وجهة نظرنا
كمال العراقيين من الأربعينية
ملحمة الزيارة الأربعينية من أهم الممارسات الشعائرية التي يحييها محبو أهل البيت في العراق والعالم في مشهد يزداد قوة وعزة كل عام لكثرة الزائرين واجتماع المؤمنين والإفصاح عن مزايا العراقيين التي تبرز جلية في هذه الزيارة مما يعطي معيارا لأفضلية شعب العراق و كماله في مجال الأخلاق والتعارف الإنساني، ومن الضروري أن نبين ونحدد هذه المعيارية، وفيها كمال العراقيين الذي يرتقي سنة بعد أخرى مبهرا العالم أجمع حتى أن المبغضين للعراق وأهله، وللحق و ناسه متحيرون في كيفية منع هذه الملحمة والتي ستقوض عروشهم وتأتي على نهايتهم، بعد أن يفلسوا من اتباعهم وأنصارهم التي بدأت تتآكل كل سنة لينتقل من صف ابن زياد الى صف الحسين، كما حصل للحر الرياحي، فهي برؤيتها لهذا المظهر العجيب والمهرجان التلقائي الكبير تجد نفسها مضطرة الى احترامه وإكباره والانشداد له ولو بصورة لا تملك فيها الشعور الخاص بها لأنه منصهر في شعورها الإنشدادي الحسيني الذي يؤديه العراقيون بكل اتقان ومحبة.
وحينما نقول كمال العراقيين فإنه لا يتحقق الا بالعمل والممارسة والتحقق،
واليك البيان: لا يختلف اثنان في العالم بأن الكرم العراقي فوق حد التصور وغير قابل للتصديق الا في العراق، والمثير للدهشة أن هذه الملايين الزاحفة لمعشوقها الامام الحسين عليه السلام كل تأكل وتشرب، وحاجتها من المأكل والملبس وغيرها من الخدمات مقضية بلا قصور ولا نقصان، وهي بإمكانيات ذاتية لأهل الحب الحسيني وأصحاب المواكب بلا مشاركة من الجهة الرسمية الا بشيء لا يسمن ولا يغني من حاجة، والأكثر دهشة أنه بالحسابات الاقتصادية يكلف ما لا تستوعبه ميزانية جملة من الدول، ولا يفوتني أن أذكر أنه بالرغم من هذا البذل العظيم لا تجد خاسرا ماليا، بل الكل رابحون ومسرورون ويشعرون بالتقصير امام سيد الكرم، إمامهم الحسين عليه السلام، وكيف لهم الوصول الى شاطئ كرمه وقد جاد بأغلى نفس وأنفس مطهرة – والجود بالنفس أقصى غاية الجود ـ وللإشارة أن العراقيين يكرمون بلا طلب بل هم من يطلبون من الآخرين أن يتفضلوا عليهم بالضيافة عندهم، وهذا هو الجود الذي يفترق عن الكرم بأنه إعطاء بلا سؤال سائل بخلاف الكرم فإنه قد يكون بعد السؤال والطلب، فالعراقي الحسيني قد فاق الكريم العادي فكان جوادا، وأهمية الجود أنه اذا تكرس وامتلأت به النفس كان دافعا قوية الى الجود بالنفس في أوقات التضحية ومواجهة الظلم والاستبداد، وهذا هو الدرس الأول ولا يمكن أن تقدمه أي مدرسة في الأرض الا مدرسة إمامنا الحسين عليه السلام.
الدرس الأول: الاستغراب من بعض معاصرينا، منهم من سمعتهم عبر تسجيلات صوتية منتقدا صرف الملايين من الأموال في هذه الزيارة ويفضل استثمارها في مشاريع أخرى والوجه في غرابته أن يستكثر هذا الكرم على سيد الكرم ممن جعل لوجودها اعتبار و لبقاء اسلامنا من وجود، مع أنه نسي أن مقابل صرفها هو ما تقدم منا من تكريس قيم التضحية والجود بالنفس وهو ما نحتاجه الان اكثر من أي وقت مضى لمواجهة التحديات التي تعصف بالإسلام واصطفاف اهل الباطل والاستكبار لاستهدافه والقضاء عليه تحت مسميات وذرائع متعددة، مع انها افضل صورة لشعب العراق عند الشعوب الأخرى تكذب ما سطرته وسائل اعلامهم وألسنة حقدهم على العراقيين ومحبي أهل البيت خاصة من توصيفات ما أنزل الله بها من سلطان، وقد قيل لا تطلب أثرا بعد عين، وهذا شيء مؤسف ان يتفوه عالم بهذا الكلام وهذا عتاب له لأننا لا نشك في محبته لأهل البيت وإخلاصه، وهذا هو الدرس الأول.
الدرس الثاني: الانضباط الأخلاقي العالي الذي يعبر عن صور رائعة من صور التربية الإسلامية للإنسان المسلم واتزانه في حالات الاختلاط بين الجنسين، فلم تجد أيه تصرفات مخدشة للحياء أو مثيرة للشهوة أو غيرها من الأمور المحرمة شرعا وعرفا، وهذا لا تجده في أي أية بقعة من الأرض يصطف فيها الملايين من الجنسين الا كانت هناك جرائم أخلاقية وتصرفات مسيئة.
وما ادعاه البعض بأن المرأة الأفضل لها أن لا تمشي مرفوض لأننا لم نحصل على فرصة أفضل من ضبط المرأة في حالات الإختلاط من هذه الفرصة واذا سجلت ملاحظة هنا أو هناك فهي أمر طبيعي فيه نسبة الى الملايين بما لا يمكن أن يخلو منه حتى في مواسم الحج ما دامت الشياطين الغاوية موجودة والنفوس الأمارة متهيئة وكيف لنا أن نضبط تصرف المرأة في الدائرة أو المحامية مع كل المغريات والاثارات.
