثه .

      ثم أين البرلمان ؟ وهو يعج باعضاء يزيدون على الثلثين من موالي اهل البيت (عليهم السلام) ، الا ينبغي له ان يعتبر القضية كأهم قضية تعرض على البرلمان من واقع كونها الاساس الذي انطلقت منه شرارة الطائفية .

      اما ماذا تفعلان ؟ .

      وأخيراً على السيد المالكي اذا ما اراد ان ينجح في مهمته التي نرجو الله ان يوفق فيها فأوجه نظره الى أمرين يحقق بهما ما يرجو :

      الاول : الاسراع في بناء المرقد المقدس وكبح جماح المتطرفين والمتلاعبين بمصير الشعب العراقي على العزف على أوتار الطائفية .

      الثاني : ان يعجل في محاكمة – الطاغية – صدام حسين ويحسم الامر بسرعة وأداً لأداة الفتنة والاحتقان الطائفي ، واحتراماً لمشاعر الشعب ودماء الابرياء .

( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )  سورة التوبة : 105 .