ماذا وراء بعثرة الوضع الأمني

 

1-  للحيلولة دون إستقرار الوضع ومن ثم وضع أسس التحول السياسي الصحيح النابع من إدارة الشعب .

2-  لخلق حالة توجس وخيفة من الفرقاء الآخرين مما يزعزع عامل الثقة ويرفع درجة الحذر من الآخر إلى الدرجة التي لا يثق بعدها بما يعلنه أو يفعله مما يخلق الأرضية المناسبة للتصفية والوقوع في مستنقع إستهداف الآخر تخلصاً من حالة الشك والإرتياب.

3-  لإلجاء الفرقاء السياسيين في زحمة التنافس مع الآخرين وفي ظرف ضياع الثقة وذهاب الاطمئنان النفسي من نوايا الآخر- إلى القوات المحتلة والإرتباط بها مع دفع فواتير الاستحقاق التي تطلبها القوات كمقابل للوقوف مع هذا الطرف ولو على حساب أمرين بل ثلاثة :-

أ‌-       على حساب المصلحة الوطنية.

ب‌-   على حساب مبادئ هذا التشكيل أو الحزب.

ج‌-   على حساب الثوابت العرفية العامة التي يؤمن بها الشعب وقد توسمها في هذا التشكيل .

4-  لوضع القوى السياسية في توازن من حيث الساحة الإجتماعية التأثيرية على مستقبل البلد وبالتالي عدم إمكان حسم المسألة لصالح أحدها في ظرف الإنتخابات مع وضع الكل في واقع قبول المحاصصة البغيضة التي تُكتف الحكومة من العمل بحرية وقوة متماسكة ، كما وتجعل من الصعوبة بمكان إقرار قرار أو إصدار أمر عام يخدم المصلحة الوطنية ما لم يوفر بعض المصلحة بهذا التكتل أو ذاك مما يؤدي في النهاية إلى عدم حسم جملة من القضايا المصيرية أو الإنفلات من الدستور وإستفراد رئيس السلطة بقرار مستعجل قد لا تصب آثاره في مصلحة الشعب .

5-  إنشاء كيانات وكتل سياسية وزجها بالساحة ودعمها مادياً و إعلامياً لتقف أمام وفي مقابل كتل كبيرة كان لها تاريخ طويل في العمل السياسي وإن تأثير الجديدة موازي لتأثير القديمة في دائرة القرار وإلغاء كل الإمتيازات للقديمة التي  ضمها  تاريخها الطويل وتضحياتها الجسيمة ، وإذا خسرت هذا التاريخ فقدت رصيدها الجماهيري التي كانت تراهن على كسب الجولة السياسية والتحول إلى حالة عامة تسيطر على ضبط المشاعر وحركة الجماهير.

6-  تخويف هذه الكيانات وخلق حالة من الرعب والخوف لديها يضطرها إلى التراجع عن إتخاذ أي قرار يجدول للإحتلال أو يضبط حركته داخل العراق أو يلزمه بالوفاء بالإلتزاماته الدولية والقانونية وليت الأمر يقف على حد التخويف بل قد يتحول إلى حالة تحدي كبير للإسقرار في داخل البلد بل و المنطقة إذا ما تجرأت الحكومة المشكلة من إتخاذ  قرار من هذا القبيل و أداء مثل هذا الأمر إلى فشلها وسقوطها في نظر الجماهير أمر وارد.

          كما وأن رضائها ببقاء القوات والتسليم لمقولة التخويف يسقطها أيضاً من نظر الناس الذين إنتخبوها وأوصلوها إلى  كرسي السلطة .

7-  إحراج الحكومة من أن تفعل برنامجها السياسي والإقتصادي و التنموي لترى الجماهير منها الإخلاص والجدية والنجاح في عملها هذا ما لا تريده الجهة التي تقف خلف هذا الوضع ، مما يعطي طابعاً أن شبح الفشل لأية حكومة قائمة لا زال مستمراً وأمراً وارداً فيما لو فكرت هذه الحكومة أن تخرج من الإطار الذي يُراد لها أن توجد فيه.

8-  المنة على الحكومة وتذكيرها على الدوام بأن الحاجة قائمة لقوات الإحتلال وضرورة بقائها وأن الوضع بهذا الخطر لا تقوى عليه الحكومة ولا تملك وسائل مواجهته أو ضبطه ، وإن حسمه وتغييره بيد القوات المحتلة وإن الحاجة إليها قائمة و الحاجة تعني التبعية و الإستنجاد و…………….

9-  تأجيل عمليات إعمار العراق وتأخير وصول المساعدات له في هذا الصدد مما يعني تجميدها أو جعلها بيد قوات الإحتلال أو جهة أجنبية آخرى وخلق حالة قلق لتوجيه أية حكومة تريد السعي في هذا الإتجاه وتقدم ما يمكنها من مشاركات بإعمار البلد ، وتراجعها عما تنويه مما يخلي الساحة العراقية للدول التي لها قوات إحتلال في العراق  سيدة الموقف وصاحبة القرار في مشاريع الإعمار وتوجيه العقود وتوزيع العطاءات وستكون أكبر مشاركة لشركات هذه الدول بالأساس .

10- تقييد الحكومة في مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية ، لأن إتخاذ أي موقف قد ينعكس سلباً على الوضع الأمني مما يضعف الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة في القضايا العالمية وستفقد وزنها في تقرير مصير بعض القضايا ويقل شأنها من حيث معالجة جملة من الأمور الدولية ، وفي  مثل هذا الوضع ستخضع مواقفها لإدارة الدول المحتلة .

11- خلق حالة من الخوف الذي سيتملك النفوس ويكفكفها عن القيام بالمظاهرات الإحتجاجية أو التجمعات أو الإعتصامات للمطالبة بحقها وحقوقها أو رفع حيف بعض القرارات عليها ، إذ هي بين نارين نار الإرهاب الذي من المحتمل أن يستهدف حياتها ونار الرضوخ للقرار المجحف أو الغض عن المطالبة بالحق المهتضم ، والثاني أقل الشرين وأخف الضررين وهذا ما يُراد ، مما يضع الشعب في حالة ركوع وخضوع تقتل همته وتضعف إرادته في أن يعبر عما يريد .

      وهذه التجمعات مخيفة للآخرين لأنها تمثل حالة تلاحم وتواصل جماهيري وإرتباط إرادي عام نحو مطلب واحد ومن ثم إعادة النسيج الإجتماعي الذي يُراد تفكيكه من خلال الإنفلات الأمني .

12- مواجهة حالات التجمع والإجتماع التي قد تُثار من خلالها بعض القضايا وتتناول بعض المواضيع الحساسة مما يخلق عندها حالة وعي لما يدور حولها ويؤسس لثقافة سياسية  تدرك المصالح وكيفية تحقيقها وتفهم المفاسد وكيفية تلافيها ، ومثل هذا الوضع يعرقل المشروع الذي يُراد إمراره على العراق بكل تأكيد لأنه يعتمد على قلة وعي الشعب وتدني ثقافته السياسية.

13- تقليل التواصل الإجتماعي بين الأسر والعوائل وأفراد القبيلة أو العشيرة مما يفكك الأواصر التي تلحمها شيئاً فشيئاً لإهتمام كل منهم بشؤونهم الخاصة وتدبير أحواله الشخصية وأنه لا مجال للتواصل مع الآقرباء بل وحتى الأصدقاء .

        ويتصل هذا الإجراء بتعطيل وسائل الإتصال أو ضربها أو عدم تحسينها ، كما حال وسائل المواصلات  وخلق أزمات المشتقات النفطية .

        وقد تُربط جميعها بالكهرباء الذي ينعكس على المشتقات النفطية وهي على الوسائل  المواصلاتية  فيُنقطع التواصل وتقل الصلة لصعوبة وسائل الإتصال كونها مرهقة مادياً أو عاطلة غالباً.

14- قتل روح الإبداع والإنتاج لدى الفرد العراقي لأن التدهور الأمني قد هيأ سهولة إصطياد أصحاب الكفاءة والإبداع بل هم  أكثر إستهدافاً من غيرهم ، وسيفرغ البلد من الكفاءات التي ستقوده في المستقبل لأن الذي لم يُقتل سيهرب ويجد له في الأرض سعة وبلدان الأرض تسقبل الكفاءات وترحب بها .

15- إشاعة حالة التكاسل وإيثار الراحة وقلة دواعي العمل والكسب مما يجعله مجتمعاً إستهلاكياً لإهماله سوى الآكل والإستهلاك بدلاً من العمل والإنتاج.

16- زعزعة الثقة بين أبناء البلد الواحد مما يُضطر البعض بل الكل إلى الإرتماء والإستقواء تحت مظلة القبيلة أو العشيرة وربما المذهب والطائفة أو العرق والقومية ، واذا فُقدت الثقة قل التعاون وضاع التكاتف الاجتماعي العام واصبح البعض ينظر الى الاخر نظرة ريبة وارتياب ، لان الثقة ترفع الحواجز وتعزز  قيم التعاون والاخاء .

17- يهيئ نفوس البعض للسقوط تحت عوامل الضغط المادي والنفسي فيرتمي في احضان الخونة او في اطار العمالة او خانة التجسس او الاستعداد للمتاجرة بالبلد وكنوزه وخزائنه من العلمية منها والتراثية من اجل الحصول على دراهم  يقوي بها ضعفه ويسد بها نقصه .

18- شل قدرة الفرد على حماية  متعلقيه أو افراد عائلته مما يضطره الى الرضا بالقدر  وما يأتي  به في مستقبل الايام فيعطله عن اداء دوره الرجولي والانساني في صيانة هذا المجتمع الصغير الذي يديره .

19- سهولة نقل المجتمع للشائعات والاراجيف من دون تدقيق في صحتها او مصدر بثها لانه لا يجد من يتعامل معه بثقة او يدير الحوار معه بامان وسيخضع لاوهام نفسية و صياغة اعلامية لمجمل ما يحمله من اداء تجاه هذه الشائعات مما يُسهل توجيهه بالاتجاه المراد لمن يدير عملية الارهاب وتوجيه الاشاعة .

20- افشال العناصر الوطنية والمخلصة بعد ان تجد نفسها قاصرة بالتمام عن اداء دورها والقيام  بمسؤولياتها لفوضوية الساحة وكثرة اللاعبين وزيادة المدعين والذين اذا لم يقفوا امام تطلعات الوطنين والمخلصين فانهم سوف يعرقلونهم بكل تأكيد وسيجد نفسه عاجز عن الاداء وقاصراً عن الاستمرار فينزوي بعيداً عن ساحة العمل الاجتماعي او سيستمر في العجز.

 21- تهيئة فرصة لتصفية الحسابات الخاصة والإنتقام من الغير في ظل غياب القانون وإنعدام السلطة التنفيذية التي تأخذ على عاتقها معالجة القضايا وحسمها قانونياً فيقع الفرد في أسر قوة الغضب والشهوة في الإنتقام من خلال الرغبة في إفتراس الآخرين وإستنقاض حقه ولو بالقوة أو الإفراط فيها والتجاوز على الغير مهما تكن النتائج ولو موت أو قتل الآخر الأمر الذي يجر إلى خلق فرصة كبيرة للجريمة على الإنتشار.

22- صياغة ذهنية عامة تفكر في الخلاص مهما كان المخلص كما حصل بالفعل أبان العهد السابق عندما وصلت الذهنية الإجتماعية العامة إلى التفكير بالخلاص ولو  باليهودي شارون سفاح صبرا وشاتيلا على ما سمعناه مراراً وتكراراً والآن تفكر هذه الذهنية بالخلاص ولو على حساب وحدة البلد وقيمه وثوابته .

23- إرهاق كاهل الحكومة بمستحقات الحراسات الخاصة والشركات والأحزاب والشخصيات المهمة حتى وصلت المبالغ المصروفة لهذه الجهة كما صرح به بعض مسؤولي  الحكومة إلى سبعة مليارات دولار سنوياً وهذه مشكلة تُضاف إلى مشاكل كثيرة تواجهها الحكومة وقد تتمرد بعض الأفراد من هذه الحراسات وتصبح مفترسة بعد أن كانت حارسة .

24- تسهيل إمكانية توصيف المقاومين للإحتلال بالإرهابيين وإلقاء تهمة الإرهاب عليهم ومن ثم مطاردتهم والقضاء عليهم أما من خلال السلطة التي تملك وسائل الإعلام والتأثير وأما من خلال الإحتلال الذي يملك زيادة على تلك وسائل ضغط على الحكومة وبلورة توجهاتها وسيجد الشريف المُقاوم للإحتلال نفسه محاصراً ومقيداً بل ومداناً بتهمة كبرى مع أن عمله جائزاً شرعاً ومقبولٌ عقلائياً ومرخصاً دولياً كما سيجد نفسه منبوذاً من الأوساط الشعبية لضعف قرائتها وعدم قابليتها على التمييز وتلبيس الإعلام عليها حقيقة الأمر فيصل الفرد المُقاوم إلى حد اليأس والإحباط وهو مؤمن بعمله حينما لايجد من يعينه عليه أو يشجعه إليه فيسلم بالأمر الواقع ويرضى به على مضض.

