ثمة تشابه ما ما بين لعبة البليارد المعروفة وبين عمل الكتل السياسية الحالية بعد جملة من المجريات والاحداث التي وضحت بشكل جلي ان الكتلة الاقوى وهي صاحبة عصا ( البليارد ) والكتل الاخرى وهي الكرات الموضوعة على المنضدة والتي يراد اسقاطها في الحفرة ليخلو جو العمل و……… للكتلة الام ( لتبيض وتصفر ) .
وليتها اسقطت كرات الاحتلال الذي يعيق حركتها ويحجب عنها مساراتها في الوصول الى اهدافها وانجاز مشاريعها المعلنة وبرنامجها السياسي .
ويبقى الفرق بين اللعبتين قائماً على ساق ، من حيث ان بليارد اللعبة لا يتجاوز حدود اللياقة والاحترام فيخرج اللاعبين ، خاسرهم وفائزهم متصافين ، وربما متحابين بعد ان روّح كل منهم عن نفسه بهذه اللعبة وغطى رغبته في قضاء بعض الوقت للاستمتاع والانبساط .
ولكن ماذا يقال في لعبة بليارد السياسة ؟ لأن السياسيين دائماً في هم ازاحة الخصوم والعزف على الرسوم – رسوم الماضي في سقطاته وهفواته بالنسبة الى الخصوم ليتخذ منها مادة دسمة للتشهير والفضيحة علّه يوقعه في حفرة بليارده ويتخلص من منافسته والوقوف في طريقه .
واذا لم يستطع اسقاطه فيظطر ينافقه في مجاملة مبطنة اقرب ما تكون الى المكر والخديعة بدعوى الانفتاح والتوافق أو قبول الاخر المعارض أو الائتلاف عناوين طويلة كلها في اطار واحد هو ما نسميه النفاق السياسي ، الذي هو بداية مزلقه السياسي فيجره الى العمل ضمن ثوابت لا يؤمن بها ولا يعتقد بصحتها مما يضعه في هم دائم وشغل قائم ، يرى عمله سراباً وفعله تراباً عندما يخضع بقوة ضغط الواقع الى ما يراد لهذا الواقع من مسار وحركة وهو عاجز بالتمام على تغييره كما اخذ ذلك على عاتقه لحظة زج نفسه في العمل السياسي ، مدعياً مكابرة انه يريد تغيير هذا الواقع الذي اصطدم به فوجده صلباً يستحيل تغييره كما تسول له نفسه ، وربما يعلل فشله بان التيار المقابل لا يمكن الوقوف أمامه وان فرصة مواجهته لم تحن بعد .
وبذلك يدخل في سلك الكاذبين ، لأن الكذب على النفس أسوء انواع الكذب بعد الكذب على الله سبحانه .
وكيف لا يكون كاذباً وهو يرى قبل ان يسمع ان مواجهة الواقع مع عناصره المقابلة اذا استحال الآن مع ما عندنا من القدرة والسطوة فكيف بمواجهته بعد حين ؟ والمقابلون يعملون جاهدين على توسيع دائرة تأثيرهم واحكام قبضتهم على مقدرات الواقع ومفاصل الحياة ، وبسرعة تفوق ما يخطط له ، ويتأمل في تغييره .
فهل رأيت كذبة أدسم من هذه ، بل واكبر منها وكبره تجاوز حدوده الاجتماعية الضيقة الى حدوده المجتمعية العامة ، وحينها يكون ضحكاً على ذقون الامة وذرىً للرماد في عيون الشعب .
7 – جمادى1 – 1427هـ