فإذا كان من ثمة منع للاحتكاك ينبغي أن تمنع دخول النساء الجامعات ومشاركتها العمل بالدوائر أو المؤسسات لأن المنع هنا أولى مع عدم الفائدة من وجودها في دائرة العمل والجامعة، ووجودها في المسيرة المليونية لانشدادها بصورة الحدث وشعورها بضرورة المشاركة لنيل شرف ذلك والتعالي عن مزالق الشيطان وشراك أهل الشيطنة، حيث تجد نفسها منشدة لهذه المظاهر الإيمانية بما يمنعها حتى بالتفكير بالمنكر، على اننا لم نجد ما يعزز قيمة المرأة بدورها وتكليفها في زمن الغيبة الا بالمشاركة، وهي مشمولة باحقية التزوّد من بركات هذه الزيارة كالرجل والشارع لم يمنع من ذلك بل في بعض رواياته أشارة واضحة الى مشاركتها.
نعم وصيتنا لها بعدم المخالطة والاسترسال بالكلام مع غير المحارم والابتعاد عن التزاحم والاحتكاك في المناطق الضيقة وهذا ما لمسنا عدم وقوعه طيلة مدة مشينا بهذه الزيارة لأكثر من عشر سنين متتالية.
وبهذا فالزيارة مدرسة تربية وانضباط لمن تريد المساهمة والمشاركة حباً لأمامها الحسين ومشاطرة زينب مصابها كما نوصيها بضرورة تنبيه الغافلات وإرشاد الجاهلات في إطار الكلمة الطيبة واللين ممارسةً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوسع دائرة تحصل عليها المرأة في حياتها وبهذا تتكامل المرأة.
الدرس الثالث: الشعور بالقوة والعزة للمسلمين بهذا المظهر الرهيب لأعداء الاسلام فالزيارة عز للمسلمين وغيض للكافرين ومن لحق بهم حكماً، وكأنها تعطي ايحاء الآية (قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ) وأنى للعراقيين تحصيل هذا المشهد ولو كانت امكانية الدولة برمتها متوفرة لانجازه وبه توصل الرسالة الى العالم بأن العراق كان ولا يزال بلد الحضارات والانجازات وإما مظاهر التشتت والفوضوية فهي استثناءات تحصل لاصطفاف اهل الباطل ضدنا مع امكانياتهم الجبارة مالياً وعسكرياً واعلامياً وترهيبياً.
الدرس الرابع: وهو مؤسف لعدم استغلال المسؤولين لهذه المناسبة، بتهيئة خطاب جماهيري واسع ومباشر للجمهور الزائر لما ثبت بالتجربة ان مباشرة المخاطبين مؤثراً أكثر من اسماعهم بدون مباشرة لهم، وبه تبدد مخاوف البعض ممن يغترون ببعض دول الجوار ممن لا يريدون لبلدنا الخير كما وتبدد مخاوف السياسيين المخالفين وان المشاركة في هذه المسيرة تمثل فرصة ايمانية وانسانية وتاريخية لشد اواصر العلاقة الاخوية ولاشعار الاخرين بأنهم شركاء فعلاً في هذا البلد، وإن الفرقة قد تحصل على عدة أمور الا في مواساة الإمام الحسين والتزود من ثورته المباركة وكيف آثر الموت على دنيا زائفة لا كرامة فيها وكيف رفع شعار هيهات منا الذلة وكلها افاضات للحسين على جموع الناس والسياسيين خاصة، وقد دعونا السياسيين قبل أكثر من اربعة سنين بضرورة المشاركة والاصطفاف لمنع المتصيدين بالماء العكر واثارة مخاوف بعض العراقيين تجاه البعض الآخر.
الدرس الخامس: ان التسابق بين الناس ينبغي ان يكون على أمور واقعية ثابتة وقيم دائمة لا على أمور زائلة وقيم بالية، فالمشاركة في الزيارة تسابق للتزود بأكثر قيمة من قيم الثورة الحسينية وبلا اعتبار لمكانة اجتماعية أو موقعية سياسية، فأن الكل محتاجة لقيم هذه الثورة وأن كان البعض احياناً مكابراً لكنه حينما يشارك ويرتبط مع الملايين شعورياً ستتحرك في افاق نفسه من الاسباب التي انتجت هذا الفتح وما هي عوامل بقائها؟ وماذا صنع الحسين ليبقى الى هذا الزمن وما بعده وتزداد ارتباط البشرية به فيأخذه هذا الشعور ليمتثل بعض أو كل هذه القيم محاولة، فيما المنصب زائل مع كل تبعاته ومظالمه والوجاهة كذلك فما ان زالت انمحى ذكر صاحبها وتركه الاخرون بعد فقدانها فيشعر بالغربة والوحدة بعد العزة والأبهة ومن هذا يبدأ يفكر في صناعة حدث يدخله في اعماق النفوس حتى وإن غاب عن عيونهم واندفن جسده في تراب ارضهم فيبدأ مسيرة الاصلاح والتكامل وكل ذلك ببركة الثورة الحسينية والزيارة المليونية المتكاثرة سنة بعد أخرى وقد يأتي عليها اليوم الذي يشارك فيها معظم أهل الأرض كما نتوقعه وليس ذلك بغريب لأن الثورة المباركة قد تجلّت بجملة من السور القرآنية هي الحمد والتوحيد والنصر {إِذا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً}، ولا رؤية أكثر من رؤية زيادة الزائرين، (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) الكافرون/1، فإن الزائرين لا يعبدون قيم ماديتكم الزائلة بل يعبدون رب الأرباب، وبهذا يمتاز المؤمن عن الكافر.
أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
1- ليس من حق أحد أن يدعي التشيع والحب للإمام الحسين (عليه السلام) إلا إذا كان تابعاً له في كل أقواله وأفعاله.
2- من كذب على أخيه المؤمن كان كمن كذب على الحسين (عليه السلام) وكان كمن كذب على الله.
3- الحسينيون حسينيون على الدوام لا وقت المصيبة والذكرى الأربعينية، والا كان ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض.
4- السارق للمال العام وهو يطبخ للإمام كان كمن أدخل الحرام في بطن الإمام وهو لا يعلم .
5- لا ترفع شعاراً قاله الحسين (عليه السلام) الا اذا كنت على مستوى مسؤولياته.
6- اذا اردت ان تكون مع الحسين (عليه السلام) فاطلب الاصلاح في بلدك وارضك والا فلست معه.
7- نصرك للحسين (عليه السلام) لا يكون بالوقوف على الشعائر وانما بالعبور منها الى قيم الامام ومبادئ الاسلام.
8- من لا يغار لنفسه وأهله ووطنه لا يمكنه ان يغار للإمام الحسين (عليه السلام) ويعيش ذكراه بصدق.
9- اعرف مكانتك عند الحسين (عليه السلام) بقدر ما تقدم من تضحية في سبيل الله والوطن والشرف.
10- اياك ان تنكسر امام ضغط اعداء الله والانسانية والا لم تعرف الحسين (عليه السلام) ولا تدعي موالاته.
11- ان تعيش القيم بسلوكك خير واصدق من تتشدق بها بلسانك.
12- صدقك مع من معك يجنبك تذبذبهم وشراء ذمهم واعتبر بالحسين (عليه السلام) كيف كان صادقاً مع انصاره فنال حبهم واخلاصهم.
13- الهمم العالية لا توجد الا عند الشخصيات العالية والانفس الابية، والهمم الدانية تتوفر عليها النفوس الدنية.
14- قد لا تجد لصبرك أثراً في حياتك ولكنك ستلقاه بعد وفاتك رحمة في الآخرة وسمعة وأثراً في الدنيا، وامامك الحسين (عليه السلام) خير شاهد.
15- إذا اردت الحياة فأطلبها بالموت وإذا أردت الذل فاطلب بالحياة، ولا تنافق القول هيهات منا الذلة ما لم تكن من الأول.
16- الحق هو المنتصر ولو بعد حين، والملايين الزاحفة للزيارة الاربعينية ترجمة لهذا القول.
17- شعارك هو لبيك يا حسين تكون بمستوى النصرة للحسين (عليه السلام) وهو يستصرخك.
18- لا تطلب حب الحسين (عليه السلام) بلا عمل ولا شفاعته بلا فعل ولا موالاته بلا جهد ولا مواساته بلا نصرة.
19- النصر لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) بالسعي للاصلاح أفضل من مواساته، والتضحية في سبيل الخير أفضل من النصر.
20- لا تجعل السير الى كربلاء فسحة للاستئناس واجعله رحلة لمواجهة الظالمين تحت أي لباس وصبغة كانوا.
21- الحسين (عليه السلام) مظهر للرحمة الالهية كما كان جده صلى الله عليه وآله وهي لا تنال الا المتقين والمصلحين.
22- عليك ان تفهم الحسين (عليه السلام) حيث بدل طلب القوم منه لحظة انكسار فقابلهم بشموخ اعلى التضحيات.
23- الحسين (عليه السلام) عنوان الثائرين ورمز المجاهدين وراية للشامخين.
24- اعلم ان بقاء الاسلام المحمدي الاصيل ببقاء شعائر الحسين (عليه السلام) ولا تلتفت لما يقول من لا يذوق حلاوة مواجهة الظالمين.
25- لقد تفوق الحسين (عليه السلام) على كل ابطال التأريخ ما سوى جده وأبيه وأخيه ولذا استحق خلود الذكر وزحف الملايين شوقاً لشخصه الكريم.
26- الحسين (عليه السلام) واصحابه طلبوا الموت فهابهم الاعداء ولا تكن ممن طلب الحياة فيهون على الاعداء.
27- استجداء النصر ممن لا ينتصر لنفسه وكرامته كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
28- انما حارب الحسين (عليه السلام) الفساد والظلم بمظهر الأموي –يزيد- وهدفه كل ظلم وفساد فلا تميز بين ظالم وظالم على هواك.
29- الحسين (عليه السلام) اختار لمصرعه مكاناً ولشهادته زماناً سد على الاعداء محاصرته وتغييب ثورته.
30- المشي الى كربلاء استلهاماً من عزيمة الحسين (عليه السلام) لاستهداف الاهداف الكبرى وصناعة احداث الدين.
31- الحسين (عليه السلام) هيأ للمرأة فرصة المشاركة بفتحه ورسالته وهي مع الايمان والحشمة أهل لذلك.
32- إذا سدت عليك الدنيا منافذ ودها فما عليك الا الرحيل لزيارة سيد الشهداء (عليه السلام) فهو طبيب النفوس ومعالج القلوب.
33- الحسين (عليه السلام) أنتصر بموته وشهادته بما لم يحققه أي من شخصيات تاريخ الانسانية فكانت شهادته هي مفتاح الفتح الالهي.
34- تعلمنا من الحسين (عليه السلام) انه إذا قاتلنا عدواً لم نسمح لأنفسنا بأن يركبنا خوف كثرة الاعداء.
