You are currently viewing نشرة النهج العدد 69

نشرة النهج العدد 69

خدعة الشراكة

سباق محموم بين الكتل السياسية ضاعت موازين قواها، واستوت على مسافة غير فارقة من منصب رئاسة الوزراء، بدعوى الشراكة وهي مفهوم مجمل لا يحمل أي معنى معروف في الأوساط السياسية فضلاً عن غيرها، فهي تعني القفز على النتائج الانتخابية، وإلغاء تنافس الكتل في الرهان الانتخابي والتطاول على إرادة الشعب في إقرار مصيره وانتخاب مرشحه، ولم يبق من العملية السياسية إلا رسماً مرسوماً من قبل الكتل السياسية نفسها، فأبدعت براعتها مما تسميه الشراكة، وهي طبعاً تعني شراكة حكومية، وليست وطنية وقد فرقتا بينهما فيما سبق، إذ الأخيرة ملزمة للمشاركين وهم رهائن بها، والأولى هي رهينة لهم، وهم يتقاسمون فيئها باستحقاق أو بدونه.

وإلى هذا الحد قد يكون مقبولاً ولكن الأدهى من ذلك والأمر، أنها كرست هذا الواقع (الشراكة) في الحكم فهي تحكم على أنفسها بالموت والجمود، وإن كان الموت معنوياً لا مادياً وذلك لأنها إن ضمنت مشاركتها في الحكم تحت أي سقف تحصل عليه في الانتخابات ولها الحق في المطالبة برئاسة الوزراء فإنها ستستغني عاجلاً أم آجلاً عن جمهورها بعد أن يفقد أثره في تواجدها السياسي وموقعها من العملية السياسية، وبالتالي تتهرب من مسؤولياتها الأخلاقية والتزاماتها الدستورية أمام جمهورها، وسوف يقضي على وضعها السياسي بالشلل التام فهي لا تسعى لتحقيق شعاراتها وحقوق أمتها وجمهورها بقدر ما تسعى لتكريس واقعها السياسي الذي رسمته العملية السياسية وخطوطها المرسومة من قبل غير العراقيين سواء كانوا احتلاليين أو متنفذين في الشأن العراقي وحينئذٍ على الأمة أن تندب حظها لأنها أوصلت كتلاً ليكونوا لاعبين أساسيين في مصيرها بلا مراعاة لذمتها وحقوقها.

وهذه هي خدعة الشراكة المتأتي بها (يا قوم مالي ادعوكم فلا تجيبون)

 

رسالة مفتوحة إلى بعض

أفراد مجلس النواب

قال الإمام علي عليه السلام…

أوصيكما بتقوى الله وألا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكم وقولا بالحق واعملا للأجر وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً.

 

أين انتم من هذه الحكمة والله لقد وطئتكم الدنيا وشربتم من ضرعها وانتفخت أوداجكم وعقدت ألسنتكم عن نطق الحق وألبستكم جلود الأفاعي فأبن آوى تجلى في عقولكم وخبث الضباع لا يضاهيكم، أصبحتم كدودة الأرض تأكل ضعف حجمها مرتين وتقول هل من مزيد، معدكم كمعد البعير فيها سبع جراب، ما نعلم أن العراق ورث آبائكم وخيراته شرعاً لكم…. ما لكم كيف تحكمون؟؟؟؟؟

ولا نعلم أن الاسم الأعظم عندكم ولا السبع المثاني؟؟؟؟؟؟

اخضرت تلالكم وفاحت دلالكم، قوافل التجارة غرقت بأموالكم والفقراء تلوك بألسنتها، غذائها الصبر ودارها القبر. أي قسمةً هذه، فقد أكلتم منا خير السنين وجعلكم الشيطان أوصياء علينا تمشون بقدم كقدم فيل وتأكلون بفم كفم حوت جبار، والله ما أنا بمازح معكم، وقد علقتم قضية وطني في مصارف الجبارين، الخائن كل الخائن من أكل وشرب ونام وبلده ضائع، وأخيه جائع، وأي جوع!!!

