حقوق المرأة السياسية في ظل الاسلام

 

من اهم المسائل التي اثيرت في القرن السابق ولازال صداها قائما في هذا القرن ايضا مسالة المراة وحقوقها السياسية من حيث مشاركتها في العمل السياسي وممارستها للمناصب السياسية وهذه المسالة اثيرت من الغربيين كالعادة وقد اتهموا الاسلام بانه مجمد للمراة من حيث ممارسة الدور السياسي ولكنهم بادعائهم هذا حصل عندهم خلط بين المسلمين وبين القوانين الاسلامية فهناك فرق بين المسلمين ومايطبقونه الان وبين مبادئ الاسلام الحقة فهؤلاء الغربيين لايفرقون بين حقوق المراة في الاسلام من حيث النظرية والتطبيق فالاسلام بمبادئه قد ساوى بين الرجل والمراة نظريا الا في بعض الموارد التي لا تمارسها المراة بسبب تركيبها الجسمي السايكولوجي .والمتتبع للتاريخ الاسلامي وحال البلدان الاسلامية قديما وحديثا لوجد انحراف كبير عن القيم الاسلامية من قبل المسلمين انفسهم فما يلاحظ عن مجتمع المسلمين مختلف عما ينبغي ان يكون في المجتمع الاسلامي الحقيقي فصورة المراة في مجتمع المسلمين غير الملتزم بالقوانين الاسلامية ادت بالغربيين الى ان ياخذوا نظرة خاطئة تجاه القوانين الاسلامية نتيجة لامور ذكرناها . فهم لم يفرقوا بين الاسلام والمسلمين فالاسلام اعطى للمراة كل حقوقها وعلى كل المستويات سياسية كانت او اجتماعية او غيرها ولكن ضمن قيود وشروط وحدود وضعت لمصلحتها فهناك اعمال لاتمارسها المراة . فمنعت الشريعة الاسلامية المراة من ممارستها وهي بذلك لاتسلبها حقها بل لمصلحة لها . اما السياسية التي نحن بصددها فالمشروع الاسلامي تعرض لها ووصفها انها حق للرجل والمراة . والسياسية في الفكر الاسلامي تعني رعاية شؤون الامة في جميع المجالات وقيادة مسيرتها في طريق الاسلام وبحسب التعريف يظهر لنا ان السياسية في الفكر الاسلامي هي مسؤولية اجتماعية عامة واجبة على جميع المسلمين وجوبا كفائيا .والدليل على ذلك الايات القرانية المباركة التي وجهت الخطاب الى عموم المسلمين بغض النظر عن كونهم رجالا او نساء الا في بعض الاستثناءات .قال تعالى : ( ان اقيموا الدين ولاتفرقوا فيه ) وقال تعالى ( وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم ). وقال تعالى : ( واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ).النساء 59

فالخطاب العام موجه الى الرجال والنساء وامامة الدين على كل المستويات العقائدية والسياسية والاجتماعية والتعبدية هي مسؤولية الجميع فالاسلام اليوم معرض للخطر والشعوب الاسلامية كلها في خطر وان واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله واستئناف العمل الاسلامي الجاد كلها امور تحكمها الشريعة المقدسة وهي من فروع الدين فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات الشرعية الكفائية الواجبة على المراة والرجل على حد سواء فاذاالغينا دور المراة فقد الغينا نصف دور الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذلك قمنا باذلاله فريضتي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فتذل ايضا كما اخبرنا الذي لاينطق عن الهوى حيث قال ( صلى الله عليه واله ) الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله من اعزها اعزه الله ومن اذلهما اذلهما الله . فعلينا ان نعطي حرية الاسلام للمراة في الدعوة الى الله فتساهم في بناء المجتمع الناصر لامام العصر والزمان ليملآ الارض قسطا وعدلا .وبناء على ما قدمناه فما المانع من مشاركة المراة في العمل السياسي البناء ومع مراعاة الاداب الاسلامية من الحجاب وغيره .وقد استدل احد المفكرين الاسلاميين العظام (قده) الشريف على ان كل مؤمن ومؤمنة مؤهل للولاية السياسية وان الرجال والنساء سواء في ذلك  تحدث قدس سره قائلا : وتمارس الامة دورها في الخلافة في الاطار التشريعي للقاعدتين القرانيتين التاليتين ( وامرهم شورى بينهم  ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر )  فان النص الاول يعطي للامة صلاحية ممارسة امرها عن طريق الشورى ما لم يرد نص خاص على خلاف ذلك النص والنص الثاني يتحدث عن الولاية وان كل مؤمن ومؤمنة ولي الاخرين  ويريد تولي اموره بقرينة تفريع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنص ظاهر في سريان الولاية بصورة متساوية وينتج عن ذلك الاخذ بمبدأ الشورى وبرأي الاكثرية عند الاختلاف . فالمراة دخلت ميدان السياسة على عهد المشرع الكبير الرسول الاعظم محمد ( صلى الله عليه واله ) كما سجلت اية البيعة ذلك قال تعالى (( ياايها النبي اذا جاءك المؤمنات بايعنك على ان لايشركن بالله شيئا ولايسرقن ولايزين ولايقتلن او لا وهن ولا يأتين ببهتان بقرينة بين ايديهن واورجلهن ولا يعصينك في معروف )).وافضل شاهد على دور المراة السياسي قامت به الصديقة الطاهرة بضعة الرسول الاعظم صلى الله عليه والهوالذي قال فيها (( اطمة بضعة مني من اذاها فقد اذاني )) التي دخلت ميدان السياسة بعد وفاة ابيها فكانت الى جانب الحق المتمثل بامير الكؤمنين علي عليه السلام في موقفها السياسي الرافض للخلافة الباطلة فانظم اليها جمع من المهاجرين والانصار بعد ان خطبت خطبة هزت اركان الظالمين والمغتصبين وقد جاء كما حدثنا التاريخ .. خرج علي كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله فكانوا يقولون : يابنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو ان زوجك وابن عمك سبق الينا قبل ابي بكر ماعدلنا عنه. فالمساحة السياسية في الفكر الاسلامي واسعة ينضم تحتها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يشمل المشاركة في ادارة السلطة وتخطيط سياسة الامة والتثقيف السياسي والشورى والبيعة . وهذه الامة ارادها القران جماعة بمعنى انها لاتستطيع ان تمارس دورها السياسي منعزلة بعضها عن بعض فهنا لابد من مشاركة المراة الكفاية في الجماعات والنشاطات السياسية والهيئات الفكرية الاسلامية . من ذلك يتبين لنا ان الاسلام اعطى للمراة حقوقها السياسية فلا حجة للغربيين المعادين فيما يروجون ويشنعون ضد الاسلام ولتذهب اعاءاتهم ادراج الرياح وليلتفتوا الى حالهم السيئ ويصلحوا حالهم حتى يعالجوا مشاكل الاخرين يرى القشلية في عين غيره ولايرى الجذع في عينه .فالمراة جزء لايتجزء من المجتمع ولها ادوارها قديما وحديثا فمن القديم كان دور كبير لسيدتنا عقيلة الطلبيين زينب الحوراء عليها السلام التي وقفت بكل صلابة وشاركت الامام الحسين عليه السلام بجهاده ضد الطاغية يزيد لعنه الله  فهي انموذج للمراة المجاهدة التي ينبغي للنساء الاقتداء بها وقد سار على نهجها كثير من النساء في عصرنا وقدمن خدمة جليلة للمجتمع فجزاهن الله خير الجزاء فكانت مصداق لحديث الرسول (( المراة الصالحة خير من الف رجل غير صالح ).