وجهة نظرنا
العملية السياسية يأكلها أهلها
وصلت العملية السياسية التي أريد لها أن ترسم مستقبل العراق السياسي وطبيعة النظام الديمقراطي المأمول الى وصفة دواء يشربها السياسيون أنفسهم، فهم وعلى مدى (8) أشهر من الانتخابات البرلمانية والحراك السياسي لم يجد الشعب غير نفس الوجوه التي حكمت العراق منذ السقوط والى الآن، وهذا مؤشر على عقم هذه العملية وأنها لم تنجب شخصيات سياسية وقيادية فشكل عنصر استفزاز وتحدي للسياسيين الحاليين الذين أطمأنت نفوسهم الى حياكة العملية بما يؤمن له الاستمرار والبقاء فيها سواء فازوا بالانتخابات أم لم يفوزوا بل لا تشكل الانتخابات لهم دافعا سياسياً قوياً لطموحهم ومستقبلهم حيث النتيجة هي النتيجة بالفوز وعدمه.
ومن هنا فأن أقصى حركة السياسيين هو إثارة أكثر من زوبعة هنا وهناك تارة بعنوان الشراكة الوطنية ولم يحدد لها إطار معروف ثم استهلك مع مرور الزمن حيث لم تأتِ بهمها فطرأ رأساً وبدون مقدمات مصطلح تقاسم السلطة، ولم نعرف هل هو إبداع عراقي أو هو إملاء خارجي قد يأتي من هنا أو هناك.
وأنا لست متشائماً بقدر ما أكون متأسفاً على العملية السياسية التي راح العراقيون يأملون أنفسهم في صيرورتها الحل الأمثل لمشكلات بلدهم، وها هي تأكل نفسها حينما لم يحسم المشتغلون فيها أمر بدايتهم في تشكيل الحكومة بقدر ما جاء التزاماً بتصريح الرئيس الأمريكي أوباما عندما أطلق تصريحه في الهند بأن الساسة العراقيين قد أخذوا وقتاً أطول في تشكيل الحكومة، وإن ذلك لا يمكن قبوله عند الشريك الرئيس ورائد إحلال الديمقراطية في العراق، الأمريكان وإن عليكم يا ساسة حسم المسألة بأية صورة، واردفها توجه بايدن ثانية الى الشمال والتقائه بالقادة الأكراد وعرضه لهم بالتخلي عن منصب رئاسة الجمهورية الذي التصق بهم منذ فترة وكأن العراق قد حسم أمر سياسته وأنها محاصصة سياسية على الطراز اللبناني كما نبهنا عليه قبل أكثر من خمسة سنوات على ما يراد للعراق أن يكون لبناناً أخرى، وها هي العملية تراوح مكانها وبقاء نفس شخصية الرئيس في منصبه- مع ان قائمته لا تملك الاستحقاق الانتخابي لهذا المنصب- وصار دولاً على نفس الشخص، إذ قد صرح في مرة بأن الحقوق الكردية مقدسة، وكان الأحرى به أن يقول الحقوق العراقية مقدسة.
النخبة بين اشكاليات الواقع وأهمية المشروع الحضاري
ان تحديد اشكال التحديات أمام المشروع الحضاري يحتاج في الراهن العراقي الى نمذجة التحالف الاجتماعي بصور تؤشر جغرافياً التوازنات في دائرة المكون الإجتماعي، والذي يعد أهم ديناميكياً من دائرة المكون السياسي، على خلفية مفهوم العقد الاجتماعي وإدارة المسؤولية بين الحاكم والمحكوم أو بالادق بين الشعب وممثليه!!