وصدق من قال (( وما ربك بغافل عما يعملون)) بغداد تحرق بمنجنيق المتآمرين وعلقوا جسدها على الصليب وانتم في الدوحة الخضراء تتنافسون أيهم أكثر مالاً واعز جنداً أي دين انتم عليه وأي دوح انتم فيها أرواحكم قبل أجسادكم سجينة لا تدخلون لها حتى ترضى عنكم الكلاب.

أي خير لنا فعلتم وأي عقدة حللتم لا تتكلمون إلا لخير أنفسكم ومن يسمعكم يقول والله انتهى لسان العرب وكرمهم عندهم جمعكم كجمع الـ……….؟

استحيوا من الله ومن الناس التي أعطت رقابها لكم، لقد امتطيتمونا ووصلتم إلى مآربكم كفى بحياضنا تشربون هل انتم منتهون.

انظروا إلى شعبكم تتلاعب به الريح تلاعب الموج للغريق، كان الطاغوت قد شد عليه لجامه فأصبح الفرد لا يرى حتى في النهار وذبحه من الوريد إلى الوريد وانتم الآن بجلده تسلخون وبلحمه تفرون وبعظمه تهشمون ومعكم من قتل وطني فانتم معه بهلاكنا تتسابقون، من خان الدين تسهل عليه خيانة الوطن، ومن خان الوطن تسهل عليه خيانة الناس فقد أصبح من أولياء الشيطان. وأقول لكم عودوا من غيكم فإن الله يرى…

وكقول الشاعر:

  ليس عتاب الناس للمرء نافعاً                                  إذا لم يكن للمرء لب يعاتبه

 

أبا ذر العراقي

 

 

الضمان أمان

جبلت نفوس البشر على الاطمئنان والاستقرار إذا ضمنت معيشتها واتسقت أمور حياتها، فترى الفرد المضمون المعاش أو الرزق لمدة طويلة أو مستمرة، مستقر حالاً وهادئ بالاً وبالتالي فهو أكثر إبداعاً وأوفر إنتاجاً من غيره، ولا يشغل باله التفكير في كيفية توفير لقمة العيش ومتطلبات الحياة لأهله وذويه، فما دامت الأموال متوفرة والطلبات مستجابة والوضع إلى استقرار كل ذلك لأن الفرد قد ضمن ما يؤمن له حياته والآخرين معه.

والناس متفاوتة أحوالهم، وليس كلهم على هذه الشاكلة، فمنهم من لا يضمن قوت يومه وآخر قوت شهره وثالث قوت سنته، وهؤلاء قلقون على حالهم وأبناء أسرهم، ومن حقهم ذلك في معترك حياة لا يرحم، ونفوس قد سلبها تحضر العصر مفاتيح الرحمة بالآخرين فأصبح الجميع يهرولون لذواتهم ومصالحهم حصراً ولا عناية لهم بالآخرين إلا من النادرين، وهم كالكبريت الأحمر ندرة في عصرنا الحاضر.

