حوارية فقهية مع سماحة آية الله الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

س1 / أن استغراق عملية الاستنباط وأسرافها في عمق هذه العلوم الحديثة  قد يبعد بالفقيه عن روح الدليل الشرعي خاصة ونحن نعلم أن  الموضوع حديث عهد ولم يكن في زمن التشريع فكيف يمكننا بلورة  قواعد وطرح فتاوى تنسجم من روح الشريعة وغير متأثرة بالقوانين الوضعية، أو قل من أين لنا الدليل ولا يستطاع ألا بالفقه الموروث الخالي من قضية الانتفاع  بجسم الآدمي؟

بسمه تعالى:-

لم يترك الشارع المقدس أي فراغ لم يشغل بما فيه حكمه الشرعي ووجهه الفقهي، وإنما ترك بعض الأمور وقد عبر عنها البعض _ المتغير_ باعتبار تغير موضوعاتها ومواردها وفق المتــطلبات الحـياتية الجديدة والمستجدات القائمة في كل وقت بعد عصر النزول مما فرضته واقع الحياة  الإنسانية المتغيرة والمتـطورة بشكل لم يكن ما هو موضوع لحكم شرعي  فيها وقد وجد في زمان الشارع ، لكن ذلك لم يكــن  غائباً عن الشارع  المقدس بحيث يترك الأمر من دون ضوابط ومرتكزات (يمكن الرجوع أليــها في بيان (والاهتداء بسببها إلى) الحكم الشرعي). ولذا كانت الكثير من تــشريعاته أحكامـاً عامة ومطلقه ذات سعة وشمولية لأدوار عديدة وأزمنة دائمية باقية ما بقي التكليف في دار الدنيا ويبقى تطبيق هذه الكليات أو الكبريات من وظيفة الفقيه وفق ما يؤسسه في أبحاثة ويتبناه منها،مع بعض الأدلة الخاصة التي انشات  بدواعي متعددة ولموضوعات مختلفة قد يفهم منها أحكاماً كلية  بحسب التفاهم العرفي منها وما يسميه بعض الفقهاء بمناسبات الحكم والموضوع  المرتكزة في أذهان العرف أو التجريد عـــن  الخصوصية كما يُسميه بعض أساتذتي (قد)  والذي يعني تجريد الدليل عن خصوصية العنوان المأخوذ في لسانه وإسراء الحكم إلى الموضوع المناسب بعد عدم الخصوصية لموضوع الدليل،وأنه أخذ في لسان الدليل على نحو المثالية أي مجرد مثال للحكم بلا خصوصية تقييد الحكم به.

هذا مضافاً إلى ما يسمى بالقواعد والأصول العملية كمبادىء أوليه يرجع  أليها عند عدم الأمرين المتقدمين بحيث لا يعجز الفقيه تأسيس الحكم الشرعي بوسيلتها ومن هنا يُعرف أن عُدِمَ البحث في مستحدثات المسائل من قبل فقهاء المذهب السالفين (رضوان الله عليهم ) لا قصور فيهم بل لعدم الموضوعية لهذه المستجدات وأنها لم تظهر على واقع الحياة التي كانوا يعيشونها في أزمنتهم، وربما لم تخطر على بالهم فلا حاجة إلى إضاعة الوقت في بحثها، وهذا واقع الحياة الدنيا في كل شؤونها غير الفقه والأحكام الشرعية،غاية الفرق أن الفقه لا يعدم الوصول فيه إلى الدليل والمدرك للحكم في المسألة ولا يحتاج إلى تأسيس وتأصيل قواعد وقوانين جديدة لأن الشارع لم يترك الحال هكذا بل  أشغل الواقع بكل ما يحتاجه من تشريعات وما يحتاجه من قوانين على الفقيه البحث والفحص جيداً في مضان الأدلة للتوصل أليها ولاستناد عليها. هذا بخلاف غيره من المجالات فهي دائمة الوضع والتقنين والتشريع بعد أن كانت تشريعاتها زمانية مكانية لا تعدوا مكانها وزمانها،فإذا ابتعد بها الزمان سقطت عن الاعتبار واحتاجت إلى أنعاش جديد وتقنين حديث يتفق مع مستجدات الحياة وتطبيقات الواقع.

ومن خلال هذا يُعرف أعجاز الإسلام وأنه الأطروحة الخالدة الباقية التي بها كل ما ينشده الإنسان من سعادة وخير وقد ورد عنهم (عليهم السلام) ((ما من واقعة ألا ولله فيها حكم حتى أرش الخدش))،فلا تعدم أي حادثة مهما كانت وفي أي موقع وزمان ألا ولها حكم مقرر وضابط محدد، ومن هذه الحوادث الجديدة الانتفاع ببدن الإنسان بالنسبة لبعض أعضائه لآخرين سواء أكان الإنسان المنتفع ببدنه ميتاً أو حياً على تفصيل ستتطلع عليه بعونه تعالى.    

س2/ ذكر أحد أساتذة الجامعات ما نصه، أن المتتبع لمواقف الشرائع السماوية يلاحظ عدم وجود نص صريح ومباشر لإباحة عمليات زرع الأعضاء البشرية لأسباب معروفة واستنبط الفقه الحكم الشرعي بجواز أجرائها استناداً إلى القواعد الكلية ومنها التفاضل بين المصالح وقاعدة ارتكاب أخف الضررين لدرء أعظمهما ألا أن هذا لا يكفي لتنظيم تلك العمليات ولابد للمشرع الوضعي من تناولها ؟فهل من بيان شرعي يرفع هذه الشبهة؟

بسمه تعالى:-

ما ذكره صحيح حيث لا يتوفر بما في أيدي الفقهاء من أدلة على نصوص مصرحة بشكل واضح لمثل هذه العمليات،وهذا أمر طبيعي لأن ديدن  الشارع أن يخاطب الناس على قدر عقولهم وما يفهمونه وما يكتنفهم من أمور حياتية وحوادث معاشيه، ولم تكن  عمليات زرع الأعضاء في متناول حياتهم وقامت عليه ممارستهم فتكون مخاطبتهم بها أو احتمال السؤال  عن حكمها من قبل تابعي الشريعة أمراً غير متعارف بالمرة.

لكن يظهر من بعض النصوص وأن لم تكن بهذا الوضوح ،ومع ذلك لا بأس بالاستدلال بها كما مر  بيانه في الجواب السابق  أو على ألا قل الاستشهاد به والتأييد منه ومع ذلك تبقى المعلومات والقواعد الفقهية أو الأصولية سارية المفعول وقابلة للانطباق على الموارد المستجدة، وعلى فرض عدم تأييد المورد للانطباق عليها أمكن تصحيح الموقف الشرعي بالرجوع إلى الأصول الأولية المقررة عند الشارع المقدس وهي ما يسمونه بالأصول العملية المرجع عند عدم البيان الشرعي.

