التظاهرة العفوية المليونية والتي قام بها الموالون لأهل البيت (عليهم السلام) في ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) قد أرسلت أكثر من رسالة عبر التدافع الإيماني لمواساة الحسين (عليه السلام) وجهتها لأكثر من جهة. الرسالة الأولى: القيمة العظيمة التي ترجمتها هذه الذكرى بهذا التجمع الكبير والذي لم يشهد العالم في تاريخه المقروء تظاهرة بهذه السعة لم تتكلف أية جهة في توجيه الدعوة للجمهور ولا استخدمت وسائل الإعلام أساليبها التغريرية لتعزيز قناعة الناس بهذا التوجه غير ان الولاء للحسين والعشق الإيماني والمودة لأهل البيت كانت أكبر الدوافع بل هي كل الدوافع لهذا التجمع العالمي. وعلينا جميعاً أن نعرف قدر هذه القيمة المقدمة من النهضة الحسينية، وان نستغلها بعيداً عن المزايدات والتوظيفات فإنها تعرقل العطاء وتقلل الهمة وتضعف العزيمة إذا لم تكن مناراً للفرقة والشتات بدلاً من الوحدة والائتلاف.الرسالة الثانية: الانضباط الواعي والمسؤول الذي قدمه الزائرون أمام أنظار العالم إذ لم تسجل أية حادثة أو مخالفة إلا حالات بسيطة شاذة ممن أغاضهم هذا التواجد الإيماني. ولا ننسى ما قدمته الأجهزة الأمنية من أفراد الشرطة والحرس الوطني من جهود جبارة أثبتوا من خلالها أنهم حريصون على امن الوطن وسلامته واستقرار وضعه وقدموا جهوداً شكرها عليهم الحسين (عليه السلام) قبل ان نشكرهم عليها. وهي وان كانت واجبة عليهم رسمياً وشرعياً وعرفياً إلا ان استحقاقهم الشكر للإخلاص في الخدمة واحترام الزائرين والتسهيل عليهم، فشكر الله سعيهم وعلينا ثناءهم كما لا يفوتنا شكر المحبين للحسيين من أهل المواكب وأصحاب الخدمة لما قدموه الزوار وأبي عبد الله الحسين (عليه السلام).الرسالة الثالثة: انعكاس الصورة الحسنة لأخلاقيات الشعب العراقي وقوة الرابطة الاجتماعية بين أبنائه بعيداً عن انفاس الطائفية التي تلوح بها بعض القوى السياسية وعناوين الخصخصة ومشاركة الجميع فقد وجدنا أن المسلمين بغض النظر عن مذاهبهم وقد اشتركوا في هذه التظاهرة الإيمانية فقد ترجم أهالي مدينة الأعظمية حرصهم على تقديم كل التسهيلات من المؤن والحماية لزوار الكاظمين وقاموا بمشاركتهم بشكل فعلي وعملي. وليس غريباً عن أبناء هذا الشعب العريق في علاقاته الاجتماعية والتي يراهن الكثيرين من أعدائه على تنكيلها وفق مسميات ولافتات عديدة، فقد شارك بعض الأخوة المسيح بموكب عزاء في كربلاء المقدسة معبرين عن مشاعرهم واحترامهم لشخصية الحسين (عليه السلام) فإنه يمثل الانسانية وليس ممثلاً لطائفة أو دين بما يعزز ان روابط هذا الشعب أعمق مما يتصوره أعدائه وأكبر من محاولاته في تفكيكها. الرسالة الرابعة: مرة بعد أخرى يثبت هذا الشعب المسلم بأنه أقوى من كل مؤامرات الإرعاب -الارهاب- الذين ما انفكوا يحوكون الواحدة تلو الأخرى من أجل ايقاف عجلة هذا الشعب في التعبير عن إرادته واختياراته في التعبير والممارسة، وهذه التظاهرة بهذه النفوس الصلبة والقوية استطاعت أن تهزم الإرهاب مهما كان نوعه ومن أي جهة أتى وتحت أي مسمى رفع وهي نفس الإرادات التي أطاحت برهان الإرهابيين في إفشال العملية الانتخابية وسعيها في إيقافها وبالرغم من مخاطر الخوف المحدق خرجت الألوف لتعبر عن صمودها وتحديها لأساليب الانحراف والاعوجاج عن الفطرة والاستقامة الانسانية، وها هي بعيدها عجلة جديدة هي حلة الزيارة الأربعينية الميمونة لسيد الشهداء الذي فرض نفسه على الجميع احتراماً وتقديراً فكان عالمياً بعالمية الإسلام