25- إضعاف الحكومة في الجانب الحدودي وضبطه مما يسهل مرور الإرهابيين أو المقاتلين كما يحلو للبعض أن يسميهم وخلق حالة إرباك واضحة في علاقات العراق مع دول الجوار وزجها في تأثيرها سلباً أو إيجاباً على الوضع الأمني في العراق وإنعكاس ذلك على علاقاته معهم أو علاقات دول الإحتلال معهم مما يجر هذه العلاقات للخضوع إلى صفقات تسوية الحسابات وإلى مغازلات مصلحية على حساب  مصلحة العراق.

26- فرز حالات المواجهة مع الإحتلال فتسمى بعض الجماعات ، مسلحة أو مقاومة لأغراض وحسابات معينة وتسمى الآخرى بالإرهاب والخروج عن القانون حينما تقف بعض الكتل التي يُراد لها ان تلعب دوراً في التحولات السياسية الجارية الآن أو لا يريد لها وقد تؤدي إلى تبديل متغيرات المعادلة العراقية وإعطاء أهمية ربما للإرهابيين على حساب المقاومين الشرفاء وقد تتغير أيضاً طرفا المواجهة العسكرية مابين المواجهة مع الإحتلال إلى المواجهة مع أبناء البلد أو الطائفة الآخرى وهو ما سميناه بعرقنة الحرب.

 

المعالجة

 

    تبدأ من قراءة تفجر الوضع وإستفحاله بعد إبتدائه وقد إبتدأ عندما وجد الناس أن المطلوبين لهم ممن ظلمهم سنيين طوال وأودى بحياة أعزتهم وأحبتهم من الأهل والأولاد والأباء طليقون يتحركون بحرية في ظل غياب القانون وإنفلات الأمور فكانت فرصة مؤاتية للطالب على المطلوب للإقتصاص منه ، إذ أن القصاص حالة نفسية وفطرية طبعية لايمكن للإنسان أن يتحمل أن يجد قاتل أبيه أو أخيه حياً يُرزق وهو يتذكر دموعه وآلامه وأحزانه التي إكتوى بنارها في فترة النظام السابق فكان من الطبيعي إصطياد هؤلاء مع تعالي صيحات من هنا وهناك بتأجيل القصاص أو توكيله إلى حكومة قادمة ستأخذ على عاتقها محاكمة هؤلاء ورد حقوق الآخرين .

    وتشكلت حكومات متعاقبة ولم تأخذ على عاتقها معالجة أزمة خطيرة كهذه  إلا ممارسات مرتجلة وتصريحات مفتعلة وتسميات منمقة -كلجنة إجتثاث البعث- والبعثيون يسيطرون على معظم مفاصل الوزارات وأجهزة الدولة ، بل أن بعض الشخصيات التي عاثت في الأرض فساداً آنذاك إحتمت تحت ظل بعض الشخصيات السياسية ذات المواقع المهمة في الدولة مما زاد في الطين بلة فزاد غضب الناس وإستعدت نفوسهم الإنتقام والإقتصاص – وهو حق مشروع – إن وجدت مبرراته العقلائية والعرفية والشرعية وأصبح كلٌ يقيمها لنفسه من حيث الوجود والعدم والقدرة على الإنجاز والعجز الذي يجره على الإستعانة بالآخرين من منظمات أو جهات أخذت على عاتقها الإقتصاص للآخرين وربما إبتزاز المقتص منه وإطلاق سراحه وأعلنت بعض الجهات عن أسماء جهات متورطة وحدثت معركة ترامي التهم و إنجر الأمر إلى إيهام وأن المسألة فيها إستهداف طائفي أو عرقي و……….. وهكذا دامت وبقت المعركة .

    وكمون الخلل في عدم حسم الحكومات المتعاقبة مسألة هؤلاء وقيامها بإجراءات قانونية لإدانتهم ومن ثم محاكمتهم ليجد أهل المفقودين والمعدومين بأن حقهم في الطريق إلى الأخذ فيعطي الواحد نفسه فرصة الإنتظار ، ولكن شيئاً من هذا القبيل لم تستطعه الحكومة بل لم تعلن عنه فضلاً عن أن تفعله وعندما وجد أهل الضحايا أن المجرم طليق ويتحرك بحرية فمن إستطاع منهم القصاص إقتص منهم ومن لم يستطع إستعان بأخرين.

    ويكمن أيضاً في ضعف قرآءة البعض وتوجيه القضية بإتجاه طائفي مع إن المقتصَ منهم من البعثيين يشمل الكل مهما كانت طائفته ويؤكد ذلك أن الذين طالتهم يد القصاص والعدل من الشيعة أكثر منهم من السنة فراح هذا البعض يتباكى على قتل أبناءه أو إخوانه عن علمٍ وعمد إستحقاق هذا المقتول أو ذاك للقصاص كحق مشروع لايمكن تأخيره بعد عجز الحكومة به وإحترام مشاعر المظلومين وتطييب خواطرهم وإصطف معه آخرون ممن طال العقاب بعض متعلقيهم من الموغلين بالجريمة في العهد السابق وآخذ يطلق كلماته على غير إستقامة لتحفيز أبناء طائفته وإخافتهم من مثل هذه الأعمال فسارعوا بالإصطفاف وإكتمل العدد وأصبحت الطائفة ككل في نظرهم مستهدفة ، هكذا أوحى أو صرح فعليه وزر عمله ووزر من عمل به بسببه .

    وفي ظل هذه الظروف وجد الإحتلال ظالته وفرصته المواتية لضرب الحجر بالحجر وإشعال النار فكان له ما يريد وأخذ يشارك بل له كل المشاركة إستهداف أماكن مقدسة وشخصيات مرموقة وقتل عشوائي لتأجيج النفس الطائفي أكثر فأكثر وزيادة الإحتقان والتخندق كما يعبرون.

    ودخل عنصر الإحتلال ووجود مقاومته وأن كل من يرضى ببقائه أو يدعمه على ذلك أو يسكت عن مقاومته فهو منه يُستهدف كما يُستهدف وبهذا النفس وجدت بعض الطوائف مبرراً الآخرى التي تراها ساكتة و راخية بفعل الإحتلال ، وسيكون ضربها أمراً معقولاً ، وهو بذلك إستفادوا أمرين في آن واحد .

    أولهما حماية آبناءهم ممن أجرم سابقاً وطالت جرائمه الأعداد الكبيرة من العراقيين من مختلف الطوائف والقوميات بدعوى أنه منفذ لأوامر الحكومة التي يجب عليه طاعتها لأنه غير المنطقي الدفاع عنهم وهم قتلة مجرمون أو أنهم بعثيون سابقون ، فكا ن مبرر إستهداف الطائفة الآخرى ردعاً لحملتهم على قتل هؤلاء وإنزال القصاص العادل بحقهم بعد عجز الحكومة عن مداراة مشاعرهم والآخذ بحقوقهم ، وقد أخطأوا لأن العقاب نزل بالكل بغض النظر عن الطائفة .

    ثانيهما:- تحويل وجهة نظر القضية من قضية إنسانية إجتماعية شرعية بالدرجة الأولى كما في النص القرآني – ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب- إلى قضية سياسية تُدان بها طائفة كبيرة لها من السجل التاريخي المفخرة ما يعتز به الجميع و فهو حافز للمواجهة مع الظلمة والمحتلين وتسجيل البطولات التي أعطت الدرس البليغ لمتن يتجرأ على إحتلال البلد ومواقفهم من ظلم النظام السابق وإستبداده الواضح ودفاعهم عن العراق في حروبه أوضح تشهد له مقابر المسلمين بوضوح  ، فهل يُعقلأن تُدان هذه الطائفة بأنها مع الإحتلال .

    وبهذه الإدانة أصبح إستهدافهم ليس مبرراً فقط بل واجباً كما يُفتي به بعض فقهائهم وهكذا إزدادت الفجوة وإتسع الخرق على القاتق عندما إستُهدف مرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام ) وما له من تأثير على إعتقاد الطائفة الذي أُصيب بالصميم ولم يبق من المنزع من متسع إلا الدفاع عن هذا المعتقد والإندفاع بفعل تأثير الحادثة فحصل الإنفجار وإستراح الإحتلال حتى أعلن بعض مسؤوليه أن نسبة العمليات قد إنخفضت إلى أكثر من 74% مع زيادة عمليات العنف التي إستهدفت المدنيين وتوقعهم أنها مرشحة للمزيد .

    إذن عوامل الأزمة ثلاثة وإن إختلفت أزمنة تأثيرها :-

1-     الإحتلال.

2-  البعثيون ( المجرمون خاصة لا الأبرياء ممن إضطروا إلى الإنضمام إلى الحزب حفاظاً على لقمة العيش ومن هنا طرحنا في مبادرة الشراكة الوطنية فقرة التآسي بفعل الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله) عندما عفى عن المشركين في عام الفتح بقولته المشهورة ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن…).

3-     مرقد الإمامين.

    وينطلق العلاج بمعالجتها جميعاً ضمن منطق تعزيز الثقة وإعادة اللحمة وإحترام الثوابت الدينية لكل طائفة والوطنية بالشكل التالي وعناصر العلاج ثلاثة أيضاً :-

1-     الإحتلال إن كانت له مصداقية .

2-     الحكومة .

3-     الطائفة السنية مع تحفظنا على التسمية لكن لمجرد الإيضاح .

    ينطلق من الحكومة بأن تعمل على جدولة الإحتلال ووضع جدول زمني محدد لخروجه من العراق لقطع الطريق أمام من تسميهم المحاربين أو المقاتلين الذين لايريدون للعملية السياسية من المضي قُدماً إلى الأمام مدعين أن العملية التي لاتوفر رحيل الإحتلال وإستقلال البلد لا تستحق المشاركة وأنها غير شرعية وإن إستهداف أفرادها او منشئاتها واجب .

    وبجدولة الإحتلال فإن غرضهم المعلن من رفع السلاح سيتحقق بدون نزيف للدم وإن هذا إشتراط أخلاقي وسياسي تلتزم الحكومة إنجازه وعلى المقاتلين إحترامه لقطع أي مبرر للإحتلال على البقاء مدة أطول في العراق إذ بذلك سيستقر العراق ولو جزئياً وكلياً بعد وضع العلاج الآخر – المنطلق من علاج الإحتقان الطائفي وستكسب الحكومة ثقة الشعب الذي إنتخبها وثقة المقاتلين لإنجاز هدفهم مع المحافظة على حياتهم وإنهاء الإحتلال وعلى الإحتلال إحترام ذلك وإثبات مصداقيته في عدم النية للبقاء في العراق مدة أطول بأن تقدم الحكومة و إستتباب الأمن سيعجل من رحيلنا وهذا مايحصل بهذه الخطوة مع الآخرى.

    وعلى الحكومة ايضاً أن تعلن وتفعل قضية محاكمة من أجرم من أفراد البعث السابق وتورط بدماء الأبرياء وان تعلن عن أسماء من يُراد محاكمتهم وتتقبل شكاوى المواطنين بذلك وتشكل لجنة متابعة وتضع الألية المناسبة لأنجاز هذا الإجراء وبالتالي ستقطع الطريق أما المكوبين من المباشرة بالقصاص من عند أنفسهم وحسم القضية بعيداً عن السلطة الذي يعني التحلل منها ومن إلتزاماتها وإلغاء شرعيتها أو تُعالج بطريقة آخرى بأن يعلن المطلوبون تورطهم وندمهم وأنهم على إستعداد لحسم القضايا بطريقة شرعية أو عشائرية مع ذوي الضحايا على أن يُتابع ذلك من قبل أجهزة الدولة وهي طريقة متبعة في فض النزاعات ومعمول بها في العراق .

    وعندما يجد أهالي الضحايا أن دماء أبنائهم لم تذهب هدراً و أن الحكومة تسعى جادة لتعزيز حقهم في محاكمة هؤلاء كما أن المتورطين سيجدون أن فرصة ما ستُفتح لهم  لإحتمال حسم القضايا عن طريق الفصل العشائري أو الدية الشرعية بعد تنازل أولياء الضحايا عن حق القصاص .

    كل ذلك مع إعلان الحكومة أن هذا إجراء عام لكل من تورط بالسابق بغض النظر عن طائفته وقوميته وليس هو إجراء على طائفة بعينها إذ لا دخل للطائفية في ذلك .

    وعلى الوطنيين من أبناء السنة وأهل الحل والعقل ووجهاء الطائفة ورجال دينهم  أن يردموا الهوة الآخرى بأن يُعجلوا المباشرة ببناء المرقد الشريف وتأمين الطريق لزوار هذا المرقد من المجيء بأمان وحرية وتأمين حياتهم ووصولهم وبذلك تتعزز الثقة بين المسلمين ويذهب نزغ الشيطان بينهم وفي المقابل تقوم الجهات الشعبية بالمساعدة في بناء المساجد التي طالها رد الفعل بعد جريمة إستهداف المرقد الشريف لغرس الثقة بين الطرفين وهذا الإجراء بسيط ويمكن تفعيله شعبياً .

    كما ويلتزم الطرفان بإرجاع العوائل المهجرة وتوفير الحماية اللازمة لهم وتحريم وتجريم من يستهدفهم ويثير الفتنة بسببهم وتباشر الحكومة بإرجاعهم وحماية أرواحهم وستكون النتيجة إحترام الشعب لحكومته وهذا ما تريده لأنها بذلك ستنهض بمسؤوليتها والقيام بواجباتها وسيتحرر العراق وسينال سيادته كاملة غير منقوصة وسيخرج الإحتلال بإرادته بدلاً من خروجه مرغماً ويفقد مصداقيته في تحرير العراق وتأسيس البناء الديمقراطي فيه وسيرجع العراقيين أخواناً متحاببين بعد أن  دق الأعداء الإسفين بينهم وخانتهم سرعة قرآتهم للأحداث وإنفعالتهم المتعجلة .

