ما جرى في البصرة الفيحاء يوم السبت الموافق 8 – ربيع2 – 1427هـ يؤشر بان النفس العراقي الاصيل لا زال ينبض بالشجاعة والعز وانه ما كان يوماً خامداً الا لاعطاء الفرصة لمن يراهنون على خيارات اخرى قد سجلت الاحداث لحد الان فشلها الذريع فضاقت على الناس ارض العراق بما رحبت من خيرات وثروات حباها الله بها دون غيرها من شعوب الارض ، حتى بات لها من المؤكد ان انفراجاً قريباً لا يلوح في الافق وان الامور تسير الى الخلف تاركاً امامها آلاف المشاكل والآلام فأخذت النفوس تتحسر على ابسط مقومات الحياة وتتأسف على ما وصلت اليه الامور من الصمت المخيف المخيّم على العقول خوف البطش من القتل أو الاعتقال او الاختطاف رجوعاً الى عهد النظام السابق وظروفه البائسة واساليبه الارهابية ، باختلاف بسيط هو تبدل بطل الموقف من صدام وازلامه الى الاحتلال وقواته ، ولسان حال الجماهير يقول بصوت خفي ( يا ليتني ما اتخذت فلاناً خليلاً ) لقد اضلني ( عن الذكر والفكر والموقف الصائب ) بعد اذ هداني الله .
وها هي ابناء البصر الفيحاء نفضوا عن انفسهم غبار التسويف والتخويف فعادوا الى رشد وعيهم وسلامة موقفهم واصابة هدفهم عندما واجهوا قوات الاحتلال البريطانية بشجاعة الفرسان وهمم الثوار ليصنعوا لانفسهم عزاً ويرفعوا عن تاريخهم ذلاً اريد لهم ان يلبسوا ثوبه تحت شعارات براقة لم يحصد منها شعبنا الا الرماد يُذر في عيونه ، فأذاقوها ذل الهزيمة وكسر الكبرياء واعلنوا صارخين بوجهها ومن يطبل لها بان شعباً ينتسب الى الحسين ( عليه السلام ) والى عمر بن الخطاب لن تموت ارادته مهما كانت الضغوط وان يوماً على الظالم اشد من يومه على المظلوم ، وان المطالب لا تؤخذ بالتمني والتصريح وان الكرامة المهدورة لا يغسل عارها الا الدم ينزف على طريق تحرير الانسان اولاً من أسر ممثليه والارض ثانياً من ذل مستعمريه .
ان الدلالات التي اعطتها هذه المواجهات تسجل على شكل :
أولاً : انها اعادت لأذهان الساسة البريطانيين قبل غيرهم صور ثورة اجدادهم في العشرين من القرن الماضي والتي لا زالت بريطانيا التي كانت لا تغيب عن مستعمراتها الشمس تذكرها جيداً وتحاول منذ تلك الايام والى الآن ان تطوع ارادة الشعب كي لا تثور عليها من جديد ، فكان عليها ان تعيد حساباتها وتغير من طريقة تعاملها باحترامها ابناء البصرة وصيانة كراماتهم وخياراتهم .
ثانياً : انها وجهت رسالة تصحيح واضحة لكل من يتبجح بان المقاومة كانت ولا زالت سنية كما تصرح به بعض الفضائيات المأجورة والعربية وان الصمت الشيعي هو الممكّن للاحتلال من ان يتحرك بحرية داخل العراق ، ومن اجل ذلك استهدف ابناء الشيعة وقتلوا بدعوى – العمالة – والآن بل وقبل الآن تأكد ان ابناء علي وفاطمة والحسن والحسين ما كانوا الا مقاومين ولكن بطرقهم الخاصة واساليبهم الواضحة ، وان احترامهم لقادتهم الدينيين والتزامهم إطاعتهم هو ما جمد حركتهم الى حين .
ثالثاً : انه لا امن لقوات الاحتلال كما لم توفر الامن هي لابناء الشعب انطلاقاً من مقولة ( كلما تقصر فانت مدان .
رابعاً : ان التغييب الاعلامي عن هذه الاحداث يبين بشكل واضح المأزق التي وقعت فيه قوات الاحتلال ، فأخذت تحاول من خلال نفوذها على أجهزة الاعلام الحيلولة دون عرض هذه الاحداث وتغطيتها بشكل جيد لتعكس حالة التذمر التي عليها الشعب العراقي لما آلت اليه الامور ، وتشير أصابع الاتهام الشعبية الى قوات الاحتلال .
10 – ربيع الثاني – 1427هـ