You are currently viewing نشرة النهج  العدد 60

نشرة النهج العدد 60

 

وجهة نظرنا

الشجاعة المطلوبة

استنكار الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية على قرار المحكمة الاتحادية الأمريكية بتبرئة أفراد شركة (بلاك ووتر) الأمنية من تهمة قتل بعض العراقيين بدم بارد وخارج حدود ضوابط الاشتباك الموضوعة لهذه الشركة الأمنية. هذا الاستنكار موقف شجاع، فإن عمل أية حكومة وفي أية بقعة من الأرض إن لم يتضمن شجاعة ما في إدارة المشاكل والأزمات فإن مَثَل الحكومة الخالية عن بعض الشجاعة في اتخاذ القرار، مَثَل الطبيب الجراح الذي لا يملك نفسه عن إجراء أية عملية جراحية، والنتيجة الفشل مصيره وعدم تقدمه في المهارة الجراحية، إذ لم يمارسها ليتقن أدواتها بمهارة.

والحكومة العراقية مع تأكيدها ومتابعتها لهذا الموقف – والحق يقال- انه جريء بل وشجاع في ظل وجه العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية تؤكد حرصها ورعايتها لمواطنيها الذين وضعوا ثقتهم فيها عبر الخط البرلماني وهم يتوقعون منها دائماً مواقف شجاعة وجريئة كالموقف الذي اتخذته في انجاز إعدام الطاغية صدام، فقد حسمت تجاذبات إعلامية وجدل سياسي كبير ما كان لينتهي لولا حسم الحكومة لعقوبة الإعدام بحقه. وقد أنهت كل تلك التجاذبات والجدل القائم بين السياسيين في الداخل والخارج.

وعلى هذا السير فإن موقعية الحكومة العراقية في نفوس المواطنين ستتحسن وستكسب به ثقة مواطنيها والتفافهم حولها، وهذا ما تأمله كل حكومة في الأرض أن يكون ظهرها مردوفاً بالجماهير التي تقف خلفها وتحرز صحة قناعتها بهذه الحكومة، ولا يتأتى هذا الأثر إلا بمواقف جريئة تتخذها الحكومة دفاعاً عن حقوق مواطنيها واحترام أرواحهم وأعرافهم وعقائدهم.

وكلما كانت الحكومة مستقلة في رأيها ومتوازنة في فعلها فإنها ستصل إلى قلوب مواطنيها، وهو خير معين لها في عملها.

إن الانجرار وراء ردود الأفعال التي تأخذ طوابع متعددة ولمقاصد مختلفة لا يوصل إلى نتيجة مرجوة، ولا يقوّم الحكومة، فبما لو جاملت هذا أو ذاك تحسباً لردود فعله أو انقلاب مواقفه أو انسحابه من توافقه معها أو غير ذلك من المبررات ولا يجعلها تقوم على ساق وتتحرك بحرية في قرارها، فإنها مقيدة بهذه التوقعات، ويكون حالها حال المثل المتعارف (من راقب الناس مات هماً).

إذا حسب لكل تصرف من الآخرين حسابه وتأثيره، وإنما عليه أن يتخذ الموقف المناسب لالتزاماته وأخلاقياته ودينه وما يمليه عليه من استحقاقات وواجبات، لأنه مسؤول في قبالها وليس في قبال ما يراه الآخرون.

إن الطرح الصحيح لمعافاة الحكومة لا يستقيم إلا بتنحي المحاصصة عن تشكيلة الحكومة، وإعطاء مركزية اكبر للحكومة وإدارة الملف الاقتصادي – النفطي بالخصوص- والأمني منها مباشرة.

اسكت يا…..

ورد في مقابلة لقناة العربية مع المفكر الاسلامبولي – كما يحب أن يدعى- إياد جمال الدين وهو يرتدي عمامة سوداء يفتخر بها لا لشيء أو يغتر بها لا لأمر. والرجل معروفة عندنا قيمة ومكانة فلا يناسبه الزي الديني، إذ لا صلة بينه وبينه، ولا يحكي عن واقعه.. وأما لماذا يرتديه فذلك حرية أتى بها مناضلنا البطل! عندما رمى جميع العراقيين ممن بقوا في داخل الوطن ولم يهربوا كما هرب إلى الخارج ليناضل من بعض دول الجوار أو بعض البلدان الغربية التي تأسى بها منطقاً وسلوكاً – وهذا شانه- فإنا نقول له طوبى لك وحسن مآب.

