صدام عبرة

ما يحصل الآن على الساحة السياسية السودانية، والمواجهة التي وصلت الى أعلى درجاتها ما بين الرئيس السوداني والمجتمع الدولي التي تديره أمريكا كيفما شاءت وإنى شاءت، تذكرنا جميعاً بتلك التي حصلت في مواجهة نظام صدام، وتلك الإدارة تحت عناوين، الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وإرتكاب جرائم حرب، وضد الإنسانية، وأي تهمة قالتها الإدارة الأمريكية فأنها تقنن بسرعة وتوجه كإدانة لمن تريد إدانته، وقد وصلت نتيجة صدام الى ما وصلت إليه بعد إدارة شؤون الأزمة بإتقان من قبل امريكا مدعومة بالمجتمع الدولي وليس هو إلا مجتمع إمريكا تنصيباً وإدارة.

إلا أن الملفت للنظر والمثير للسخرية والإستغراب إن الرئيس السوداني لم يتعظ من تلك الصور ولم يستعد لمواجهتها بحكمة وكياسة، بل عكست صورة الإعلام خرقه وتزقه كالذي شاهدناه لصدام، في طغيان التصرف والإستخفاف بالمجتمع الذي تقوده أمريكا، وعدم المبالاة للقرارات الدولية، وهو لا يملك وسائل وأدوات تؤهله للمواجهة أو تعطيه فرصة الإستخفاف واللامبالاة، وكانت تصرفاته تابعة من إفرازات نفسية، وردود فعل عشوائية لا تخضع لظابطة ولا توجه يعقل. وبالتالي سيكون السيناريو هو نفسه مع إختلاف المواقف قليلاً والنتيجة هي النتيجة.

 من ترويضه بعد الإستخفاف وإرضاخه بعد القبول حتى إذا قبل دفعه ضعفه الى أزمة جديدة أعمق من السابقة واوسع وهو في ضعفه الجديد فيأخذ بالتنازل مع الإحتفاظ بشيء من ماء الوجه. ثم يستمر الحال الى أن تهيء الضروف الموضوعية لاسقاطه، ومحاكمته وإنهاء تجرؤه عليهم.

ولو أخذ العبرة من سابقه صدام لإحسن أداء اللعبة وإدارة الأزمة، وأن التنازل بلا مقابل إضعاف لموقفه وتقوية لمواجهه، وأما لو اصر على المقابل وألح على تحصيله فأن تراجعه سوف يقف، واداءه سوف يتبدل، وحسناً فعلت كوريا الشمالية عندما أوقفت تفكيك برنامجها النووي بعد أن وجدت أن وعود الطرف الآخر كاذبة وتصريحاته جوفاء    غايتها كسب الوقت وإستنزاف إرادة الطرف الآخر.

كما أن الإتكال على بعض الدول العظمى كعامل ممانعة لم يجد نفعاً كما حصل في العراق حينما مانعة فرنسا، وروسيا خوض أمريكا الشرعية في أسقاط النظام وأن تجاوزت مجلس الأمن ولم تحصل منه على أي تفويض بذلك.

إذ سرعان ما ستدرك هذه الدول أن مصالحها مهددة وأن وقوفها قد يكون منشأ أزمة حادة مع أمريكا، أو ضياع فرصة للإشتراك في الغنيمة، فيتبدل لا محالة.

وفي النص القرآني (وتلك الأيام نداولها بين الناس) ، فيه إشارة الى أن منشأ الإستبداد متداول على نفس النتيجة من الإنهيار والإنقبار