قال استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الازهر ان تعدد الزوجات ليس من الاسلام، مفجرا بذلك مفاجأة من العيار الثقيل واشار الدكتور احمد عبد الرحيم السايح الى ان نظرة المسلمين الدونية للمرأة جعلتهم يقومون بجمع الحكايات والاساطير والاعراف ويضيفونها الى الاسلام.
واضاف السايح في تصريحاته لصحيفة (المصري اليوم) من صفات المولى عز وجل (العدل)ومن العدل الالهي انه سبحانه اذا اباح للرجل تعدد الزواجات يبيح للمراة ايضا تعدد الازواج واكد السايح بحسب موقع افاق ان كل الايات القرانية التي جاءت في هذا الاطار لم تبح تعدد الزوجات على اطلاقه وانما ربطته فقط بامهات اليتامى والمطلقات ومنها قول المولى عز وجل (وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء)(3النساء) مشيرا الى ان المولى عز وجل بدا الاية بـ (ان) الشرطية وهو ما يعني عدم اباحة تعدد الزوجات على اطلاقة خاصة من الفتيات البكر كذلك قوله تعلى ((ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء)) (127النساء).
تعليق سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله) على الموضوع
يبدو ان مصر العربية دولة الازهر الشريف اصبحت مدافعة عن حقوق المراة وفق اطار تراه شرعيا بعد ان رفعت الاطر الشرعية المتفق عليها والمجمع على العمل بها بغض النظر عن الاختلافات الجزئية في طريقة الاستنباط، والتي منبعها الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة.
ولكن بعض المتفيقهين من رجال الدين في مصر. وبعد زوبعة ارضاع الكبير التي تراجع صاحبها عنها، وبينا فسادها بلا مجال للشك والتردد فيه، ظهر لنا الاستاذ الفاضل السايح متباكيا على المرأة ومنحازا لحقوقها اكثر من مناصرة خالقها لها، وحاول ان يعلك نفس العلك الذي يمضغه اعداء الاسلام الا وهو الزواج بالاربعة.
وقبل البدء ببيان فساد دعواه، نذكر مختصرا ـ ان الاحكام الشرعية في غير العبادات ليست ملزمة بقدر ما هي ملزمة اذا كان اوقعها الفرد والتزم بها، واما قبل ذلك فهي على ما هي عليه بالنسبة له. كالبيع مثلا، فلا يكون الانسان ملزما به الا بعد ايقاعه والالتزام به واما قبل ذلك فلا ومثل هذه الاحكام هي لانتظام امور المعاش بالنسبة للعباد، فان خالق العباد هو الاعلم مطلقا على وضع نظام اجتماعي ينظم به معاشهم، واما غيره فلا يقدر على نظم امورهم لقصوره وتقصيره وعدم احاطته, فهو يتعلم من خلال تجاربه ويستفيد من خلال عمله.
ومثل الزواج بالاربع وضعه الشارع لعلاج حالات معينة لحكم ومصالح يرتضيها الطبع وتميل اليها الفطرة ويقبلها العقل ولكنها غير ملزمة للفرد الا اذا التزم بها، كما انه يغطي حاجات بعض النفوس التي لقوتها الشهوية نسبة عالية قد لا تغطيها امراة واحدة وهم الشارع من هذا التشريع على ما نفهم هو ضبط ايقاع الشهوة الجنسية وتقييدها كي لا تنفلت وبانفلاتها يعم الفساد والخراب والدمار. والمكابر فيه اعور العين، صميم الاذنين، وها هي بعض الشعوب تحاول صيانة اعرافها وتقاليدها وهويتها من اختراق افة الانفلات الجنسي لبلدانها وان لم تكن مسلمة الديانة ولنسأل الدكتور بالقول هل رات عينك او سمعت اذنك ان حيوانا قبل ان ينزو اخر على انثته ـ سيقول كلا، ونقول وما ذلك الا لان مسالة الاختصاص بالزوجة للزوج مسالة فطرية.
واما قولك بان التعدد ليس من الاسلام ـ فهو خلاف الضرورة التاريخية والشرعية التي عمل بها المسلمون منذ الصدر الاول والى الان .. ويكفي في شرعيتها ثبوت سيرة المصطفى وبعض الصحابة والصلحاء، من دون نكير من احد، فالقول بانه ليس من الاسلام كذب على الاسلام.
واما قولك الى ان نظرة المسلمين الدونية .. الخ، لا نجد تشريعا في امم الارض سواءا اكان ارضيا ام سماويا احترم المراة وجعلها في مستوى انسانيتها غير الاسلام. وها هي تواريخ الامم والشعوب امامك تعرف منها كيف ارتقى الاسلام بالمراة وقدر مكانتها ـ وما ذنب الاسلام لو كانت تصرفات المسلمين لا تتوافق مع الضوابط الشرعية والاعراف الاخلاقية فهل نوهن الاسلام او ننتقد المسلمين.