س3 / هل يجب أعداد كادر من المختصين بقضية زرع  الأعضاء وتوفير الأعضاء للمحتاجين ؟ وهل يأثم من  يقصر في هذا المجال الإنساني؟

بسمه تعالى:-

عمليات زرع الأعضاء وتوفرها لحين الحاجة أليها أو الأضظرار إلى الحاجة أليها لكثرة الحوادث الحياتية  التي تقع  على أفراد البشر تجعلهم مضطرين إلى الحاجة  أليها واستمرار حياتهم بها إذ لولاها لما أمكنهم العيش على نحو طبيعي سوّي كغيرهم من أفراد الناس،لا يمكنهم العيش ككثير من المصابين بالعجز الكلوي وغيره ممن تكون أجهزتهم عاطلة عن العمل بالمرة، فلا يبقى أمامهم ألا عملية زرع كلية صحيحة تعمل في أجسادهم لديمومة حياتهم والانتفاع من وجودهم الدنيوي خصوصاً إذا كانوا من الشخصيات النافعة والمفيدة للمجتمع كالعلماء والصلحاء وغيرهم مما يكون لوجودهم نفع يعم الجميع فهذه العمليات تندرج ضمن الاختصاصات الإنسانية في أطار ما يسمى بالواجبات الكفائية،حال  الحاجة الفعلية أليها، بل حتى النظرية لغرض تطوير البحث العلمي والدراسي بشأنها ويكتفي المجتمع بخيرات أبنائه  بدلاً من الرجوع فيها إلى الأجنبي، والتورط في الحاجة أليه فيها.



 

نقل الدم

س1/إذا علم الطبيب بإصابة الشخص المراد نقل دمه ببعض الأمراض المعدية كالملاريا والإيدز فهل يحق له نقل دمه؟ وهل يتعين على الطبيب فحص الشخص المراد نقل الدم منه للتأكد من أصابته بالأمراض المعدية؟

بسمه تعالى:-

نقل الدم الحامل للأمراض المعدية كالملاريا والإيدز غير جائز لوضوح الأضرار بالمنقول أليه،نعم في حال التزاحم ورفع أشد الضررين يمكن ذلك كما لو كان المنقول أليه في معرض التلف والهلاك لو لم ينقل أليه الدم وقد أنحصر نقله بهذا الدم الملوث لديمومة حياته لفترة أطول لعل أهل الاختصاص يهتدون لعلاج مناسب،ويجب على الطبيب التأكد من سلامة الدم وفحصه جيداً قبل نقله حفاظاً على سلامة المريض الذي وثق به وأطمأن له حتى سلمه حياته، ولو نقله من غير فحص فهو ُمعتدٍ عليه ما يُسببه  من مضاعفات صحية للمريض.

س2 / لو قام الطبيب بالنقل دون الفحص فسبّب ذلك إصابة المريض فهل يتحمل الطبيب الجناية أم  ماذا ؟

بسمه تعالى:-

نعم عليه الدية لو ثبت تقصيره في أداء ما تفرضه عليه مهنة الطب وماألزمه الشارع بوجوب المحافظة على حياة الناس.   

س3 /أفتى بعض علماء العامة بعدم جواز بيع الدم([1]) عند الحاجة وغيرها فهل يتبنى مذهب أهل البيت (ع)الفتوى نفسها؟

بسمه تعالى:-

إذا كان البيع للدم مما سيعرض البائع إلى الأضرار الصحية بسبب نقل الدم كان عدم الجواز هو المتعين وبدونه لا مانع منه ألا أن كون الدم قابلاً  للعوضية محل أشكال عند البعض مما جعل الفتوى بالجواز على نحو البيع محل منع  ((يلاحظ فقه الطب )) والمانع مدفوع وأدلته ،وماذكره المستدل من اللازمة بين النجاسة وحرمة البيع أنما تصح فيما لو لم تكن للدم منفعة عقلائية غير متوقفة على الطهارة.

س4/تحتفظ بعض المستشفيات بالدم عند عدم الحاجة منه دون استئذان صاحبه فهل من حجية للعمل المذكور؟



 

بسمه تعالى:-

المعمول في المستشفيات هو أن الفرد المتبرع قد يتنازل عن حقه في هذا الدم وخّول  المستشفى مطلق التصرف به أي انه رفع يده عن حقه في دمه، وفي هذه الحالة لا حاجة للاستئذان،بل يتعين حفظه لحين الحاجة أليه.

س5/ ما حكم تناول الدم الُمعَد للنقل لغرض الشفاء،وقد أجازه بعض الفقهاء من أبناء العامة ؟

بسمه تعالى:-

تناول الدم محرم بالعنوان الأولي، ولكن مع انحصار العلاج فيه في مورد الضرورة يرتفع الحكم بعدم  الجواز إلى ضده وهو الجواز.

س6/في حالة الحاجة القصوى إلى الدم التي تتوقف عليها حياة إنسان هل يمكن القول بتحول التبرع بالدم إلى الوجوب حفاظاً على حياة المريض؟

بسمه تعالى:-

نعم يعتبر التبرع مع القدرة واجب من اجل إنقاذ حياة الإنسان المتوقفة على الدم.

س7 /قالوا بأن نقل الدم مجرد إسعاف وقتي لتنمية الطاقات الجسدية وحكموا على ضوء ذلك بجواز النقل من الكافر لعدم عضويته بأصل الجسد على حد قولهم؟فما هو القول الحصيف في المسألة؟  

بسمه تعالى:-

لا تخصيص لنقل الدم وجوازه بخصوص المسلم بل يمكن النقل من الكافر لا لما ذُكر في السؤال بل لعدم المانع منه.

س8/هل يشترط الفقهاء أذن المنقول منه ؟

بسمه تعالى:-

نعم لابد من ذلك إذ هو تصرف في بدنه غير جائز دون الأذن المذكور.

س9 / ما حكم تبرع الصغير أو القاصر بالدم؟ وهل يشترط أذن وليه؟

بسمه تعالى:-

لو أذن الولي في ذلك مع سلامة النتيجة من حيث المضاعفات الصحية بالتبرع ،فلا بأس  بالنتيجة.

س10/ هل يُعتد بالاحتمال الضعيف من ناحية الضرر في نقل الدم بعدم جواز النقل؟

 

بسمه تعالى:-

الاحتمال الضعيف لا يعتبر به في جواز النقل وألا لجاء مثله في كثير من الأحكام الشرعية إذ الغالب منها أن ضرراً ما ولو بدرجة ضعيفة سوف يقع ومع ذلك لا يرتفع حكمها الشرعي الأولي.

س11/ هل يشترط أذن المريض أو الُمستقبِل عند النقل له؟

بسمه تعالى:-

نعم الأذن متعين ألا في حالات الضرورة  القصوى وكونه في معرض الهلاك بحيث يصبح الاستئذان منه مستحيلاً عادة وتركه من دون نقل يعرضه للموت فيسقط حينئذ أخذ أذنه.

س12/ هل يجوز نقل الدم من جنس لأخر أجنبيان؟

بسمه تعالى:-

إذا دعت الضرورة الطبية والإنسانية فلا مانع  من النقل ولا دخل لأختلاف الجنس فيه.

