ماذا وراء بعثرة الوضع الأمني

1-  للحيلولة دون إستقرار الوضع ومن ثم وضع أسس التحول السياسي الصحيح النابع من إدارة الشعب .

2-  لخلق حالة توجس وخيفة من الفرقاء الآخرين مما يزعزع عامل الثقة ويرفع درجة الحذر من الآخر إلى الدرجة التي لا يثق بعدها بما يعلنه أو يفعله مما يخلق الأرضية المناسبة للتصفية والوقوع في مستنقع إستهداف الآخر تخلصاً من حالة الشك والإرتياب.

3-  لإلجاء الفرقاء السياسيين في زحمة التنافس مع الآخرين وفي ظرف ضياع الثقة وذهاب الاطمئنان النفسي من نوايا الآخر- إلى القوات المحتلة والإرتباط بها مع دفع فواتير الاستحقاق التي تطلبها القوات كمقابل للوقوف مع هذا الطرف ولو على حساب أمرين بل ثلاثة :-

أ‌-       على حساب المصلحة الوطنية.

ب‌-   على حساب مبادئ هذا التشكيل أو الحزب.

ج‌-   على حساب الثوابت العرفية العامة التي يؤمن بها الشعب وقد توسمها في هذا التشكيل .

4-  لوضع القوى السياسية في توازن من حيث الساحة الإجتماعية التأثيرية على مستقبل البلد وبالتالي عدم إمكان حسم المسألة لصالح أحدها في ظرف الإنتخابات مع وضع الكل في واقع قبول المحاصصة البغيضة التي تُكتف الحكومة من العمل بحرية وقوة متماسكة ، كما وتجعل من الصعوبة بمكان إقرار قرار أو إصدار أمر عام يخدم المصلحة الوطنية ما لم يوفر بعض المصلحة بهذا التكتل أو ذاك مما يؤدي في النهاية إلى عدم حسم جملة من القضايا المصيرية أو الإنفلات من الدستور وإستفراد رئيس السلطة بقرار مستعجل قد لا تصب آثاره في مصلحة الشعب .

5-  إنشاء كيانات وكتل سياسية وزجها بالساحة ودعمها مادياً و إعلامياً لتقف أمام وفي مقابل كتل كبيرة كان لها تاريخ طويل في العمل السياسي وإن تأثير الجديدة موازي لتأثير القديمة في دائرة القرار وإلغاء كل الإمتيازات للقديمة التي  ضمها  تاريخها الطويل وتضحياتها الجسيمة ، وإذا خسرت هذا التاريخ فقدت رصيدها الجماهيري التي كانت تراهن على كسب الجولة السياسية والتحول إلى حالة عامة تسيطر على ضبط المشاعر وحركة الجماهير.

6-  تخويف هذه الكيانات وخلق حالة من الرعب والخوف لديها يضطرها إلى التراجع عن إتخاذ أي قرار يجدول للإحتلال أو يضبط حركته داخل العراق أو يلزمه بالوفاء بالإلتزاماته الدولية والقانونية وليت الأمر يقف على حد التخويف بل قد يتحول إلى حالة تحدي كبير للإسقرار في داخل البلد بل و المنطقة إذا ما تجرأت الحكومة المشكلة من إتخاذ  قرار من هذا القبيل و أداء مثل هذا الأمر إلى فشلها وسقوطها في نظر الجماهير أمر وارد.

          كما وأن رضائها ببقاء القوات والتسليم لمقولة التخويف يسقطها أيضاً من نظر الناس الذين إنتخبوها وأوصلوها إلى  كرسي السلطة .

7-  إحراج الحكومة من أن تفعل برنامجها السياسي والإقتصادي و التنموي لترى الجماهير منها الإخلاص والجدية والنجاح في عملها هذا ما لا تريده الجهة التي تقف خلف هذا الوضع ، مما يعطي طابعاً أن شبح الفشل لأية حكومة قائمة لا زال مستمراً وأمراً وارداً فيما لو فكرت هذه الحكومة أن تخرج من الإطار الذي يُراد لها أن توجد فيه.

