ثقافة القائد

وجدت في الصفحة الاجتماعية العراقية بعض الممارسات التي ظهرت على صعيد الحياة الاجتماعية بعد سقوط النظام السابق ، وقد نشأت بسبب تدهور الوضع الامني وغياب سلطة القانون الذي يشكل الرادع القوي في الحفاظ على حياة الناس وارواحهم وممتلكاتهم ، وبات مشهد الحمايات مألوفاً لدى الاوساط الشعبية العراقية بمختلف انتماءاتهم ودياناتهم وقومياتهم ومذاهبهم ، وينصرف ذهن العامي عند رؤية مظاهر الحماية المتمثلة غالباً بالعديد من الافراد المنتشرين على طول الشارع او حول الدار او الدائرة ، وبعض مظاهر التسليح وحواجز كونكريتية ونقاط تفتيش ، ورصد واستطلاع  و……

      وقد تكرست هذه الحالة عند معظم الشخصيات بما فيها الشخصيات الدينية حتى بانت ثقافة تعريف بالقائد او العالم او الرمز او الزعيم او السلطوي مما عزز قناعات ناس آخرين اخذوا يتدافعون من اجل استعراض هذه الحالات التي انعكست في الذهنية العامة مظاهر قيادية ومؤثرات وجاهية ، جعلت الناس يقيسون اهمية الرجل ومكانته من خلال هذه المظاهر وامسى الشخص غير المتأهل بهذه الرسوم لا يشكل دافعاً قوياً لاقناع الاخرين باهمية موقعه وعظيم شخصه .

      وامتدت ثقافة تصنيع القائد عبر هذه القنوات واصبحت مقياس السيادة والريادة ، فمن لم يتمظهر بمظاهرها ليس بسيد او رائد وان كانت مؤهلاته واقعية من العلم والشجاعة والوجاهة والخلق والنبل ، والعكس وهو من يتمظهر بها اصبح يمثل القيادة والريادة مما احدث انقلاباً كبيراً في مفاهيم التقييم ورمى بتداعياته للتجاوز على حقوق الاخرين بل وارتكاب المحرمات الشرعية من قبيل سد الشوارع والطرقات العامة وقطعها وازدحام الشوارع وحصول اختناقات مرورية كبيرة بسبب الغلق المذكور وهي مبررة عند اصحاب الثقافة واهل المظاهر .

      كما انها شكلت عائقاً وحاجزاً كبيراً بين المواطنين وهذه الذوات فلا يصل الفرد اليهم الا بشق الانفس متعرضاً للحراجة والاهانة احياناً والازدراء احيانا اخرى وكلها محرمات شرعية فضلاً عن انها اساءات اجتماعية .

      ومعظم هؤلاء من اهل السيادة والسلطة بمختلف اشكالها وهم ملزمون قانوناً بعدم ارتكاب تجاوزات من هذا القبيل ، ومتدينون وارتكاب المحرم عندهم موبقة كبيرة تخرج صاحبها عن دائرة العدالة وقبول المؤهلية في جملة مواقع تكون العدالة مشروطة بها .

 

21 – ذي القعدة – 1427هـ