35- الوسيلة التي طلب بها الحسين (عليه السلام) الاصلاح في أمة جده وأبيه هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
36- بالوسيلة الحسينية – الامر بالمعروف والنهي عن المنكر – تميز الناطق عن الساكت، والعامل من الخامل، والشجاع من المتردد، والمستقل من التابع.
37- انما ذكر الحسين (عليه السلام) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه الجهاد في قباله نفثه في بحر لجّي.
38- إذا لم تقدر على وسيلة الاصلاح الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا تعادي من يقوم بها ولا تناصر من يقف ضدها والا كنت محارباً للحسين (عليه السلام) وقبله الرسول صلى الله عليه وآله وقبله الله في سلطانه لانك تحب ان يعصى الله في الارض.
39- تنافسوا في خدمة الزائرين حباً للحسين لا حباً لأنفسهم ومفاخرة بينكم.
40- اجعل مشيك عبادة ولو بالصلاة على محمد وآل محمد وبصوت عالٍ تردده كل خمسة دقائق أو أكثر وبشكل جماعي.
يسمونك صدر
لأن كلك موافق حارت اعداك
من ياباب تدخل تولي ذراعانك
انت ويالشجاعه اتكول جنكم توم
كل موقف ترسمه ايعلي ابشانك
احسانك وطن فوك الوطن ياشيخ
مابالغ ابشعري أكثر احسانك
يامرجع تواضع والتواضع بيك
وحس حرك الخيم مرسوم ابعيونك
يدردونك تطيح وماتزور الناس
مثلهم أخبرك والله يردونك
انت ابكل مشي تمشي لبوسجاد
ماشافو كبل كامو يحسدونك
انت ويالصدر اشتبه بيكم دوم
وحك روح الصدر وداعت اعيونك
ماخونك أظل طول العمر وياك
وعد طول العمر والله ماخونك
يسمونك صدر من تمشي وصط الناس
كل الناس داخت هل يسمونك
خادم زينب سعد الناصري
وزارات أم ضيعات :الغريب في حياتنا السياسية الحالية مشهد وزاري كان من مشاهد الحياة السياسية العامة في فترة النظام السابق حيث كانت التعيينات تدور مدار الولاء للحزب ثم اختزلت بمدار القائد الضرورة، فمن لم يكن محباً للقائد أو منتمياً للحزب فأن التعيين أبعد إليك من بعد السماء على الأرض – مع ملاحظة – إن هذا الإجراء كان للمواقع المهمة في الدول وإلا فأن الوظائف العامة كانت تخضع للتوظيف المركزي اما في الدفاع والخارجية والداخلية والتعليم كانت منحصرة في دائرة الولاء للقائد والانتماء للحزب وأذكر مثالاً للتدليل على هذه الحقيقة التاريخية هو تقديم أخينا الشهيد كاظم الطائي – من كوادر حزب الدعوة في فترة السبعينات بداية الثمانينات من القرن الماضي – قدم هو وجارنا الى القوة الجوية وكانا مستوفين لتمام شروط القبول الا الانتماء فلم يتعينا وكذا كاتب هذه السطور حينما قبل في بعثة دراسات الى اسكتلندا عام 1985 واجتاز كل الاختبارات الا اختبار موافقة الحزب في المنطقة ولم تحصل وفاتت البعثة عليه.
ولكن هذا الاجراء كان بسبب كون الإطار السياسي آنذاك دكتاتورياً بامتياز ومحتكراً لكل مفاصل الدولة، وفي الانظمة الدكتاتورية تسعى جاهدة بكل وسيلة ترهيبية أو ترغيبية لاستمالة الناس، ودائرة المعيشة وتحصيل وظيفة من أفضل دوائر اصطياد الإتباع واستمالة الأهواء الى جانبه ولكن كيف حال نظام ديمقراطي جماهيري لا يصل الفرد الى السلطة الا من خلال صناديق الاقتراع وكسب اصوات الجماهير فإذا ما وصل الى منصب من خلالها كان المنصب من ملك المصوتين الذي أدلوا باصواتهم لصعود هذا المسؤول أو ذاك.
والمفارقة العجيبة هي حينما يعتلي منصب وزير أو ما دونه فأن هذا الموقع يصبح ضيّعة له ولأقربائه لا يدخلها اليوم مسكين من غير اقربائه والقرابة لها اطلاقات اطلاق قرابة النسب واطلاق قرابة الحزب أو الكتلة والكيان، فترى التعيينات حصراً على قرابة النسب ثم قرابة الحزب في مشهد لا يختلف عن السابق قبل التغيير الا بالاسم والرسم فأن هذا تعيين استحقاقي لوزن هذا الحزب أو الكتلة فيما كان السابق استحقاقاً لولاء القائد والنتيجة بالنسبة للمواطن العادي واحدة فلا تعيين سابقاً فيما لا ولاء ولا انضمام للحزب ولاحقاً فيما لا قرابة للمسؤول ولا انتماء لهذا الحزب أو الكتلة والكيان على حسب تسميات المرحلة السياسية.