س13/ أفتى بعض علماء العامة بأنقاض الدم للوضوء لقوله (صلى الله عليه واله) بحسب ما يروون  (الوضوء من كل دم سائل) فهل يرى مذهب أهل البيت (ع) رأيهم؟

 

بسمه تعالى:-

لا أساس له من الشارع عندنا و مبطلات الوضوء أو نواقضه معروفة ومحصورة بالستة المذكورة في رسائل العلماء.

س14/روى البخاري (عن رسول الله (صلى الله عليه وأله)(أنما الإفطار مما دخل وليس مما خرج ويستدل من الرواية أن عملية نقل الدم لا توجب الإفطار للمتبرع ولكنها توجبها للمنقول أليه؟فهل الرواية تامت السند من ناحية كتبنا الروائية؟

بسمة تعالى:-

لا أصل لها في مجاميعنا الحديثية المعتبرة .



 

زرع الأعضاء

س1/ما حكم الانتفاع  بأجزاء الآدمي الحي في الفقه الإسلامي؟

بسمه تعالى :-

السؤال ينشق إلى شقين ، لأنه غير واضح فيما يراد بالانتفاع. إذ من الممكن أرادة جواز التبرع بإعطاء الحي  ويمكن  المراد بالانتفاع ببيع الأعضاء بالنسبة للحي وسيكون الكلام على كلا الشقين .

الشق الأول : ويصاغ بالهيئة التالية

هل يجوز للإنسان المسلم أن يتبرع ببعض أعضاء جسمه؟

لقد حرمت الشريعة الأضرار بالنفس وما يرتبط بها من البدن، وعليه فلا يجوز للإنسان أن يتبرع بأن يقطع عضواً رئيسياً من جسمه يوجب له نقصاً ظاهراً أو ضرراً كبيراً ناهيك عما إذا أوجب خطراً محققاً  على حياته. وقد ذكروا أمثله على ذلك كالعين والرجل واليد وربمــا الكلية ألحقها بعضهم ،وهل يرفع أذن الإنسان بالاقتطاع الـحرمة سواء تبرع بالعضو أم باعه لقاء عوض، الظاهر عدم الرافع للحرمة.

نعم الأجزاء التي لا تسبب نقصاً أو ضرراً بليغاً أو عاهة بشهادة أهل الاختصاص بعدم تعريضه للخطر أو الضرر البليغ، وقد مثلوا باقتطاع جزء من اللحم أو الجلد أو بعض النخاع ، وأما الكلية الواحدة فهي موضع تردد وربما قيل أنه لو شهد أهل الاختصاص بأن  لا ضرر يعود للمتبرع فجائز ولكنه خلاف الاحتياط. وأما التبرع بالدم فلا خلاف في جوازه.

الشق الثاني: هل يجوز الانتفاع بالعضو المقطوع للشخص المقطوع  منه بالبيع وأخذ العوض عنه أم لا؟

فيه قولان :-

قول المنع مستدلاً له بان المانع منه ما ورد في تحريم بيع أعضاء الميت والعضو الُمبان في الحي من الميتة وأعترض عليه أن الدليل على تقدير تماميتة غير شامل لما نحن فيه فلا مانع من أخذ المال بإزاء الأعضاء  وقد ذهب أليه جمع من المعاصرين  ولكنهم اختلفوا في كيفية تكييف اخذ العوض على العضو هل هو على سبيل البيع أو على سبيل المصالحة أو التنازل عن حقه بها فهو حق لا ملك،واشترط سيدنا الأستاذ (قدس سره) حاجة الطرف الأخر للعضو حاجة فعلية ـولعله لأن القيمة المالية للشيء أنما تكون بحكم الحاجة أليه، حاجة عقلائية، كما هو الحال في محل البحث ويمكن إرجاع  الثالث إلى الأول لو فسر الحق بأنه مرتبة ضعيفة في الملك كما عليه البعض وانه لا يشترط في صحة البيع كون العوض ما يملك بل يكفي كونه تحت اليد، وفي سلطته ، وأن قوام البيع الذي هو تمليك مال بعوض ألا بأن يكون اختيار المبيع بيد البائع لا أكثر  نظير الزكاة مع كونها غير مملوكة لأحد والعناوين الثمانية هي مصرف لها شرعاً لا ملكاً لها ومع ذلك جاز الولي الأمر بيع المال الزكوي .

وأعضاء الإنسان إذا لم تكن مملوكة ولكن أمرها بيد الإنسان بحكم الضرورة عند العقلاء،والمالية تتحقق بحكم الحاجة إلى الشيء، وهنا كذلك وإذا كانت مالاً صح بذل المال بإزائها وبه تتحقق حقيقة البيع عرفاً ويكون مشمولاً  لإطلاق قوله تعالى (( أحل الله البيع )) فيصبح العضو المقطوع ملكاً للمشتري وهذا الدليل لا يخلو من مناقشة واضحة:-

أولاً- أن التمليك لا يعقل ألا ما كان مملوكاً ليملك ، وإذا كانت الأعضاء غير مملوكة فكيف تملك ليتحقق مفهوم البيع المشمول لأدلة الصحة واللزوم.

وثانياً- أنه بالأمكان الالتزام بان النسبة بين الملك والمال هي التساوي وما ذكر من موارد للفرق لا يعبأ بها كي لا تكون النسبة هي العموم من وجه كما ذكره البعض،وإذا تمت نسبة التساوي فكيف جاز التفكيك كون الأعضاء مالاً لا ملكاً، فهي أما مال وملك وأما لا هذا ولا ذاك.

وثالثاً- النبوي المشهور والمطابق للبناء العقلائي وما تعارف عليه الناس يكفي قي تأييده وإمكان العمل وان نوقش في سنده وهو قوله (صلى الله عليه وأله) ((لا بيع ألا في ملك)) وهو يكفي في عدم صحة البيع.

رابعاً:- أن القول باشتراط الملكية الاعتبارية في البيع لا  يلزم منه القول ببطلان بيع ولي الأمر للأخماس والزكوات بعد أمكان القول بتملك عنوان الفقراء للزكاة وعنوان السادة للخمس فأن الجهات العامة تصلح للمالكية وهي المعبر عنها بالمصرف.

والكل مدفوع :-

أما الأول – لا أشكال في مالكية الإنسان لما هو عائد أليه ذاتاً كالأعضاء، وقد تعتبر هذه المالكية أكثر مما هو عائد أليه بالإضافة ويبقى فيه عدم تَعقل الملكية الإضافية بالمعنى المصطلح قبل اقتطاعه وإذا قطع لا يبقى مجال للإضافة  ألا على نحو من المسامحة لأن أطلاق أن هذه يد فلان حال اتصالها وأما بعد انفصالها فالأطلاق لا يخلو من مسامحة واضحة فيما لو لم يشك في الإضافة.

وأما الثاني – فأند فاعه واضح بعدم أتمام الأول والأعضاء ملك –لا مال لعدم المالية للإنسان الحر جملة  فكذا أجزائه.

وأما الثالث – فكذلك

وأما الرابع- فلمنع كون بيع الولي العام من غير مملوكية.