وهذا التحديد أو صورته النموذجية هو ما يعني ((زوال التخلف)) أو رفع نسبة الانغلاق والعقد والاختناقات في ساحة الدائرة الاجتماعية ورصيدها الذهني.. والذي يؤشر بدوره عملية تقارب أو تقريب في درجة الوعي بين الناس والواقع، وهذا لا يتسنى إلا من خلال نخبة وهذه لا يتسنى لها القيام بذلك إلا من خلال توصيف دقيق للتضاريس بمعايشة روحية وإيمان بقضية الفرد والمجتمع والوطن إذ يعتمد تحليلاً ثقافياً من أجل الوصول الى معرفة التركيبة المعقدة لطبيعة المرحلة وخصوصياتها الراهنة.
وبهذا يكون الواقع العقلي يفرض بالضرورة على توفير مشروع حضاري متكامل للنهضة وهذا المشروع يحتاج الى كل تلك السياقات والآليات للوقوف على دراسة محصلة آفاق التحول وابعادها باستشراف مستقبلي دقيق لمشروع سياسي وطني بعيد عن التحزب والطائفية والفئوية والمحاصصة والتنازلات وهذا ما لا نلاحظه عند جميع اصحاب الحضارة والمفكرين حيث تجتمع الكلمة على محورية دور – النخبة – في عملية الصياغة المشروعة لصنع عملية التغيير أو النهوض بوعي الأمة.
والنخبة نعني بها الشريحة القادرة على تحليل المكونات الاساسية للواقع وابتكار ىليات تنسجم مع مستوى التحول العصري في استخلاص مادة الوعي بالمشروع وتحريكها بشكل يلامس واقع الأمة ويتناغم مع طموح وحاجات وإحساس كل فرد مما يكشف عن الطرق والحلول السليمة لحل الأزمة وكمقدمة لا بد من الاشارة الى بعض الاضواء في طريق النخبة.
1- يجب على النخبة أن تكون قريبة من الواقع وتنطلق من صميم المجتمع مروراً بالفرد لكي يتسنى لها الرؤية بوضوح للمشهد الثقافي وازمته من داخله لتؤشر بالتحليل اشكاليته.
2- أن ((زوال التخلف)) بالضرورة يحتاج الى تكريس الجهود العملية بالانفتاح على جميع الطاقات وعدم ((إقصاء الآخر)) لتوفير عملية تقريب المستوى الثقافي لوعي الواقع الاجتماعي واهميته.
3- اعادة الثقة للأمة بضرورة تواجدها ومشاركاتها ودورها الثقافي من خلال العلاقات المتميزة بكل الاتجاهات، لان إثارة الواقع الاجتماعي وتحفيزه فكرياً وعقائدياً بشكل نموذجي يقفز به بشكل غير طبيعي عبر الافاق ويؤشر التغيير والاصلاح والتنمية بوضوح.
4- على النخبة أن تنزل الى واقعها الاجتماعي كمبدأ والتخلي عن عروشها ونظرتها الاستعلائية وتنظيرها الفئوي المؤطرة بضغوطات وتجارب لا تنتمي الى دائرة الامة وحضارتها واستشرافها لمستقبلها وطموحاتها.
5- الارتقاء عن السوقية والصراعات التي تشوش منظومتها الفكرية والعقائدية وتعرقل مسيرتها التوعوية وتفتح ثغرات بشكل غير مباشر على مشروعها مما يؤدي الا الاستهلاكية والتاطر بالعقد وعدم التركيز على هدف فيفشل المشروع ويتداعى.