    وإذا نقدم هذا العلاج أمام المسؤولين والشعب أنما هو من باب الحسبة والقربة إلى الله تعالى النصيحة لهم لعل الله يرحمنا وإياهم ويأخذ بأيدينا إلى بر الأمان والختام مسك كلامه تعالى (( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (18) سورة الزمر )) .

 

                                                                                  10 – جمادي2 – 1427هـ

 

ماذا يقصد ؟

 

تصريح وزير المالية بإن العراق ينوي الإقتراض من صندوق النقد الدولي مبلغاً قدره سبعة مليارت دولار لتغطية العجز بالميزانية ، بعد الهبوط الحاد لاسعار النفط  العالمية ، مما شكل تراجعاً حاداً لواردات النفط والموارد المالية التي يعتبر النفط المصدر الرئيس لها في العراق .

     وبغض النظر  عن توقيت هذا التصريح إذ ربما يكون توقيته في هذا الوقت بالذات لاعتبارات سياسية لا حاجة لعرض قرائتها وبيان مشهدها ، ولكنما نكتفي بتحليل هذا التصريح من وجه النظر الإقتصادية الصرفة .

     فإن الإقتراض من صندوق النقد الدولي لا يعني إلا ربط العراق بشروط وقيود هذا الصندوق الذي يدار من الدول العالمية والتي تدير عملية النقد والمال في العالم ، ومن الطبيعي فإن الإقتراض منها سيخضع لجملة إعتبارات أهمها ربط المقترض بقائمة من الشروط والقيود التي تسمح للصندوق بالتدخل والتلاعب في توجيه العملية الإقتصادية في البلد مما ينعكس سلباً على إداء الحكومة وإنجاز برامجها الإقتصادية ، وبالتبع السياسية ، وسيحدد حركة الحكومة بإتجاه الإنفاق الحكومي مما سيخلق أزمة حادة في البلد فيما بين الحكومة والشعب ، الذي إنتخبها وأوصلها الى رئاسة الحكومة ، وإستأمنها على تحقيق متطابات الحياة المعيشية المتعارفه ومنها مجانية التعليم ، والصحة ، والحماية الإجتماعية ، وزيادة  أسعار النفط مشتقاته كما حصل بالأعوام السابقة ورفع الإنفاق الحكومي على قطاعات إجتماعية كبيرة .

     وإذا كانت واردات النفط العراقية على ضوء الأسعار الحالية لا تفي بمتطلبات الموازنة العامة ، فأنه من الضروري أن يطلعنا المسؤولون الحكوميون على الواردات الضخمة للعراق في السنة السابقة حينما كان سعر النفط ثلاثة أضعاف سعره الحالي مما يعني فائضاً نقدياً كبيراً جداً ، قد حدده الوزير قبل ذلك بـ43 ملياراً ، بالإمكان أستخدام بعضه تدويراً لسد النقص الحاصل بالموازنة العامة الحكومية ، ومن ثم لا حاجة للإقتراض من المؤسسات المالية التي تعمل لمصالح الدول الكبرى ، على ما شهد تاريخ هذه المؤسسات .

    ثم أين مصادر الطاقة الأخرى الذي ينبغي على الحكومة تنشيطها لتساهم بشكل فاعل في الموارد المالية والتي أهم نصيب فيها السياحة الدينية وفي هذا الوقت بالذات ، ناهيك عن تنشيط الزراعة وإعادة روح الحياة لزراعة العراق وتنظيم السياسة المائية ، فتنشيط قطاعات صناعية أخرى لتشكل بديلاً عن الإستيراد الذي يستنزف موارد مالية ضخمة تثقل كاهل الميزانية العامة .. .

    ونحن الآن في السنة السادسة بعد سقوط النظام الدكتاتورية ، والمفروض أن البلد قد أستعاد جزءً كبيراً من عافيته وخصوصاً في إعادة اللحمة الوطنية ، وإعادة الأمن .

    وأن الحكومة مطالبة بمحاسبة المفسدين والسراق للمال العام ورفع الحصانة أياً كان منهم فأن المال العام لا يخضع لصلاحيات المسؤول الحكومي ولا الذي فوقه ، فأنه من ممتلكات عموم الشعب ، ومن حقه حصراً أن يعفو وأن كان ذلك فرضاً بعيداً .

     إن معالجة الإنفاق الحكومي دون معالجة الأسباب لهذا العجز الحكومي المالي أمر غير منطقي ولا يخدم البلد من الناحيتين الأقتصادية والسياسية ، وان الإستمرار في سياسة الإقتراض ، مع عدم المبرر لها ، ناهيك عن إستنزاف نسبة عالية من مصادر الدخل الوطني تذهب كرواتب للسلطات الثلاثة في البلد ، فقد قدرنا رواتب أعضاء مجلس النواب مع أعضاء الرئاسة ، ورئاسة الوزراء من دون ذكر  المستشارين الذين لايعرف عددهم بالضبط ، والوزراء مع وكلائهم ، بدون الإمتيازات الممنوحة لهم من مبالغ كبيرة لاعضاء المجلس لشراء قطع أراضي ، والسيارات الضخمة ، والإيفادات وغيرها فبلغت أكثر من ثلاث مليارات دولار ، ولو أضيف لها مبالغ قطع الأراضي ، والسيارات الفخمة ، وأعضاء مجالس المحافظات والمحافظين مع نوابهم ، هذا كله بإستثناء منطقة كردستان ، وهي دولة بداخل دولة . لبلغت المبالغ الى أكثر من خمسة مليارات دولار ، كان بالإمكان تقليلها الى النصف على أقل تقدير وتوفير ما يعادل  2,5 مليار دولار بدلاً من طلب الصدقة على أبواب صندوق النقد الدولي.

   ولو أضيف المحاسبة الجادة للمختلسين والمتلاعبين بالمال العام ، ربما يتوفر أكثر من عشرة مليارات دولار تضاف راجعةً الى الخزينة الوطنية .

   أن القفز على معالجة الأسباب الحقيقية للعجز ومحاولة علاجه من الإقتراض يزيد في المشاكل البلد ويؤخر تعافيه الى مدة طويلة لا يعلمها إلا الله . وبالتالي سيكون إندفاعنا للعلاج إرجاعاً للتراجع وتكريساً للمشاكل .

 

متى يكمل البنيان يوماً تمامه

 

      يجد المتابع للشأن العراقي وفعاليات تشكيل الحكومة ودوائرها ومؤسساتها يجد أعادة الهيكلية الوظيفية لهذه الدوائر تقع ضمن حسابات الانتماء للكيان أو الفئة أو العرق بحيث تؤَسس على نمط جديد يجعل الانتماء للكيان هو الأساس وأما الانتماء الى الوطن والاحتكام الى الكفاءة بل والنزاهة فلا، وليس هذا أمراً تصورياً إختراعياً بل هو واقع يحسه ويلمسه جميع العراقيين فما أن تذهب الى الوزارة الفلانية أو المؤسسة الكذائية، فستفاجىء بان كادرها لا يضم إلا من الكيان السياسي التي كانت الوزارة من حصته، وكأن المسألة من مختصاته ولا تمثل هيكلية دولة قائمة لا ثبات فيها لكادر ولا بقاء فيها لعنصر وإذا كانت هي اليوم من حصة العنوان الكذائي فهي غداً ستكون لغيره غالباً، وسيسعى هذا الغير الى برمجة كادرها على مقاييس ما يراه مناسباً ضمن الانتماء الذي يدين به، وسوف نجد أن كل أو جل الكادر يتبدل بعد أن يصل السابق الى الحد الأدنى من الخبرة المطلوبة والمكتسبة من خلال ممارسته للعمل ـ والحال عينه سينطبق على الجديد لجديدٍ ثالث وهكذا دواليك ـ وسنصل الى النتيجة التي مفادها البيت الشعري: ـ

 

متى يكمل البنيان يوماً تمامه          إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

 

      وستكون دوائر الدولة مجرد هياكل لا بنية قائمة لا حياة فيها ولا نشاط لان أفراد الكادر سيضعون تنحيهم عن مناصبهم في نهاية الجولة وسيسعون الى تقديم المصلحة الشخصية على مصلحة البلد وسيتجاوزون بالتأكيد ـ إلا من عصم الله ـ على ممتلكات الدولة ومواردها بحجة ضمان مستقبلهم…..

      والأسوأ من هذا إن المتقدم المسكين لطلب التعيين عليه أن يقدم مستمسكات الانتماء الى تشكيلة الكيان السياسي الحائز على هذه الوزارة أو المؤسسة مما يعني تسييساً لدوائر الدولة ومؤسساتها، وهو عين ما فعله النظام المقبور من طلب شهادة حسن السيرة والسلوك والانتماء الى حزب البعث لتعزيز الثقة وزيادة الاطمئنان بالتوظيف.

      وقد نسي أصحاب السيادة الآن شعاراتهم التي رفعوها بان العراق وطن الجميع بلا مائز أو تفريق وما رفضوه بالأمس وقعوا فيه اليوم، (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)، وينطبق عليهم المثل القائل (كالمستجير من الرمضاء بالنار) لان تقسيم الوزارات والمؤسسات على الكتل السياسية هو لعب بالنار، نار تقسيم البلد وتجزئته وعرقلة عمل مؤسساته. وما كانت هذه العرقلة ولا الأشراف على التجزئة والمحاصصة عند الاحتكام الى الحزب الواحد سوى قتل روح الإبداع والتطور.

      وإذا تصفحت القرآن المجيد وجدته ينطق بالحق ويرسم لنا صورة الواقع الحالي ببيان بليغ وأدب رفيع وكلام منيع، قال الله تعالى (( كلما دخلت أمة لعنت أختها)).

      ولا نرجو إلا أن الصورة التي كنا نرسمها لمن اعتلوا مناصب في الدولة صور الأشخاص والأحزاب التي نذرت نفسها لخدمت الوطن والدين أن تبقى ماثلة في أذهاننا ومتفاعلة مع مشاكلنا ذلك لأننا أخلصنا لهم الود والاحترام فليخلصوا لنا الود والاحترام بإبقاء الصورة نفسها والحيلولة دون تبدلها الى صور لا نعرف مسمياتها إلا ذكريات كنا نأمل أن لا تزول وراء زحمة التدافعات على المصالح وتحصيل المواقع.

 

مجلس الظلم

    يستغرب المتابع للاحداث الجارية في فلسطين ..(غزة) والمجازر الدموية التي ترتكبها القوات الاحتلالية اليهودية بحق الشعب الاعزل من كل آليات القوة والدفاع حتى من آلية الإدانة العربية المتخاذلة التي وصل بها الامر الى ان تتوسل بادارات الشر في العالم من أجل الضغظ على القيادة اليهودية لايقاف الدمار ناهيك عن الشعوب الاسلامية التي لم تحركها الغيرة الاسلامية وثوابت الشريعة المعلنة بان من لم يهتم بأمور المسلمين ليس بمسلم ، وبالفعل فأن هؤلاء الحكماء ليسوا بمسلمين وإلا لصرخوا بوجه الشر اليهودي الذي مازال يزيد غلاً وطعناً بالجسد الاسلامي  حكومات وشعوباً ، وهم الميتون قبل الموت وأسياد المتخاذلين ، وبالدقة فهم المناصرون لالة الشر والعدوان .

    وفي كل هذا الظلم والدمار لم يحرك مجلس (الامن) عفواً الظلم ساكناً للاجتماع فضلاً عن إدانته العدوان وإيقاف آلة القتل والدمار الممارسة علناً امام أنظار العالم المتحضر بل المتوحش وهو يتبجح جهاراً بشعار حقوق الانسان ، عندما تتعرض مصالحه للتهديد …….. ………

  انه مجلس يضمن مصالح الاقوياء والمستعمرين على حساب الضعفاء والمساكين ، وإلا أية قضية أنصف فيها هذا المجلس الملعون طرفي القضية ، فهو غالباً ان لم يكن على الدوام يجرم الضعيف والمظلوم  ويشكر القوي والمنتصر الظالم ، ………. قضية الاسلام الاولى ، قضية فلسطين وقضية العراق ، وافغانستان ، ولم نسمع أنه ادان أو استنكر تصرف المستبدين من دول الاغرض تجاه الدول الضعيفة أو الفقيرة . أنه يخدم مصالح الاقوياء ليبقوا اسياد العالم يحركونه مادرت مصالحهم وقوت نفوذهم ، فهو أداة للسيطرة والقوة من قبلهم على العالم وشعوب الارض . وعلى حساب دول العالم ، وخصوصاً الاسلامية منها بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي واستفراد القوة الامريكية  بقرار العالم اليوم . هذا العالم الذي لم يجرء على ادانة الارهاب الحكومي اليهودي وهو يرفع شعار مكافحة الارهاب وجر وراءه قرارات حكومات متعددة …… لمكافحته خدمة لمصلحة القوى الاعظم في العالم ، ورئيسها يعلن وقاحة بان الحق مع الكيان اليهودي لايقاف الارهاب الفلسطيني الذي تمارسه حماس . أنظروا وإنصفوا ان كنتم تعقلون لصلافة هذا التصريح ووقاحة هذا الاعلان . ان استمرار الدول الاسلامية وغيرها مرتبطة بهذه المؤسسات ……. فعلتها ويوجه حركة سياستها باتجاه مصالح الدول الكبرى التي تحكم بهذا المجلس ، وستجد نفسها كما هي الآن تعمل لمصالح هذه الدول وتوفر لها الظروف ……. الملائمة لتحرير سياستها الظالمة في العالم اليوم ، فما فائدة مجلس تشتركون في ادارة قراراته نحو الرغبة الامريكية وانما لا تملكون من قراراته شيء وليس لكم من ( فيتوه) أمر . وهذا المجلس سوف لم الا بعد انهاء آلة الدمار اليهودية اهدافها وسيكون لقرار مجلس الامن منعاً لادانتها وتحقيقاً لمكاسبها السياسية ولا ينعقد الا بعد إشارة من ادارة العدوان الصهيوني ، فقد تعلمنا من أحداث عالم اليوم بانه مجلس للظلم لا للامن ، نعم هو لامن الدول الكبرى ورعاية مصالحها ، ولكنه مجلس للظلم على الدول الاخرى ، والاسلامية منها بالذات .