مع ذلك أعترض بوجوه أخرى – أذكر بعضاً منها على الاستدلال المذكور :-

أ- أننا نمنع بناء العقلاء على بذل الحي لأعضائه في زمن الشارع من جهة كونه مختاراً فيها وقت سلطنته ويده. وفيه أن عدم التباني في عصر الشارع لا ينافي صحة البيع وألا لمنعت كثير من المعاملات مع أنها غير متعارفة في ذلك العصر كما هو واضح.

نعم للمورد أن يقول أن اقتطاع عضو من جسم الإنسان وتعريضة للبيع نوع إذلال للمسلم الذي كرمه الخالق والشارع ولا ينبغي للمسلم أن يذل نفسه وهو تفريط بحرمته وقد جعله أعظم حرمه من الكعبة ولكنه غير تام  إذ بالأمكان أن يسمو بنفسه ويتنازل عن بعضه من أجل إنقاذ مسلم أخر وهو نوع تضحية حث الإسلام عليها وأن استلزم ذلك دفع مال من قبل الآخذ،وكونه أعظم حرمة لا يمنع من مراعاة حرمة المنقول له والتسبب بإنقاذ حياته.

ب- أن الأعضاء الُمبانه محكومه بالنجاسة وقد دل الدليل على عدم  جواز بيع النجاسات الذاتية كقوله (ع)ثمن العذرة من السحت  فالعذرة وأن كانت لها منفعة شائعة كالتسميد ولكن لا يجوز بيعها ولا خصوصية للعذرة فكل نجاسة ذاتية تكون كذلك وفيه- لا موجب للمنع من خصوصية العذرة في الدليل المذكور مع عدم انحسار السحت ببيع النجاسات وكون المتكلم في مقام البيان،يدفع به أرادة أعيان أخرى ليكون ثمنها من السحت أضف إلى ذلك أن عدم وقوع المعاوضه على العذرة أنما هو لوجوب التخلص منها والاحتراز عن ضررها وهذا الوجوب عقلائي، وأن التخلص مما لابد منه فلا معنى لأخذ الثمن بإزائها وان كانت للتسميد بعد فرض أن صاحبها متخلص منها على كل حال مع أن أصل الكبرى ممنوعة.

ج- أن الأجزاء الُمبانة والميتة مما يطرح لعدم جواز بيعها لقوله عليه السلام في موثقة أبي نصر البزنطي عن مولانا الرضا عليه السلام في الأليات المقطوعة نعم يرميها ويسرح بها ولا يأكلها ولا يبيعها وفي موثقة أخرى للسكوني ((السحت ثمن الميتة)) وغيرها .

وفيه أن دعوى صدق الميتة على العضو المقطوع غريبة جداً وألا لما أمكن الترقيع به وزرعه في بدن أخر ومظاهر الحياة لابد أن تكون باقية ليمكن توافقه مع بدن الآخر.

أذن فشيء من هذه الروايات لا ينطبق على محل الكلام وأستدل المانع بوجوه أخرى غير صالحة للعرض والنقد.

فتحصل أن لاشيء يمنع من صحة المعاوضة على العضو الُمبان باعتباره مملوكاً لصاحبة بالملكية الاعتبارية ولو باعتبار الحاجة الفعلية أليه لو تحققت إضافة العضو المُبان إلى البدن المأخوذ منه كما هو ليس ببعيد وأما قبل الإبانة، فلا مجال  لصحة المعاوضة علية لعدم تحقق الملكية الاعتبارية للحي بتمامه ففي بعض أجزائه من باب أولى هذا وقد يشكل في العضو المقطوع من جهة أخرى هي أن مملوكيته للشخص المقتطع منه مشروط بوضع اليد عليه من قبل صاحبه، وهو غير متحقق غالباً كما هو المعهود في أمثال هذه العمليات وقد سمعته من السيد الأستاذ شفاهاً على  ما في باليّ إلا أن تحقق الإضافة بأنه عضو فلان يكفي من دون حاجة لوضع اليد وتحقيقها فعلاً بل يمكن أن يقال صدق الإضافة تعبير أخر عن وضع اليد لا شيئاً مغايراً له فتأمل.

ولكن يبقى صدق المالية على العضو الُمباين المصحح لصدق البيع بالنظر العرفي مشكل من جهة عدم تعارف أطلاق المال على العضو المُبان أو كونه مملوكاً لصاحبه. ومع الشك في الصدق البيع فتطبيق عموميات الصحة غير ممكن لو قيل باعتبار المالية في البيع اللزوم وحينئذ فالقول بالتصالح عليه أوجه من وقوعه على البيع كما يظهر من الكلام جماعة،وتمام الكلام وتفاصيل أخرى يستدعيها النظر في الموضوع لها محل أخر مع مزيد تحقيق تعميق وتدقيق .

س2/ما حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي الميت؟ وما هي شروطه ؟

بسمه تعالى:-

الانتفاع بأجزاء الميت الآدمي أما بقصد الزراعة في جسم شخص أخر محتاج أليه حاجة فعلية أو لغرض دراسي أو لغرض التدريب والممارسة أو لكشف معرفة سبب الموت فيما يسمى بالطب العدلي.. ثم أن الآدمي الميت أما مسلم وأما غيره،والغير أما أن يكون من أهل الذمة الملتزمين بشروطها وأما أن  لا يكون منهم،وقبل بيان الفروع  السابقة – لابد من ألقاء نظر على ما ذكروه من أدلة المنع وهي عديدة أذكر منها اثنان فقط

الدليل الأول :- ما ورد عن المعصومين (ع) من تحريم المثلة ولو بالكافر والكلب  العقور.وقد يقال أن عدم المثلة في الكافر  أو الكلب ليس ألا لحرمتهما.

قلت كلا بل لما يُرجى أن يكون عليه المسلم من سمو الأخلاق ومحاسن الصفات بما لا يصدر عنه مثل هذا العمل المتدني الذي يعبر عن حقد وتنكيل، ومما ورد في هذا الصدد – عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أن الله يقول} ومن ُقتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يُسرِف في القتل{ وما هو الإسراف الذي نهى الله عنه.قال (عليه السلام) أن يقتل غير قاتله أو يمثل بالقاتل ([2]). وصحة الاستدلال بهذه الرواية وأمثالها متوقف على أن قطع بعض أعضاء الميت أو تشريحه لأغراض علمية وتدريسيه من مصاديق المثلة  المحرمة،ليتم الاستدلال،والأمر ليس كذلك  من جهة أن المأخوذ من  مفهوم المثلة أن يصدر الفعل بقصد التنكيل والتشفي المنبعث من الحقد،وشيء من هذا القبيل غير موجود فيما نحن فيه .

الدليل الثاني :- النهي عن قطع أعضاء الميت كما في صحيح أبن أبي عمير عن الصادق (ع) أنه قال (عليه السلام ) قطع رأس الميت أشد من قطع رأس الحي ([3])عن عمر بن سنان عمن أخبره عن الأمام الصادق (ع) قال قلت له (رجل قطع رأس ميت ) فقال (عليه السلام) حرمة الميت كحرمة الحي، ومن غريب ما ذكره بعضهم أن كونه أشد حرمة أنه مثلة تُعبر عن دناءة فاعله.