وأما نبزنا بأنا بعثيين، وإنا أعوان النظام الصدامي المقبور الذي واجهناه بندرة قدرتنا وشدة بأس عدونا، وبلوغ قلوبنا الحناجر حيناً بعد حين، وأنت في ترف العيش متسولاً من هذا وذاك.

المؤسف أن الوصف الذي تعطيه لنفسك أو ترضى بإعطاء الآخرين لك، كيف استطاع بعبقريته أن يقفز على المفاهيم ويقلب الحقائق، ومتى صار الهارب شجاعاً ومناضلاً والباقي والمواجه معيناً وبعثياً، أفي عرف وجدته، وأنت لست من أهل العرف العراقي الأصيل أو في أي شرع عثرت به أو في أي شعر اهتديت إليه.

نحن من اضعف النظام وبعثر قواه، وشتت شمله وضيّع أمره، فكيف يكون لك ولأمثالك منصباً لم تتعب فيه ولا موقعاً لم تسع إليه، بل سعى بك إليه من جاء بك وجيوشه ليحتل بلدنا بعد أن وجد قلبك خائراً وسعيك فاتراً وأن أبطال الداخل ورجال الموقف قد أزالوا عن نفوسهم الإحساس بالخوف وأماتوا في سعيهم الجبن. ثم ما هذه النغمة المشبعة بالكذب والحقد على أهل الداخل؟ لست الأخير من وصفهم بذلك بل تبعك غيرك ممن هو على شاكلتك تأكلون ما يتعب به غيركم، وليتكم وقفتم عند هذا الحد بل ذهبتم إلى ابعد من ذلك فافتريتم عليهم وهم انجح منكم، بل واصدق واخلص واحرص، وقد أثبتت تجارب السنين السابقة حجم شخصكم وستعرف عندما تسعى للفوز في الانتخابات المفتوحة, كم من (البعثيين) بوصفك سينتخبك وعندها ستولي هارباً كما وليت سابقاً

((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)).

ومثال آخر ستعرفه بالافتراء متلبساً بالصورة اللاحقة.

ويجمعهم قوله تعالى ((وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)).

والآن عرفت لماذا لم يتعاف العراق، لأن أمثال هؤلاء يتسلطون وفي مواقع للسلطة يتلاعبون، فلا مأمن لغيرهم من افتراءهم ولا قضاء حاجة لسواهم مقضية.

مثلهم كمثل النص القرآني {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }الجاثية24.

عِبرة وعِظة

نقل بعض الأصدقاء ظريفة، يذكر فيها يوم حسم الحساب الأخروي للجنس البشري ودخول النار مستحقيها والجنة كذلك، وفي الأولى على دركات بحسب عمق الجرم وعظيم الجناية والضلالة، وفي الثانية على درجات بحسب عمق الإيمان وتمامية التوحيد. وهذا ما نطقت به الآيات والروايات، نكتفي بواحدة وهي قوله تعالى {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}الأحقاف19.

ومن الطبيعي أن يكون الشيطان في الدرك الأسفل من النار، ولكنه يفاجئ بأن صراخاً وصياحاً في الدرك الأسفل منه فيتعجب مستفسراً، من هذا الذي تحت دركي؟ فيجيبه، بل من أنت، فقال أنا الشيطان أنا الشيطان الرجيم، فقال أنا فلان (الضلالي)، فقال له الشيطان لم أنت في ذلك الدرك؟ فأجابه لم أنت في هذا الدرك؟ فقال له الشيطان أنا هنا لأني ضللت الكثير من بني ادم، منذ خلق الله سبحانه ادم والى قيام الساعة، والناس تلعنني بعد لعن الله لي.. {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}الحجر/35، فكان هذا موقعي واستحقاقي من النار ولم أكن لأتوقع أو يخطر في ذهني أن مخلوقاً آخر أسوأ مني، فماذا فعلت لتكون هناك؟، فأجابه الضلالي: لقد ضللت الكثيرين ولكنهم لم يلعنونني بل راحوا يدافعون عني فاستحقوا ضعفاً من العذاب لدفاعهم عني مع كوني مضلاً لهم ولغيرهم.

والعاقل يعتبر منها ويتعظ، فإن العديد من المواقع الإنسانية في الحياة الاجتماعية مع كونها مضلة لتابعيها ولكنهم للأسف يدافعون عنها، حرصاً على دنياه وإن كلفتهم دنياهم بعد أن تكلفوا دينهم، فهل وجدت اخسر منهم حالاً {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً}الفرقان28، وإنما قالها لأن الناس على دين من تعاشر وتوادد… {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} الإسراء 71.