  ومن هنا وذاك نؤكد للمرة بعد الاخرى بضرورة انسحاب الدول النامية من هذه المؤسسات العالمية التي انشات في ظروف تدعيم اقتصادها في الحرب العالمية الثانية وتاكيد تفوقها عسكرياً على شعوب الارض ، والاسراع بانشاء منضمات مختصة بها أو تفعيل المنضمات القائمة وتشريع قوانين خاصة بها ملزمة تخدم الامن والسلم لهذه الدول بعيداً عن غطرسة واحتيال الدول المستكبرة والمستبدة والمستغلة لثروات وسياسات الدول . انها دعوة على …… ياقوم اتبعوني اهدكم سبيل الرشاد ، ان العرض لمثل هذا الاجراء تقومه احداث عرف لكم  ليشكل جداراً واقعياً واقتناعياً لهذا الانسحاب والانفلات من قبضة الدول الكبرى غير ….. هذا المجلس وغيره من المؤسسات العالمية ، وبامكان اصحاب القرار ان يخمنوا كيفية تفاعل المجلس وبدون طلب من احد على الرغم من استجداء الدول العربية المجلس لانعقاده . وسينعقد عندما تكون الحالة – ……..- ولات حين مناص ، لو كانت الاحداث بعكس ماهو جار كما لو كانت القوات العربية هي من تقصف وتدمر البنى التحتية وتقتل المواطنين الابرياء من اليهود وكان ميزان القوى يميل لصالحها . وهذا فرض نادر لا توافقه متطلبات الواقع السياسي والعسكري العربي واليهودي ، ولكنه فرض ممكن وسيكون التخمين في محله من انعقاد هذا المجلس باسرع ما هو متوقع من أجل الضغط على القوى العربية لايقاف تقدمها باتجاه دولة الشر والعدوان ، ولاستصدر قراراً ملزماً بوقف القتال والعودة الى ما قبل المواجهة ، كل ذلك ينبغي ان يكون واضحاً عند ساسة العباد من الدول العربية لان دول الشر ترتبط ستيراتيجياُ مع المتطلبات الامريكية والغربية في المنطقة العربية ولايمكن توقع سياسة امريكية بدون رعاية المصالح اليهودية لدول الشر ، والسعي لتفوقها الدائم عسكرياً على الدول العربية مجتمعة .

 ان بقاء الارتباط لهذه المؤسسات العالمية التي ما انشات الا بعد دراية الاقوياء لضبط سيطرتهم على العالم وابقاء مراكز نفوذهم التي سيحقق مجلس الامن ، حتى الامم المتحدة هذه المصالح وسيبقيها قائمة وفاعلة على الدوام .

 

محاصرة التشيع

يبدو أن سمة محاربة التشيع ستكون هي السائدة في سياسات الدول العربية داخلياً ، في مؤشر يتحرك بشكل مضحك على زمن أصبح أعمى لا يرى عيوبه إلا فضائل ولا سيئاته إلا قنابل تنفجر في وجه من يحاول تنبيه على آثارها وموبقاتها ، فراح يبحث عن أزمة يشغل بها نفسه ويرضي بها ربه (سيده) الذي يتحرك بإيحائاته وتوجيهاته ، وهو يذكرنا بالمثل المأثور ،   إذا قالت حذام فصدقوها                     فإن القول ما قالت  حذام .

إننا نشهد عصراً قد يأست فيه الدول العربية من حل مشاكلها مع اليهود فبعثها اليأس الى دائرة صراع من نوع جديد يرتدي ملابس مذهبية لغايات سياسية واضحة ، بعد أن نشرت لهم حذام شعرها الذهبي ليمتعوا نظرهم من لونه الأخاذ .

إن من المؤسف حقاً أن تجند دولة مثل مصر العربية الكبيرة في إمكانياتها السكانية والجغرافية وثقلها العربي ووزنها الدولي الكثير من طاقاتها لمحاربة عدو موهوم أسمه المد الشيعي .

أن التاريخ الذي يمكن أن تفخر به بعد مصر حكومة وشعباً لازالت آثار ملوكه الشاخصة في معالم حضارية ومدنية واضحة منها عاصمتها القاهرة ، وأزهرها الشريف الذي شيدت وشيد على يد بعض ملوك الدولة الفاطمية ذات الطابع الشيعي والتي دامت لاكثر من ثلاث قرون ، وبعدها أتى عليها الفاتح صلاح الدين الأيوبي ليلبسها ثوب المذهب الشافعي ويقضي على تشيعها مع أن الأصل فيها ذلك . وكان الأجدر بالجهود الحكومية أن  تنصب الى إعادة مذهب من خلف لها الحضارة وأعلى سماءها بالأمارة ، فأنه إستحقاق تاريخي ومكسبٌ حضارياً أعطى لمصر هيبتها وجدد مفاخر تاريخها .

أن الذين عاشوا من المصريين في فترة الدولة الفاطمية وهم أكثر من عشرة أجيال وأنهم أسلاف هؤلاء بكل تاكيد عليهم أجلى منهم إستحقاق الإسلاف هو حماية تراثهم والمحافظة على تاريخهم ، والتذكير بإنجازهم ومآثرهم وإما محاربة مذهبهم ، ومطاردة آثارهم

لدوافع سياسية لا تخدم إلا مصلحة حذام ومقالتها تعتبر كفراناً لنعم آثارهم ومعالم مفاخرهم الشاخصة في عاصمة الدولة المصرية .

والعجيب من هذه الدول والأفضل تسميتها دويلات لان مفهوم الدولة أكثر ما يعني الإستقلال والسيادة والتصرف في السياسات والقرارات من منطلق المصلحة الوطنية ، والقومية التي تخدم شعوبها وتعزز سيادتها . وإما أن تتصرف بإيحاءات حذام ورغبات المدام فأن مفهوم الدويلة – تصغير للدولة – هو الأكثر ملائمة وإنطباقاً على هذه الكيانات . ويمر في خاطري النص القرآني المتضمن مفهوم الأخسرين أعمالاً (( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)) الآية ويتداعى معه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) (( يبنون لغيرهم ، وتتبعهم حسرة أعمالهم)) مضموناً .

وأعجب من ذلك أن سلوكاً لو كان منحرفاً وعملاً شاذاً لكان عندهم مقبولاً ومصوناً في قانونها وصحيحاً في حساباتها مع خطورته على مجتمعاتهم وأعرافها وتقاليدها  بل وحتى دينها عندما تفتح  محاكمها أبوابها  لقضية تبديل الديانة الى غير الإسلامية ، ودائماً التبرير حاضر عندهم وفي قنوات أعلامهم بأن الحرية الشخصية والدينية مكفولة ويتشطر المحامون  لتفسير نصوص قانونية ومواد دستورية لتبرير ذلك التصرف ، وتأطيره بإطار قانوني وإما لو بحث مواطنهم وتحرى في بحثه عن مذهب الذي ينبغي عليه أتخاذه ، فالأمر مختلف ، إذ توصيفه بالخطورة ، وضرورة إيقاف خرقه لمجتمعهم ومذهب أسلافهم ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد ، إذا لم يتعداه الى جرم مقترف وذنب مرتكب مع شيء من التحفظ على الحرية الدينية والمذهبية إذ هي محظورة على خصوص مذهب التشيع وإما غيره من مذهب التكفير ، والنصب ، والخوارج، فكلها مباحة ومرحب بها .

إننا بقدر ما نأسف لمصر العربية هذا الإندفاع الحذامي خدمة لها ، نذكرها وغيرها بإن هذا هو بيت القصيد لسياسة حذام القادمة في تدوير دائرة الصراع العربي ، اليهودي كما نبهنا عليه أكثر من مرة الى دائرة صراع جديده ، مابين العرب وايران تحت أطار مذهبي مقيت ، بعد أن وجدت حذام وصقورها بإن إنكسار هيبتها لا يمر إلا عبر بوابة من يدين بمذهب التشيع ، كما أثبتت الأحداث في أيران ، وجنوب لبنان مما جر غزة الى إبداء تحدي جديد زاد في كسرها ، وبعثرة أوراقها ، فلم تعد حذام التي كانت ترى من بعد لتخبر أهلها عن شر قادم .

                                                                                                         

10 / جمادي1 / 1430هـ

محكمة الجناة

 

      المحقق : الواعون ، والصادقون – ممن شعارهم كلمة حق امام سلطان جائر انتم مدانون بارتكاب هذه العملية البشعة والجرم الكبير بحق المسلمين عموماً ومحبي اهل البيت خصوصاً .

      المتهم : ( العمدة ) :- انا ادنت العملية ووصفتها بالجبانة ، وانا احارب الارهاب فكيف ادعمه او اقوم به .. هذا غير معقول.

      المحقق : بل معقول ، لانك المستفيد الوحيد من هذا الجرم بعد ان قض مضاجعك الشعب العراقي الأبي باتمامه العملية الديمقراطية التي انت متوجه لارسائها في الشرق الاوسط وبعض شعوب الارض كما تدعي ، والفوز الذي حققه الائتلاف العراقي لا يروق لكم ، كما هو فوز حماس الذي اربك حالكم وغير لهجتكم من رعاية الديمقراطية الى حماية الدكتاتورية بمنطق المصالح لا الحقائق .

      فرفعتم عقيرتكم باننا نريد حكومة وحدة وطنية بعيدة عن الاستحقاق الانتخابي ، وكأن الشعب العراقي أجير عندكم وما على الأجير الا اطاعة مستأجره ، تباً لكم وترعاً .

      المتهم : لسنا كذلك نعاملكم ، انما هو الوضع الداخلي وما آلت اليه الامور لتضطرنا الى طرح مشروع الحكومة الوفاقية لمشاركة كل الفرقاء .

      المحقق : عجباً : القد شاركوا في العملية السياسية وجربوا حظهم في الانتخابات التي افرزت من هو الممثل للشعب ومن يريده الشعب ، ولا يمكنكم مصادرة ارادة الشعب ، فاحذروا غضب الحليم .

      المتهم : هناك ازمة طائفية واحتقان مذهبي ولا نأمن ان تنفلت الامور لو سرتم بالعملية الى نهاية المطاف بضغط الاستحقاق الانتخابي .

      المحقق : ومن افتعل الازمة واوصل الامور الى ما وصلت اليه ، ألستم من حفز الناس واشعل نار الفتنة بافتعالكم الازمات في مناطق الاختلاط خصوصاً بين المسلمين ، كالدورة والعامرية في بغداد ، وتلعفر في الموصل ، والزبير في البصرة ، واحاطتكم بغداد بمجموعة من القتلة تراعون عملهم وترعون خلاصهم لو ألقت القوات العراقية البطلة عليهم القبض .

      ولنا شواهد عديدة يعرفها العراقيون جميعاً الا ان القائل لا يسمع له صوت ومن يسمع صوته لا يقول قد ملك الخوف قلبه وامات ضميره فمثله كمثل الحمار يحمل اسفاراً ، وحادثة الجنديين البرطانيين ليست بعيدة علينا وهم ابناء عمومتكم لا من جهة النسب بل من جهة المصلحة ( فانطلقتم الى ما كنتم به تخافتون ) .

      المتهم : اذا صح ما تقول وليس بصحيح فلا تملك شاهداً على ادانتنا بجريمة تفجير المرقد الشريف فلا مصلحة لنا فيه ، بل هو عجز حكومتكم عن توفير الحماية للمراقد المقدسة والحفاظ عليها من ان تنالها يد الارهاب .

      المحقق اما عجز الحكومة فانتم من يقف وراءه بمنعكم اطلاق يدها لتسلح الجيش والشرطة وتوفر لها المعدات الضرورية لدحر الارهاب واقبار الجريمة ، ودقتكم الاسفين ما بين الاجهزة الامنية وامساككم بالملف الامني .

      انسيت انكم المسؤولون عن توفير الامن للمواطنين وممتلكاتهم كما يقرره القانون الدولي والاتفاقيات الدولية حول الاحتلال ؟

      ولنا شواهد كثيرة على تورطكم في الجريمة .. ساستعرضها لك لانك من قوم متغطرسون تتحدثون بمنطق القوة ، قانون القوة لا قوة القانون .