بل الصحيح أن كونه (الميت) أشد حرمة، أعطاء الشارع المقدس له هذه المزيه بعد انتهاء حياته التي كان فيها يدافع بها عن  نفسه، فزاد من حرمته ليلزم احترامه من قبل الآخرين وعدم اقتراف ما يشينه،مما يعبر عن دناءة  الخلق وانحطاط السلوك،نظير دفاع الشارع عن اليتيم حيث جعل أكل ماله أشد حرمة من أكل مال الغير لضعفه في الدفاع عن نفسه ، وكأنه يتكفل  تتميم ضعف عبده المسلم-وتشديد الحرمة على الاعتداء عليه.

وهنالك وجوه أخرى لشدة الحرمة لا حاجة لعرضها (والظاهر بقرينة روايات أخرى في نفس الباب) – أنها مختصة بالمسلم لأنه الذي تثبت له الحرمة مطلقاً ميتاً وحياً.([4] )

نعم اختلف فيمن حقن دمه (من الذمي) فهل هو محترم في حالة موته كما هو في حال حياته فيه وجهان أولهما، العدم لأن حرمته حياً أنما هي لالتزامه بشروط الذمة والاعتداء عليه بعد الموت ليس في جهة حرمته ميتاً بل من جهة أخرى كالمثلة المحرمة كما مر في الدليل الأول.

ثانيهما، احترامه ميتاً كما كان حياً لالتزامه بشروط الذمة،كما ورد أنه ((له ما لنا وعليه ما علينا)) وأن كان لا تخلو من خدشه من جهة أن الإضافة لا تصلح ألا للحي كقدر متيقن وأما للميت فمشكوكة ومن هنا ذهب البعض إلى الاحتياط في تشريح بدّن الكافر وهو وجيه وأما من هو مشكوك الحال في كونه محقون الدم حال حياته أم لا فيجوز تشريح بدنه وقطع بعض أعضاءه هذا حال التشريح وقطع أعضاء الميت بحسب عنوانها الأولي،وأما بحسب ما تقتضيه الضرورة الخاصة،كالحاجة الفعلية أو الضرورة العامة كتعلم مهنة الطب، وتحصيل الخبرة الطبية والتقدم العلمي في مجاله فمن الواضح جوازه، تقديماً للأهم على المهم أو للمصلحة العامة على المفسدة الخاصة كما هو مفصل في محله من علم الأصول ((باب التزاحم )) ومع ذلك فأن هناك بعض الأدلة النقلية الدالة على جوازه منها.

ما ورد عن وهب بن وهب عن الأمام الصادق عليه السلام قال – قال  أمير المؤمنين عليه السلام إذا ماتت المرآة وفي بطنها ولد يتحرك يشق بطنها ويخرج الولد([5]) أذ من لواضح أن الشق مقدمة لإنقاذ حياة الولد وهي أهم بنظر الشارع المقدس.

ومثلها علي بن يقطين قال سألت العبد الصالح عليه السلام  عن أمرآة تموت وولدها في بطنها قال(يشق بطنها ويخرج الولد) فأتضح أن تشريح بدن المسلم الميت وقطع بعض أعضاءه إذا توقف عليه إنقاذ حياة فرد أخر ولم يكن له بديل من الكفار أو من مشكوكي الإسلام جائز لأنه مورد ضرورة وعليه الأكثر من المعاصرين. ومؤداه مع الانحصار والضرورة جاز اقتطاع جزء من بدن المسلم الميت وألا فلا.

ومن الواضح أن تقديم الضرورة العامة بما يحفظ النوع الإنساني عن طريق تعلم الطب المتوقف على تشريح بدن الميت أولى بالمراعاة من الضرورة الخاصة.

ألا أن تحفظاً أبداه بعض المعاصرين لا وجه له وقيده أخر بما توقف عليه حياة مسلم أخر وأن كان في المستقبل،والقيد توضيحي كما هو واضح ضرورة أن تعلم مهنة الطب بوسيلة التشريح أنما هو لإنقاذ وحفظ حياة الأحياء من المسلمين. نعم تقييد الجواز بمقدار الحاجة وما يتوقف عليه تعلم الطب مما هو في مصلحة المجتمع، كما فعله السيد الأستاذ (قدس سره ) مما لا يخلو من وجه وأن كان لا يخرج عن عنوان الضرورة إذ لا ضرورة بعد انتفاء حاجة المجتمع أو حصول المصلحة. أللهم ألا أن  يريد  بيان أخر وتعبير جديد عن الضرورة كما هو المستظهر من كلامه (قدس سره)( [6]) هذا فقد تبين أن مورد الضرورة في الصورة المذكورة في بداية المسألة يكون التشريح جائز ولكن وقع الكلام في أمرين: –

أول الأمرين :-هل تعتبر الحاجة الفعلية في الجواز أو يكفي الحاجة مطلقاً ولو لم تكن فعلية كما لو حصلت في المستقبل مع الاطمئنان ولو لمجرد توقعها والصحيح منها

الأول – لكونه المتيقن من مورد الضرورة الرافعة للحكم الأولي المتقدم بعدم الجواز للمسلم أو المحقون الدم على القول به وأما مورد الحاجة الشأنية حتى مع الاطمئنان بوقوعها فأن عدم الجواز  له وجه للشك في صدق الضرورة الرافعة للحكم، وأن اطمئنان بحصولها إذ لازم ذلك تبدل الأحكام التكليفية الأولية إلى الثانوية.

إذ ما من حكم ألا وفي مورد ضرورة سوف تقع وهو كما ترى.

ثاني الأمرين- هل تشريح الميت بما يسمى بالطب العدلي من موارد الضرورة  أم لا ؟

الظاهر ليس من مواردها فيبقى الحكم على عدم جواز التشريح لبدن الميت المسلم، ولكن أستثنى من ذلك ما لو كان التشريح لمعرفة سبب الوفاة في مقام المرافعة أمام الحاكم الشرعي لادعاء أهل الميت أنه مقتول بسبب غير محرز.

فلو لم يشرح ويعرف سبب الوفاة تقع فتنة توجب إراقة  بعض الدماء ،فالقول الفصل في ذلك متوقفاً على قول الطبيب الموثوق به  ليقول كلمته وبمثله قال بعض المعاصرين والسيد الأستاذ (قدس سره) ([7])  وفي جميع الحالات المتقررة أنما يصار لتشريح واقتطاع بعض أعضاء الميت المسلم إذا لم يوجد جسد لميت كافر، أو مشكوك الحال، لأن الضرورة وحدها غير كافية بالجواز ما لم ينحصر الأمر ببدن الميت المسلم.

ومن هنا تعرف حكم الحالات الأخرى وأما محقون الدم حال حياته من أهل الذمة فقد عرفت الحكم فيه وان الاحتياط أن قيل فهو استحبابي وهل تسقط الدية على القول بالجواز أولا ؟

فيه قولان – الأكثر على عدم السقوط لعدم الملازمة بينهما  والجواز التكليفي لا ينافي الحكم الوضعي بالضمان ألا في موارد أسقطها الشارع المقدس كموارد القصاص والحدود أو يسقطها الحاكم الشرعي لمصلحة ما اقتضتها على القول بشمول ولايته لمثل ذلك وفيه تأمل.