8-  المنة على الحكومة وتذكيرها على الدوام بأن الحاجة قائمة لقوات الإحتلال وضرورة بقائها وأن الوضع بهذا الخطر لا تقوى عليه الحكومة ولا تملك وسائل مواجهته أو ضبطه ، وإن حسمه وتغييره بيد القوات المحتلة وإن الحاجة إليها قائمة و الحاجة تعني التبعية و الإستنجاد و…………….

9-  تأجيل عمليات إعمار العراق وتأخير وصول المساعدات له في هذا الصدد مما يعني تجميدها أو جعلها بيد قوات الإحتلال أو جهة أجنبية آخرى وخلق حالة قلق لتوجيه أية حكومة تريد السعي في هذا الإتجاه وتقدم ما يمكنها من مشاركات بإعمار البلد ، وتراجعها عما تنويه مما يخلي الساحة العراقية للدول التي لها قوات إحتلال في العراق  سيدة الموقف وصاحبة القرار في مشاريع الإعمار وتوجيه العقود وتوزيع العطاءات وستكون أكبر مشاركة لشركات هذه الدول بالأساس .

10- تقييد الحكومة في مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية ، لأن إتخاذ أي موقف قد ينعكس سلباً على الوضع الأمني مما يضعف الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة في القضايا العالمية وستفقد وزنها في تقرير مصير بعض القضايا ويقل شأنها من حيث معالجة جملة من الأمور الدولية ، وفي  مثل هذا الوضع ستخضع مواقفها لإدارة الدول المحتلة .

11- خلق حالة من الخوف الذي سيتملك النفوس ويكفكفها عن القيام بالمظاهرات الإحتجاجية أو التجمعات أو الإعتصامات للمطالبة بحقها وحقوقها أو رفع حيف بعض القرارات عليها ، إذ هي بين نارين نار الإرهاب الذي من المحتمل أن يستهدف حياتها ونار الرضوخ للقرار المجحف أو الغض عن المطالبة بالحق المهتضم ، والثاني أقل الشرين وأخف الضررين وهذا ما يُراد ، مما يضع الشعب في حالة ركوع وخضوع تقتل همته وتضعف إرادته في أن يعبر عما يريد .

      وهذه التجمعات مخيفة للآخرين لأنها تمثل حالة تلاحم وتواصل جماهيري وإرتباط إرادي عام نحو مطلب واحد ومن ثم إعادة النسيج الإجتماعي الذي يُراد تفكيكه من خلال الإنفلات الأمني .

12- مواجهة حالات التجمع والإجتماع التي قد تُثار من خلالها بعض القضايا وتتناول بعض المواضيع الحساسة مما يخلق عندها حالة وعي لما يدور حولها ويؤسس لثقافة سياسية  تدرك المصالح وكيفية تحقيقها وتفهم المفاسد وكيفية تلافيها ، ومثل هذا الوضع يعرقل المشروع الذي يُراد إمراره على العراق بكل تأكيد لأنه يعتمد على قلة وعي الشعب وتدني ثقافته السياسية.

13- تقليل التواصل الإجتماعي بين الأسر والعوائل وأفراد القبيلة أو العشيرة مما يفكك الأواصر التي تلحمها شيئاً فشيئاً لإهتمام كل منهم بشؤونهم الخاصة وتدبير أحواله الشخصية وأنه لا مجال للتواصل مع الآقرباء بل وحتى الأصدقاء .

        ويتصل هذا الإجراء بتعطيل وسائل الإتصال أو ضربها أو عدم تحسينها ، كما حال وسائل المواصلات  وخلق أزمات المشتقات النفطية .

        وقد تُربط جميعها بالكهرباء الذي ينعكس على المشتقات النفطية وهي على الوسائل  المواصلاتية  فيُنقطع التواصل وتقل الصلة لصعوبة وسائل الإتصال كونها مرهقة مادياً أو عاطلة غالباً.

