من الفائز في الانتخابات

الفائز في الانتخابات البرلمانية هو من سعى أبناء الشعب العراقي لإعطائه أصواتهم، لحسن موقفه وسلامة تاريخه، وإنسانية عمله لأبناء شعبه، وعدم توصله لأصواتهم بالهدايا والأموال وقد يكون الإلزام الشرعي يميناً أو تعهداً هو ما دفع البعض لإعطاء صوته لمن تعهد له بعد التعويض بهدية نقدية أو عينية.

وفي هذا يسجل الشعب العراقي وعياً متقدماً في سبيل معافاة العملية الانتخابية وسلامتها مع العاهات التي نرمي بها بعيداً عن سكة طريقها الصحيح في إعطاء الصوت لمن يستحقه من دون ضم هبات أو الزامات. والمعتقد تنامي هذا الوعي في مستقبل الأيام الأمر الذي يقلق معظم القادة ممن راهن على بساطة وسذاجة الشعب وإمكان إقناعهم  ببطانية أو قطعة قماش وربما كارت الموبايل يكون كافياً، والذي يدفع هذا المرشح وذلك لهذه الأساليب استبطانه الإفلاس من الفوز بعدد من الأصوات، وإلا لو كان مطمئناً للفوز لما اندفع إلى هذه الحركات الرخيصة.

ونستطيع الجزم بان الفائز هو من لم يتاجر بمشاعر الشعب ولم يفاخر بما لا واقع له ولم يضع له تاريخ سردي لم يكن الا في مخيلته هو نفسه، من دون أية حوادث تدعم سرده أو تؤيد تاريخه، بقدر ما سنحت له ظروف معينة أن يقفز أمام الفضائيات ليكون مفردة تنقل من واحدة الى أخرى بعد أن يعرض بضاعته المزجاة أمام الإعلاميين عدة مرات مشفوعة بدولارات خضر لتعزيز وتشجيع الإعلامي في إشراكه ببعض البرامج.

وإذا عبرنا الى ساحة القوائم ونكون منصفين في تقييمها وإعطاء معيارية واضحة للفوز وهو عدد المقاعد التي حازها الكيان أو الحزب بغض النظر عن دخوله في ائتلافات انتخابية لدخولها ضمن قوائم كبيرة، وحينئذ نستطيع القول بأن الفائز الأكبر من كانت جماهيريته قد استعدت لإعطائه صوتها سواءً كان منفرداً في دخوله الانتخابات أو منضماً الى قائمة كبيرة، وعندما تعلن النتائج النهائية سيتضح حجم كل قائمة من حيث مساحة المشتركين فيها لا من حيث مجموعها، وفي ذلك درس كبير ليعرف كل مقداره وحجمه ولا يتعدى  حدوده في تصريحات نارية، ينصّب فيها نفسه ممثلاً عن العراقيين، وقائماً على شؤونهم، ومحافظاً على حقوقهم، وهو لا يتعدى في أوجه موقعه حقوق نفسه وأتباعه كما أظهرت تجارب الأمس حقيقة اليوم.

إن سلامة العملية الانتخابية هي في ابتعادها عن بريق العناوين، واستغلال المفلسين بحيث يكون المرشح هو والجمهور بدون جسور أو روابط تدفع البعض لانتخابه، وعندما تزول هذه الجسور والروابط يسقط في فخ الفشل والإفلاس، ويعلم ولو بعد حين أن ما احتال فيه لما مضى من الزمان لا بد وان ينكشف زيفه، ويظهر مخبوءه، وقد قيل في المثل الشعبي أن حبل الكذب قصير.

وسيعلم الجميع بان الشعب العراقي أعمق وعياً من غيره من الشعوب لو كان المستأمنين على مصالحه صادقين في دعواهم، وهو يزداد علماً بالتجربة، وصدق أبو الحسن (عليه السلام) حينما قال: (وفي التجارب علم مستأنف).