      فاسمعها ولا اخالك تنكرها :

      الشاهد الاول : عرف نفسك الاذاعة العالمية B.B.C ما عندك ورد الينا خبر اذعناه بان قوة من الجيش الامريكي والحرس الوطني دخلت الصحن الشرف مدعية وجود عناصر ارهابية متخفية هناك .

      واهالي سامراء يدعمون ذلك فقد عرضت الفضائية العراقية عن شاهد عيان بان هذه القوة قد دخلت في الساعة الثامنة إلا ربعاً من مساء يوم الثلاثاء الى الصحن ، وقيدت زمرة الحماية البالغة ( 5 افراد من الشرطة ! ) وصادرت اسلحتهم وهواتفهم وقيدت ايديهم وحصرهم في غرفة صغيرة داخل الصحن ، خرجوا بعد خروج القوات الداخلة في صباح يوم الاربعاء الساعة السابعة ( ولم يذكر المواطن السامرائي ) كيف خرجوا – وان احدهم كان أخاه – وبعدها حصل الانفجار على دفعتين …… .

      الشاهد الثاني : العقل الخالي من نوائب الاضغان والمتحلي بالحكمة .. ما عندك ؟ فقله .

ان المرقد المبارك يدار من قبل اهالي سامراء ، ويبدو انه يدار من قبل الوقف السني لاننا لم نلحظ أي نشاط يتعلق به من قبل الوقف الشيعي وكأنه في دار غربة ويقول بلسان حاله – وشلون بي بدار غربتي – وان استهدافه من قبل اهلها يحلو للبعض من المتعجلين والذين ينقصهم بعد النظر ، ان يتفوهوا به ليس له أي مبرر معقول في الوقف بالذات اذ امكان استهدافه كان متوفراً طيلة المدة المضرمة لانحسار الوجود الشيعي والرعاية من قبل وقفه ( الشيعي ) .

      وان اهالي سامراء كما عهدناهم لهم اعتقاد كبير بالامام المهدي ( عليه السلام ) فهو امامهم وامام غيرهم فلا تجد الواحد منهم عندما يريد تصديق كلامه الا وهو حالف به او متكتف اليه ، ويعتبرونه جدهم وهم ينتسبون اليه ، وهو ملاذهم ومحل دعاؤهم ورمز تاريخهم ، ولا يعقل ان يرتكبوا مثل هذا الجرم وقد كانت سامراء طريق مرورنا الى مشروع بيجي في الثمانينات ، ولم يجد منهم الا الترحيب وحسن المعاملة .

      الشاهد الثالث : عرف نفسك … التاريخ .. اليوم هو يوم تسلّم الملف الامني الى القوات العراقية لقضاء سامراء من قبل قوات الاحتلال واثارة ذريعة بهذا الحجم يعطي اشعاراً يعجز هذه القوات وعدم اهليتها لتسلم الملف الامني وان الوقف لم يحن بعد لهذا الاجراء ، لان الوجود الاحتلالي لا يزال يتذرع بمبررات فاذا انتفت فلا مبرر لوجوده .

      وليس صدفة ، انه من ايام عاشوراء امتداداً ويسبق ذكرى شهادة الامام السجاد ( عليه السلام ) بيومين وهو يشكل ظرفاً مناسباً لاستغلال التعاطف الجماهيري والارتباط الاعتقادي بالمعصومين الذي يزداد في مثل هذه الايام لتأجيجه ودفعه باتجاه اللاضبط والانفلات فيما لو مست هذه المراقد او ذواتها بما يخدش تلك العواطف ، وهذا التوقيت لا يأتيه الا من يفهم متى يضرب على الوتر الحساس وبمنطقة غالبة سكانها من السنة .. .

      الشاهد الرابع : البصر …. ما عندك يا بصر فانت مسؤول بالنص القراني – إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء .. فاجاب البصر – لقد رأيت الدمار الحاصل بالمرقد الشريف ، ومنه عبرت خواطري وتصوراتي الى خبرة الفاعل والمنقذ وامتياز عملهم ، فان خراباً كهذا الذي حصل لا يمكن ان تتوفر امكانياته لبعض ضعاف النفوس من الارهابيين واذا توفرت جدلاً فلا يصل مداها لما وصل اليه الدمار الحاصل لان العبرة ليست في السلاح بل في طريقة استخدامه والخبرات المتوفرة في مجاله .

      وقد كشف لي هذا العمل – والقول للبصر – انه ممارسات لاجهزة متمرسة مخابراتيه كانت ذكية في التوقيت ، والمكان ، وشأنية الموقع لخلق اكبر اثارة للفتنة الطائفية .

      الشاهد الخامس : المحللون والمراقبون السياسيون .. انتم معنا اهلاً بكم بماذا تشهدون ؟

نشهد ان حملة الاحتجاجات والتظاهرات الغاضبة العالمية على الاساءة للرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه واله ) قد اخرج دعاة الديمقراطية والحرية من دول الغرب التي تتباكى على حقوق اليهود – وثبوت محرقتهم – عندما ادانت وبأثر رجعي مؤرخاً انكليزياً انكر وجودها عام 1989م ثم تراجع عن رأيه اخيراً فلم يشفع له وحكم بثلاث سنوات على مقولة ثبتت عنده كمحقق تاريخي .

      فقد اندفعت هذه الدول تفكر جديا للتوصل الى مخرج من الازمة فاكثر ما يخافون منه هو غضب الشعوب وتحررها من قيود حكوماتها التي اسروها قبل ايصالها الى رأس السلطة ، فوجدوا بعد طول تفكير وتأمل فيما يكون اقسى واعمق اساءة وتأثيراً على المسلمين بعد ان توحدت كلمتهم بالادانة لهذه الاساءة ومن يقف وراءها ومطالبتهم بتشريع قانون عبر الاتحاد الاوربي او الامم المتحدة يحرم الاساءات الى الاديان والرموز الدينية ، كما حرموا وسجنوا من يشكك بالمحرقة المزعومة .

      الشاهد السادس : الوضع الامني بسامراء … هات ما عنك … منع التجوال في مدينة سامراء لكونها من المناطق الساخنة كما تسمى ، والوقت هو من الخامسة عصراً الى السابعة والنصف صباحاً ففي هذا الوقت من يتحرك يقتل او يدان – وهذا الحظر من قبل قوات الاحتلال والمتحرك الوحيد هم ومن يسمح لهم بالحركة بترخيص منهم وليس هم الا افراد الشرطة العراقية والحرس الوطني … .

      الشاهد السابع : العملية السياسية … ما بالك تشهدين ؟! فأنت قائلة :- ان اقتراب موعد اتفاق الكتل البرلمانية على حل المشاكل المتعلقة بتشكيل الحكومة وانتهاء الازمة السياسية الخانقة التي افرزتها نتائج الانتخابات السابقة ، فمن الصراع الحاد على موقع رئاسة الوزراء بين اعضاء الكتلة الفائزة بالمرتبة الاولى الى الصراع ما بينها وبين بقية الكتل حول شكل الحكومة ، فهل هي حكومة وفاق وطني ، او وحدة وطنية او انقاذ وطني او استحقاق وتطول قائمة الـ ( أو ) ..؟!

      والمفروض ان الحسم قد افرزته صناديق الاقتراع واقرته الارادة الوطنية للشعب الذي هبّ لانجاح الانتخابات وتحمل مشاق ومخاطر كبيرة ، واول من شط  في القول السفير الامريكي وادارة حكومته التي اعلنت طرحه انها تريد حكومة وحدة وطنية ضاربة عرض الحائط نتائج الانتخابات والعملية الديمقراطية برمتها ثم تتابع الاخرون لنسف اساس العملية الديمقراطية بعد ان وجدوا ان الرغبة الامريكية تتحرك بعيداً عن الاستحقاق … ربما لان السير على مؤدياته يعزز الوجود ( الشيعي ) السياسي المتنامي في البلد وهذا ما لا تريده الدول الغربية وان جاء عبر الوسيلة السلمية الديمقراطية فان ديمقراطية تخرج عن سرب الطور الامريكي تعساً لها وبعداً ، وسترسل اليها حجارة من سجيل ترمي الفائزين بالعجز والتقصير .. .

      الشاهد الثامن : .. من هذا .. يقال انه الجامعة العربية … ها .. هي صاحبة وراعية مؤتمر المصالحة الوطنية الذي يراد له ان يعقد في بغداد بعد تشكيل الحكومة او قبلها .. ولا نرغب بمصطلح المصالحة – بل نريد به ( المشاركة الوطنية ) لحل الازمة العراقية والحيلولة دون وصول امور الى طريق مسدود يعرض مصالح البلد للاضرار والدمار ويهيئ المناخ المناسب لبقاء قوات الاحتلال وخلط الاوراق واثارة النفس الطائفي يضع مشروعنا في مهب الريح .

      المحقق : هل عندك شهود تفي أو تريد ان تقول شيئاً لان هذه الشواهد تجعل ادانتك محققة وصحيحة ولسنا ممن يظلم حتى مع عدوه .

     المتهم : سواء عليك أكنت من المدينين أم لم تكن ، ليس من الامر شيء .

مخاوف الطرح الفيدرالي

    المناوؤن للطرح الفيدرالي تنتابهم مخاوف عدة من هذا الإندفاع والإستعجال في هذا الموضوع إلى الدرجة التي تجعلهم قلقين على العراق ومستقبله بل على بعض الثوابت الدينية أو الإجتماعية أو العرفية ، وفي إستقراء قد يكون تاماُ لمعظم هذه المخاوف وجدت محصورة في:-

     ا- الجانب العقائدي:- التاريخي – التوسع الجغرافي لمذهب أهل البيت ، إذا وجهنا النظر إلى تاريخ العراق وجنوبه خاصة وجدنا أن معظم العشائر العربية القاطنة في جنوب العراق إمتداداً من البصرة إلى الكوفة كانت على مذهب السنة والجماعة وقد تحولت أعداد كبيرة من أبنائها إلى المذهب الشيعي من خلال الإحتكاك والإمتزاج بين أهل المذهبين على مرور أكثر من قرنين من الزمن ، كما تخبر عن ذلك المصادر التاريخية المتعلقة بالعشائر العراقية ومواطنها وعاداتها ، فقد كان معظم عشائر الجنوب من اسد وربيعة وتميم وطي وشمر وجبور عشائر سنية ولكنها تحولت أو معظمها إلى مذهب أهل البيت ( عليهم السلام) من خلال المعاشرة والإحتكاك مع الشيعة المتركزة أساساً في الكوفة وما حاذاها من الإقضية والنواحي على طول الفترة التاريخية المارة الذكر ، فما نجده اليوم من ان معظم العشائر العربية الأصيلة على مذهبين بعضهم على مذهب السنة وبعضهم على مذهب الشيعة ما كان ليحصل لولا التقارب وإنعدام الحواجز النفسية التي ستخلقها الفيدرالية المزعومة بحيث يصطف كل فريق ويلتف حول مذهبه منتصراً له ومدافعاً عنه ضد أي إحتكاك قد يُقنع بعض أطرافه بالتحول إلى المذهب الآخر ، وهذا أمر وجداني فإن الطبيعة البشرية للإنسان وفطرته الذاتية تلزمه بالحفاظ على هويته وإنتمائه الطائفي أو العرقي بعد أن تفرض عليه الظروف وضعاً يدفعه بإلاحتماء تحت هذه المسميات التي تخرق الوحدة وتعلن التجزء .

    فإذا ما سعى البعض نحو المشروع الفيدرالي فإنه سيفقد الأمة جواً من الإمتزاج والألفة يساعد على رص الوحدة ويباعد عن التمزق ويحدث جواً من الصفاء النفسي قد يقنع الآخرين على تبديل إنتمائهم المذهبي ، وفي هذا كسب عقائدي مهم قد لا نكون ملتفتين إليه في هذا الوقت بالذات ، وعندما يصبح جميع أهل الإقليم الفيدرالي علىمذهب واحد ، فإن فرصة توسيع حاضن هذا المذهب ستذهب إلى غير رجعة ، فماذا أفعل أو ماذا تفعل لتخدم مذهب أهل البيت؟ بعد أن وضعت الحواجز النفسية والإدارية للإلتقاء مع الآخرين ومحاولة إقناعهم بمذهب أهل البيت .

      وليس هذا الإجراء إلا عاماً فإن الشيء نفسه يُطبق على مذهب أهل السنة والجماعة ، فكيف لهم أن ينفتحوا على الآخرين من أجل إنضمامهم ؟ أو إقناعهم بأحقية مذهبهم فإن فرصة كهذه ستضيع عليهم .

    وقد يدخل أهل كل مذهب من جراء تقوقعهم في دائرتهم الجغرافية في أتون مناقشات ومساجلات لا يجني من وراءها إلا المشاكل والأزمات .

    إذ كل واحد منهم يريد فرض قناعاته على الآخرين أو فهمه للنصوص أوالأحداث وحيث لا يكون ثمة هدف وراء ذلك يفتح لهم مجالات للحوار والتفاهم والإقناع فإن جواً من التكرار الممل وإجترار نفس الكلمات تسود الأجواء الإجتماعية والثقافية وستكون الخسارة أعظم وأكبر .