وقد يكون المبرر المعقول لتصرف المسؤول بهذا الشكل القبلي أو القرابي هو شعوره بضعف الدولة وانها لا يمكن ان تحميه كما ينبغي فيأخذ بالميل نحو ما يتوقعه من اطار يمكن ان يوفر له ما لم تستطع الحكومة بكل مؤسساتها ان توفره له، والأقرب الى نفسه ومشاعره هم الاقارب وما هو اوسع منها اطاراً وهو الكتلة أو الكيان متوقعاً أنه بهذا الفعل سيشكل له كيان يحتمي بداخله من طوارق الحدثان، ومطبات الزمان وتغير الاحوال والدهر يومان يوم لك استنفر كل صلاحياتك وحينما يكون عليك تكون قد استعددت له جيداً،أو أنه بهذا يشتري ولاءات الناس المضطرين للتعيين ليوسع من قاعدته الشعبية اما بناء دولة ومؤسسات حكومية ورعاية المواطن والمساواة بين طلبات المتقدمين واحترام الكفاءات فالظاهر أنه لا وجود لها في عراق اليوم.
الا ان الغفلة عن الاثار المدمرة لهذا النهج قد تجر البلد الى ما لا يحمد عقباه من تنامي العصبيات القبلية وجعلها بديلاً عن الدولة، واستغلال المال العام والتعسف في استعمال الحق باتجاه عامة المواطنين، ناهيك عن كونه بناء مؤقتاً يزول بمجرد رحيل الوزير أو المسؤول، ومن هنا لا ترى أية مؤسسة حكومية قائمة على ساق لأن الآتي لا يطمأن بما فعله الحالي ولا يقتنع بما صنعه، فيهدم ما بناه السابق ويبدأ ببناءه الخاص، وترتيب أوراق ضيعته ومغنمه الجديد وهكذا دواليك ، ولنسمي هذه وراثة المنصب كما لنا وراثة النسب أو السبب أو العلم أو المكانة العلمية والاجتماعية أصبحت توَّرث كالمال لا للمستحق بل للابناء حصراً، والكل تتحرك تحت مقولة (هي بقت عليه)، ورحم القائل (متى يكمل البنيان يوماً تمامه **** إذا ما كنت تبنيه وغيرك يهدم)
(كوم بيه ولزلم خليه)
من الهوسات العراقية المتداولة في اوساطنا العشائرية الهوسه المعروفة والتي يوجه فيها الكلام الى شيخ العشيرة أو وجيهها وكبيرها لحثه على الاقدام في مواجهة أمر ما أو اعلامه بأن ورائه رجال يمكنهم تكملة المشوار بل حتى الاستغناء بهم عن اكمال الاقدام والمواجهة أياً كان الطرف الآخر، سواءً عشيرة معتدية أو سلطة جائرة أو احتلالاً بغيضاً، والظاهر أنها قيلت في جو الأخير، أبان الاحتلال الانكليزي للعراق القرن الماضي منطلقة من مناطق جنوب العراق والهوسه تريد القول بأن بداية المواجهة أنت من تقوم بها واستمرارها تترك للرجال في اتمامها واكمالها من دون حاجة الى الشيخ الكبير والمحرك القدير للفعل، وأنه بأمكانك الاعتماد على (الزلم) من دون حاجة الى القلق والتذبذب فأن فيهم الغنى والكفاية هذا ما يبدو من معناها وقد تستبطن معنى آخر، هو ما كنا نتداوله في ايام النظام السابق عند الحديث مع بعض المؤمنين أو المواطنين بضرورة التحرك ومواجهة النظام لظلمه ولو بشكل سري، أن كل واحد يقول بلسان مقاله (خلي واحد يطلع وأنا أطلع) فهو يريد من يسبقه في الفعل ليتجاوز به شعورياً مرحلة القلق الناتج من التردد بالخطوة الأولى حيث يتشجع بعدها للقيام والحركة ولكن حيث يعتمد الواحد على الثاني والثاني على الثالث وهكذا أو يرجع الثاني الى الأول، حيث يقول له نفس الجملة فيحصل التكاسل والتخاذل لأنه بالنتيجة لا يوجد من (يطلع) وبلغة أهل المنطق يسمون الأول التسلسل والثاني الدور وكلاهما باطلان وفي محل كلامنا واضح البطلان لأدائهما على عدم وجود من يقوم أو يطلع وهذه الاهزوجة تعطي هذا المعنى ولكن بلغة التحفيز والاستفزاز للوجيه أو الشيخ بضرورة القيام بها وترك استمرارها للرجال، وههنا شعوران شعور للشيخ بأنهم قد يخذلونه أو يورطونه لعدم ضمان قيامهم بالاستمرار وطريق السلامة بتخاذلهم وارد خصوصاً في موارد الخوف والخطر واحتمال الموت والمصادمة.
وشعور منهم لأظهار جاهزيتهم لشيخهم أو كبيرهم في أي أمر يقوم به الذي يعطيهم مبرراً لاقناع انفسهم بعد القيام لتعويلهم الأمر على كبيرهم فهم لم يقوموا اذا لم يقم الشيخ بالأمر، وهذا الشعور موجود عند معظم الناس فتراهم يعولون اعطاء أوامر لهم أو حجة لديهم أو قيام مسبق لغيرهم ممن يعتد برأيه ويؤخذ بكلامه حتى اذا ما أصدر الأمر أو بلغ الحجة أو لم يجد من استجابة من الآخرين.
فهنا شعوران لكل طرف متبادلان فللكبير أو الوجيه شعور بالخذلان منهم وشعور بالتقصير في واجبه لو لم يرشدهم أو يحفزهم وفي جانب (الزلم) شعور اتخاذ طريق السلامة وعدم الالتزام بقيام كبيرهم، وشعور بجاهزيتهم وامتثالاً لأمر كبيرهم، وكل من الشعورين متضادين لا يمكن اجتماعهما، مع أن كل واحد متضاد مع شعور الآخر.
