عندما خرج الإمام ثائراً على الأمة كانت تعاني من عدة أمور: 1.من الناحية الإجتماعية –كان الفساد والرشوة والغش والظلم وعدم إعطاء صاحب الحق حقه، مستشرياً. 2.من الناحية الأمنية لم يكن الفرد بأمن على عرضه وماله ولم يُحاسب المجرم على جرمه. 3. من الناحية الإقتصادية –كان هناك عدد من الإحتكاريين لهم السيطرة التامة على الصادرات والواردات ويتلاعبون في المقدرات المعاشية للناس. 4. من الناحية الأخلاقية الدينية فإن تحريم ما أحل الله وتحليل ما حُرم هو الظاهر بينهم . فإن هذه الإمور كلها دوافع لحدوث ثورة الإمام والآن ألم تكن هذه الإمور موجودة في مجتمعنا اليوم بل وأزيد من ذلك وأزيد من ذلك فلماذا لم تتصدَ الأمة الإسلامية ، أو أي فرد من زعماء الأحزاب الوطنية أو الأحزاب الإنسانية أو الأحزاب الداعية للحرية أو الأحزاب الإسلامية أو المنظمات الإسلامية أو رجال الدين وعند خروج شحض ما يطلب الإصلاح ويسعى له لايمدون يد العون له أو تأييده ومناصرته ، ماهي الأسباب التي تدعوهم للسكوت؟ ألم يكن فعل المعصوم حجة على العباد في هذا الأمر والأمة مرتهنة في أعناق هؤلاء. |
بسمه تعالى لابد من الإشارة بأن الحسين عليه السلام يملك من القدرات والمؤهلات ما لا يملكه غيره إلا المعصومون (عليهم السلام) وهذا واضح للموالي . والحسينعليه السلام قد حدد الهدف وذكر آليات الوصول إليه ، وحاول الوصول إلى الإسوة الحسنة المتمثلة بجده رسول اللهe وأبيه عليعليه السلام . فقد حدد الهدف بقولهعليه السلام ((وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله e وأوضح ألياته بقوله((أريد أن أمر بالمعروف وأنهي عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي)). فهوعليه السلام لم يخرج لغرض دنيوي ولا لهدف شخصي ولذا سبق قوله السابق قولهعليه السلام ((إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً)). والحسينعليه السلام وبحكم كونه أفضل أهل زمانه وأعلمهم وأقدرهم على تشخيص الداء والدواء وأبعدهم نظراً وأعمقهم فهماً وقرآءة للواقع بحيث يُجزم بأن ما يقرأة ينطبق تمام الإنطباق على ما سيحصل من أمور ووقائع إلا إذا كان مورداً للبداء ومن هنا كانت أقواله وأقوال المعصومين (حجة) يلتزم الشيعة بالتعبد فيها وعدم مخالفتها وهذا بخلاف غير المعصوم فإنه مهما أوتي من قوة ذهنية وقدرة عقلية لايمكن الجزم بأن تصوراته وقراءته للمستقبل ستنطبق على ما ستؤول إليه الوقائع والأمور ، فكانت على الدوام أفكارهم عرضة للتغيير والتطور والتبدل . وإذا لم تنطبق هذه التصورات فإن إحتمال الخطأ وعدم تحقيق الهدف موجود, وهو يعيق أو يعرقل صاحبه ، فيأخذه التردد وينتابه الخوف أو الجبن ، خصوصاً في موارد قد تتطلب المواجهة وإستخدام القوة-بمختلف أشكالها كالقوة العسكرية أو المالية أو الكلامية الإقناعية المعبر عنها بالخطاب السياسي أو الإصلاحي. إذا عرفت ذلك أمكن أن تجعل ما ذكر منطلقاً لأسباب التقاعس أو السكوت وعدم التحرك بإتجاه تغيير