    وقد تبعث هذه الإشارة الطرف الآخر الذي يُدافع من اجل المنع لتمرير هذا المشروع ، بالسعي لإثارته بهمة عالية بعد أن يجد أن غزوا مذهبياً قد يحصل لمذهبه وهو ما لا يريده بطبيعة الحال ، فتكون النتيجة عكسية بتمام أطرافها ، فالفريق الساعي للفيدرالية قد يمتنع أو ينأى من طرحه ، والفريق المعارض قد يسعى لإنجاز الفيدرالية إذا وجد بعد تأمل في حساباته أن الخسارة المتوقعة على الحيلولة دون إتمام المشروع أكبر من السعي على إنجازه .

    يتضح هذا الأمر فيما نجده من الأثنينية المذهبية لأبناء عشيرة واحدة ، كعشائر طي الممتدة على طول العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه وتميم كذلك ، وجبور وغيرها ، وهذا الإمتزاج المذهبي يُعتبر أهم عاصم يحفظ وحدة البلد ويصون نسيجه الإجتماعي من التمزق والتجزء ، الذي قد يحصل إذا ماتم المشروع الفيدرالي على أساس جغرافي هو منقسم أساساً على بعد طائفي ، فالجنوب مركز التشيع العالمي والشمال مركز التسنن كذلك ، فما يُقال من أن المشروع ليست أسسه طائفية غير صحيح ويُخالف أبسط قواعد معرفة الواقع العراقي .

    كما ان إرتباط أتباع أهل البيت بأئمتهم المعصومين (عليهم السلام)  وضرورة التواصل مع مراقدهم من خلال الزيارات وفي المناسبات المقررة يُعقد المشروع الفيدرالي أكثر ويضع اتباع أهل البيت أمام مسؤولية تاريخية و أخلاقية وشرعية تجاه أئمتهم التي تتواجد مراقدهم في المنطقة الشمالية ، كمرقد الإمامين العسكريين  (عليهم السلام) ، حيث لا يمكن أن يحتمل شيعياً على الإستعداد للتفريط بهذا الواجب مهما كلف الأمر.

    وقد يهون من حجم المشكلة عند المنادين للمشروع إلا أننا نعتقد جازمين بانها ستكون أكبر واعقد مشكلة تواجه الشيعة في هذا الصدد ، وستكون الحلول مما تزيد في تعقيد مواصلة الأتباع لزيارة هذه الأماكن المقدسة ، بل قد يُعرضها للهدم والتدمير كما هو ليس ببعيد وادل شاهد على صدق هذه المقولة الحادث الجلل الذي أطاح بالقبة الذهبية لمرقد العسكريين وفجر مشكلة الإقتتال الطائفي بين المذهبين فهل يستطيع احد أن يضمن عدم تكرار هذا الفعل الشنيع ويهيئ أجواء مناسبة للزيارة بلا أية حساسية أو مشكلة ، يسأل نفسه قبل أن يُجيب ؟

     ب-الجانب الإنساني –الإجتماعي – وقد يكون من متممات الجانب الأول ، وهو أن الالاف بل الملايين ممن يتواجدون في المناطق للمذهب الآخر ، كألاف السنة في مناطق الشيعة الجنوبية أو ألاف الشيعة في مناطق السنة الشمالية وهي أعداد لا يُستهان بها وأنها ستجد نفسها مضطرة للرحيل من هذه المناطق إن لم تكن قد إضطرت بعد موجة أحداث العنف المستمرة إلى هذه اللحظة ، فإن القاطن هنا أو القاطن هناك يجد نفسه غربياً وسط منطقة سكناه وسيُعامل على أنه ليس من أهل المنطقة و إن عليه الرحيل إذا أراد الخلاص والبقاء وشواهد حياتية عديدة ، أذكر واحدة منها حصلت قبل مدة:-

  فإن أحد المسؤولين الكبار وهو من الشيعة ومن منطقة البصرة ، وله وجاهيته ومعروفيته في أوساط البصرة مُنع من الدخول إلى مدينة النجف الأشرف لمجرد إرتباطه بنائب رئيس الوزراء –الزوبعي- فقد تفوه بعض أفراد الشرطة من نقطة السيطرة لمدخل النجف الأشرف ، بأن الزوبعي عليه أن يحكم في المنطقة الغربية وليس هنا .ولم يشفع لهذا المسؤول أن أخبرهم بأنه على موعد مع بعض مراجع النجف الأشرف ، وأنه قادم لأداء زيارة الأمير (عليه السلام) ، وفي شهر رمضان الحالي شهر الرحمة والمغفرة ، فإُرغم على الرجوع إلى البصرة .

    هذا الفعل التهجيري سيخلق مشاكل عديدة تتعلق بالسكن أو إيجاد الوظائف التي لا تتوفر عليها السلطة المركزية فضلا ً عن السلطات المحلية يُخبرك حال المهجرين الآن في أوضاع مزرية  لا تسر عدو ولا صديق .

    هل وُضعت الحسابات الإدارية والإقتصادية المناسبة لحماية ودعم هذه العوائل فيما إذا هُجرت؟ وهو واقع لا محالة أو أننا لا نفكر في عواقب الأمر بقدر ما نفكر فيه ونكون ممن ترك مقالة أمير المؤمنين (عليه السلام) ((إذا هممت بأمر فتدبر عواقبه ))  .

   ج- الجانب السياسي:- عندما تقرر الفيدرالية على أساس التقسيم الثلاثي أو غيره ، ولننظر إلى فيدرالية الوسط والجنوب فمن المؤكد لدينا أن نظر البلدان المجاورة وبعض دول العالم ستتعامل مع هذا التقسيم كواقع جديد للعراق وإن أولوية التعامل معها هو ما يقرره واقع الحال ، وأما التعامل مع كيان دولة إسمه العراق فقد كان في ماضي الزمان أما الآن فالواقع  يحكي أمراً آخر .

   ومن هنا ستتعامل الدول العربية والإسلامية (السنية) لو صح التعبير بشيء من الريبة والتخوف من فيدرالية الوسط والجنوب بإعتبارها ستمثل إمتداداً للنفوذ الإيراني داخل العراق وتوسيعاً للوجود الشيعي الذي بدأ يفرض نفسه كأمر واقع في المنطقة ينبغي التعامل معه كحقيقة مستجدة على واقع الحياة السياسية الدولية .

   وفي مقابله ستتعامل معه إيران بإيحاء جملة من الروابط التي تربطها مع هذا الإقليم جغرافياً وعقائدياً وإجتماعياً وحوزوياً وستعتبر أن أهم مصالحها تنطلق من هناك فيقع هذا الإقليم في تجاذبات المتوجسين منه خيفة ، وبين التواقين له حقيقة وإذا إصطف مع المتوجسين جملة من دول العالم الغربي ، وأمريكا على راس القائمة فسيكون مسرحاً لصراعات إقليمية ودولية تجعل من إستقراره مستحيلاً ونموه إقتصادياً وسياسياً كذلك .

    و لا يمكن تبرير هذه المخاوف وشل الحلف المرتقب لمواجهة الأمر إلا بالعيش ضمن إطار الدولة العراقية بكل مكوناتها وطوائفها من دون تحسيس الآخرين وإثارة مشاعرهم تجاه طائفة دون آخرى أو مذهب على حساب آخر ومن خلاله يمكن لعملية التنمية أن تسرع والإزدهار أن ينمو إذا أخلص القائمون على السلطة وإنقشعت سحب الإستبداد وإحتكار السلطة بفضل تفعيل سيادة القانون والإحتكام الى الدستور الذي يقرر فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة و……

     كما إن هذا الإجراء الفيدرالي سيُصعب عملية إنتقال الأفراد وحركتهم وتعاملاتهم مع عراقيين من أقاليم آخرى بفعل الإجراءات التي سيتخذها كل إقليم وهي تختلف بكل تأكيد عن إجراءات الإقليم الآخر وسينعكس ذلك سلباً على إحساس الشخص بإنتمائه إلى بلد يسمى العراق إذ يعتبر نفسه في حل عن إرتباطه بإقليم آخر ضمن إطار الدولة العراقية ، وقد يزداد الأمر سوءً إذا حصل تضخيم لمشاكل بسيطة من هذا القبيل وتفعيلها إعلامياً وسياسياً نفتح طريقاً لتدخل الأطراف الخارجية مما يهيء جواً مناسباً إلى حدوث نزاع بين الأقاليم ولا يشفع للقائلين بأن حكومة المركز ستحسم الموقف فإنها الان أعجز أن تحسم أمراً كهذا وهي غارقة في مئات المشاكل والأزمات التي لم تحسم منها شيئاً يفرزه الواقع .

    نعم بعد أن تفرض السلطة المركزية سلطتها على تمام أطراف العراق ولها جيش قوي ومتطور قادر على التدخل وحماية الدولة ضد أية أخطار تهددها خارجية كانت أم داخلية ، أمكن للطرح الفيدرالي بتوسيع دائرة صلاحية الأقاليم وإعطائها بعضاً من الإستقلال في إدارة شؤونها دون الرجوع  إلى المركز في كل صغيرة وكبيرة ، كان مقبولاً إلا أنه بحاجة إلى وقت تستعيد الحكومة عافيتها وتحل مشاكلها ويشعر أبناء الشعب العراقي قاطبة بأن حكومتهم قوية وقادرة على معالجة أي شرخ لوحدتهم الوطنية مع قدرتها على إنضاج المشروع الفيدرالي والسعي لإنجازه بما يعزز هذه الوحدة ويضمن حقوق الجميع وقطع الطريق عن الأجانب للتدخل في شؤون العراق وتحريك عجلته السياسية وفق مصالحها الخاصة التي تريد إنجازها في العراق أو تحقيقها على حسابه .

    وبالتالي ستكون جميع الأطراف أمام خيارات واقعية نابعة من إراداتهم في إختيار الطريق الصائب ، وليس أمام خيارات إلجائية يدفعهم إليها ضغط الواقع الهزيل أو الخوف من المستقبل المجهول ، وغالباً ما تكون حسابات الواقع ضمانات وقتية سرعان مايعود النزف من جديد بجرح أعمق وأكثر إيلاماً بمنظار قوله تعالى وحكاية عمن تعجل حظه قبل يوم الحساب          (( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ )) سورة ص: 16

                                                                                                                           26/رمضان/1427                                                                                                                                                                                                                                                  

المسرحية

 

الموقع :  سامراء .. الساعة السابعة صباحاً ..

 

التاريخ :  23 / محرم الحرام / 1427هـ الأربعاء ..

            يوم تسلم الملف الأمني للمدينة ) الموقع ( .

 

الشخصيات :

1.          مرقد الإمامين العسكريين  ) عليهم السلام ( .

2.          أعداء أهل البيت _ من الخوارج والتكفيريين _ .

3.          ) العمدة ( .

4.          عناصر الشرطة العراقية … 4 أو 5 منهم ..

   

الأدوار :   شخصية المرقد المطهر تحتمي بظل أربعة من عناصر الشرطة – يخافون إن  يتخطفهم الطير أو تأكل من رؤوسهم – .

ويمثل الطير – أعداء أهل البيت عليهم السلام .

وتمثل ) دور العمدة ……… ( في البلد , تفعل ما تريد أو تعمل ما تشاء بلا رقيب من سلطة أو وازع من ضمير أو دافع من دين أو التزام من قانون ، ……

 

المشهد الأول : ) برواية أهل سامراء ( .

دخلت مجموعة ملثمة ترتدي لباساً عسكرياً – شبيهاً بلباس الحرس الوطني – الصحن الشريف , وقد اخطأ المخرج ؛ لأن أفراد الحرس الوطني لا يتلثمون بـ) اليشماغ ( الأحمر , وقد عرضهم ملثمون , فاخطأ في ملبس العمدة الذي يتحزب بالقوة والمظهر والتبختر .

 

          عناصر الشرطة : ما الخبر ؟!

 

          العمدة : جئنا للبحث عن إرهابيين قيل إنهم في داخل المرقد !!

قاموا بعدها بتوثيق أفراد الشرطة واخذ أسلحتهم وهواتفهم ثم وضعوهم في غرفة صغيرة مقيدين …

ثم قاموا بعمليتهم – تفجير المرقد المقدس وارتكاب الجرم – ثم ولوا هاربين

         عناصر الشرطة :  استفاقوا مذعورين من هول الانفجار فوجدوا الخراب والقبة الذهبية مهدمة ودمارها كبير …

ففروا فزعين ….

 

المشهد الثاني :

    مرقد الإمام ) عليه السلام ( : تركني مواليّ ومحبيّ وحيداً في دار غربتي , ولم يغثني احد من إفراد أسرتي وأبناء عمومتي وأصحابي وشيعتي , فلا جدي يذكر على المنابر ولا تسمع شهادةً بولايته  .

فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون استرجعت استذكاراً بمقولة جدي الحسين عليه السلام حينما توجه إلى العراق :

انتظرت الفرج علّه يأتي من حفيدي ! منقذ البشرية الإمام المهدي عجل الله فرجه 

وأنا في انتظاري فقد قصفوا داري , وخربوا مزاري , واستخفوا بحرمتي ولم يكتفوا بما واجهوني به في حياتي , فراحوا يطاردونني بعد مماتي ويمحوا آثاري ويذبحوا زواري , وقبلها قد أغلقوا باب داري ومنعوا جيراني ؛ فلا صراخاتي تُسمع ولا شفاعتي لهم يوم المحشر تدفعهم لنصرتي وسماع واعيتي .