والنتيجة أنها (هوسه) لفظاً ومعنى إذ لا معنى لها لأنها لا تحرك الطرف الأول ولا تحشد الطرف الثاني فتبقى في اطار انشادي لا غير حيث لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع لاتكال كل منهما على الآخر، فلا الأول يقوم ولا الآخرين يستمرون وهذا ما نسميه في لغة المنطق بالدور فهذه هوسه للدور، فهل رأيت شعباً أعمق تلويحاً من شعب العراق.
تناثر الجثث في التفجيرات
لم يشهد تاريخ أي بلد من بلدان الأرض كما شهده ويشهده عراقنا اليوم من ديمومة التفجيرات وكثرتها بل تأثيراتها حتى بات تمييز الجثث لأداء مراسيم تجهيزها ودفنها أمر متعسر وقد يوقع أهل الضحايا بمشاكل اجتماعية كما لو اختلف اثنان على جثة أو بعضاً منها في حال غياب ملامحها كل منهما يقول هي لمن يتعلق بي، وقد يذهب أحدهما لدفنه في مكان لا يرغب الآخر فيه، فيطلب نبشها ونقلها فيقع التشاجر بينهما مع كونهما مفجوعين بعزيز أو حبيب لهما.
ناهيك عن تطبيق الحكم الشرعي الصحيح من حيث اختلافهما في الفقه الطائفي أو المرجعي في موارد اختلاف الحكم أحياناً.
والأولى بالحكومة أن تسارع رفعاً للتداعيات المزعجة والمؤلمة ان تقوم بفحص الحامض النووي لتُعرف هذه الجثث لمن، و تتميز فيما لو اختلطت أكثر من جثة ببعض الاجزاء حال تنتاثرها اثناء التفجير الا ان الاجهزة الامنية والطبية اما عاجزة عن هذا الاجراء وهو من حقوق ذوي الضحايا أو قاصرة أو مستهترة بحياة الناس وحرمة موتاهم، مع أن المعروف عند المسلمين جميعاً أن حرمة الميت كحرمة الحي وما دام الحي محفوظ الحرمة ظاهراً فيجب عليها حفظ حرمة الموتى ورعاية مشاعر ذويهم والجانب الأكثر ايلاماً هو ما يربك ذوي الضحايا بأمور الدفن أو الغسل والصلاة على الميت وسأذكر بعض الحالات مع اجوبتها الفقهية بعد ملاحظة الأمور التالية:
الأمر الأول: محل الصلاة على الميت بعد الغسل والتكفين ولا تسقط بتعذرهما كما لا تسقط الصلاة بتعذر الدفن – أو دفن بلا صلاة صحيحة – صلى على قبره وجوباً ما لم يتلاش جسمه إذا كان التأخير عمداً وإلا فبمقدار يوم وليلة وجوباً وما بعده استحباباً.
الأمر الثاني: يمكن ان تشترك جنائز متعددة بصلاة واحدة، ومع اجتماع الرجل و المرأة بجعل الرجل أقرب الى المصلي وبجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل ويجوز جعل الجنائز صفاً واحداً فيجعل رأس كل واحد عند إلية الآخر شبه الدرج، ويرعى ذلك في الدعاء من حيث الضمير ورجوعه.
الأمر الثالث: لا يجوز دفن ميتين في قبر واحد.
الأمر الرابع: جزء الميت ما فيه الصدر يغسل ويحنط ويكفن ويصلى عليه ثم يدفن ومثله لو كان الصدر وحده أو بعضه مما يصدق عليه الصدر، وهنا يقتصر في التكفين على القميص والمئزر.
الأمر الخامس: غير عظم الصدر مجرداً أو مشتملاً على لحم يغسل ويلف بخرقة ويدفن بلا صلاة، ومع وجود محل للتحنيط وجب.
ومع عدم العظم يلف العضو بخرقة ويدفن وجوباً.
فهنا حالات نذكر منها:
1- إذا اختلطت أجزاء الجثث بحيث لا يمكن تمييز هذا الجزء لهذا وذاك لذاك وكانا مشتملين على صدر غسلت وحنطت مع وجود مواضع التحنيط وكفنت وصلى عليها كجنازتين في صلاة واحدة ويجعل لهما قبرين لذويهما زيارة كل منهما احتياطاً، بأن يزور هذا باحتمال أنه من ذويه ويزور الآخر كذلك، طبقاً للأمرين الثالث والرابع.
2- إذا وجدت عظام مشتملة على لحم دون الصدر وقد اختلطت طبق عليها الحالة الرابعة المتقدمة، وتدفن متقاربة لا في حفرة واحدة.
3- إذا لم توجد أية قطعة من جثة الميت فأن ذلك لا يوجب ترك صلاة الميت عليه وإنما تسقط الاعمال السابقة عليها، كما في الأمر الأول.
4- إذا لم توجد قطع فيها عظم بل لحم فقط لفت بخرقة ودفنت كما في الأمر الرابع المتقدم.
وبالإمكان تطبيق حالات أخرى طبقاً للأمور المتقدمة.
الدكتاتورية
عنوان ارتبط بكل مستبد قد حصر السلطات جميعا بيده، فهو يملك التشريع والتنفيذ والقضاء، ولا صوت يعلو على صوته، وهو سلوك ارتبط ببعض الحكام الذين غرتهم ذواتهم ودنياهم بدعم او بدونه من قبل الاخرين فراحوا يرسمون خطى دولهم ويقررون مصائر شعوبهم ويسيّرون مراكب حكوماتهم وفق اهوائهم وارادتهم باستشارة من الاخرين او بدونها، وإن كانت الاستشارة شكلية لعدم قدرة المشير الى وضع أفكارا بخلاف هوى المستشير ـ الدكتاتور ـ وكيف يخالف من يعتقد نفسه أنه فوق الخطأ وأعلى من الشبهات، مع سيف يقطر دما لكل من يخالف الدكتاتور، وبمبدأ السلامة يعطي المشير ما يريده المستشير من الرأي والإطراء والتزيين لأفكاره وأراءه.
