ما بين مكة وكربلاء

حجاج بيت الله الحرام اللذين يتوافدون سنويا على بيت الله الحرام في مكة المكرمة لا يتجاوزون في اعلى  الاحصائيات دقة كما تقدمها السلطات هناك ثلاثة ملاين وهو رقم ضخم وتجمع جماهيري كبير الا انه قليل وضحل امام تجمع زيارة الحسين في كربلاء الذي يقدر في اقل تقدير بعشرة ملاين ناهيك عن ان الاول ينشر امداداً من كل دول الارض تقريبا  بينما ينشر الثاني من منطقة العراق  والجنوب تحديدا.

وتستقبلة عدة مطارات متعددة هيئتها حكومة السعودية هناك , وكربلاء الحسين لوحدها بلا مطار يشفق على زوارها المنهكين راحة في السير على الاقدام لان اقرب مطار يستقبل الوافدين  هو مطار النجف او بغداد  ويضطر الزائر لقطع المسافة راجلا الا القله عبر واسطة النقل السيارة .

و الواصل الى مكة مرتاح نفسيا وبدنيا والواصل الى كربلاء مرهق بدنيا مرتاح نفسيا , وراحتة النفسية تغطي على ارهاقه البدني فلا يشعر الا و السعادة تغطية .

ملايين الفنادق المنتشرة في مكه تستقبل الحجاج عبر شركات السعودية للتفويج , وملايين البيوت والشركات تستقبل الزائرين بلا تطويف وتفويج  لشركات كربلائية, انما هي شركات شخصيه وتطويعية لمحبي الحسين (عليه السلام ) .

خمسة ايام بإستثناء ايام العمرة تستمر مراسيم أداء الحج وتنحصر زيارة كربلاء في يوم واحد الا قلة من الزائرين ممن يؤدون الزيارة قبل يوم او يومين لدواعي مختلفة اهمها التخفيف على الزائرين في شعور بتوفير فرصة الزيارة والوصول الى الصحن الشريف لاكبر عدد من الزائرين .

الخدمات الشعبية غائبة في مكة فلم نجد من أستقبل حاجاً في داره او ضيّف غريباً في منزلة بطلب او بدون طلب , فالمشاركة الشعبية لا اثر لها , وانما الخدمات تقدمها السلطات حصرا الا  استثناءات نادرة لبعض المتبرعين , وفي كربلاء الحسين  لاخدمة الا الشعبية ولا راحة الا الضيافة المنزلية , والحسينيات الدينية لقلة الفنادق وعدم استيعابها باقصى طاقاتها الا نسبة ضئيله جدا من جموع الزائرين .

ومكة باعدادها الثلاثة ملايين تستقبلهم في ذي الحجة ونهاية ذي القعدة اي مرة واحدة , اما العمرات المستحبة فلا تصل الا الى خمس هذا العدد بالكثير .

وعندما تاتي كربلاء فستجدها مليئة ومتخومة بالزائرين بالملايين العشرة او الستة او الخمسة في مناسبات متعددة , فمنها الأربعينية وحلاوتها الشعبانية , وماساتها العاشورية وعباداتها القدرية , ومسرتها العيدية , ولياليها الجمعية .

وكربلاء تواجة تحدي الارهاب والاستهداف , والسلطات الحكومية تعمل وفق إمكانياتها لمكافحته ، ولكنها لم تقض عليه بعد ، ولم تواجه مكة مثل ذلك لان الله جعلها بلداً آمناً .

ذلك لان كربلاء مصنع التضحية ومعمل الشهداء ولم يكن لها من طعم لو لا الشهادة وهاهي تقدم سنوياً عشرات ضحايا الإرهاب والإستهداف ، لم تزد الزائرين إلا قدماً ليكون الواحد منهم قد حظي بها وهو في طريقه الى الحسين من دون تغيير في معالم المدينة وتصاميم البناء .

لم تشهد كربلاء شهداء التدافع كما حصل في مكة في بعض السنوات إضطر السلطات الى توسيع معالم المدينة وبعض شعائر العبادة حينما راح ضحية التدافع بعض مئات الحجاج .

حتى القتل يختلف بين الموضعين في كربلاء حقداً على الحسين ورسالة الحسين وسيستمر ركب الزائرين وكأن شيئاً لم يحصل من أروع مشاهد الإستهانة بالموت، بينما قتل مكة كان أنانية بعض الحجاج في أن يسبق أخيه الحاج الآخر في الإنتهاء من الشعيرة أو كان خطأ في تطبيقها .

ويبقى الفارق الأخير وليس الأخير هو القدوم الى مكة فرض وإلزام والقدوم الى كربلاء سنة ومودة للحسين (عليه السلام ).

والمفروض أن الفرض يغلب السنة ولكنها معادلة الحسين (عليه السلام) .

ومن هذا وذاك لماذا يدعي بعض المسلمين افضلية كربلاء أو النجف على مكة