والبعض على السقوط لو كان التشريح جائزاً مستدلاً لذلك ببعض النصوص.

س3/هل يحق للفرد أن يوصي باستئصال أعضاءه بعد موته؟وهل تجوز الوصية بقطع الأعضاء؟

بسمه تعالى:-

فيه أشكال من حيث أن القول بالجواز منوط بجوازه حال حياته فان قيل به كما مر بالجواب الأول فيما شهد أهل الخبرة والاختصاص بعدم أضراره واستلزامه النقص فضلاً عن معرضية الإنسان إلى الموت جائز  وألا فلا ومجرد وصيته لا ترفع الحكم الشرعي بعدم الجواز، نعم لو عرض الاضطرار الموجب لرفع حرمة القطع جازت الوصية بمثل هذه الحالة  فنُقيدها بمورد الضرورة وحصولها فعلاً عند الآخر كما ذهب أليه السيد الأستاذ (قدس سره).

وهل ترفع الوصية لو قيل بجوازها الدية عن القاطع  فيه قولان؟ الأكثر على عدم دفعها لعموم أدلة فرض الدية وشمولها لجميع أفراد الجنايات، كما وتقضي ثبوت الدية بجميع الدواعي سواء بداعي التنكيل أو بداعي أرادته الانتفاع بالعضو لأن الحالتين مشتركتان في منع الأقدام على قطع أعضاء الميت ومجرد أذنه أو وصيته لا يرفع الحكم الشرعي بعدم الجواز ومقتضى عموم التعليل.

في صحيحة عبد الله بن سنان في رجل قطع رأس – قال عليه السلام عليه الدية لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً ([8]) ونوقش به.

أولاً- أن جواز ذلك في مورد التزاحم يدفع العلة تشريع الدية ولا ينافي حرمة الميت المسلم.

ورد بأن مجرد جوازه عند التزاحم لا يدفع علة تشريع الدية ويبقى أخذ العضو منافياً لحرمت الميت وأن كان الأخذ جائز وهو غريب إذ كيف يكون الأخذ جائزاً وينافي حرمة الميت، وهل الجواز ألا حكم شرعي  ترفع به الحرمة ولو قيل أن التعليل غير ثابت فلعلة حكمه للحكم لا علة ، كان وجهاً-مؤيداً بإطلاق جعل الدية.

وثانياً: أن ثبوتها مُنافٍ لما َورد من تقطيع الولد وإخراجه من بطن أمه حفاظاً لحياة أمه، أو شق بطنها حفظاًً لحياة ولدها لأن مقتضى إطلاقها عدم ثبوت الدية. ويمكن دفعه بأنها مختصة بموردها من  صيرورة الميت سبباً مقتضياً لموت الحي لا كون الميت سبباً مقتضياً لحياة الحي وبقائه، والإطلاق لا يشمل الموردين المنافيين كما لا  لايُخفى.

ثالثاً: أن جواز أخذ العضو شرعاً لو صحت الوصية يستلزم عدم الدية ، وجوابه: – ما تقدم من عدم المنافاة بين الجواز التكليفي والضمان الوضعي – ألا ترى أنه يجوز عند الاضطرار – أكل مال الغير ومع ذلك  لا يرفع ضمانه.

مع أن فرض الدية في موارد الخطأ مسلم  ولم يكن حرمته في البين فهي غير ثابتة بالنظر إلى التحريم  لتنتفي بانتفائه.

رابعاً: ما ورد في النصوص على سقوط الدية في موارد القصاص والحدود  وينبغي أن يكون الجواب واضحاً، لأن حكم القصاص والحدود حكم شرعي واجب التنفيذ حفظاً لحياة النوع الإنساني وقد َدلت النصوص الخاصة على سقوطها في موردهما وإثبات الدية يؤدي إلى تعطيلها كما ورد في رواية الكنابي([9]). لذلك لا تصلح هذه الأخبار لتعميم الحكم بسقوط الدية خارج موردهما وحين إذ تبقى أدلة وجوب الدية مطلقه من دون معارض.

أذن الدية واجبة لو قيل بجواز الوصية في تشريح  البدن  أو قطع بعض أعضائه.

وألا قل على سقوطها واستدلاله بأقدام الميت على ذلك،وأنه مع الوصية والأذن لا يكون ذلك منافياً لحرمة الميت وقد عرفت جوابه فيما تقدم.

أذن لو جازت الوصية وفي مورد الضرورة القاضية بحاجة المنقول أليه والله أعلم.

س4/ هل لولي الميت الولاية على أعضاء الميت ؟

بسمه تعالى:-

الحكم الشرعي ،غير مُفيد بأذن الولي ولا دخل لأذن الولي في لحكم الشرعي ليرتفع حكمه بالحرمة مع الأذن كما سبق ذكره وربما يستدل بجواز أذن الولي متمسكاً بإطلاق لفظ الولي في النصوص الدالة على التصدي لأمور الميت كقوله (عليه السلام) يغسل الميت أولى الناس به أو من يأمره الولي بذلك وغيرها من الأخبار المذكورة.  في أبواب أحكام الموتى من الوسائل وغيره.

بدعوى أن مقتضى مدلول كلمة (الولي) هو جواز التصدي لأمور الميت  فيما يراد به المصلحة له فإذا رأى الولي مصلحه في أعطاء أعضاء الميت للترقيع فيجوز ذلك أخذاً بإطلاق اللفظ ويرد عليه اختصاص النصوص بموارد تحضير الميت وباب القصاص والديات ولا أطلاق لها كي تشمل سائر الموارد لأنها في مقام وجوب الأمور المذكورة على الولي أو أحقيته من غيره فيها كما هو الصحيح لا في مقام جعل الولاية للولي في مطلق الأمور.

ولو سلم الإطلاق فهو مختص بما جاز للميت القيام به وعدم التعدي عنه. مع أمكان أن يقال بأنه لا وجه  للمصلحة من قبل ذلك أن لم يكن فيها هتك لحرمة الميت الذي هو ضد مصلحته.

اللهم ألا أن يقال بجواز بيع العضو المقطوع حيث يصرف فيما هو عائد للميت ولا تكون ميراثاً وقد تقدم أن جهة البيع غير خالية عن الأشكال لاستبعاد العرف صدق العوضيه على العضو المقطوع بحيث يقبل المعاوضه علية لا أقل من الشك في صحة البيع وشمول الإطلاق له ووجه عدم الجواز واضح لأنخفاظ حرمة الميت كما هي عند حياته ، والتعرض لبعض أعضائه منافٍ لحرمته، فلا يجوز لأي أحد ولياً كان أو أجنبياً التصرف فيها.

س5/ إلى من يرجع استئصال عضو من لا وارث له؟

بسمه تعالى:-

لا معنى للاستئذان في الاستئصال فأن جاز  جاز  ولو مع  عدم الأذن ودية العضو المقطوع تصرف في وجوه البر مما يعود نفعه للميت.