هذا بالنسبة للفرد الذي يعتلي كرسي السلطة، وقد ارتبط العنوان به فإذا قيل دكتاتور ذهب ذهن السامع الى السلطان، رئيسا كان أو ملكا أو أميرا، ولكنه قد توسع بالاستعمال فأصبح يطلق على كل من يستبد برأيه ويرتفع بفكره على الاخرين ظناً منه لنفسه إصابة الصواب واتباع طريق الرشاد، كالمدير في الدائرة او المحاسب أو رجل الأمن…وقد يسري الى البيت فيسمى رب الأسرة أحيانا بالدكتاتور لأنه لا يسمح أن يشاركه أفراد العائلة الراي، وقد يكون محقا في هذا المورد من جهة خبرته الحياتية وسيطرته على زمام الأمور خوف الإنفلات وضياع العائلة وإعتقاده أن مشاركته غيره بالرأي ـ كالزوجة ـ مثلا يعرقل ويعقد مشهد خطواته التي يرسمها لترتيب أوضاع الدار.
بل قد يطلق حتى على طائفة من الأصدقاء فيما اذا كان منهم مستبدا برأيه فقد يوصف فيما بينهم به، الا إن ذهاب الذهن فيما يطلقه الى السلطان، وبدرجة أضعف الى غيره ممن عهده ذهنه الإنفراد في الرأي والاستبداد في القرار.
والا ليس من الضرورة أن يلتفت الى توصيف شخص بالدكتاتور عند الاطلاق اذ قد ينصرف الذهن الى توصيف شخص به وإن لم يطلق عليه لأن الاطلاق (التلفظ) هو لإبراز ما هو مخفي في النفس، فقد يعرف من خلال ممارساته وتعاملاته مع محيطه بشيء من التفرد والأنانية، والعجب والاغتراء بإطراء الآخرين وهي بمجموعها تشكل اطار المفهوم، فيذهب ذهن الشخص الى دكتاتورية هذا وإن لم يسمع اللفظة لأن الهم هو إدارته تصرفه مع محيطه أياً كان محيطه بشيء من الإنفراد والتعالي عن أترابه وأمثاله، فقد يصفه الآخرون بذلك وإن لم يقع من البعض تسمية باللفظ لينصرف ذهن الواحد منهم الى هذا المفهوم.
وهذا التوصيف لشخص إن كان باستحقاق فنتائجه خطيرة على مستوى تعاملات الدكتاتور فإذا كان رئيسا لدولة تعطلت في نموها وتراجعت في تطورها وتأخرت في بنائها وتأزمت في علاقاتها وتفككت في نسيجها وهكذا, كل ذلك لأن الاستفراد في الرأي يغيب الحقيقة أو يلتقطها ناقصة مبتورة تستبطن عوامل فشلها وهزيمتها ذلك لأن الانسان مهما اوتي من قوة ودراية لا يمكن له أن يحيط بالحقيقة في كلها وكنهها وانما ينال ما يوصله فهمه وعلمه وهو لا يعدو جهدا بشريا ناقصا لا يغطي كل جوانب الحقيقة, فإذا ما استبد الانسان بفكرته وأعمل فيها قدرته خانته نظرته وتركته فكرته في طريق الفشل يواجه مصير الهزيمة والانكسار والانعزال عن محيطه والابتعاد عن اهله وناسه بل قد يبتعد عن ضميره ان كان له وجود باقي في داخله وقد يتصور أن ما به من قوة عسكرية أو فكرية قد تشعره بإمكانية استغنائه عن الغير وقد نسي أن فوق كل ذي علم عليم و ((أن القوة لله جميعا)) البقرة/165.
وقد يصور له الإعلام أرجحية رأيه وعلو كعبه على الآخرين من أهل الصنعة والصنف فيمنع من نفسه أن يدعو الاخرين لرأي يريد طرحه أو لمشكلة يريد علاجها وقد يكون من المشيرين من هو أعمق منه فكرة وأكثر خبرة وأوسع إحاطة بما يتعلق بالمشكلة أو الرأي الذي يريد طرحه.
وهذه الآفة تجدها راسخة في رجال الدين وعميقة في نفوسهم أعلى من السياسيين, مبررين ذلك ينضج فكرتهم وإحاطة فهمهم وهم أحوج الى الاستشارة حتى ان المعظم منهم مع قراءته للموروث الروائي ، (وشاورهم في الأمر )، أو (ما خاب من استشار)، ومن استشار شارك الآخرين في عقولهم وهكذا عشرات من الروايات وجرى النبي الكريم على استشارة اصحابه كما تذكر كتب التأريخ ومع ذلك لم نجد من استشار تَرِبه أو صنفه ولو كان أحذق منه معرفة وعلماً، وقد يفسره بعض الحوّل بأن الاستشارة أمارة ضعف المستشير واعطاء قيمه وأهمية للمشير وهذا الجانب الذاتي هو ما يدفع الانسان في دائرة الغرور ويدفعه للاستغناء عن الرأي الناضج والمقبول عند المعظم بعد أن يجدونه عصارة افكار مجموعة من العلماء أو الفضلاء وأهل الحل والعقد.
{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }الشورى/38
الاستفتاءات
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… أثناء المسير للزيارة الأربعينية لمرقد أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام لفت ناظري أشياء عدة دخيلة عليها وبعيدة كل البعد عنها، فهذا المصاب الجلل أبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وآل بيته الأطهار لهوله قبل أن يقع.