وممن هم قلقون، شريحة مهمة وخطيرة في مجتمعنا العراقي المعاصر، ومع جلالة قدرهم وعلو كعبهم في خدمة المجتمع والدين، وإخلاصهم في مراعاة مجتمعهم وحفظه وصيانة أخلاقياته من الانحراف أو الإندراس بفعل تيار الحضارة المادية الجارف أو سوء تربية الآباء لأبنائهم أو انعدام برامج التوعية الحكومية أو التوجيهات التربوية في زرع قيم الحياة ومبادئ الأخلاق، وهم يخوضون حرباً على جبهات مختلفة، فتارة حرب على الجهل، وأخرى على الانحراف والفساد معرضين أنفسهم من جراء أداء واجبهم الشرعي من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مؤاخذات قضائية وافتراءات اجتماعية من قبل بعض جهلة الأمة، وثالث حرب على ضياع حقوق الأمة وتشرذم حالها في مواجهة غير معلنة مع أبطال العملية السياسية، ورابعة مع الاحتلال، وخامسة مع ضيق الحالة المعاشية حينما طالبوا بحقوقهم كمواطنين أولاً لهم الحق في موارد دولتهم كأي مواطن آخر ضمن له الدستور حق العيش بشرف وكرامة، وكرجال دين أكل عليهم رئيس ديوان الوقف الشيعي حقوقهم في أوقاف كثيرة خصصت لطلبة العلوم الدينية من قبل واقفيها وهي أفضل ضمانة اجتماعية لحياتهم التي تنتهي بالموت، وينسى ذكر الرجل حيث تبقى امرأته المسكينة تتسكع على أبواب العلماء وأبواب بيوت الخيرات وقد تعرض نفسها للمساومة من قبل بعض شياطين الإنس عندما يعرضون عليها المساعدة المذلة بشرط التمتع بها، فيقع البعض منهن في شراك هؤلاء الشياطين، وتصمد الأخريات، لعل الله يجد لها مخرجاً من أمرها. وأما أطفال المتوفى فالله وحده العالم بحال مركبهم وأين سيرسو وعلى أي شاطئ من شواطئ الحياة المعقدة وربما سيلعن بعضهم حظه العاثر لأنه ولد رجل معمم، ورجل دين، لم توفر له حياته الدينية ضمانة كافية لأبنائه.

ورئيس ديوان الوقف الشيعي في كل ذلك يتلاعب بالأموال، يسرة إلى بعض الجهات حصراً الدينية، ويمنة إلى بعض الجهات حصراً السياسية، غير مكترث بهذه المشكلة ولا يهمه التقدم بحل لعلاجها، وقد ظن أن الأمور متسقة والأحوال مستتبة بعد أن فتحت له الدنيا ذراعها وضمنت له بعض الجهات دعمها، ولكن دوام الحال من المحال، وستعرض عنك الدنيا كما أقبلت عليك وستشرب بعض الكأس الذي شربه الآخرون، وستعلم حينها انك من الأخسرين أعمالاً والذين باعوا أخراهم بدنيا غيرهم.

إننا نطالب الحكومة المقبلة، أياً كانت بضرورة مراعاة هذه الشريحة المهمة من المجتمع وضمان حقوقهم في أموال بلدهم وأموال أوقافهم، أسوة ببقية طلبة العلوم التابعين للوقف السني، ونؤكد على ضرورة توفير سبل العيش الكريم لأبنائهم وعوائلهم، ليست منّة من احد، فهم مضافاً إلى حقوقهم المواطنية، لهم حقوق بالأوقاف الشيعية.

فعلى الجهات الرسمية فتح تحقيق بالحال لمعرفة الحقيقة، وقد طالبنا الوقف بذلك وما زلنا مصرين على مطالبتنا، وندعو كافة طلبتنا الأعزاء بالوقوف خلف هذه المطالبة ودعمها واستمرارها لضمان حقوقهم وعوائلهم.

ونتمنى على رجال الدين المؤثرين في دعم هذه الخطوة لطلبتنا الأعزاء وعدم الاستعجال في فتاوى غير واقعية ولا منصفة، حينما تعجل بعضهم بتحريم هذه المطالبة، ولسنا بصدد مناقشته علمياً، فإننا على يقين بأن لا مدرك له في هذه الفتاوى إلا حسابات ظنية، ظناً منه أن هذه المطالبة تمثل ارتباط بالجهة الرسمية، وهذا ما لا نقبله نحن قبله ولا نريده، وإنما كانت مطالبة الطلبة الذين خوّلوا مكتبنا تقديم طلباتهم للوقف الشيعي لموقوفات وقفت فوائدها حصراً على طلبة الحوزة وهي كثيرة باعتقادها وعلى الوقف الشيعي توضيحها بكل مصداقية وشفافية (كما يحلو للبعض أن يعبر) وأن يبين مقاديرها وكيفية صرفها، أو موارد هذا الصرف وهل هو الطلبة الأعزاء أو مورد آخر لا حجة له في صرفها عليه فهو محجوج بصرفها عليهم ولا بجدية بعض التصرفات حينما أعطى فتات منها لبعض الأشخاص وقد وزعها منّةً منه على بعض الطلبة وبمبلغ استحيي من ذكره فإنه لا يساوي ما يبذله الطالب من ماء وجهه لغرض الحصول عليه، وقد افتخر صاحب الوقف وأمينه بهذه الالتفافة الذكية على مطالبة الطلبة الأعزاء لحقوقهم المشروعة في الأوقاف.