14- قتل روح الإبداع والإنتاج لدى الفرد العراقي لأن التدهور الأمني قد هيأ سهولة إصطياد أصحاب الكفاءة والإبداع بل هم  أكثر إستهدافاً من غيرهم ، وسيفرغ البلد من الكفاءات التي ستقوده في المستقبل لأن الذي لم يُقتل سيهرب ويجد له في الأرض سعة وبلدان الأرض تسقبل الكفاءات وترحب بها .

15- إشاعة حالة التكاسل وإيثار الراحة وقلة دواعي العمل والكسب مما يجعله مجتمعاً إستهلاكياً لإهماله سوى الآكل والإستهلاك بدلاً من العمل والإنتاج.

16- زعزعة الثقة بين أبناء البلد الواحد مما يُضطر البعض بل الكل إلى الإرتماء والإستقواء تحت مظلة القبيلة أو العشيرة وربما المذهب والطائفة أو العرق والقومية ، واذا فُقدت الثقة قل التعاون وضاع التكاتف الاجتماعي العام واصبح البعض ينظر الى الاخر نظرة ريبة وارتياب ، لان الثقة ترفع الحواجز وتعزز  قيم التعاون والاخاء .

17- يهيئ نفوس البعض للسقوط تحت عوامل الضغط المادي والنفسي فيرتمي في احضان الخونة او في اطار العمالة او خانة التجسس او الاستعداد للمتاجرة بالبلد وكنوزه وخزائنه من العلمية منها والتراثية من اجل الحصول على دراهم  يقوي بها ضعفه ويسد بها نقصه .

18- شل قدرة الفرد على حماية  متعلقيه أو افراد عائلته مما يضطره الى الرضا بالقدر  وما يأتي  به في مستقبل الايام فيعطله عن اداء دوره الرجولي والانساني في صيانة هذا المجتمع الصغير الذي يديره .

19- سهولة نقل المجتمع للشائعات والاراجيف من دون تدقيق في صحتها او مصدر بثها لانه لا يجد من يتعامل معه بثقة او يدير الحوار معه بامان وسيخضع لاوهام نفسية و صياغة اعلامية لمجمل ما يحمله من اداء تجاه هذه الشائعات مما يُسهل توجيهه بالاتجاه المراد لمن يدير عملية الارهاب وتوجيه الاشاعة .

20- افشال العناصر الوطنية والمخلصة بعد ان تجد نفسها قاصرة بالتمام عن اداء دورها والقيام  بمسؤولياتها لفوضوية الساحة وكثرة اللاعبين وزيادة المدعين والذين اذا لم يقفوا امام تطلعات الوطنين والمخلصين فانهم سوف يعرقلونهم بكل تأكيد وسيجد نفسه عاجز عن الاداء وقاصراً عن الاستمرار فينزوي بعيداً عن ساحة العمل الاجتماعي او سيستمر في العجز.

 21- تهيئة فرصة لتصفية الحسابات الخاصة والإنتقام من الغير في ظل غياب القانون وإنعدام السلطة التنفيذية التي تأخذ على عاتقها معالجة القضايا وحسمها قانونياً فيقع الفرد في أسر قوة الغضب والشهوة في الإنتقام من خلال الرغبة في إفتراس الآخرين وإستنقاض حقه ولو بالقوة أو الإفراط فيها والتجاوز على الغير مهما تكن النتائج ولو موت أو قتل الآخر الأمر الذي يجر إلى خلق فرصة كبيرة للجريمة على الإنتشار.

22- صياغة ذهنية عامة تفكر في الخلاص مهما كان المخلص كما حصل بالفعل أبان العهد السابق عندما وصلت الذهنية الإجتماعية العامة إلى التفكير بالخلاص ولو  باليهودي شارون سفاح صبرا وشاتيلا على ما سمعناه مراراً وتكراراً والآن تفكر هذه الذهنية بالخلاص ولو على حساب وحدة البلد وقيمه وثوابته .