محكمة الشعب

نظرت في قضيتين،

الأولى: الإساءة لشعب عاش ضيماً مجاهداً لطاغوت قد افلت المسيء فراراً من حواضره.

والثانية: تكالبت الآكلة على قصعة العراق.

المحكمة الأولى: المدعي عموم الشعب، الذي أسيء له وقد أحسن إلى مسيئه، والمدعى عليه مفكر اسلامبولي ومعمم اسطنبولي.

القاضي: من لا يتراجع عن دفع مظلمة انطلاقاً من قول الإمام السجاد (عليه السلام): (اللهم إني أستغفرك لمظلوم ظلم في حضرتي فلم انصره).

بدأت الجلسة بتوجيه الادعاء العام – الحوزة الآمرة بالمعروف– يا هذا اتهمت شعب العراق عندما تجاوزت مستحقاً بتاريخه وجهاده ووقوفه أمام اكبر طاغوت صابراً محتسباً قد تفتت على صخرة جهاده طغيان الاستبداد، فأصبح أثراً بعد عين، في حين حزمت حقائبك هارباً مولياً، وتجاوزت مدعياً بأنهم بعثيون، وأنت ومن هو على شاكلتك مجاهدون – عفواً– فارون هاربون، وعن ميدان المواجهة مهاجرون.

الشهود: قناة العربية الفضائية في برنامج بانوراما الليلة بتاريخ 22/11/2009م الموافق 5/ذي الحجة/1430 هـ .

فإذا أنكرت كذبتك القناة وأسماع المشاهدين وأنظار المتابعين.

فهل لك ما تقول؟ يا مفكراً قد باع فكره للغرب.

سيدي القاضي: ما قلت، كان حقاً رأيناه، وأمراً عشناه، فلا أقول إلى ما بثت الفضائية ولا ارجع ولا اعتذر، وأتأسف عما صدر مني.

القاضي: إذن أنت مصر على ما صدر منك وقاحة، وإذن بيّن لنا كيف صار الهارب شجاعاً ومقاوماً، وأصبح الصامد والمواجه خائناً؟ فهل تغيرت مفاهيم الأرض أو إننا في كوكب غير كوكبنا الأرضي.

كلا سيدي القاضي: فإن الباقي على ما وصفت لا يمكن للنظام أن يبقيه حياً ولا أجهزته أن تتركه سليماً، وما دام باقياً حياً فهو منهم ومن المنتمين لبعثهم.

القاضي: قد حكمت شططاً وقايست باطلاً..

فليس بمقدور النظام أن يقضي على كل الخيرين والمعترضين بطرق لا تجعل للنظام عليهم سبيلا ولا لأجهزته لهم طريقا، ومن القي القبض عليه قد يقع في السجن فترة ثم خرج بمكرمة القائد الضرورة، وإذا أتعبت نفسك وفتشت لوجدت من هذا القبيل مئات الآلاف تخبرك عنهم مؤسسة السجناء السياسيين والعديد من الخيرين وما أنت إلا أحول لا يرى وجه الحقيقة إلا بمخيلته وخبث سريرته.

المدعي: ما يقوله سيدي القاضي مجمع عليه بين من عبر الحدود هارباً وادعى مجاهداً قد فاتته المقادير ولم يجد له طريقاً لحياة متسقة فراح يفتش عنها في بعض بقاع الأرض. فقد سمعنا نغمة انهم بعثيون من عدة نماذج على شاكلة معممون يتنعمون وبجهاد الباقين فائزون، ولمواقع السلطة يحتكرون، وعناوين وهمية لأنفسهم يدعون. ولولا أن الله يحب الساترين لكشفنا سترهم وتعرضنا لعوراتهم.

وعليه فنحن نطالب بإسم الشعب الذي ظن بهم إخواناً منقذين ولمصالحه مراعين، ولصبره وجهاده في الانتفاضة الشعبانية بملاحمها البطولية مقدرين، يوم فر قبلها بحين.

ولست ادري، ماذا يقول لواحد منهم اتهمه ظلماً وتجاوز عليه حقداً، كان مشاركاً قبل وقوع الانتفاضة ومتهيئاً لها منذ حين، وقد كسر جليد الصمت عن حاجز الخوف عندما طرد ضابط امن المنطقة من أمام داره، وهرّب أخاه من بطش السلطة وواجه أزلام النظام بمنظماته، واخترق معسكر رشيدهم مع صحابته بشجاعته وله من ذلك اثر إذا أردت أن تطلع عليه أطلعناك، ولكننا تركناك إذ الجاهل لا يخاطب إلا بـ(سلاما).