إن مسؤولية العلماء تجاه طلبتهم كثيرة فهم أجنحة عملها ووسائل إعلامها، وحلقة الوصل بينها وبين جمهورها أو مقلديها، وهم من يؤكدون وجودها ويمتنون عملها ويديرون نظام عملها، وكل ذلك يشكل حقوقاً لهم على علمائهم ينبغي مراعاتها وتأكيد مطالبتهم بحقوقهم المالية في الوقف الشيعي، وإهمال هذه الحقوق وتجاوز مطالبتهم بها غير مقبول وليس له مبرر معقول.

 

أخطاء عبادية

الخطأ الأول: يصلي بعض المؤمنين (كبار السن) على مرتفع من الأرض جلوساً على كرسي أو (طبلة)، ويرفعون موضع سجودهم كذلك لعدم قدرتهم على وضع السجود الاعتيادي، وهم معذورون في ذلك، باعتبار الضرورة البدنية، ولكن الضرورة تقدر بتقديرها، وما زاد يعتبر تجاوزاً على الحكم الشرعي والامتثال المطلوب، ولكن المشاهد هو وقوعهم في خطأ عدم وضع إبهام القدمين على الأرض عند السجود، فهو يضع جبهته ويديه، ويمتنع وضع ركبتيه على الأرض ولكن لا يمتنع وضع إبهامي القدمين على الأرض، ولا تسمح له الضرورة بعدم وضعهما، وبالتالي فيكون سجوده محل إشكال وخلل واضح، نعم من لا يستطيع ولا يقدر فهو معذور في ذلك، ومن يستطيع ولا يتشدد عليه وضع الإبهامين فهو غير معذور، وصلاته تقتضي الإعادة.

وعليه ننبه الإخوة المصلين إلى ضرورة مراعاة وضع الإبهامين عند السجود عندما يصلون وهم جلوس على كراسي وأمامهم مرتفع لوضع الجبهة عليه عند السجود.. وفقهم الله لطاعته.

الخطأ الثاني: يتبرك بعض الزائرين بتقبيل عتبات أبواب المراقد المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية، ولكنهم يخطأون بوضع جبهتهم على العتبة في وضعية سجود واضحة قد توحي بأنه يسجد إلى صاحب المقام، ولأجل التخلص من ذلك فله تقبيل العتبة ووضع خده الأيمن، أو خده الأيسر عليها دون وضع الجبهة كي لا يعطي الإيحاء المذكور وأنه يسجد للمرقد أو الذي فيه، لانحصار السجود لله سبحانه وتعالى، كذلك ننبه إخواننا المؤمنين إلى مراعاة ما قلناه، وله توفيق الزيارة إن شاء الله تعالى.

 

هل يسود العراقيون العالم

نشرت إحدى الوكالات العالمية أنباء فلكية تتوقع حصول انفجارات بركانية في الشمس عام 2012 والتي ستؤثر سلباً على الكرة الأرضية وسكانها واستقرار حالتهم المعاشية، وقد ذكرت الأنباء آن حركة الشلل التام ستسود الأرض، حيث تتوقف وسائط النقل كلياً ووسائل الاتصالات كذلك وقد يتسبب التأثير الشمسي بشحة المياه، وانهيار شبكات الصرف الصحي والمياه، وتذكر تفاصيل متوقعة أخرى.