23- إرهاق كاهل الحكومة بمستحقات الحراسات الخاصة والشركات والأحزاب والشخصيات المهمة حتى وصلت المبالغ المصروفة لهذه الجهة كما صرح به بعض مسؤولي  الحكومة إلى سبعة مليارات دولار سنوياً وهذه مشكلة تُضاف إلى مشاكل كثيرة تواجهها الحكومة وقد تتمرد بعض الأفراد من هذه الحراسات وتصبح مفترسة بعد أن كانت حارسة .

24- تسهيل إمكانية توصيف المقاومين للإحتلال بالإرهابيين وإلقاء تهمة الإرهاب عليهم ومن ثم مطاردتهم والقضاء عليهم أما من خلال السلطة التي تملك وسائل الإعلام والتأثير وأما من خلال الإحتلال الذي يملك زيادة على تلك وسائل ضغط على الحكومة وبلورة توجهاتها وسيجد الشريف المُقاوم للإحتلال نفسه محاصراً ومقيداً بل ومداناً بتهمة كبرى مع أن عمله جائزاً شرعاً ومقبولٌ عقلائياً ومرخصاً دولياً كما سيجد نفسه منبوذاً من الأوساط الشعبية لضعف قرائتها وعدم قابليتها على التمييز وتلبيس الإعلام عليها حقيقة الأمر فيصل الفرد المُقاوم إلى حد اليأس والإحباط وهو مؤمن بعمله حينما لايجد من يعينه عليه أو يشجعه إليه فيسلم بالأمر الواقع ويرضى به على مضض.

25- إضعاف الحكومة في الجانب الحدودي وضبطه مما يسهل مرور الإرهابيين أو المقاتلين كما يحلو للبعض أن يسميهم وخلق حالة إرباك واضحة في علاقات العراق مع دول الجوار وزجها في تأثيرها سلباً أو إيجاباً على الوضع الأمني في العراق وإنعكاس ذلك على علاقاته معهم أو علاقات دول الإحتلال معهم مما يجر هذه العلاقات للخضوع إلى صفقات تسوية الحسابات وإلى مغازلات مصلحية على حساب  مصلحة العراق.

26- فرز حالات المواجهة مع الإحتلال فتسمى بعض الجماعات ، مسلحة أو مقاومة لأغراض وحسابات معينة وتسمى الآخرى بالإرهاب والخروج عن القانون حينما تقف بعض الكتل التي يُراد لها ان تلعب دوراً في التحولات السياسية الجارية الآن أو لا يريد لها وقد تؤدي إلى تبديل متغيرات المعادلة العراقية وإعطاء أهمية ربما للإرهابيين على حساب المقاومين الشرفاء وقد تتغير أيضاً طرفا المواجهة العسكرية مابين المواجهة مع الإحتلال إلى المواجهة مع أبناء البلد أو الطائفة الآخرى وهو ما سميناه بعرقنة الحرب.

 

المعالجة

 

    تبدأ من قراءة تفجر الوضع وإستفحاله بعد إبتدائه وقد إبتدأ عندما وجد الناس أن المطلوبين لهم ممن ظلمهم سنيين طوال وأودى بحياة أعزتهم وأحبتهم من الأهل والأولاد والأباء طليقون يتحركون بحرية في ظل غياب القانون وإنفلات الأمور فكانت فرصة مؤاتية للطالب على المطلوب للإقتصاص منه ، إذ أن القصاص حالة نفسية وفطرية طبعية لايمكن للإنسان أن يتحمل أن يجد قاتل أبيه أو أخيه حياً يُرزق وهو يتذكر دموعه وآلامه وأحزانه التي إكتوى بنارها في فترة النظام السابق فكان من الطبيعي إصطياد هؤلاء مع تعالي صيحات من هنا وهناك بتأجيل القصاص أو توكيله إلى حكومة قادمة ستأخذ على عاتقها محاكمة هؤلاء ورد حقوق الآخرين .