وقد يقدم هذا شكوى خاصة ضد المدعى عليه أن كان ثمة قانون يدينه ويمنع مثله عن التجاوز على سمعة وكرامة الآخرين، وإلا فسيكون لنا معه ومع غيره وقفة في يوم ما.. الله اعلم حين يوقعه. وإذا أراد غيره من أبناء الشعب تقديم شكوى ضده وإدانة فعله، فما عليه إلا رفضه في ما لو حصلت انتخابات نيابية مفتوحة ليرى هذا القائد المجاهد كم من أصوات البعثيين سيحصل؟!!

القاضي: فكرة جيدة، وحق مصان، لذلك الرجل الحق في إدانته ومحاكمته أمام أعين الجمهور متى شاء وأراد. وللبقية إذا لم يخولوه في الدفاع عنهم فهم لخيارهم في الترشيح ماسكون، ولتقييمه عندهم مطلعون.

رفعت الجلسة: أدين المتهم مع ترك الخيار للمدعي في محاسبته بالطريقة المناسبة، وفي الوقت المعلوم.

المحكمة الثانية: المدعي عموم الشعب الذي خرج بعد صيام طويل، صائماً عن ثروة بلاده وخزين ممتلكاته. وقد تكالبت عليه آكلة الأمم من دون رحمة. فمن آبار تسرق وأخرى تستنزف وثالثة تزحّف ورابعة تدول، وخامسة تستثمر و.. و..، وزئبق يهرب، ويورانيوم ينقل، وهو يقول (أي المدعي) أنا لا املك إلا الحروب والويلات والنكبات، وكأنما نقمة نزلت به فراح من سهّل طريقه للوصول إلى السلطة يدفعونها عنه بالصمت والسكوت، وهو مما سمعنا بأن فلان الفلاني قد جاهد بالصمت لأكثر من عشرين سنة، ولم يذكر بالسكوت كم؟ ربما لنهاية عمره المديد ورحاله المفيد.

المدعى عليه: الاحتلال بكل أشكاله وألوانه، وإخوان حسبتهم سهاماً صائبات ، فكانوها ولكن في فؤادي.

القاضي: نفس قاضي المحكمة الأولى.

القاضي (للمدعى عليه): أنت مدان بسرقة ثروة العراق المعدنية من النفط وغيرها، إما مباشرة وقد تلزمك الاتفاقيات الدولية فتوجه سماسرة لمباشرة السرقة، وأنت تتفرج عليهم وتدافع عن وجودهم. وقد تقتسم المغنم مع آخرين، عرفوا كيف تكون القسمة، وتنظم السفرة.

وقد تفتعل الصحة والشركة على مطالبة الأمور والبلاد.

المدعي: سيدي القاضي، أكلوا لحمي وشربوا دمي بعدما جردوني من ثروتي واستنزفوا آباري. فصرت لا ناصر ولا معين، ومن وضعته معيناً قد اغترف غرفة بيده، وذاق من لذيذ العيش بمشاركته، فخان ما كنا له مؤتمنين، وباع ما عليه جعلناه متمنين.

ثم لم يكتفوا بذلك بل راحوا يفرقون بين بعضنا البعض ويمزقوا عشرة عمرنا وقوانين أخلاقنا فأصبحنا بفعل معاملتهم متمزقين، وعلى قلوب متفرقين يطمع فينا من هو اقرب الينا من غيرنا.

القاضي: إنا لله وإنا إليه راجعون، مستذكراً القول (لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن) لك الله يا شعب، اصبر وسيوفي الله أجور الصابرين بغير حساب واعلم أن المعرفة مسؤولية والخبرة لا تأتي بالهين، فاشدد أزرك وارفع صوتك وقل كلا كلا للباطل.

ورفعت الجلسة بدون قرار حكم إلا موعظة أطلقها القاضي وكلمة أخرجها بصعوبة بعد أن تخلى عنه القانون الحامي والناس المدافعون وما عساه أن يفعل وهو وحيد في الميدان وغريب مع الإخوان

الجدار العازل

الجدار العازل المزمع إنشاؤه من قبل حكومة مبارك ما بين الجمهورية المصرية وغزة خطوة جريئة لم تقدم عليها أية دولة من قبل، فهو أداة محاصرة لشعب اعزل اكلته حرب غزة ودمره الحصار المستمر لأكثر من سنة منذ الحرب على غزة.