س6/ما حكم زرع العضو في حالة الظن بضرره على الفرد في المستقبل؟

بسمه تعالى:-

لا اثر لحالة الظن بالضرر في المستقبل إذا كان معالجة للمريض راجحة عند العقلاء وعليه بنائهم ويؤيده ما في خبر إسماعيل بن الحسن المتتطبب ([10])  وفيه سأله (أبي عبد الله) قلت ربما مات؟ قال وأن مات، ولو قيل بتأثيرها ،كما عليه جمع يحتاطون في ذلك، فهو غير ضار بالبناء العقلائي على المعالجة.

نعم  لو حصل الاطمئنان  بالضرر فعلاً، كان جواز الزرع وعدمه متوقفاً على دفع أشد الضررين من الحاصل لو ترك الزرع ومن الحاصل لو زرع.

س7/ يبيع لفيف من الناس بعض أعضائهم للمستشفيات الخاصة بزرع الأعضاء فهل للبيع المذكور وجهة شرعية وبعبارة أخرى (هل يجوز فتح سوق تجاري لبيع الأعضاء البشرية ) ؟

بسمه تعالى : –

تقدم في الجواب الأول بيان الحكم في جواز البيع وعدمه.  وتقدم أنه لا مورد للجواز في صورة عدم الضرورة مطلقاً.نعم في مواردها ولو كانت عامة من أجل تعلم مهنة الطب  التي يتوقف عليها الحفاظ على حياة أفراد المجتمع ومنع تفشي الأمراض التي تفتك بهم ، جاز الاقتطاع  ولكنه ليس بيعاً بل صلحاً كما تقدم بيانه ،ولكن فتح سوق تجاري لبيعها مشكل جداً بل يمكن أن يقال بعدم الجواز لأقتضائة إلى فقدان حرمة المسلم حياً بفعل ضغط الحاجة المادية أو غيرها مع أن أصل البيع مشكل.

س8/عند استئصال الأعضاء التالفة أو المصابة للمرضى يقوم بعض الأطباء بالتصرف في هذه الأعضاء أو بيعها فهل من حقهم ذلك دون استئذان أصحابها؟

بسمه تعالى :-

التصرف بهذه الأعضاء التالفة مع وجود مصلحة عامة كالتعليم وكسب الخبرة العلمية والطبية باعتبارها تمثل فرصة نادرة قد لا تتحقق جائز ،والأولى الاستئذان من أصحابها وفي التصرف بها بالبيع غير جائز ألا بأذن من أصحابها لو قيل بصحة البيع، والعوض المدفوع لا يملكه الطبيب،ألا برفع المريض يده عن حقه عن عضوه المقطوع لأن مجرد أذنه بالبيع لا يلزم كون العوض للطبيب دون المريض ألا مع قرينة عليه.

س9/ فرض السؤال المذكور ( إذا كانت الأعضاء مجهولة المالك)؟

بسمه تعالى :-

يعود أمر العوض المدفوع بإزائها بيعاً لو قيل به أو صلحاً إلى الحاكم الشرعي، أو يتصدق به عن صاحبه الأصلي.

س10 /فرض السؤال المذكور (إذا كان تصرف الطبيب دون عوض مالي كزرعها للمحتاجين) ؟

بسمه تعالى:-

إذا كانوا في معرض الحاجة الفعلية جاز ذلك لو كان القطع جائزاً، ويكون أخذ العوض بإزاء رفع اليد عنه وليس للطبيب ألا أجرة عملة.

س11/ إذا سبب النقل تعطيل عمل أساسي للجسم كأن يكون النظر هل يمكن القول بجوازه ؟

بسمه تعالى :-

سبقت الإشارة إلى ذلك في ( جواب السؤال الأول )، وأنه إذا تسبب في نقص واضح كان غير جائز.

س12/ إذا كان في مفروض السؤال السابق المنع فهل يمكن القول بجواز نقل قرنية أحدى العينين لأخر أعمى كلياً، أو قل إذا كان النقل والاستئصال يسبب تعطيل نصف العمل كأن يكون النقل جزئي أو لوجود عضويين يؤديان الوظيفة بشكل انفرادي كما في الكلية أو العين  ويستكفى  بالعضو المتبقي ما حكمه ؟

بسمه تعالى:-

نفس الجواب السابق، نعم في الكلية لا يبعد جوازه  والاحوط  خلافة.        

س13/لو كان المحتاج لعضو شخصاً ذا أهمية علمية أو دينيه مرموقة فهل يمكن تجاوز حالات المنع لهذا القيد من حيث تدافع المهم والأهم؟

بسمه تعالى:-

في حالات التزاحم فالقاعدة تقتضي تقديم الأهم على المهم أو دفع أشد المفسدتين وفي مثل هذه الحالات التعين تقديم ذي الأهمية المذكورة.

س14/ ما حكم استئصال أعضاء المجانين لزرعها بعد أخذ أذن  أولياء  أمورهم؟ وقد سمعت بذلك كثيراً، وهل يتبدل الحكم في حالة العسر والحرج؟

بسمه تعالى:-

لا دخل لأذن ولي الأمر في الاستئصال،بل هو حكم شرعي غير جائز في غير موارد الضرورة الفعلية كما سبق جوابه.

س15/ في حالة تيقن الطبيب بحصول الضرر لاستئصال عضو ما لكن المتبرع أصر على النقل فهل يمكن القول بالجواز في هذه  الحالة، إلا يُعد ذلك من الانتحار العمدي ؟

بسمه تعالى :-

كلا لا يمكن القول بالجواز إذ هو حكم شرعي غير دائر مدار الأذن وعدمه،فإصراره على النقل مع الاطمئنان بالضرر غير مجوز للنقل.

س16/ في مفروض السؤال السابق هل يتحمل الطبيب المسؤولية في حالة قيامه بالعملية مع حصول النتائج؟

بسمه تعالى :-

نعم يتحمل النتائج الحاصلة مع أن أصل الفعل محرم علية.

س17/إذا كان الإفتاء بعدم جواز بيع الأعضاء (كما عليه بعض فقهاء العامة)فهل يجوز بيع عضو بعد استئصاله لعلة أصيب بها بحيث استغنى عنه المتبرع؟

بسمه تعالى :-

لو صح البيع كان موقوفاً على أذن صاحبه لثبوت حقه الاختصاصي فيه، ومعارضاً لوجوب ذمته ألا في مورد الضرورة الفعلية لأهمية حفظ الحياة بنظر الشارع.

س18/ هل يشترط البلوغ من ناحية التبرع بالأعضاء أو البيع عند القول بجوازه؟

بسمه تعالى:-

نعم يشترط البلوغ في كلا الأمرين إذ لا فرق بين التبرع والبيع.

س19/ عند نقل عضو من ميت لحي فرفض جسم الحي استقباله هل يتعين أعادته إلى جثة الميت ليدفن معها أم يدفن على حده أم مع المزروع له حال وفاته؟

بسمه تعالى:-

إذا رفضه دون المستقبل دفن مع بدن الميت الأول أن أمكن كما لو لم يدفن بعد لحين أجراء العملية ورفض الجسم له.وألا دفن لوحده ولا يدفن مع المنقول أليه لأنها ليست من أجزائه على ما يحكم به العرف.