    وتشكلت حكومات متعاقبة ولم تأخذ على عاتقها معالجة أزمة خطيرة كهذه  إلا ممارسات مرتجلة وتصريحات مفتعلة وتسميات منمقة -كلجنة إجتثاث البعث- والبعثيون يسيطرون على معظم مفاصل الوزارات وأجهزة الدولة ، بل أن بعض الشخصيات التي عاثت في الأرض فساداً آنذاك إحتمت تحت ظل بعض الشخصيات السياسية ذات المواقع المهمة في الدولة مما زاد في الطين بلة فزاد غضب الناس وإستعدت نفوسهم الإنتقام والإقتصاص – وهو حق مشروع – إن وجدت مبرراته العقلائية والعرفية والشرعية وأصبح كلٌ يقيمها لنفسه من حيث الوجود والعدم والقدرة على الإنجاز والعجز الذي يجره على الإستعانة بالآخرين من منظمات أو جهات أخذت على عاتقها الإقتصاص للآخرين وربما إبتزاز المقتص منه وإطلاق سراحه وأعلنت بعض الجهات عن أسماء جهات متورطة وحدثت معركة ترامي التهم و إنجر الأمر إلى إيهام وأن المسألة فيها إستهداف طائفي أو عرقي و……….. وهكذا دامت وبقت المعركة .

    وكمون الخلل في عدم حسم الحكومات المتعاقبة مسألة هؤلاء وقيامها بإجراءات قانونية لإدانتهم ومن ثم محاكمتهم ليجد أهل المفقودين والمعدومين بأن حقهم في الطريق إلى الأخذ فيعطي الواحد نفسه فرصة الإنتظار ، ولكن شيئاً من هذا القبيل لم تستطعه الحكومة بل لم تعلن عنه فضلاً عن أن تفعله وعندما وجد أهل الضحايا أن المجرم طليق ويتحرك بحرية فمن إستطاع منهم القصاص إقتص منهم ومن لم يستطع إستعان بأخرين.

    ويكمن أيضاً في ضعف قرآءة البعض وتوجيه القضية بإتجاه طائفي مع إن المقتصَ منهم من البعثيين يشمل الكل مهما كانت طائفته ويؤكد ذلك أن الذين طالتهم يد القصاص والعدل من الشيعة أكثر منهم من السنة فراح هذا البعض يتباكى على قتل أبناءه أو إخوانه عن علمٍ وعمد إستحقاق هذا المقتول أو ذاك للقصاص كحق مشروع لايمكن تأخيره بعد عجز الحكومة به وإحترام مشاعر المظلومين وتطييب خواطرهم وإصطف معه آخرون ممن طال العقاب بعض متعلقيهم من الموغلين بالجريمة في العهد السابق وآخذ يطلق كلماته على غير إستقامة لتحفيز أبناء طائفته وإخافتهم من مثل هذه الأعمال فسارعوا بالإصطفاف وإكتمل العدد وأصبحت الطائفة ككل في نظرهم مستهدفة ، هكذا أوحى أو صرح فعليه وزر عمله ووزر من عمل به بسببه .

    وفي ظل هذه الظروف وجد الإحتلال ظالته وفرصته المواتية لضرب الحجر بالحجر وإشعال النار فكان له ما يريد وأخذ يشارك بل له كل المشاركة إستهداف أماكن مقدسة وشخصيات مرموقة وقتل عشوائي لتأجيج النفس الطائفي أكثر فأكثر وزيادة الإحتقان والتخندق كما يعبرون.

    ودخل عنصر الإحتلال ووجود مقاومته وأن كل من يرضى ببقائه أو يدعمه على ذلك أو يسكت عن مقاومته فهو منه يُستهدف كما يُستهدف وبهذا النفس وجدت بعض الطوائف مبرراً الآخرى التي تراها ساكتة و راخية بفعل الإحتلال ، وسيكون ضربها أمراً معقولاً ، وهو بذلك إستفادوا أمرين في آن واحد .

