ان عامل الزمن من أهم العوامل في كشف الحقائق وازاحة الستار عن وجه الحقيقة ، ولقد قلت في مناسبات سابقة قبل اكثر من ثلاث سنوات ، ان مسألة اغتيال السيد محمد باقر الحكيم وعقيلة الهاشمي وغيرهم ممن يمثلون رموزاً عراقية لطائفة كبيرة قد يكون فاتحة مواجهة كبيرة وشرسة مع الرموز الوطنية ومن يتبنى العملية السياسية بهمة عالية من خلال ما تعلن عنه الادارة الامريكية في اعلانها وتصريحات ساستها التي تخفي وراءها وجه الحقيقة ، الحقيقة القائلة ان المغازلة الامريكية للجانب الشيعي كان اجراءً مؤقتاً أملته الظروف على ادارة بوش ، ما ان تتغير الظروف وتتبدل الحقائق على الارض حتى يسفر عن وجه الحقيقة التي يعرفها الكل وان الادارة الامريكية والطائفة الشيعية في العراق خطان لا يلتقيان ، وان احدهما مناقض للاخر . وها نحن نشهد تجرؤ القوات الامريكية في اعتقال واحتجاز بعض الساسة والرموز الدينية بلا أي احترام لجملة اعتبارات وللإجراءات القانونية وتجاوزاً على كل الاعراف المعمول بها دولياً والمقررة في الدستور الدائم الذي أقر من قبل المعظم . وهذا ما يؤكد قراءتنا السابقة وان هذه العلاقة الطارئة سرعان ما تذهب وها هي في بداية ذهابها مما يوقع السياسيين في اعادة الحسابات وتبديل المواقف ، وعنونة التصريحات باتجاه مصطلحات واقعية غير خاضعة لاساليب دبلوماسية او اعتبارات سياسية كما هو الملاحظ في هذا الاطار .ان فترة المغازلة السابقة قد وضعت في اختبار حقيقي بعد هذه الحادثة التي اشرت ان السياسيين العراقيين عموماً ومن له علاقات تاريخية وارتباطات عقائدية مع دول الجوار خصوصاً في طريق مسدود وتجربة خاسرة قد تكون اعادة حسابات مواجهة الموقف وترتيب الاوراق اصعب بكثير مما ينبغي عمله سابقاً وقد تعصف بالحياة السياسية للكثيرين منهم . وان اتخاذ الاجراءات الوقائية ، والتحصينات السياسية بات امراً ضرورياً وملزماً وان كان متأخراً لان قطار التغيير الامريكي سيمر عبر كل البوابات التي اتعبت نفسها في اتمام العملية السياسية ظناً منهم بان الادارة الامريكية ستفي بوعدها او بوعودها لارساء قواعد الديمقراطية المزعومة في العراق وانشاء بلد متحضر يكون نموذجاً للشرق الاوسط الكبير . وقد تذكرني هذه الحالة وغيرها مما كان مقروءً لديّ بفكره طالما راودت مخيلتي وهي ان مصاديق الايات القرآنية التي تخبر عن حالات يوم القيامة هي ما تتحقق في الدنيا قبل الاخرة لتكون شاهد صدق عن هذه الحقائق اخروياً ، ومن هذه الحقائق – الندامة على اتخاذ بعض الاخلاء – يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا )) الفرقان : 28- 29 . والذكر هنا صرخات الكثيرين ممن كانوا يقرأون على بعد التماساً للخير لاخوانهم ممن شارك في العملية السياسية المؤمول منها ان يكون بارادة عراقية مستقلة عن أي تأثير من قبل قوات الاحتلال وارادة بوش . وها قد تذكرتم ما قلت لكم فيما سبق .
وستذكرون ما اقول لكم .
6- صفر – 1428هـ