والسؤال الذي نطرحه هو هل حسب العالم لمثل هذه الكوارث وكيفية مواجهتها؟ وهل وفر استعدادات نفسية وبدنية واجتماعية لمواجهتها أو انه ترك الأمور تمشي على منوالها دون حساب لطارئ مثل هذا القبيل؟

الجواب بالنفي عن كل ذلك، لأن هذا العالم مغرور بما وصل إليه من العلم دفعه إلى توقع ما يهيئ به نفسه لكوارث من هذا القبيل، ولم يكيف نفسه لممارسات شعائرية تنقذه وقت الشدة.

وأما العراقيون فقد أكلتهم التجارب الحياتية بكل قساوتها ومرارتها فتحملوا ما لم يتحمله شعب في الأرض، من الضغط النفسي، والضغط المعاشي، وقاموا بممارسات أظهرت قوة إرادتهم وشدة تحملهم، وتكيفهم مع مختلف الظروف، وما الشعائر الحسينية التي يمارسها هذا الشعب في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، وهو يقطع آلاف الأمتار مشياً على الأقدام إلا ترويضاً للنفس وتمتيناً للإرادة لتواجه ظروفاً مهما كانت قاسية، وفي كل ذلك هم يستأنسون بممارساتهم الشعائرية، واستمرارية حياتهم مع ما فيها من قسوة وحرمان وخوف وعازة وتشريد وتقتيل و.. و..

فقد اعتادوا الشدة والقسوة ونسوا الراحة والدعة، وإذا صدقت هذه التنبؤات الفلكية، فسيكون للفريقين كلام حينها، حيث سيسود العراقيون العالم لأنهم تدربوا جيداً على ظروف مثل ما سيحصل في الأرض، والفريق الآخر سيقع في شر بطره وغروره حينما يجد نفسه خالياً من مقومات مواجهة الأزمة، وغير مهيأ لديمومة حياته في مثل ظروفها، وقد تلجئه الحاجة إلى كسب الخبرة من العراقيين واستيراد الآلية المناسبة لمواجهة تقلبات الحال، وسيصبح العراق محل حاجة كل الشعوب بعد أن كانت هي محل حاجته حيث البضائع والأغراض والسياسات تورد إليه من كل حدب وصوب، فلا انقطاع التيار الكهربائي بمؤثر عليه وقد عوّد نفسه على انقطاعها واكتوى بنارها وانقادت نفوسهم لألفة ظروفها، ولا تعطيل المواصلات واليات النقل تعرقل حركتهم وسعيهم الدؤوب نحو اختراق مناكب الحياة، وتحصيل أرزاقهم ومعاشهم، وقد سيرت أنفسهم وآنست بالمشي طويلاً ولمسافات كبيرة وهي لا تشعر إلا بالبهجة والسرور، وأين هذه الصفات التي يملكها العراقيون؟ من تلك التي يقصدها الآخرون وإذا أصبح العراق محل الحاجة للآخرين، كان سيدهم لا محالة طبقاً لقانون سياسي واجتماعي أطلقناه مراراً وفي مناسبات عديدة بأن نظرية الحاجة هي من سيسوق الأمور إلى مقاصدها.. ولله عاقبة الأمور.

 

الأثر الوضعي للخنزير والخروف

يتردد على السن بعض المتدينين لفظة (اثر وضعي) ومعظم من يتناول الكلمة لا يعرف بالضبط ما يراد منها على نحو الدقة، ولكنه يعرف إنها تعتبر أثراً غير جيد، ومعنى سيئاً أريد منها.

والأثر الوضعي، هو الأمر الذي يضعه أكل الحرام أو ارتكابه على صفحة نفس الإنسان وقلبه فتضطرب النفس ويتسود القلب ويظلم، وربما يتلبد الذهن، ويتحول الإنسان شيئاً فشيئاً من سواء الفطرة إلى انحرافها، فتجده يقبل ما لم يكن يقبله من قبل، فهو يقبل التحلل الخلقي بعد أن لم يكن يقبله، ويقبل الاحتيال على الآخر أو التحايل عليه أو يقبل الاستخفاف بالعرض والناموس، وتضعف عنده الغيرة والحمية، وبالنتيجة فهو يستسهل ما هو محرم عليه شرعاً وأخلاقاً بل وعرفاً، وينشأ عنده قيم وأخلاق غير مألوفة ولا مقبولة، فلا يتحرز من السرقة لو أتيحت له الفرصة، ويتطاول على المال العام لو خلا من الرقيب، وقد تقوده نفسه المضطربة والأمارة بالسوء إلى ما لا يفعله حتى الحيوان مع من يرتبط معه برابطة.