فأين الذين بنا إلى الله يتوسلون ؟!

وأين الذين بشفاعتنا يتفاخرون ؟!

 

العمدة : يتخفى فمرةً يظهر متباكياً – على ما أُلحق بالمرقد الشريف – يذرف دموعاً ؛ وهي سهام نصب واعتداء .

ومرةً يكيل التهم على الخوارج التكفيريين , وهو يساهم في عدتهم وعددهم ويبارك سراً أعمالهم , ويوفر لهم سبيل النجاة عند القبض عليهم , ويمعن في إضلالهم ويزيد من إجرامهم , لقاء أوراق خضر تنثر على موائدهم وتملأ جيوبهم ؛ جباههم سود من كثرة سجودهم ,  و وجوههم صفرات من آثار إنسانيتهم .

ومرةً يطاردهم ويذيقهم سوء العذاب ؛ يخرب بيوتهم ويقتل أبنائهم ويستحيي نسائهم , وهو سامريهم أضلهم وتاجر بجهلهم , فلهم الويل مما ارتكبت أيديهم وسيلقون غياً .

 

    عناصر الشرطة : نحن يا إخوان نسمع ولا نرى , ونرى فنعجز , جئنا لهذا المسلك لنعيش ونأكل لا لنحمي الديار والذمار , نرتدي الملابس لنخوف بها الأطفال , ونهرب من الكبار , فنضطر لنحتمي بالعمدة فهو صاحب القرار .

قيدنا الأشرار واخذوا أسلحتنا وهواتفنا حتى فعلوا فعلهم الجبان , متمادين في غيهم من غير رادع يردعهم أو يرد كيدهم ويوقف استهتارهم , فنحن يا إخوان في بلد قد تكررت علينا سنن الجبار , وركبنا طريق من كان قبلنا في هذه الديار , كان أميرهم ( عليه السلام ) يقول لهم فيستغشون ثيابهم ويصموا أذانهم بأصابعهم – لو إن أحدا مات كمداً لما يرى من الذل والهوان , فما كان عندي ملوماً – .

أُسدل الستار وقام الحاضرون ما بين مندد مستنكر لا يغني قوله من الحق شيئاً , وما بين رافض وساكت لا يعلم قد يفعل به فاقره , وما بين ساخط غاضب قد وضع الآخرون أيديهم على فمه كي لا يطلق كلمة الصراخ التي نادى بها الكل ) هيهات منا الذلة ( فحبست كلماته في جوفه وجاشت نفسه بالبكاء على بؤسه وهو يرجو الله أن لا يرى كيف يكون غده , فقد آيس من الحياة وافتقد الأمل وراح يفتش عن مخلص لإنهاء تلك المعاناة قائلاً بصوت خافت خوف أن يسمعه العمدة وزبانيته ) ألا هل من معين يعيننا , ألا هل من ناصر ينصرنا ويذب عن حرمنا ( .

 

    المرقد : لبيك أيها الصارخ بخفاء والقائل مع جفاء الإخوان وخذلان الأعوان , والسائر في طريق ذات الشوكة صبراً , قد آثر الآخرون عافيتهم ورضوا بما درت عليهم معائشهم , تجدهم يهتفون بقلوبهم دون ألسنتهم , اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ….

ولكن ..المرقد ….. أنا عاجز مثلك قد تركني الأهل وتجرأ علي حتى النمل , ولكني أدعو لك برجاء واراقبك بدعاء .

قد أصم الخوف أسماع الناس وهم يرددون : عز علينا أن تدعونا فلا نجيبك …

ولكنهم لم يتفوهوا .. نجيبك فلا ننفعك خوفاً من أن تصل كلمتهم إلى العمدة فيشتاط غضباً , فيرميهم بحجارة من سجيل تجعلهم كعصف مأكول .

    الساخط : يسترجع ويحوقل ) لا حول ولا قوة إلا بالله , إنا لله وإنا إليه راجعون ( .

 

يبقى من لم نذكر دوره … وهو البلاط .. تنفر واستعد وأعد وترعد فلم يأت على العمدة ولم يذكر له سواه البتة مكتفياً بمنظره عن مخبره – كأن على رؤوسهم الطير- .

 

الختام :- المخرج مع الممثلين … كلمة الوداع .

) إلك الله يا روحي ( !!

 

مقالة عامة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاخوة الحاضرون .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

      تتضح اصالة الشعوب وقيمتها بين شعوب الارض من خلال ما تتخذه من موقف تاريخي في مفصل من مفاصله عندما تتعرض حياتها الانتهاك وانسانيتها للاستهلاك من قبل الطغاة والمستبدين مستغلين حالة الضعف والنكوص التي تستفحل في ظروف الجهل وقلة الوعي وقسوة المعاملة وتعريض النفس للتلف لابسط زلة واتفه كلمة .

      وفي مثل هذه المفاصل التاريخية توضع هذه الاصالة على المحك لتختبر حالها وتؤكد على اصالتها وحقها في العيش الحر الكريم وتنفض عن نفسها غبار الذل والاستخفاف الذي يذره على عيونها الحكام لتعشُ طريقها – طريق الحرية والكرامة ، فتطيع صاغرة وتلتزم خانعة بما يقوله الطغاة المستكبرين .

      وعندما يكون الحاكم شمولياً ومستبداً فانه يسيطر على مستوى افكار الناس وقناعاتهم التي ينبغي ان تسير على وفق رؤيته وتصحيح تصرفه وان الناس ستنقسم بازائه الى فريقين او قبيلتين ، فريق رافض لا يقوى على ترجمة رفضه والا كان السيف بانتظاره وفريق غض نظره خوفاً او طمعاً يرى التمرد عليه موبقة والحركة ضده جريمة تأكل فاعلها وما حوله …… فسيبقى اصحاب الفريق الاول بين مطرقة النظام وسندانة الفريق الاخر ، يتحين الفرص لعل الزمان يجود عليه بواحدة ليشعل الارض لهيباً تحت اقدام الطغاة مستمداً من اصالة الامة وتاريخها وحضارتها وقادتها ورموزها محفزات لقيامه وانتفاضته ، وهذا ما حصل عندما هيئت الظروف الدولية ظرفاً مناسباً للانتفاضة على نظام طاغوتي بغيض ، فقد لقنته آلة الحرب لا سيادة الغربيين درساً اعاده الى رشده ومقدار حجمه .

      ولم يكن من بد امام الشعب المسكين بفريقه الواعي الا ان يستغل الفرصة التي اركعت النظام فانهار سريعاً بكل قوته العسكرية وآلته التسليحية واعداده المليونية ، فانتفض صارخاً وشجب متحركاً بانتفاضة شعبية عامة اتت على ما تبقى لهذا النظام البغيض من ازلام وانظمة امنية وعسكرية سطّر فيها الشعب العراقي الاصيل واحدة من اروع ملاحم التاريخ في تصدي الطغاة وايقاف مسلسل ظلمهم واضطهادهم للامة .

      ولم تبق هذه الانتفاضة المباركة للفريق الاخر الا ان يتفاعل معها ويشارك في احداثها فكانت وقفة شعبية راقية الاداء بايقاع سريع جعل من الصعوبة بمكان السيطرة على حركتها وتوجيه اندفاعها واستثمار نتائجها لافقارها الى القيادة الواعية التي تنظم ايقاعها وتعبأ لديمومتها بعد ان غابت عنها قيادات المعارضة العراقية في الخارج فكانت حائرة بل عاجزة عن فعل ما ينبغي لها ان تفعل وتستثمر فعل الشعب الذي طالما عولت عليه ولم يبق للشعب الا القيادة الدينية وحالها لا يختلف كثيراً عن المعارضين فاقتصر عملها في ارجاع الامور المنفلتة الى وضعها وعودة الحياة المضطربة الى سابقها .

      وبقي المخلصون من ابناء الشعب يواجهون مصيرهم الدامي الذي ظنوا بانتفاضتهم المباركة انه ولى من غير رجعة حتى استكملت قوى الشر والطغيان اعداد خطتها وتغيير منهجها لغير هذه الانتفاضة التي وقف فيها المخلصون وقفة شرف وعز تذكرنا بماضي الامة الحبيب ايام اسلامها العظيم حينما هدمت اركان الطاغوت وكياناته الباطلة .

      ولكن الفارق النوعي والكمي والتنظيمي جعل المنازلة خاسرة بحسابات المادة فراح الالاف من ابناء شعبنا ضحايا اجتماع قوى الشر في مواجهة الانتفاضة وقمعها بكل قسوة ووحشية ، شاركت فيها واعانت عليها القوات التي هزمت النظام في واحدة من مغامراته الطائشة .

      واذ نستذكر هذه الانتفاضة المباركة وحركتها الايقاعية المتصاعدة التي انها النظام امامها وكأنه صرح ممرد من قوارير ، نعم قوارير من زجاج لا تلبث ان تنكسر امام ارادة الجماهير الغاضبة اذا رفعت عن اعينها النظارات السود لترى طريق الحرية وتثأر لكرامتها التي صادرها النظام وتعيد موقعها بين شعوب الارض التي رسمت طريقها بقوة الارادة ووعي الاهداف الالتفاف حول المخلصين الشجعان من ابناء البلد والذين يرون الامة لا تعينهم في ظروف نهضتهم او لا تشجع على الاقل لتصديهم للانقضاض على الواقع ومحاولة تغييره فكان المخلصون على الدوام يعيشون الحسرة وقلة القدرة في الوصول الى اهدافهم ، اهداف الامة التي هدرت كرامتها وصودرت ارادتها ليعيدوا لها جزءً من تاريخ ناصع صنعوه اجدادهم بهمم عالية وارادات صلبة تساقطت امامها امم ودول قوية .

      ولم يكتف الاشرار من الغربيين بما انزله الشعب بطاغيته فراحوا يعيدون له الامرة ويعينوه على مواجهة الصدمة ، ذلك لانهم على الدوام لا يريدون للشعوب ان تتيقظ من نومها وتكرس ارادتها في استقلال نفسها لان ذلك ببساطة يعني انفلاتها من قبضتهم وخروجها عن دائرة تأثيرهم هذا هو سر دعمهم للنظام في مواجهة الانتفاضة وانهائها ولكنهم ابقوه تحت مطرقتهم حصاراً ومراقبة حتى اذا انهكه الحصار وانكفأ الشعب المسكين بعد ان غدرت به القوات الامريكية وادارتها السياسية وولاة النظام بعد الذل الذي لحقه وانكشاف اكذوبته التي راهن عليها بحب الشعب له – فولاه ظلماً واضطهاداً وامعاناً في ذله وخذلانه فماتت عنده البسمة ويئس من التغيير حتى غدا يتمنى ان يحكمه اياً كان غير الطاغوت اللعين .

      فنظام منهك ضعيف وشعب بائس مسكين عاش لحظات امل في التغيير في التسعينات بعد ان وجد في المرجعية الدينية من يعيد له كرامته ويرجع اليه عزته فكانت مرجعية السيد الصدر الشهيد الثاني ( قده ) قبس الخير الذي عاش الشعب نوره يتأمل ويتحرك ، ومرة اخرى تكالبت قوى الشر والعدوان من النظام تنفيذاً وامريكا واليهود تقريراً لتصفية هذا البطل الذي ترجم المرجعية الى ممارسة ميدانية تحتك بالشعب عن قرب تلتمس منهم الاخلاص وتتحسس فيهم الهمة والنشاط لمن يستطيع ان يحرك هذه المعاني ويبعثها في نفوسهم من جديد .

      ورجع اليأس يطرق باب الامة وهي متوجسة خيفة تنظر الامل ولا ترى لها من عمل وكأن التغيير ينزل عليها من السماء أو يطرقها من الارض ، والسماء لا تجود عليها الا بان تدرك حكمتها وانها لا تغير ما بأنفسهم الا ان يغيروها هم .والارض لا تعطيها حسبة بل منّة واستذلالاً وهذا ما حصل بالفعل عندما قرر اصدقاء الامس قلع صديقهم وربيبهم من كرسي الحكم بعد ان شارف على السقوط بتقادم الزمان ضمن مفهوم ( وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (140) سورة آل عمران ) وانهاكه من قبل الشعب في محطات زمنية متتابعة كان اخيرها النهضة الاصلاحية لمرجعية الشهيد الثاني وقبلها بكثير وقفة الشهيد الاول وما بينهل الانتفاضة الشعبانية المباركة وحركات من هنا وهناك انهكت النظام واعجزت حيله لكيفية مواجهة ( التمرد الشعبي ) ولم يدرك بان عليه ان يغير من اسلوب تعامله مع الشعب وان يدرك طيشه واستهتاره الا بعد فوات الاوان .

      وانتقل حالنا من الاستذلال الى الاحتلال وكأن قدرنا ان نعيش تحت ظل الظلمة والطواغيت ، وانقسم الناس سماطين ، سماط يشكر الاحتلال على ما قدم له من خدمة واسقط النظام ونسي المغفلون انه ساقط اساساً وما كان يكلف سقوطه الا وقفة عز وشرف اتنال التغيير بانفسنا فنشعر بقيمته ونحس بأهميته وندافع عن مكتسباته .