    أولهما حماية آبناءهم ممن أجرم سابقاً وطالت جرائمه الأعداد الكبيرة من العراقيين من مختلف الطوائف والقوميات بدعوى أنه منفذ لأوامر الحكومة التي يجب عليه طاعتها لأنه غير المنطقي الدفاع عنهم وهم قتلة مجرمون أو أنهم بعثيون سابقون ، فكا ن مبرر إستهداف الطائفة الآخرى ردعاً لحملتهم على قتل هؤلاء وإنزال القصاص العادل بحقهم بعد عجز الحكومة عن مداراة مشاعرهم والآخذ بحقوقهم ، وقد أخطأوا لأن العقاب نزل بالكل بغض النظر عن الطائفة .

    ثانيهما:- تحويل وجهة نظر القضية من قضية إنسانية إجتماعية شرعية بالدرجة الأولى كما في النص القرآني – ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب- إلى قضية سياسية تُدان بها طائفة كبيرة لها من السجل التاريخي المفخرة ما يعتز به الجميع و فهو حافز للمواجهة مع الظلمة والمحتلين وتسجيل البطولات التي أعطت الدرس البليغ لمتن يتجرأ على إحتلال البلد ومواقفهم من ظلم النظام السابق وإستبداده الواضح ودفاعهم عن العراق في حروبه أوضح تشهد له مقابر المسلمين بوضوح  ، فهل يُعقلأن تُدان هذه الطائفة بأنها مع الإحتلال .

    وبهذه الإدانة أصبح إستهدافهم ليس مبرراً فقط بل واجباً كما يُفتي به بعض فقهائهم وهكذا إزدادت الفجوة وإتسع الخرق على القاتق عندما إستُهدف مرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام ) وما له من تأثير على إعتقاد الطائفة الذي أُصيب بالصميم ولم يبق من المنزع من متسع إلا الدفاع عن هذا المعتقد والإندفاع بفعل تأثير الحادثة فحصل الإنفجار وإستراح الإحتلال حتى أعلن بعض مسؤوليه أن نسبة العمليات قد إنخفضت إلى أكثر من 74% مع زيادة عمليات العنف التي إستهدفت المدنيين وتوقعهم أنها مرشحة للمزيد .

    إذن عوامل الأزمة ثلاثة وإن إختلفت أزمنة تأثيرها :-

1-     الإحتلال.

2-  البعثيون ( المجرمون خاصة لا الأبرياء ممن إضطروا إلى الإنضمام إلى الحزب حفاظاً على لقمة العيش ومن هنا طرحنا في مبادرة الشراكة الوطنية فقرة التآسي بفعل الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله) عندما عفى عن المشركين في عام الفتح بقولته المشهورة ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن…).

3-     مرقد الإمامين.

    وينطلق العلاج بمعالجتها جميعاً ضمن منطق تعزيز الثقة وإعادة اللحمة وإحترام الثوابت الدينية لكل طائفة والوطنية بالشكل التالي وعناصر العلاج ثلاثة أيضاً :-

1-     الإحتلال إن كانت له مصداقية .

2-     الحكومة .

3-     الطائفة السنية مع تحفظنا على التسمية لكن لمجرد الإيضاح .

    ينطلق من الحكومة بأن تعمل على جدولة الإحتلال ووضع جدول زمني محدد لخروجه من العراق لقطع الطريق أمام من تسميهم المحاربين أو المقاتلين الذين لايريدون للعملية السياسية من المضي قُدماً إلى الأمام مدعين أن العملية التي لاتوفر رحيل الإحتلال وإستقلال البلد لا تستحق المشاركة وأنها غير شرعية وإن إستهداف أفرادها او منشئاتها واجب .

    وبجدولة الإحتلال فإن غرضهم المعلن من رفع السلاح سيتحقق بدون نزيف للدم وإن هذا إشتراط أخلاقي وسياسي تلتزم الحكومة إنجازه وعلى المقاتلين إحترامه لقطع أي مبرر للإحتلال على البقاء مدة أطول في العراق إذ بذلك سيستقر العراق ولو جزئياً وكلياً بعد وضع العلاج الآخر – المنطلق من علاج الإحتقان الطائفي وستكسب الحكومة ثقة الشعب الذي إنتخبها وثقة المقاتلين لإنجاز هدفهم مع المحافظة على حياتهم وإنهاء الإحتلال وعلى الإحتلال إحترام ذلك وإثبات مصداقيته في عدم النية للبقاء في العراق مدة أطول بأن تقدم الحكومة و إستتباب الأمن سيعجل من رحيلنا وهذا مايحصل بهذه الخطوة مع الآخرى.