وأول ما ينفتح عليه الذهن إن هذا الجدار الذي لم تفعله – الدولة اليهودية- باعتبار (أمنها الوطني وأمن مواطنيها) – كما تدعي- بل لم تفكر فيه، لمصلحة من؟ لمصر، أو للدولة اليهودية.

لمصر، باعتبار أن الصيغة المتمثلة في حماس، إسلامية، مقاومية، وهذان الوصفان أكثر ما يقلق النظام المصري، الذي يتحسس من تطور عمل الإخوان المسلمين في الحياة السياسية وفوزهم ببعض مقاعد البرلمان، وتصديهم لمواقع وظيفية مرموقة في الدولة، مع ما يمارسه النظام مع بعض أفراد التنظيم من التوقيف أو الاعتقال أو الحصار.

وإذا أضيف إليه صورة الصمود الأسطوري للمقاومة في غزة، فقد تتعزز مفاهيم الشهادة أو الفوز الذي تتصدى لبيانه بعض آيات الذكر الحكيم، سيقع النظام بأزمة حقيقية لأنه نظام علماني بامتياز، وهو رائد العلمانية في الوطن العربي.

ولأجل الحيلولة دون وقوع النظام في الحرج الشعبي أو الرسمي، من جراء تنمية هذه المفاهيم بواسطة الارتباط والانتقال السريع من غزة إلى مصر وبالعكس، كان لابد من قطع وسائل الاتصال والمواصلة بين الشعبين، خوفاً من إثارة هذه المفاهيم ولو شعورياً عند المواطن المصري، والإنسان على دين من يخالل.

وهذا جزء من الأمن القومي المصري الذي يصرح به ساسة النظام من دون تحديد ماهيته وقواعده أو أسسه، وهل يكون لابتزاز القوة اليهودية دور في هذا الفعل ومحاولة تهديد النظام المصري باستمرار، مما جعله يفكر بأن أمنه يرتبط بالأمن اليهودي، كما هو مرتبط بالمساعدات الأمريكية التي يتلقاها النظام كرائد حملة التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ اتفاقيات كامب ديفيد والى الآن.

ولكن من سيدفع تكاليف هذا الجدار العازل؟.. الجواب واضح بعد أن تعرف انه يتوافق مع الضرورة الأمريكية في حماية الكيان الصهيوني، ويضيّق الخناق على قوى التمرد على المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط. ويحقق مكاسب لم تكن الدولة اليهودية لتحلم بها وإذا رافقه عدم سماح ميزانية مصر لتكليف مستحدث مثل تكاليف هذا الجدار ستعرف من سيدفع. وقد تكون مباركة بعض الدول العربية في ميزان الدفع أكثر قدرة وأسرع استجابة.

وإذا عبرنا الجهة السياسية، ولم تر من دور وفعل عربية لإدانة هذا الإجراء البغيض مما يكشف عن دعم عربي له ولو بالسكوت وعدم إيواء الاعتراض أو الاستنكار.

وقد جئنا إلى الجهة الشرعية لتضمن عمل الجدار ما بين الحلية والحرمة. بعد بروز الجدل بتضارب الفتاوى في شأنه ما بين محرّم ومحلّل. وسنتناول بالتحليل المنطقي كلتا الفتويين، لنصل إلى الصواب منهما بعد تنحية التأثير الرسمي على فتوى الحلية.

أما الحرمة: فقد يستدل لها القائل بأنه نوع من الحصار على شعب مظلوم مضطهد قد استفردت به القوة اليهودية الظالمة. فيدخل في باب الإضرار بشعب كامل، والإضرار محرم في الشريعة لأنه سيشكل عائقاً لحركة البضائع والناس، وسيزيد في أزمة القطاع الخانقة. للمشهور النبوي (( لا ضرر ولا ضرار)).

وقد يدخل من باب جعل سبيل للكافرين على المؤمنين وهو منهي عنه، بقوله تعالى ((وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)).. النساء/141 .

وقد يكون من باب الإعانة على الإثم والعدوان، وانه إعانة للكيان ولعدوانهم على غزة، طبقاً للنص القرآني ((وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)).. المائدة/2.

وقد يعكسها صاحب القول بالحلية فيطبقها على نفسه في قبال تطبيقها على أهل غزة، فيقول إن عدم بناء الجدار إضرار بمصالح الشعب المصري.. وإذا كان إضراراً فيتعين بناؤه وإن عدم بناؤه جعل السبيل للكافرين على المؤمنين، لأن عدم جعله سيغضب الدولة اليهودية مستخدمة قوتها النووية الجبارة وهي ما تجعل لها السبيل علينا.

