مرة بعد أخرى وعلى نحو متكرر يساء إلى المسلمين وتمس عقائدهم وشريعتهم وتنال أعرافهم ومرتكزاتهم الأخلاقية النصيب من الإساءة المتعمدة التي يرتكبها بعض حمقى الإدارة الأمريكية من أفراد الجيش الأمريكي، وأقصى ما ترد به هذه الإدارة امتصاصاً لغضب الجماهير المسلمة، هو إدانة هذا الفعل وتعريض مرتكبه للمحاكمة التي أقصى ما تصدره من حكم هو السجن لبعض الوقت، وكأنها بهذا الإجراء قد عالجت المشكلة واسترضت مشاعر المسلمين التي تحاول حكوماتهم كبتها والحيلولة دون إظهارها خوفاً على أنفسها من غضب إدارة الرئيس الأمريكي، ومنع مساعداتها، ولو سمحت هذه الحكومات لمشاعر الجماهير بالتعبير عن غضبها واستهجانها للممارسات اللاإنسانية الأمريكية بحق المسلمين ومشاعرهم وشعائرهم ومعتقداتهم لأتت هذه الممارسات الغاضبة أكلها في اعتذار رسمي من الحكومة الأمريكية للمسلمين والالتزام رسمياً بعدم الإساءة، ومحاسبة القائمين بشدة، ولما وصل الحال إلى الإساءة إلى أقدس كتاب سماوي، لم يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، كلام الله الناطق الذي لا خلاف بين المسلمين على بقائه محفوظاً لم يحرف كما حصل للكتب السماوية الأخرى، وانتهاك حرمة الكتاب العزيز من أشد المحرمات الشرعية والإنسانية وأقبحها لأنها تمس أساس الدين وطريق الشرع الذي يلجأ إليه الجميع على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم.إن ردود الفعل الباهتة لما صدر من إساءات للعقيدة الإسلامية وللمسلمين من قبل إدارة الاستكبار الأمريكي هو ما شجع هذه الإدارة وأقنعها بأن المسلمين ليسوا بالقدرة الكافية والاهتمام الكبير ليدافعوا عن معتقداتهم وإن الإساءة إليها وعلى نحو متدرج وبأساليب متنوعة يكشف عن ذلك ويوحي إلى إدارتهم بأن الإسلام لا يمثل قيمة كبيرة عند أهله فراحت وأبناءها يرتكبون الإساءات تلو الإساءات للإسلام وللمسلمين ولو وجدوا رداً واضحاً لما تمادوا في غيهم واستهتارهم بمس مشاعر المسلمين والطعن في عقيدتهم. ومن هنا ولإيقاف هذه الحماقات المتكررة التي سرعان ما تجد لها الإدارة مبرراً تمتص به غضب المسلمين وتهدئ من ردود أفعالهم إلى حين لتأتي بعدها بإساءة جديدة من نوع آخر، فمن انتهاك حرمة المسلم والطعن في عرضه وشرفه كما حصل في سجن أبي غريب وغيره من سجون الاحتلال إلى تدنيس القرآن المجيد، وعدم الاعتراض على متطرفي اليهود في محاولاتهم اقتحام المسجد الأقصى إلى ما سيأتي به مستقبل الأيام مما يعلمه الله تعالى، وهو ينظر كيف يكون رد فعلنا وغيرتنا على عقيدتنا ودفاعنا عن مقدساتنا ومكاسب تاريخها الإسلامي العظيم الذي حقق أعظم حضارة عرفتها الإنسانية في عصور ظلامها يوم لم يكن لأمريكا وجود ولا من اسم. وعليه فإن المسلمين جميعاً مطالبون باتخاذ موقف صريح وواضح لا مداهنة فيه، ولا مجاملة لتكون درساً لهذه الإدارة وما بعدها وإن غض النظر عن هذه الإساءة خيانة للرسالة والرسول والمرسل إليهم، والاعتذار عن عدم جدواها أو عدم ملائمة ظرفها غير مقبول، ويتحمل علماء المسلمين العبء الأكبر لأنهم حملة الرسالة وأوصيائها ويعيشون باسمها وعلى بركتها، ويتبعهم المسؤولون الحكوميون من الشعوب المسلمة قاطبة لتلقى هذه الإدارة الدرس الذي لم تتوقعه من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وكي لا يشكوها يوم تبلى السرائر (يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً).ومن موقع المسؤولية الشرعية والاجتماعية ورعاية مصالح الأمة وحماية معتقداتها والدفاع عن شرفها تعلن وبلا تردد عن ما يلي:

1-  على الإدارة الأمريكية تقديم اعتذار رسمي عبر رئيسها إلى الأمة الإسلامية عامة وإلى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) خاصة لأنه صاحب هذا الكتاب المقدس، وعدم الاكتفاء بالمحاكمة الصورية التي لا تتناسب وحجم الإساءة ونتساءل لو حصل العكس، ولم يحصل لأن المسلمين يحترمون كل الأديان (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) آل عمران/ 84، لو حصل إساءة للإنجيل فهل ترضى هذه الإدارة بمثل الإجراءات المتخذة منهم، وتقدم لإدارة ضمانات بعد تكرار ذلك عبر تشريع يدين مثل هذه الممارسات ويسمح للمسلمين بمحاكمته في محاكم خارج أمريكيا.

2-  إعادة النظر في مجمل العلاقات الإسلامية الأمريكية، وإخضاعها للاحترام المتبادل وعدم المساس بمعتقدات ومشاعر المسلمين، وهذه النقطة وظيفة الساسة وخصوصاً الذين انتخبتهم الشعوب ورضيت بهم قادة لها، فتقع عليهم مسؤولية الدفاع عن مصالحهم وأعرافهم ومعتقداتهم. ويدخل في هذه النقطة التعاملات النفطية باستخدام النفط وسيلة للضغط والعلاقات الدبلوماسية والتلويح بقطعها.

3-  مقاطعة البضائع الأمريكية ومجانبة المتعاملين معها، وانتقاد من يروج لها. وتحريم التعامل مع الأمريكيين المتواجدين في البلاد الإسلامية إذا لم يقدم اعتذار رسمي عن الإساءة المذكورة.

4-   تقليص التعامل بالدولار الأمريكي في الأسواق المحلية واستبداله بعملة عالمية أخرى – كاليورو الأوربي مثلاً.

5-  على جميع خطباء المساجد وأئمتها إدانة هذه الجريمة وتقبيح الفعل الأمريكي وتعبئة الناس للنقطتين الرابعة والخامسة، ورمي كل من يبرر لهذا الفعل المشين بالخيانة للأمة ودينها.

6-  استعمال كافة الوسائل الإعلامية المتاحة لتفعيل القضية، وجعلها قضية الإسلام الأولى لتبقى هذه العقائد حية في نفوس المسلمين قوية عندهم لا يسمح بمسها وإهانتها مهما كانت المبررات والظروف فإننا في مواجهة حقيقة مع أعداء الإسلام بمختلف ألوانهم وجنسياتهم، ولم تقف هذه المواجهة إلا بأن نكفر ونتبع ملتهم كما أخبر القرآن العزيز (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) واستعمال لن في الآية ظاهر في عدم الرضا الأبدي لحين الوصول إلى الغاية (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) الآية.

أو ان ننتصر ويظهر الله الدين بقيادة المنقذ العالمي الإمام المهدي (عجل الله فرجه) (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)


قاسم الطائي

6 ربيع الثاني 1426هـ