فما ينبه عليه الشارع أو يتشدد في تحريمه لا ينحصر غرضه في العقاب الأخروي بل يعم الدارين، الدنيا وبما نسميه بالأثر الوضعي وتخلق الإنسان عن حالة الاستواء الطبيعية ليعيش سوياً بين البشر بما ينتظم حال المجتمع ويأمن على وجوده وقيامه ولا يستقيم المجتمع إلا مع الانتظام وهو يبدأ من الأفراد المكونين له.

باعتبار أن ما يحرمه الشارع له هذه الآثار الوضعية، لأنه يعرف مخلوقاته أتم معرفة، ويعرف ما يضرها وما ينفعها، إلا أن قصور عقل الإنسان عن معرفة المقاصد الحقيقية للتشريع أو غروره لإتباعه الهوى والشيطان يدفعه للتمرد والطغيان على رب العزة والجلال، ولكنه سيعرف عند لحظات الموت إن الله هو الحق.

وقد حرم الله الخنزير وأحل أكل الخروف، ويبدو أن العالم ينقسم إلى قسمين مسيحي يتناول الأول بنهم وتوق شديدين، ومسلم يتناول الثاني، كذلك وقد أثبتت الدراسات العلمية ما لأثر أكل الخنزير على الصحة البدنية والتي بدأت تظهر في وقتنا الحاضر، ولم يثبت من اثر كذلك للحم الخروف إلا مع الإفراط وهذا أمر عام يشمل كل ما يتناوله الإنسان من مأكول ومشروب.

ولكن الأهم من ذلك هو ما يمتاز به الخنزير من خصائص وصفات عن الخروف فهو يعتاش على القاذورات والنجاسات، ولا يغار على أنثاه إذا أراد حيوان آخر أن ينزو عليها، وبعبارة هو (ديوث)، وهذا لا تجده عند الخروف، ومع أكله من قبل الغرب المسيحيين ماذا تجد في أخلاقهم وأعرافهم، انك لا تجد الغيرة، والدفاع عن العرض والشرف بدعوى الحرية الشخصية أو غيرها من الدعاوى الفارغة وهذا اكبر اثر وضعي، يتركه لحم الخنزير على صفحة الإنسان.

ومن هنا فإنهم جادون في مناسبة أو أخرى مستغلين كل الفرص ليدفعوا المسلمين لتناول أكل لحم الخنزير للوصول إلى نفس النتيجة التي لاقوها من جراء تناولهم للخنزير. نعم هم يخفون وجه الحقيقة لمعظم الأطعمة المستوردة منهم مما تحتوي على أجزاء من شحوم ولحوم الخنزير، ذلك لأن هذا الأثر المذكور سيظهر سواء علم الإنسان بأنه أكل ما يتضمن لحم الخنزير أو لم يعلم، نعم فائدة عدم العلم هو عدم المؤاخذة الشرعية، ولكن سمعت قبل ذلك أن أكله لا ينحصر به بل به وبأثره الوضعي الذي حرمته، فاحذر لنفسك من أكله.

وقد نبهنا في بيانات واستفتاءات عديدة على بعض الاطعمة والاشربة التي تحتوي اجزاءً من الخنزير, وأؤكد على حرمتها، كالبيبسي كولا، وعلك ابو السهم، والاندومي وغيرها.

والله المستعان على ما يصفون.