      وسماط – يمثل القلة وهكذا اهل الحق واصحاب النظرة الواقعية الى الامور – يلعن الاحتلال ويستنكر افعاله في افساد العباد والبلاد ، وهو ينقد السماط الاخر قائلاً له بصوت خفي قد لا يسمعه الا الواعون واذا سمعوه ما تفاعلوا معه ان لم يقفوا ضده أتستبدلون الشر بالشر ، والسوء بالسوء بل الاسوأ ما لكم كيف تحكمون ؟ .

      ومشكلة هذا الفريق انه محاصر من جهات :

      اولها- الاحتلال البغيض نفسه .

      وثانيها – الشعب الذي امات قلبه اليأس فالتمس الامل عند الذئاب والوحوش وهو لا يدري ما يفعل به ( فاقره ).

      وثالثها – القيادات العاملة في الساحة السياسية والتي اخذت على عاتقها كما تدعي مشروع بان اسقاط النظام لا يمكن الا بمساعدة دول اخرى – فهي ملزمة معه وتريد خروجه لا اخراجه ، اما كيف ؟ فسوف يخرجه استكمال العملية السياسية ، وهو سراب بقيعة .

      ورابعها – المؤسسة الدينية ولم تبتنِ لحد هذه اللحظة خياراً واضحاً في مواجهة الازمة التي تعصف بالبلد بعد ان وصلت الامور الى ازمة طائفية بغيضة واشرفت على حافة حرب اهلية تأكل ما يقدم لها ، وكانت على الدوام منفعلة امام الاحداث اكثر ما تكون فاعلة ومستبقة .

      ولكن ما هو الحل … بيدك لو فكرت وعندك لو قررت ، وبربك استعنت ولرعيتك احترمت ولتاريخك قرأت ، ولقرآنك استشرت ، ومن تراثك اخذت ، وعلى نهج قادتك تحركت ، واعلم ان نصر الله لا يأتي الا بان تنصره فنصره موقوف على نصرك وما لم تنصره لا تطلب نصره .

      ان دماء شهداء الانتفاضة وغيرها تستصرخنا رافعة صوتها اين حقي في الحياة التي قدمتها لكم اين دمائي التي اريقت على ارض الرافدين لنسقيها عزاً وكرامة وحرية ؟ اين افعالي الحميدة لا تقتلوني مرة اخرى بدعوى الاكرام في نشري في الجريدة ، واسمعوا نصحي لكم اعقروا الجمل والا لا يخضّر لكم عود ولا تقوم لكم ساق .

      ولكن جملنا يختلف عن الجمل الذي دافع عنه العسكر فعقره الامام وانهى المعركة ، جملنا اكبر قوة واقسى فعلاً واخبث عملاً واكثر استكباراً واوسع تحشيداً واعمق ظلماً ، واشد تنكيلاً  ، واستعينوا بالصبر والصلاة واعملوا ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128) سورة النحل ) .

 

                                                                          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

من خطابات سماحة الشيخ قاسم الطائي

 

  • نعلن رفضنا للمماطلة الأمريكية وتبرير البقاء أطول مدة ممكنة .
  • نعلن رفضنا ضد التخريب والفئوية والجماعاتية .
  • نعلن رفضنا ضد محاولات البعض للنيل من وحدة البلد تحت مسميات الفيدرالية وتقرير المصير .
  • نعلن رفضنا ضد محاولات الغرب الاعتداء على بلدان الجوار العربية والإسلامية بذريعة الإرهاب .
  • نعلن رفضنا ضد محاولات التكفير والطائفية وقتل الأبرياء وقطع الرؤوس .
  • نعلن رفضنا لمساومات البعض لتحقيق مكاسب سياسية على حساب وحدة البلد وتقرير مصيره .
  • نعلن رفضنا ضد محاولات قتل الشرطة والحرس الوطني لبث الفوضى وارباك الأمن .
  • نعلن رفضنا لكل محاولة ومن أي جهة جاءت لبث بذور الفرقة وشقاق بين أبناء المذهب الواحد بل وبين أبناء البلد الواحد .

 

من دستور الفعل

       1- للناخب العراقي

الشوارع والساحات الرئيسية في المحافظات مليئة بصور جميلة كبيرة للمرشحين، تضمن اسم المرشح ودرجة العلمية الاكاديمية ، ورقم قائمته وتسلسله فيها ، وهو بهذا سيحقق انجازا خياليا لمن سيرشحه من الناخبين ، وهذااغرب ما في الامر ان يطلب مرشحا ترشيحه لمجرد صورته الجميلة واسمه ورقمه ، واما ما هي انجازاته الاجتماعية ووزنه او ثقله التاثيري في دائرة الانجاز والاصلاح او البناء فهو مجهول للناخب ، فهل سيقترع الناخب بين المرشحين ومن تخرج القرعه باسمه بل بصوته او رقم سيرشحه الناخب ، او هل يعتمد على الاعلام فمن يراه في منامه ينتخبه او ماذا ؟

 لنضع الناخب الحبيب في الصوره الحقيقه نستطر له دستوره الخاص وان كنا استصدرنا دستورا مسابقا له من انتخابات سابقه ، لكننا نختصره هنا ضمن الفقرات التالية .

    أ) الذهاب الى الانتخابات ضرورة حياتة لتصحيح مسار حركة الدولة في المحافظات ومنع التلاعب بمقدرات البلد ومخصصات المحافظات المالية واعادة اعمار ما خلفته الحرب والاحتلال ، ضمن منظور لايلدغ المؤمن مرتين ،فاذا جربت الاولى اياك ان تعيدها ثانيه ، والا شاركت في الانفلات والتسبب والانتهاب وستحمل وزر ذلك ،

وقد يخبرك المغفلون كأن لاجدوى من الذهاب الى الانتخابات ماذا حصلنا من السابقين ؟

ولكنه غفل عن ان عدم الذهاب سيرجع وسيعيد السابقين الى السلطة ، وسيكون حالنا حال من صام طويلا وفطر على (جريه)

انما تذهب وتدلي بصوتك بقوه مستفيدأ من التجربة السابقة

وقد يقول اخرون انا لانعرف الجديد من المرشحين فقد يكون مثل السابقين صفة وفعلا عندما يستلم المنصب ويدير السلطة ؟

وهو قد غفل ايضا فان اعطاء منصب للجديد افضل من استعمال القديم لانك تقطع بعدم جدوى القديم وتحتمل ذلك للجديد والاحتمال بعدم  الجدوى افضل من القطع بها . ولتعطيه فرصه قد يصحح ما افسده السابق او يستفيد من نبذ المجتمع له .

ب) تحرى من الامين المخلص عن تجاوز الاربعين من عمره فان التجاوز عن هذا العمر يذهب النزق والاندفاع بل والرغبه في الاقبال على الدنيا غالبا .

ح) احذر تنخب قائمة بل تحرى انتخاب الفرد دون القائمه لانها ستدخل العملية الانتخابية في حيص وبيص يستفيد منه اهل السلطة والنفوذ والتاثير .

ء) تحرى انتخاب من هو من اهل منطقتك ولمعرفتك به والا لزم رعاية المصلحة العامة دون الخاصة ولو من جهةالخجل والاحراج امام اهل المنطقة . واياك وانتخاب البعيد فانك لاتعرفه وهولايرتبط معك بدوافع تاخذه لخدمة منطقتك

ه) تحرى الغني المليء دون الفقير والمحتاج فان الغني ابعد من تستغله السلطة ويستغلها لمآرب الشخصية

و) احرص ان تمزق استمارات من له حمله بك من العائله ولم يحظر الظروف معينة كي لاتستغل للاملاء من قبل الجهات المؤثرة في المراكز الانتخابية .

ك) اجعل ذهابك اخر ساعات الاقتراع لتراقب عن قرب ما يجري في المراكز وتمنع التلاعب تلك سبعة كاملة فخذها وكن من الشاكرين

2) دستور المقاوم : للفلسطينين وغيرهم ممن يواجهون الاحتلال والاستذلال  سنسطرها

أ) امتص زخم الضربة الاولى وما يسمونه بالصدمه والترويع ،فان في امتصاصها واستيعابها افشال لخطة العدو في هزيمتك واستسلامك . وهذا الامر لايحتاج الالشى من الصبر والثبات

ب) حاول استمرار المعركة لاطول مده ممكنة لانهم دائما يخططون لحرب قصيرة ومؤثرة واذا ما استمرت فان انعكاساتها على القيادة العسكرية والسياسية وعلى الوسط الشعبي سيكسر سورة العدوان ويقتل فيهم دوافع الاستمرار ، فهم منهزمون مع طول المده غالبا وان كان منها تدمير لماديات الشعب المهاجم والمقاوم غالبا ، لانهم يقاتلون عن بعد من الجو سيضطرهم طول المده للحركة على البر والمواجهة  وهنا ستكسب المعركة مع التخطيط والتدبير والارادة .

ح) حاول ان تلحق بهم اكثر خسارة ممكنة بالافراد فانهم يتحملون الخسارة جميعا هذه وستفشل كل خطاباتهم الاعلامية وبرامجهم السياسية في تامين الحياة للمعتدين .

 

من ذاكرة الحج

 

 يقع الحجاج (الشيعة) في معظم مواسم الحج بحرج شديد لاختلاف ثبوت الهلال في الديار المقدسة هناك ، ومراجع تقليدهم مما يضطرهم الى ايقاع الحج والوقوف في عرفة على ما يحكم به قاضي تلك الديار ، وقد شقق بعض الفقهاء المسألة الى شقين

    الاول منهما : ماسماه احتمال المطابقة في ثبوت الهلال عندنا وعندهم وهنا حكم باجزاء الوقوف معهم .

    والثاني منهما : القطع بالمخالفة ، وهنا حكم البعض بوجوب الوقوف في الوقت الاختياري مع الامكان أو الاضطراري ، والا فسد حجه وتحول الواجب عنده الى العمرة المفردة مرتباً عليه لوازم منها اعادة الحج من قابل لو كان الحج مستقراً في ذمته ، أو اعادته مع بقاء الاستطاعة ، فيما لو كان مستطيعاً لسنته . وليس مهماً الدخول في تفصيل المسألة هنا ، ولمزيد الايضاح يراجع رسالتنا في الحج التي هي في طريق الطبع ان شاء الله تعالى . ولكن ننبه على ما يقوله المرشدون فهم يقولون ان يوماً لا يؤثر لان فيه احتمال المطابقة ، وبالتالي فالوقوف في الوقت المضروب عند الديار المقدسة مجزياً ، وان كان الفرق يومين فلا . ولم يلتفت المرشدون الى ان احتمال المطابقة لا وجود له ولا اساس للقول به لوضوح انه مع حكم قاضي الديار المقدسة بان أول يوم من ذي الحجة السبت فرضاً وحكم مرجع التقليد بثبوت الهلال أوله يوم الاحد فلا احتمال مطابقة وانما هو القطع بالمخالفة ، نعم لو لم يقطع مرجع التقليد بثبوت الهلال وانما احتمله كان احتمال المطابقة متوفراً والوقوف معهم مجزياً ، واما على الفرض الاول فلا احتمال لان المورد من السالبة بانتفاء الموضوع كما يقول المناطقة .  وهنا علينا التنبيه الى حكم ذلك فان فيه ورطة للسائل والمسؤول ، لا مخرج له منها ولا يعذر فيها لان المسألة واضحة وضوحاً لا يقبل التلبيس . وينسحب الامر عينه الى التشقيق المذكور آنفاً فان احتمال المطابقة لا اساس له كما ان القطع بالمخالفة لا موضوع له لان الحكم بثبوت الهلال قد يكون طريقه تعبدي شرعي فهو ظاهري لا واقعي ، ومع كونه ظاهرياً فلا قطع بالمخالفة وان حصل فهو نادر جداً . وستكون النتيجة انه لا مناص من القول بالاجزاء في الوقوف معهم مهما حكم قاضي الديار المقدسة ، والا ستستمر معاناة الحاج فيما لو حكم بفساد حجه وتبديل وظيفته الى العمرة المفردة اذ ماهو الضمان لحصول احتمال المطابقة في العام القادم ، بل وما بعده ، هذا اذا تكرمت هيئة الحج العراقية الموقرة بتوفير مقعد لمثل هذا الحاج المسكين ، وسيبقى مشغول الذمة بالحج الى يوم يبعثون ، لان تكرار المسالة الى حين موته وبعده محتمل جداً ، هذا اذا كان وارثه متديناً وملتزماً لاداء ما على موروثه  من فريضة الحج بعد مطاردة  هيئة الحج لو بقيت ايضاً بعد استيفائه حصته المقررة وهي لمرة واحدة لا غير .  نعم للهيئة الكريمة ! ان تلجأ الى اتخاذ قرار جريء يسمح لمن لم يؤد مناسكه وتحولت وظيفته الى العمرة ان تكون له الاولوية في الذهاب الى الحج من الذي يذهب للمرة الاولى وستجر الهيئة على نفسها وعملها تعقيداً جديداً واعتراضات جمة عن السبيل في إرضاء الجميع أو تسيير قانون بهذا الشكل وهي لا تقدرعلى قانون بدون التعقيد الجديد . انصح المرشدين بعدم الانفعال والعجلة في بيان الامر والتروي في بيان المطلوب دفعاً للاشكالات المتسلسلة المارة الذكر (( إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر )) .