وإن عدم بناؤه هو التعاون على الإثم والعدوان، لأنه سيدفع الكيان الغاصب لضرب أهل غزة، وما جاورهم من شعب مصر.

وقد نسي هذا المفتي بأن العدم ليس بشيء ليستدل عليه بما ذكره مفتي الحرمة ثم أن الدليل الأول يرفع الحكم لا انه مثبت حكما، فالإضرار والضرر يرفع الحكم بجواز بناء الجدار لا انه يثبت حكماً ببنائه.

شكراً لأتباع الحسين (عليه السلام)

احترام مشاعر أبناء البلد وتقدير شعائرهم الدينية خُلُق نبيل لا يفعله إلا الأصلاء من أبناء هذا الشعب الكبير بمختلف طوائفه وقومياته ودياناته، وهذا ما ترجمه بالفعل المسيحيون العراقيون من أتباع سيدنا المسيح على محمد وآله وعليه أفضل التحية والسلام، عندما أعلنوا تعطيل احتفالات رأس السنة الميلادية بعد تزامنها مع أيام عاشوراء الحسين (عليه السلام).

تقديراً لقيم الإمام الحسين (عليه السلام) تلك القيم الإنسانية العالمية من دون اختصاص لطائفة من المسلمين دون أخرى أو لديانة دون أخرى، كما يتجلى واضحاً في تشكيلة أصحاب الإمام (عليه السلام).

إننا نشكر بكل اعتزاز واحترام هذه الوقفة النبيلة لإخواننا المسيحيين الذين نشاركهم البلد متعايشين معهم منذ آلاف السنين. ونأمل أن يحذو حذوهم من بقية أبناء الشعب احتراماً لذكرى التضحية والفداء والبطولة والشجاعة التي ترجمها إمام الإنسانية الحسين (عليه السلام).

عرض نتائج التحقيقات

لسلامة العملية الانتخابية وتعزيز قناعة الناخب العراقي بضرورة المشاركة فيها، يتعين على القائمين على العملية السياسية في البلد، من السلطات الثلاث، فتح وعرض ملفات التحقيق بالجرائم الكبرى التي وقعت في السنوات المنصرمة، وقد أعلنت السلطات الرسمية فتح التحقيق فيها ولكن لم يتعرف المواطن على ما توصلت إليه هذه التحقيقات، ومن هو المدان الحقيقي؟ ولماذا تخفي السلطات تحريك هذه الملفات الخطيرة التي رام حقيقتها آلاف العراقيين الذين انتخبوا هذه السلطات لتدافع عنهم وتوفر لهم الحماية الكافية عن أرواحهم وثروات وطنهم.

ونخص بالذكر الحوادث الكبرى التي أزهقت فيها أرواح آلاف المواطنين، وهي مقابر جماعية، كالتي أدين بها الظالم السابق، ليقف المواطن العراقي على حقيقة ما يجري، والمسألة لا تتطلب إلا القليل من الشجاعة من قبل السلطات، فمن حادثة الزركة وقبلها جسر الأئمة والى الأربعاء الدامي والأحد كذلك.

إن حرصنا على سلامة الوطن يدفعنا وثقة الناس بنا وأملهم بالخيرين واحتراماً لوضع بلدنا الجديد مع إننا معنيين أكثر من غيرنا بأن لا يضيع دم امرءٍ مسلم هدراً، والسياسي معني بأن لا يضيع دم مواطن هدراً، هو الدافع لنا على التنبيه عن ذلك…

والله وراء القصد.

وهم أم القاعدة

أصبحت القاعدة تشكل تهديداً حقيقياً للأمن والاستقرار العالمي، وبات اسمها الرسمي عالمياً مقترناً بالإرهاب الدولي الذي يواجه من قبل الدول الغربية، والبلدان المحلية التي تتواجد فيها القاعدة. وبغض النظر عن الجذر التاريخي للقاعدة ونشأتها ودواعي تأسيسها ومن يقف وراءها، وصعود نجمها في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، فإن ذلك شأن آخر وله حديث آخر.