 

سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

 

هناك روايات متواترة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام تحث وتؤكد على الزواج المبكر، لكن اليوم وحسب التطور تولدت فكرة لدى عامة الناس ناتجة حسب دعواهم من التجربة في الحياة أن هذا الزواج غير صحيح لما فيه من آثار سلبية على الزوجين ناتجة عن عدم خبرتهم بالحياة وعدم تقاسمهم وإحساسهم بالمسؤولية هذا بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي الذي يولد كثير من المشاكل مما ينتج أكثر الأحيان فشل في هذا الزواج.

فما هو رأي سماحتكم من الناحية الدينية والاجتماعية.. راجين التفصيل لأنه موضوع ابتلائي.

أدامكم الله ودفع عنكم كل مكروه.

ولدكم الشيخ 

محمد السعداوي

بسمه تعالى:-

 

الزواج المبكر لدى الشباب يعتبر من النعم غير المشكورة عند الكثيرين لأنه يغطي حاجة ضرورية من حاجات نفس الإنسان، ويوفر متطلبات القوة الشهوية التي خلقها الله في نفوس بني ادم لديمومة الجنس البشري واستمراره على وجه الأرض، وبه يكمّل المسلم نصف دينه وعليه أن يتقي الله في النصف الآخر منه، كما ورد في الخبر.

وبه استقرار حياة الشاب والشابة بعد موجة المغريات الجارفة والتي توقع بالفرد إلى إزجاء حاجته الجنسية ولو بطريق الحرام والعياذ بالله، والله يريد الحلال ليستر على عبده ويلبسه ثوب التقوى، فقال تعالى ((هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ)).

وأهم الفوائد التي يمكن جنيها من الزواج المبكر هو استقامة تصرف الفرد واتزانه واحترامه للثوابت العرفية والأخلاقية، فيكون عامل بناء ودعم وإسناد لمجتمعه بدلاً من أن يكون عامل هدم وإفساد عندما يبحث في أعراض الناس وحرماتهم ليوفر متطلبات القوة الشهوية التي زرعها الله فيه، وبالتالي سينتظم أمر المجتمع وتزول من حياته الاجتماعية العديد من المشاكل المتسببة عن اندفاع الشباب نحو حاجاتهم الجنسية، وسيوفر المجتمع طاقات شبابية للبناء خوف أن تتبدد في إغراءات الشيطان وأمانيه. نعم قلة خبرة الشاب قد توقعه في بعض المشاكل غير قادر على التخلص منها، وهنا يأت دور الآباء لتوجيه الشباب في زواجهم المبكر ورعاية قلة خبرتهم وإعانتهم مادياً مما يغطي متطلبات حياتهم الزوجية، وبالتالي سيسد على المشاكل أبواب نفوذها، والحياة مدرسة يتعلم فيها الفرد ما لم يتعلمه من الكتب مع شيء من الصبر والتاني في مواجهة بعض المشاكل، وعدم التسرع في حسمها بالطلاق، والعياذ بالله.

ثم أن ما ذكر في السؤال من تغير النظرة ليس بصحيح لأنه يمثل حالات معينة وليست كلية لكل حالات الزواج المبكر، ونحن نشاهد كثيراً من الزواج المبكر وقد أثمر عائلة كريمة وحياة زوجية هادئة، خصوصاً إذا امتنع الأهل من التدخل إلا بما فيه مصلحة للزوجين، وكانوا يقفون بحياد تام عند حصولها، ووظيفتهم توجيه الزوجين ورفد خبرتهم الناقصة بما يختزنه الواحد منهم من خبرات حياتية.

نعم قد تفشل بعض حالات الزواج المبكر ولكنها قليلة وبفعل التدخل غير المسؤول وغير الداعي للأبوين والأقرباء.

أنا مع الزواج المبكر للشاب ولكن لا على نحو إلجاء الشاب إليه أو إكراهه عليه بل يترك على رغبته يطلبه حيث تضغط الحاجة عليه.وفي الموروث التاريخي مما يغني على ارجحية الزواج المبكر، ومع كلام الشارع وهو يعرف وجه الحقيقة ويشاهدها أمامه، فلا كلام لنا معه.

قاسم الطائي