الوضع القائم. السبب الرئيسي-عدم وضوح الهدف وضوحاً تاماً عند المعظم وغالباً ما يكون ملتبساً نوع إلتباس يجعل صاحبه غير مقتنع بإمكانية تحقيقه من عدمه فيجره هذا التردد إلى إيجاد التبريرات الكثيرة لإقناع نفسه بعدم ضرورة التحرك في الوقت الحاضر أو عدم جدواه. السبب الثاني-ضيق الأهداف من حيث الزمان وإنها إذا لم تحصل بهذا التحرك فعلى الأقل سيفتح هذا التحرك المجال لآخرين لإرتكابه والإستمرار عليه ، لأنه يمثل خرقاً لسياق عام قد يكون التقاطع معه أمراً غير مرغوب ولا مألوف مما يوقع صاحبه في دائرة النقد من قبل الآخرين والتشويش عليه إذا كان هو المتحرك الأول ، فقد فتح الحسين الباب على مصراعيه للثوار بعد أن تحمل مسؤولية الخطورة الأولى. والأعم الأغلب ممن يتحركون يريدون النتائج حاصلة ومقطوعة من قبلهم ليشعروا بلذة النجاح ونشوة النصر ولم يلتفتوا إلى أن التوفيق بيد الله وحصول النتائج موكول إليه وما على الإنسان إلا السعي. السبب الثالث-عدم وضوح الهدف من حيث الإخلاص ، فظاهر الدعوى أنه خالص وغير مشوب بغاية شخصية وهدف ذاتي ، وباطنه غير ذلك وصاحبه يخاف من إنكشاف أمره وذهاب مصداقيته فيما يتعرض لطارىء يكشف زيف ما يدعيه وكذب ما يرومه ، وهذا معيق له عن التحرك والسعي والإستمرار. السبب الرابع –وهو الأهم على الإطلاق- هو المعادلة الخاطئة التي يضعها أصحاب الدعوى وطلاب التغيير الا وهي الحسابات المادية الصرفة بعيداً عن رب الأرباب ومسبب الأسباب فهو جلت قدرته غائب عن معادلتهم بعيد عن حساباتهم فيقعون في خطأ الحساب والإبتعاد عن طلب الصواب ، ولو إلتجأوا إليه لطلب العون والإمداد ونصروه في دينه لنصرهم ، وهو القائل((إن تنصروا الله ينصركم)). وهو لا يخلف الميعاد وتلك سنة ثابتة لا تغيير ولا تبديل لها ، بل حتى الذين يضعون في معادلتهم إمداده ونصره إلا أن تعلقهم بالإمور المادية والحسابات الدنيوية يجعلهم غافلين أحياناً عن عونه ونصره فيترددوا في السعي والإقدام.السبب الخامس- إختلاف الفهم في طريقة التعامل مع الواقع فمن يرى الوصول إلى السلطة والقوة تمكنه من إحداث التغيير المطلوب والسعي في إصلاح الواقع الفاسد ، ويدعي لنفسه أن ما يحصل من إمور خاطئة ومفاسد أمور وقتية ستزول حال الوصول إلى السلطة وأخذ موقع فيها وهذا ما سمعته من بعض روؤساء الأحزاب الإسلامية ولا أريد ذكر إسمه.ومن يرى أن طريق الإصلاح ليس بالضرورة موقوفاً على إستلام السلطة وملك أسباب القوة والإلتزام ، بل الطريق مفتوح بحسب المكنة والقدرة ، ولا يتقيد بالحصول على السلطة فإن جاءت كانت خير معين وإن لم تجيء لم تشكل عائقاً للمسير.وهذا هو الواضح- تأسياً بالمعصومين (عليهم السلام) أولا- وبُعد إشتراط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي هو آلية الإصلاح-بالسلطة. ثانياً يرشدك إلى هذا كلام الحسين عليه السلامالمتقدم –فهم لم يكن خليفة المسلمين آنذاك ومع ذلك قال (وأمر بالمعروف وأنهي عن المنكر) 13/صفر/1425هـ |