    وعلى الحكومة ايضاً أن تعلن وتفعل قضية محاكمة من أجرم من أفراد البعث السابق وتورط بدماء الأبرياء وان تعلن عن أسماء من يُراد محاكمتهم وتتقبل شكاوى المواطنين بذلك وتشكل لجنة متابعة وتضع الألية المناسبة لأنجاز هذا الإجراء وبالتالي ستقطع الطريق أما المكوبين من المباشرة بالقصاص من عند أنفسهم وحسم القضية بعيداً عن السلطة الذي يعني التحلل منها ومن إلتزاماتها وإلغاء شرعيتها أو تُعالج بطريقة آخرى بأن يعلن المطلوبون تورطهم وندمهم وأنهم على إستعداد لحسم القضايا بطريقة شرعية أو عشائرية مع ذوي الضحايا على أن يُتابع ذلك من قبل أجهزة الدولة وهي طريقة متبعة في فض النزاعات ومعمول بها في العراق .

    وعندما يجد أهالي الضحايا أن دماء أبنائهم لم تذهب هدراً و أن الحكومة تسعى جادة لتعزيز حقهم في محاكمة هؤلاء كما أن المتورطين سيجدون أن فرصة ما ستُفتح لهم  لإحتمال حسم القضايا عن طريق الفصل العشائري أو الدية الشرعية بعد تنازل أولياء الضحايا عن حق القصاص .

    كل ذلك مع إعلان الحكومة أن هذا إجراء عام لكل من تورط بالسابق بغض النظر عن طائفته وقوميته وليس هو إجراء على طائفة بعينها إذ لا دخل للطائفية في ذلك .

    وعلى الوطنيين من أبناء السنة وأهل الحل والعقل ووجهاء الطائفة ورجال دينهم  أن يردموا الهوة الآخرى بأن يُعجلوا المباشرة ببناء المرقد الشريف وتأمين الطريق لزوار هذا المرقد من المجيء بأمان وحرية وتأمين حياتهم ووصولهم وبذلك تتعزز الثقة بين المسلمين ويذهب نزغ الشيطان بينهم وفي المقابل تقوم الجهات الشعبية بالمساعدة في بناء المساجد التي طالها رد الفعل بعد جريمة إستهداف المرقد الشريف لغرس الثقة بين الطرفين وهذا الإجراء بسيط ويمكن تفعيله شعبياً .

    كما ويلتزم الطرفان بإرجاع العوائل المهجرة وتوفير الحماية اللازمة لهم وتحريم وتجريم من يستهدفهم ويثير الفتنة بسببهم وتباشر الحكومة بإرجاعهم وحماية أرواحهم وستكون النتيجة إحترام الشعب لحكومته وهذا ما تريده لأنها بذلك ستنهض بمسؤوليتها والقيام بواجباتها وسيتحرر العراق وسينال سيادته كاملة غير منقوصة وسيخرج الإحتلال بإرادته بدلاً من خروجه مرغماً ويفقد مصداقيته في تحرير العراق وتأسيس البناء الديمقراطي فيه وسيرجع العراقيين أخواناً متحاببين بعد أن  دق الأعداء الإسفين بينهم وخانتهم سرعة قرآتهم للأحداث وإنفعالتهم المتعجلة .

    وإذا نقدم هذا العلاج أمام المسؤولين والشعب أنما هو من باب الحسبة والقربة إلى الله تعالى النصيحة لهم لعل الله يرحمنا وإياهم ويأخذ بأيدينا إلى بر الأمان والختام مسك كلامه تعالى (( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (18) سورة الزمر )) .

 

                                                                                  10 – جمادي2 – 1427هـ