فتوى القرضاوي

أفتى سماحة الشيخ القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بجواز مصافحة الرجال الأجانب للنساء عند الضرورة ، وقد أخفى ذلك لسنين ، خشية أن يشوش الناس عليّه  ، وقد شرط  في فتواه بالجواز شرطين

     الاول الضرورة .. والثاني حال أمنت الفتنه – وقد ضرب مثلا تعرضه للحرج عند ذهابه الى سكناه في مصروتستقبله النساء من بنات العم ، والخال والجارات فيمد يده اليهن بعد ان يمدن ايديهن اليه عند السلام – معللاً ليس من اللائق رد يد الجارة الممدودة يدها للسلام .

           ثم إستطرد في كلامه .. وهو يشدد على ضرورة تحلي العلماء بالشجاعة في إختيار الرأي الذين يقتنعون بصحته ، والشجاعة الأدبية في إعلان الرأي للناس .

     ومن جهتنا فإننا نسأل جناب الشيخ – هل هذه الفتوى جاءت كأقرار لما تمارسه من المصافحة مع القريبات دفعاً لما تسميه أنه من غير اللائق رد يد الجارة الممدودة للسلام .

    وإذ لم نطلع على ما أستند عليه من دليل ، إلا أن من الواضح تضمين دليله ما كان يمارسه من المصافحة مع القريبات بدعوى الضرورة .. مع إننا لا نرى من ضرورة  تلجئه الى تجويز ما هو جائز – إذ الضرورة إما من الضرر أو من الحاجة – فإن كانت من الضرر فلا ضرر في أن لا يصافح ممن تمد يدها إليه لعدم تعين السلام والترحيب بهذا السلوك ما بين الجنسين ، بعد إن كانت العادة جارية بين الجنسين من أبناء الإسلام بالترحيب والسلام بكلمات السلام والترحيب المتعارفة لغة وعرفاً دون مد اليد، ولما إستفحلت العادة الجارية بين غير المسلمين وأصبح عرفاً عالمياً لا بد أن يجد له طريقاً للممارسة في البلدان الإسلامية ، مع إن المفروض المحافظة على روح التكاليف الشرعية وصيانتها من النزول الى مستوى الواقع الإجتماعي ، بدلاً من رفع الواقع الإجتماعي الى مستوى الإلتزام بالتكاليف الشرعية .

    وإن كان من الحاجة ، فأية حاجه تدعوه الى التجويز .

   ويبقى علينا تحليل الشرط الثاني .. الأمن من الفتنة

     ونحن نقول أن الأمن من الفتنة هل هو أمر قصدي أو أمر واقعي؟ فإن كان قصدياً فمعناه الحرمة مع القصد وعدمها مع عدم القصد ، وبالتالي فالتكليف يدور مدار القصد وعدمه وهو غير معقول . وإن كان واقعياً فهو موجود وحينئذ لا معنى للقول بالأمن من الفتنة لانه تكليف بغير المقدور ولندخل بشيء من التفصيل في ما يتعلق بالحس المشترك ، الذي هو بمنزلة الوعاء الذي  يصب قنوات الحس من النظر والسمع والذوق والشم واللمس وكلما كانت هذه القنوات غير نظيفة كان ما يلقى في الحس المشترك هو ذلك ، فالنظرة والمسة غير مؤثرة فيه لا محالة وإن كانت مأمونة  كما يدعى ، والنتيجة أن هذا الإنسان يصاب بإمراض روحية تعرقل تصاعده الإيماني وتكامله في سلم الرقي نحو الله خذ لذلك مثلاً أن الذي يأكل أكلاً فاسداً وهو غير قاصد لاكله لانه لا يعلم ، من الواضح أنه يؤثر فيه شاء أم لم يشأ . وكذا من نظر الى أمرأة جميلة ، أو شم رائحة نتنة أو سمع صوتاً محرماً أو .. فأنها قنوات تصب في حسه المشترك وبالتالي فلا يصح محلاً لنزول البركات والفيوضات .    

                                                                                                           12جمادي1 /1430هـ