لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى

ليس خفياً ان تكون تصرفات الجيش الامريكي المحتل بهذه الوضاعة والتدني فان هذه الخصال ذاتية لجيش محتل وعرضيه لامة لا تملك من العمق التاريخي ما يحملها على احترام ثوابت الشعوب وقيمها الانسانية وثوابتها الاخلاقية ، فهي تندفع بفعل عقدة الانفصال عن الماضي وعنصر التشتت والتشرذم الذي تعيشه الى تخريب قيم الشعوب وثوابتها الدينية او الاخلاقية او العرقية لنصل الى نتيجة واحدة       ( كلنا في الهوى سوى ) ولا فضل لكم علينا بل نظنكم كاذبين على ما يعبر به لسان حالهم .

      وقد اخذت سياستهم في العراق اسلوب التدرج والمراقبة ، تتدرج في الاساءة الى الشعب عبر المساس بقيمه الاخلاقية والدينية ، ومن ثم تراقب ردود الفعل المتأتية من الشارع والسلطة عفواً(السطوة) فاذا ما وجدت انها باهتة كما هي كذلك في كل مرة انتقلت الى ما هو أسوأ واشد اهانة وإيلاماً بالجسد العراقي واكثر استخفافاً بالشعب وثوابته وقيمه يخبرك عن هذا الاجراء بهذا الاسلوب القاء نظرة سريعة على ما ارتكبته هذه القوات بحق الشعب العراقي ، فمن قتل عشوائي غير مبرر صاحبه رفع ادانة المرتكب من الجيش بقرار برايمر سيء الصيت ولم ينبس مجلس الحكم السابق ببنت شفه ولم تفعّل قضية ادانة او رفض هذا الاجراء من قبل مؤسسات الدولة ومنظماتها الانسانية ، فوجدت الادارة الامريكية ضالتها في ارتكاب الاسوأ فاخذت تدخل المساجد والحسينيات بلا استئذان مرتكبةً تجاوزاً واضحاً على حرمات هذه الاماكن المقدسة ، وتعدياً صارخاً على كرامة الشعب .

      ومن ثم الانتهاك لها من خلال قتل بعض العزل فيها كما حصل في مسجد بالفلوجة وبعض الحسينيات في بغداد .

      وتعدت اكثر بارتكابها جرائم يندى لها جبين الشرفاء في العالم في سجن ابو غريب فقابلناها بصمت كصمت القبور – كما عبر السيد الشهيد الصدر ( قدس سره ) ، ثم تمادت بمداهمة البيوت وسرقة اموال الناس ومصوغاتهم والاعتداء على اعراضهم وها هي جريمة الاغتصاب البشعة التي ارتكبتها ادارة المجتمع المتحضر كما يتمشدقون ولم نسمع لا من الداخل ولا من الخارج من يدين هذه الجريمة او لا اقل يستنكر خصوصاًً حكومتنا الموقرة ( الحبّابة ) وكأن هذه المسكينة وعائلتها من قوم آخرين قد اصيبوا بداء ما له من دواء فكان الاولى الهروب عنهم بعيداً كي لا تصيبنا نيران غضب قوات الاحتلال ..

      اين الخلل ؟ سؤال يفرض نفسه بقوة ما بال احدنا يقاتل عندما يمس شرفه وربما يقتل أو يُقتل لمجرد فعل بسيط لا يصل لحد جرم هؤلاء ، ونعجز عن ان ندين او نطالب بمحاكمة الجناة والقتلة ، كما هو حقنا الطبيعي الذي تقره القوانين الدولية وتلزمنا به اعرافنا الاجتماعية ومبادئنا الاخلاقية .

      ان العقدة تكمن في الاخلال بتوازن احدنا عندما توهم جاهلاً ان الاحتماء خلف مسميات بعيدة عن الوطن سيوفر له عاصماً من أمر هؤلاء فراح البعض يحتمي بموقعه من السلطة أو بمذهبه أو بعشيرته ، وتركنا الوطن يعلوه الطغاة بدباباتهم وتدوس على شرفه أرجلهم فكانت عاقبة أمرنا خسراً ، بل من الذين وصفهم القرآن المجيد الاخسرين اعمالاً ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) سورة الكهف ) .

      فحسبنا ان الاحتماء خلف هذه المسميات ستحفظ اشرافنا واعراضنا وكراماتنا ، وهيهات لتلك ان توفر لنا الحماية ، وضل سعينا حينما هرولنا خلف محاصصة بغيضة فككت عرى لحمتنا وترابط مجتمعنا ، فكانت حصناً للمحتل لا لنا ، وها هي النتيجة – نختمها بقول الشاعر :

 

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى              حتى تراق على جماجمه الدما