إنما الآن نوجه حديثنا عن هذا الشبح المسمى بالقاعدة، ولنطرح التساؤل التالي: هل يمكن لتنظيم لا تتبناه دولة لها إمكانيات عظيمة أن يصول ويجول في بلدان الأرض ويتحرك بحرية، ويبدل قواعد اشتباكه مع القوى المواجهة له من حيث المكان والكلفة والتوقيت؟ وفي ظل إجراءات دولية ومحلية معقدة للحركة والتنقل، وعلو تقنية المعلومات ووسائل الكشف الاستخباراتي العالمي، والتنسيق الدولي.

انه فعلاً لغز محيّر من عدة جهات:

الجهة الأولى: إن منطقة (تفريخ) هذا التنظيم هي أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي في ظل الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وما يشكل هذا الاحتلال من توسع دائرة النفوذ السوفيتي في آسيا الوسطى، وأفغانستان بلد مسلم، والغالب في مذهبه هو الطابع السني.

ومنطقة مواجهته كانت العراق بالأمس وأفغانستان وباكستان اليوم والمرشح الساخن اليمن غداً، هذا ما صرح به (ليبرمان) من الوفد الأمريكي الزائر لصنعاء.

وهذه البلدان الثلاثة فيها نسبة عالية من التنوع المذهبي والسكاني العرقي، وهو جامع مشترك آخر لها جميعا، وفي ثلاثتها تكون المواجهات مع القاعدة في المناطق السنية لهذه البلدان، وقد يؤدي بنا ذلك إلى الاستنتاج عن سبب نشأتها وفي تلك الفترة بالذات.

الجهة الثانية: هذا العمل الخارق الذي تقوم به القاعدة وبأساليب إرهابية عالية وتقنية متطورة نوعاً ما – وإن لم ترق إلى مستوى ما تملكه الجيوش والأجهزة الأمنية في متوسط البلدان- كيف تتنقل من بلد لآخر وتعيد تشكيلها وتنظيم صفوفها، فهي على حد تصريح (ليبرمان) انتقلت من العراق وتمركزت في أفغانستان وستعيد تنظيمها وصفوفها في اليمن الذي اعد له الغرب برنامجاً تستطيع قراءة ملامحه، من خلال أن العراق وأفغانستان بلدان محتلان من قبل أمريكا غزتهما واسقط حكومتهما، ونظمت لهما عملية سياسية قائمة على الديمقراطية! فهل سيكون اليمن مشمولاً بهذا الإجراء؟

ومن الملفت أن التركيز الإعلامي للمواجهة اليمنية مع الحوثيين في صعدة انتقلت وبلا سابق إنذار إلى الجنوب مع القاعدة، وانتقل التركيز الإعلامي إليها. بلا خبر يذكر عن صعدة والمشاركة السعودية في القصف الجوي بدعوى التسلل الحوثي.

إن اليمن مرشح لعمل ما ستسفر الأيام المقبلة عن وجهه وحقيقته، إذا ما التفتنا إلى حركة القرصنة الصومالية، ومضيق باب المندب وأهميته الإستراتيجية والتجارب وتامين حركة بعض القطع العسكرية من شمال البحر الأحمر إلى منطقة الخليج أو البحر العربي.

الجهة الثالثة: من يمول هذه القاعدة ويديم عملها ومن غير المعقول أن الأفراد المنتمين إليها يمولونها ذاتياً ومن مواردهم الخاصة، فإن هذا التمويل أقصى ما يمكنه الاستمرار والصمود هو لوقت قصير قد لا يتجاوز بضعة سنين، وأما انه يستمر لفترة أكثر من عشرين سنة. مع كل الجهد المالي المستنزف للأسلحة والتدريب والتنقل والسفر والإعلام، هذا إذا ضممنا نوعية عملياته ودقة توقيتها وتتابع أحداثها، وانتخابها أماكن حساسة جداً.

فإن هذه بمجموعها قد يؤدي بالاستنتاج إلى أن جهة دولية تقف وراءها وإلا نضب ما عندها وانقطع منذ أمد طويل.

الجهة الرابعة: انه من الواضح أن التنظيم صيغته إسلامية وهو يقصد الأهداف الإسلامية -كما يدعي قادته- ومنها تحرير الأرض العربية المغتصبة في فلسطين، ولكننا لا نرى له من اثر في الأرض المحتلة مع ما تمثله من إقناع قوي لأعضائه، واندفاع تلقائي للعمل هناك، إذ يفتقد التنظيم مبررات عمله في غير هذه المنطقة، وفيها مع مبررات العمل لا اثر له فيها.