ومع ذلك فان نظرة بسيطة الى بعض التصرفات العرفية لا يمكن تفسيرها الا لمزيد حرمة المراة عند الرجل من المسلمين وان الحفاظ عليها وعدم المساس بها واجب يمليه عليه شرف الرجولة وتعظيم حرمة المراة.
واسالك ايهما اكثر حرمة وتقديرا عند الرجل الغربي الذي يترك امراته محطة للانظار وربما للاحضان ويتركها بداعي الحرية المزعومة تمارس ما يحلو لها، وترتكب ما يسيء الى رجولته ومكانته وانسانيته او عند الرجل الشرقي المسلم الذي لا يسمح بان تنال الرجال بنظرها زوجته فضلا عن مسها، وقد تدفعه غيرته للدفاع عنها بكل غال ونفيس، فهل هذا دونية لها او هو عزة وصيانة لها؟.
واما قولك, من العدل الالهي انه يبيح للمرأة ما اباحه للرجل.. وهذا قول من لا معرفة له بالفرق بين العدل والمساواة فقد تكون المساواة ظلما لاحد الطرفين وقد يكون العدل بان لا تساوي بين الطرفين، لانه اعطاء كل ذي حق حقه، وطبيعة الرجل وخصوصياته تمنع مساواته مع المرأة في تشريع كهذا وان من العدل ان يناسب التشريع طبيعة كل منهما, فناسب طبيعة الرجل تشريع الاربعة دون المراة, فهذا عدل، لانه وضع للشيء في موضعه واعطاء كل ذي حق حقه، وهو مساواة بمعنى ذلك وليس مساواة تساوي التشريع فيهما، وانا اسالك أتساوي بين الطالب المجد مثلا وغيره في الدرجة والتقييم، لانك في هذه الحالة مشرع لاعطاء الدرجة, فان ساويت فقد ظلمت وان عدلت فقد عدلت.
واما قولك ـ ان التزويج بالاربعة مربوط بامهات اليتامى فهو غير مطلق ..الخ
فانه مردود فان لا تنكحوا ليس هو الجزاء الحقيقي وانما سد مسد الجزاء الحقيقي، فاذا خفتم من عدم القسط بين اليتيمات فانكحوا نساءا غيرهن ـ وعليه مشهور المفسرين وان احتملت الاية وجوها اخرى.
هذا مضافا انه لا خصوصية لليتامى في هذا الحكم الا من جهة مناسبته للسياق للايات التي قبلها … (واتوا اليتامى اموالهم ولاتتبدلوا..الخ) الاية، وانما شرط التعدد هو القسط بين الزوجات، والا يكتفي بالواحدة.
بعبارة اصولية ان القيد (في اليتامى) ليس احترازيا لتقييد الحكم به , مع ان هذا التقييد مخالف للسيرة الجارية بين المسلمين فيما يتعلق بالتزويج باكثر من واحدة ولو كان قيدا لانعكس ذلك على ممارستهم لهذا التشريع.
ان هذه الفتاوى تتناغم مع ما كان النصارى يشنعون به على الاسلام واحكامه فهي دعوة قديمة بلباس جديد، هو ان لباسها من نفس المسلمين بل من علمائهم.
والغريب في الامر ان فضاء الحرية المزعومة التي ينادي بها الغرب ويتبعه بعض الانظمة بلا هدى تجري في الاحكام الشرعية، والالتزامات الالهية، واما لو جرت بما يمس النظام العام وبعض التشريعات الوضعية وممارسات السلطات التنفيذية الظالمة التي تتجاوز حتى حدود القوانين والدساتير المقررة عندهم فيعتبر تجاوزا على السلطة وحدودها. يعاقب مرتكبه باشد العقاب, وحينما يتجاوز على حدود الله واحكامه وشريعته فهو امر سائغ ومقبول.
وانبه علماء الازهر الشريف بان الله تعالى خولهم وجعلهم اولياء على احكامه وتشريعاته حيث امرهم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتكريس ولاية الله على احكامه خير من تكريس ولاية الحرية المزعومة ونشر الفساد في العباد والبلاد، وان احترامهم لاحكام الله يلازم احترامهم لبلدانهم ومستقبل شعوبهم.
ونعتقد ان هذه الاطلاقات متسلسلة ومبرمجة وستصل الى مستويات غير مقبولة حتى على مستوى العرف الساذج اذا لم تواجه بقوة البيان والبرهان لعلماء الاسلام، وتقع مسؤولية ذلك بالاساس على علماء الازهر الشريف والا سيصل مساسها الى تجويز الزواج بالمحارم ومن ثم الى الجنس المماثل كما هو الحال ببعض التشريعات الوضعية ببعض البلدان الغربية, وحينئذ سيقول علماء الاسلام (ياليتني قدمت لحياتي) الاية
18 ربيع الثاني /1430هـ