س20/ما حكم الغرس الذاتي((  plantation  ))؟ من قبيل نقل الجلد لنفس الشخص إذا أحترق جلده ؟

بسمه تعالى :-

إذا كان خالياً من المضاعفات المضرة بالجسد فلا بأس به.

س21/ما حكم أجرائه للتجارب فقط؟

بسمه تعالى:-

تشريح بدن المسلم الميت أو نقل أعضائه لغرض التجارب دون المعالجة مشكل جداً ألا إذا كانت التجارب تقع في طريق التقدم العلمي في مهنة الأطباء والحصول على نتائج ينتفع بها المجتمع وأما غير المسلم فجائز والترك أحوط.

س22/ نقل بعض الخلايا يؤثر على الأنساب والمورثات ([11]) فما حكم النقل عند احتمال، التأثير بعد قصور الخلايا في المنقول أليه عن إفراز بعض المواد الهرمونية؟

بسمه تعالى :-

سبق الجواب عن مثله في الأول ومع الاطمئنان في التأثير لو تم النقل فلا يجوز.

س23/ على من تقع الدية عند استئصال أعضاء الميت دون أذنه ؟ وما هو مقدارها؟

بسمه تعالى:-

الدية تقع على الطبيب القاطع للعضو ومقدارها ما هو مقرر لكل عضو كما هو في مذكور كتاب الديات من الرسائل العملية.

س24/ ما حكم نقل عضو من حيوان نجس لترقيع جسم الإنسان وخاصة بعد نجاح تجارب نقل بنكرياس الكلب إلى الإنسان واستخراج الجراحين لصمامات مفصلية من الخنازير لغرسها بدلاً من الصمامات التالفة في جسم الإنسان ؟حتى صيرورته جزءً من المنقول أليه؟

بسمه تعالى:-

لاأشكال في ذلك لصيرورة الجزء المنقول  بعد أن  تحله الحياة ويسري فيه الدم جزءً من بدن المنقول أليه عرفاً والاحوط تقييده بالضرورة والانحصار فيما لو لم  يوجد طاهر العين وأما مضي مدة بعد زرعه فلا وجه له بعد حكم العرف بكونه من أجزاء المنقول أليه.

س25/ أين تذهب العوائد المتأتية من بيع أجزاء الميت؛أللورثة أم تصرف في تجهيز الميت أم في قضاء ما فات الميت قضائه في حياته ؟

بسمه تعالى:-

العوائد المالية ليست من حق الورثة بل عائديتها للميت تصرف في وجوه البر والخير من الصدقة  ونحوها أو يحج بها عنه.

س26/من المعلوم فقهياً وطبياً أن للميت علائم كثيرة يذكرها الأطباء والفقهاء معاً ولكل منهم أدلة يعتمدها أحدهم، قد لا يركن أليها الثاني ويسبق  الدماغ موت القلب ففي مثل موارد الاختلاف هل يجوز استئصال أعضائه مع عدم الجزم بموته من الناحية الطبية أو الفقهية ولذلك لعدم تحمل أعضاء الميت  للأنتظار؟([12])

بسمه تعالى :-

مع عدم الجزم بموته ومقتضى استصحاب بقاء حياته حال الشك ونظر العرف الذي يبني عليه الشارع صدق عنوان الميت الموضوع لعدد من الأحكام  وهو لا يراه ميتاً، لا يجوز  استئصال أعضاءه في مثل هذه الحالة.

س27/يختلف الأشخاص من حيث القدرة على النقل من أعضائهم فمثلاً يمكن أن يستمر بالحياة دون أنتانات متكررة ويؤثر النقل على آخر قد يؤدي بحياته فما الحكم عند الفرضين ؟

بسمه تعالى:-

يجوز النقل في الحالة الأولى مع الاطمئنان بالنتيجة وفي مورد الضرورة كما تقدم لا مطلقاً ولا  يجوز في الحالة الثانية مطلقاً.

س28/ما حكام أيهام المتبرع وعدم أخباره بنتائج تبرعه بأحد أعضاءه الذي تقوم به بعض المؤسسات الطبية بحجة إقناعه بالتبرع ؟

بسمه تعالى :-

هذا من مصاديق الاعتداء المحرم شرعاً كتاباً وسنتاً ولا معنى للإقتناع بعد حصول ما يريد إقناعه به وأما الإقتناع بشيء لغرض حصوله منه عن قناعة وأيمان .

س29/هنالك شروط قانونية يذكرها الأطباء للمتبرع بالكلية مثلاً أن يكون المتبرع متزن حتى لا يندم فيما بعد وكونه بعمر يقارب (20 ) سنة وأن يكون قريباً من المريض بقرابة أو مصاهره وأن لا يكون هناك متبرع ميت وأن يكون ذلك متعيناً لإنقاذ حياته  فهل يجب توفر هذه الشروط من الناحية الشرعية ؟

بسمه تعالى:-

نعم يجب توفرها شرعاً لرجوعها إلى عدم الأضرار بالمتبرع أليه والمتبرع وحاله. الضرورة والانحصار بعدم وجود ميت متبرع ولو بالوصية لو قيل بمشروعيتها في مثل الكلية.

س30/ذكروا بعضهم شروطاً طبية عند نقل الأعضاء فلنقل الكلية على سبيل المثال ذكر الدكتور (محمد علي البار ) في كتابه الموقف الفقهي والأخلاقي في قظية زرع الأعضاء.

1-أن يكون المتبرع متمتعاً بصحة جيدة وشرايين سليمة ولم يصب بضغط الدم أويكون حاملاً لمرض معدي.

2-أن يكون عمره أقل من ستين سنة .

3-أن لا يكون مصاباً بالبول السكري.

4-أن لا يكون مصاباً بسرطان أو مرض خبيث ولو بمراحله الأولى.

5-أن تكون كليتاه وجهازه الهضمي سليماً.

6 –أن لا تكون المتبرعة حاملاً.

7-أن لا تكون فصيلة الدم متطابقة مع فصيلة المريض.

8-أن لا يكون فحص تطابق الأنسجة مناسباً.

9-أن لا تكون هناك مضادات أجسام سمية ضد الخلايا اللمفاوية.

فهل يتعين هذه الشروط الطبية من الناحية الفقهية؟

بسمه تعالى:-

نعم ومرجعها إلى عدم الضرر بالمتبرع أو الأضرار بالأخر وقد تقدم أن جواز النقل موقوف على عدم الضرر أو الأضرار.

س31/تجري تجارب النقل العضوي لأول مره على بعض الأشخاص فهم بمثابة مختبر العمليات،حيث النقل مع مجهولية الحال من حيث النجاح أو عدمه؟فهل تجوز أمثال هذه العمليات التجريبية؟

بسمه تعالى:-

أجراء عمليات النقل لغرض التجارب دون المعالجة غير جائز مع عدم الحاجة الفعلية على ذلك كما تقدم. وأن كان لغرض التعلم والتعليم مع توقف حياة مسلم على ذلك لو أجريت عمليات النقل على اقتطاع الأعضاء من أجساد الموتى لو لم  يوجد غير مسلم كان له وجهاً يعرف مما تقدم في بيان موارد الضرورة.