من هذه الجهات وغيرها نضع القناعة التالية: انه وهم سمي بتنظيم القاعدة، وانه اسم مستعار لقوى كبرى تريد أن تلعب بإنسان الأرض على مزاج الإرهاب الخلاّق لمقاصد ومصالح باتت معروفة، لا تفوت على الفطن اللبيب

وجولتها القادمة.. ومحط رحالها اليمن…

الاستفتاءات

سماحة الشيخ الفقيه قاسم الطائي (دام ظله الوارف)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

شيخنا الجليل.. نتيجة تنامي الفكر الشيعي (الإمامي) وقوته وصراحته وأدلته الناهضة وحجته الدامغة، ومن اجل مواجهة هذا الفكر، شمّر أعداء المذهب سواعدهم، واخرجوا فضائية اسمها (الصفا) من اجل محاربة المذهب والتشكيك في العقائد الحقة والنيل من أتباعها، وهذا قد يؤثر على بعض الناس الذي لا يمتلكون المعلومات الكاملة والصحيحة.

لذا نرجو من سماحتكم كما عودتمونا دائماً أن يوضح لنا ما هو الموقف العملي لمواجهته هذه القناة والمعلق المعادي الذي اسمه (عرعور)، وهل لسماحتكم الوقت الكافي لاستقبال بعض الفضائيات أو رجال الإعلام لإجراء مقابلة من اجل مواجهتهم والرد عليهم؟

وجزاكم الله خير جزاء المحسنين

الشيخ علي الساعدي

28/ ذي قع الحرام/ 1430

بسمه تعالى:

اعتقد أن التفاعل مع مثل هذه الدعاوى التي تشغل المسلمين عن هدفهم الحقيقي في مواجهة تحديات العصر الذي يرى في الإسلام عدوه الفارد بعد انحسار الاتحاد السوفيتي وخروجه عن دائرة الصراع العالمي بين قطبي القوة في القرن الماضي، قد فتح المجال للمتسلطين لتوجيه قواهم ضد الإسلام وتنامي نفوذه في أوساط المعمورة.

وبالتالي فإن ادخار الجهد لمواجهة أعداء الإسلام أولى بكثير من تبديده في مواجهة هذه الافتراءات التي لا تخدم إلا عدونا المشترك.

ولكن مع تمادي البعض وهم بالتأكيد لا يمثلون الإسلام بقدر ما يخدمون أدواراً معينة لبعض الجهات التي لا يروق لها أن ترى المسلمين متحدين ومتنوعين بمذاهبهم وطوائفهم ما داموا مسلمين، ففي وحدتهم العزة والقوة وفي تفرقتهم وتشتتهم الذلة والمسكنة.

ومع حاجة بعض الإخوة للرد فإننا مستعدون بحمد الله للرد على كل الشبهات وبشكل مرتجل وعلمي. وفعلاً قد اجبنا على معظم ما يفترون بمناسبات متعددة واستفتاءات سابقة يمكن للسائل وغيره أن يجمعها ليجد الرد القاضي فيها على مثل هذه الدعاوى.

والمنقول عن هذه الفضائية، أنها لجوجة في طرحها الذي تستفز به المقابل من دون إعطائه فرصة للرد، فترى المقدم والمجيب والوقت كله لنهج هذه الفضائية الطائفية.

والمؤسف أنها تفتخر بأن بعض الناس انتقلوا من الشيعة إلى السنة – وقد غفل أن العكس هو الصحيح وبنسبة أعلى – يكفيك أن تنظر في عمق التاريخ لنرى أن المذهب الشيعي تمدد في أطراف الأرض، على الرغم من كل التحديات والتصفيات الجسدية والممارسات الإرهابية التي واجهت أتباع أهل البيت.

فإذا وجدت أن الواقع صدق هذه المقالة بمعونة التاريخ، فلك أن تحرز صدق مقالته، وتدني افتخاره.

مع كل تقديرنا لجميع المسلمين وبكل طوائفهم، وخصوصاً {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}.. الآية.

ثم ما باله لم يعط الفرصة الكافية للرد على مفتريات هذه الفضائية ويقطع البث لأية محاولة للجواب عما يثيره من إشكالات، وقد وصلت به الحال إلى الافتراء على أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض المناقشات وهو على هذا الفعل قد سب صحابياً لم يسبقه احد إلى الإسلام وفضله على الجميع ظاهر.

وإذا بقيت هذه الفضائية على هذا المستوى من اللجاجة والمناوأة، فإننا قد نفتي بحرمة مشاهدة ومتابعة هذه القناة التي تلوث الأجواء الإسلامية بسموم شيطانية.

والله المستعان على ما يصفون

قاسم الطائي