فهناك من يضع صور المراجع بحجم كبيراً جداً ومبالغ فيه للدعاية، وهناك من يدعم المواكب باشتراط وضع دعايات للمرجع الداعم أو الأحزاب الدينية أو غيرها، واستوقفني موكب لإحدى دول الجوار وقريب جداً من كربلاء المقدسة يوزع أشرطة قماش صفراء توضع حول الرأس واختير هذا المكان القريب لكي يعطى لأكبر عدد ممكن من المشاية للبسه حتى يوهموا الناظر بأن هؤلاء جميعاً منتمون إلى المرجع الفلاني أو الجهة الفلانية من حيث أن الزائر لا يشعر بها، وكذلك إدخال عجلات الزائرين لبعض الدول إلى داخل المدينة المقدسة بمجرد عرض جوازه والعراقي يمنع من ذلك بل يترك يتدبر أموره في الدخول والخروج منها بعد الانتهاء.
وفي داخل الحرم الشريف قام احد المواكب بالهتاف لأحد المراجع بقولهم ((تاج.. تاج.. على الراس.. سيد فلان الفلاني)).
شيخنا المفكر.. رويداً رويداً بدأ أصحاب النفوس الضعيفة استغلال هذه الزيارة لمصلحتهم الانتمائية والحزبية والتجاوز على قدسيتها، والمنطق يقول على الجميع أن يُستنفر لهذه الزيارة فقط لا للدعاية وغيرها، وهناك الكثير استطيع أن أقوله بهذا الصدد.
نرجو من سماحتكم زق آذاننا بأكرم القول والدفاع عن هذه المظاهرة المقدسة التي بدأت تنسج عالميتها عاماً بعد عام وهؤلاء الصبية يستغلونها ويستدرجونها بعيداً عن اليد العراقية الخادمة، فكيف نمنعهم ونحافظ على هذه الشعيرة، وللأسف الأمور بيد هؤلاء، ونسأله تبارك وتعالى أن يحشرك مع مولاك الحسين عليه السلام يا شيخنا المفكر.
محمد العسكري
بسم ال.. الر.. الر..:-
هذا الحدث الجماهيري الكبير تقع مسؤولية استثماره وديمومته من اجل إيصال أهداف الثورة الحسينية إلى كل بقاع الأرض قاطبة على رجال الدين أولاً والسياسيين ثانياً فإنهم المعنيون بهذا الحدث قبل غيرهم وأن عليهم إنتاج آثار هذا الحدث على اكبر صعيد ممكن من خلال إعادة إنتاجه في مناطق أخرى من الأرض وخصوصاً التي تعاني الظلم والاضطهاد، مثل سوريا أو مصر أو اليمن، حيث يتواجد أتباع بأعداد لا بأس بها لتشكل هذه بمجموعها ظاهرة عالمية تعبر حدود العراق.
ولكن المؤسف أن الكثيرين يستثمرون الحدث لأنفسهم وعناوينهم، وليتهم قاموا بتحريك الحدث، ولكن ما أن يتحرك ويتسع ويتأكد وجوده وحضوره على الساحة حتى بدأت محاولات الركوب معه، والتفاعل مع حركته، وكان الأولى بهم صناعته وتقويته لا أن يقوى ثم يلحقوا به، فقد وجدنا آثاراً من صور وبيانات لم يكن لها اثر في السنوات السابقة، ومعنى ذلك أنهم لا يصنعون الأحداث ويفعّلونها، وإنما ينفعلون بها.
إننا نعتقد بأن وجودنا وحضورنا في الساحتين المحلية والدولية كله من آثار الثورة الحسينية وبقاؤها ولا وجود لنا من دونها ولهذا فإن استغلالها لمكاسب ضيقة عنوانية دينية أو سياسية، هو تحجيم لأثرها وتقليل لأهميتها وجعلها ساحة للسجالات والاستعراضات وهذا ما لمسناه لبعض الدول أيضاً.
إن على الجميع دراسة التظاهرة وتحليلها بدقة وإصدار بيانات تتحدث عن قيمها وأهدافها وكيفية زرعها في نفوس الموالين وتقوية إيمانهم وشدة ارتباطهم بالإمام الحسين عليه السلام الذي ظهر في مواجهة من أساء إلى الراية الحسينية من بعض الشركات الأجنبية مستخفاً بمشاعر الموالين، ولم تُبد أي من الجهات رأياً واضحاً ومحدداً في هذه القضية وكأنه حدث عابر لا يلامس الثورة الحسينية والتي يحاول البعض ركوب موجتها- كما يعبرون أهل السياسة- في مثل هذه المواقف.
وليعلم الجميع بأن الحسين عليه السلام باقٍ وهم زائلون، وهو ثائر على الدوام ضد الظلم من أي كان، وهم على الأغلب صامتون، وهو الملهم للقلوب والنفوس وهم على الأغلب المفرقون بعد اصطفاف كل تحت عنوانه الخاص.
والمستغرب أن الصور أخذت مساحات واسعة في العراق وكان الجميع ينتقد القائد- الضرورة- الطاغية صدام في وضعها، فهل أصبحنا مقلدين له في فعله أم إننا مبدعون، وهل صرف الأموال في طبعها وتعليقها جائز أو ليس بجائز، فقد يدخل في عنوان التبذير أو الإسراف؟ وكان إعطاؤه لقضاء حوائج الآلاف من المعدمين هو الأولى والأقرب خصوصاً إذا كان من الحقوق الشرعية
قاسم الطائي
21- صفر- 1435