وفقاً للقانون الدولي الآن ، لا يمكن تصور اليماني وهو خارج من بلاد اليمن ، إذ لا يمكن لأي قوة في الوقت الراهن أن تقطع مسافات هائلة وتأتي لتحتل بلداً آخر ، ما لم يكن قد أخذت الضوء الأخضر مسبقاً لغزو هذا البلد . وقد رأينا أن أمريكا مع ما لها من سلطة وهيمنة ، قد احتلت العراق ضمن الإطار الدولي وسلطة مجلس الأمن ، ومن هنا لا يمكن تصور حركة وفي وقت قصير جداً أن تقوم بإسقاط نظام حاكم في اليمن ومن ثم تتحرك نحو العراق مجتازةً بلدان الخليج من اجل نصرة الإمام المهدي ) عجل الله فرجه الشريف ( . ولذا فانه من المرجح أن يكون اليماني صاحب حركة داخل العراق تتصف باليُمن والبركة ، ولهذا عبّرت عنه الروايات باليماني . هذا من جهة . أما من جهة أخرى فانه قد ورد عن الإمام جعفر بن محمد ) عليه السلام ( رواية يذكر فيها السفياني والخراساني وذكر اليماني فقال : ) وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرّم بيع السلاح على الناس وفي رواية ) وكلهم مسلم ( وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فان رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ( الغيبة للنعماني ص256 . فقيل كأطروحة أن هذه الصفات تنطبق على السيد الشهيد الصدر الثاني ) قدس سره ( لعدة أمور منها : – 1- كون الرواية تدل على أن اليماني عالم مجتهد بدليل تحريمه السلاح على الناس . 2- أن له شعبية واسعة بين أوساط المجتمع بدليل تسليم الناس له إذا قرأنا كلمة ) مسلم ( الواردة في الرواية بالتشديد فإذا قلتم أن السيد الشهيد ) قدس سره ( لم يحرّم السلاح على الناس قالوا : أن معنى ذلك أن يحرّم الانتماء إلى الحركات والأحزاب الإسلامية وقد فعل ذلك السيد الشهيد الصدر . 3- أن الإمام ) عجل الله فرجه الشريف ( وصف اليماني بقوله : ) ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه … لأنه يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ( وهذا ما ينطبق على السيد الشهيد ) قدس سره ( إذ أعلن ولايته على المسلمين ولم يجوّز تقليد غيره . 4- لا يوجد في الساحة الآن مجتهد جامع لكل هذه الصفات ، خصوصاً وإننا في عصر الظهور إذ ربما لا تسنح الفرصة لأحد من المجتهدين الآن أن يجمع كل هذه الصفات . ولذا قيل أن السيد الشهيد الصدر هو اليماني . فما هو رأي سماحتكم في اليماني . وما هو ردكم على كل هذه التصوّرات ؟ |
بسمه تعالى : – الصحيح الذي اعتقده أن اليماني بهذه الصفات المذكورة عنوان عام قابل للانطباق على كثيرين متعاصرين أو غير متعاصرين ، وهذا المعنى ليس بعزيز في لسان الشارع فقد جعل الولاية للفقيه بعنوان عام ذكرتها بعض المرويات مثل المكاتبة المشهورة – وأما الحوادث الواقعة …… ، وقوله أما من الفقهاء من كان صائناً لنفسه حافظاً لدينه …… فلا يقال أنها تنطبق على شخص بعينه ، بل هو جعل على نحو القضية الحقيقية المنطقية صالح للانطباق على عديدين – فليكن اليماني مثله – أي صالح للانطباق على كثيرين وليس من الضروري انطباقه على شخص بعينه خصوصاً إذا فهمنا أن رايته هي راية هدى فكل من يحمل راية هداية – يمثل اليماني ولا بأس بذلك ، ويؤيده بقاء ميزان التنافس بين الخلق للوصول إلى درجات عالية من التكامل سارياً وشاملاً فيعتقد كل مخلص وداعي إلى الحق نفسه يمانياً ويبقى المصداق الحقيقي معلوماً عند الله والإمام . وما ذكره السائل واعتقاده بانطباقها على السيد الشهيد المقدس ) قدس سره ( لا يمنع من انطباقه على غيره إذ لا دلالة فيها على الاختصاص ، وسد الباب أمام الآخرين من علماء الشيعة في الحصول على مراتب جليلة . فالأمر الأول : – عام وشامل وينطبق على عديدين ، والثاني كذلك فكثير من العلماء يُسلم له خلق كبير ويقر لهم بالأعلمية والألمعية ، كالسيد الخميني ) قدس سره ( . والأمر الثالث :- لم نسمع بتحريمه الانتماء إلى الأحزاب الإسلامية ، بل يظهر من آخر أيام حياته المباركة والتقائه بوفود من الفيلق ، والمجلس الأعلى انه لم يحرمه ، بل صمم وعزم على إرسال وفداً في أثناء الانتفاضة الشعبانية ايران للقاء السيد محمد باقر الحكيم لحثه على استغلال الانتفاضة وتوسيعها وديمومتها . فكيف يحرم الانتماء ؟ على أن السيد بشهادة أهل الخبرة في زمانه كان الأعلم ، فكيف يحرم مما لا دليل على الحرمة كما نفهم . والأمر الرابع : كذلك ينطبق على آخرين لا اقل السيد الخميني ) قدس سره ( . والاعتراض انه ليس بعربي أو يماني غير سديد لان الصفة ) اليماني ( ليست نسبة إلى اليمن بل إلى اليُمن والبركة وألا لقال يَمني لا يماني . والأمر الخامس – الرابع عند السائل – هذا موكول لعلم الله . وقد سمعت من السيد الشهيد في مبحث صلاة الجمعة أو غيره من البحوث – ما معناه أن الحياة لم تتوقف بعد السيد الشهيد بل تستمر والحوزة تستمر ، وللبيت رب يحميه وغيرها من الكلمات التي لا يراد منها إلا بيان أهمية الدين والانتصار له لا للسيد الشهيد نفسه ، وقد قالها في احد خطب الجمعة ، وكأنه ) قدس سره ( كان يعلم بان الكثيرين بعده سيقفون عند حد السيد الصدر وهو ما لا يريده . |