اذن بعد هذه المؤشرات والاضواء يتضح ان على النخبة تكريس اكثر من صمام امان للسيطرة على هندسة الواقع ولانتاج موقفاً مرجعياً واعياً لتنقية الواقع ورسم كيفية التعامل مع دوائر الحركة الاجتماعية مما يؤسس مرتكزات معرفية وفكرية للوعي في محاولة الترميم للمشهد الثقافي واعادة صياغته لبناء مشروع حضاري وطني بعيد عن المحاصصة والتحزبية والطائفية التي تخلف اثاراً من التخلف والجهل وتفاعلاً ارهابياً بعيد عن الاصالة والانسانية! ومن اجل تدعيم دور النخبة وتفعيل دورها لابد من توفرها على غطاء مالي واعلامي مشروع اي من خلال صيغة قانونية منبثقة من نفس العطاء الفكري الرسالي لكي لا تكون هناك حالة من السطو والتلاعب والتاثير على ثروات الافراد والامة،لأن ذلك يحدث خرقاً في رسالة النخبة ومشروعها الحضاري ودورها الوطني، لذا لابد ان تكون هناك مؤسسات تستوعب الدور الوطني والرسالي لتدعيم وتهيئة السقف كما هو حال المثقف في ايجاد وابتكار اليات جديدة للتفكير في استخدام واستثمار الثروة وعدم تبذيرها.. مما يعود على الفرد والمجتمع بموارد تظهر صورتها جلياة ذات بهجة وسرور واستقرار في حياته مما يعكس انتماءه وتفاعله وتدعيمه هو الاخر للنخبة وهذا له اكبر الاثر والهدف المثمر.
الشيخ مجيد العامري
حوار مع سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي حول
الإدارة الوظيفية ومقومات النجاح
(اجراه السيد حسين الحسيني)
السؤال الأول: الإدارة منصب الصدارة في دائرة ما أو مشروع، ويتم اختيار الشخص المدير ضمن ضوابط معينة مستندة إما على ضوء الاختصاص الناتج من التحصيل الدراسي للكليات المتخصصة، أو من خلال اكتساب الشخص للخبرة الإدارية من خلال التجربة والممارسة في شؤون الدائرة وارتقائه في السلم الوظيفي إلى أن يصل إلى منصب المدير.
فما هو بنظركم أفضل هذين الطريقين للحصول على المدير الناجح؟ أم انه لابد من اجتماع الأمرين معاً فيه؟ ولماذا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الأفضل هو اجتماع الأمرين معاً، إذ التحصيل الدراسي يعطي التصور الصحيح لانجاز المشروع ضمن الأسس العلمية والإدارية التي كسبها الشخص في دراسته، ولكنها تبقى نظرية قد تصطدم في الواقع بكثير من العقبات التي لم يلتفت إليها خلال الدراسة لأن الدراسة تدرّس الظواهر العامة تاركةً التفاصيل لقدرة الدارس عند مواجهة الحياة، وهنا يأتي دور الخبرة وسعة التجربة، التي فيها علم مستأنف كما يقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث تزداد مخيلة الشخص وتصوره للإدارة الناجحة من خلال التجربة الطويلة وبالتالي فإن احدهما مكمل للآخر، إذ التجربة تعطي بعداً أعمق للدراسة والدراسة تعطي فهماً جديداً للتجربة، فضمهما معاً ينتج الإدارة الناجحة، ويمكن أن نتأس إن لم نقل نستدل على ذلك بقوله تعالى وتقدس ((إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)) القصص26، فالقوة يكسبها الفرد من خلال الدرس والتحصيل ليتحرك على هدى من العلم والمعرفة، والأمانة يصونها من خلال تجربته الطويلة وتعلمه في مدرسة الحياة الطويلة حيث يزداد الإنسان كياسته ورصانة مع الخبرة وهما مفتاحا الأمانة.
السؤال الثاني: ما هي الصفات الأخرى بنظركم غير الخبرة في مجال العمل، الواجب توفرها في العنصر الإداري ليحقق نجاحاً في ميدانه؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
من عناصر النجاح الإرادة القوية في اتخاذ القرار الصائب منضمة إلى استشارة الآخرين ليشاركوا في آرائهم وأفكارهم وبه يخلق جواً من الألفة والمحبة النافعة في مجال العمل كفريق واحد يريد كل منهم خدمة العمل والمشروع من خلال أفكاره، وبه يضمن المستشير مشاركتهم معه، ويحس الجميع بأن نجاح العمل نجاحهم جميعاً وفشله فشلهم جميعاً (( من شاور الرجال شاركهم في عقولهم)).
النظام في العمل، فإن انتظام العمل معناه استثمار كل طاقة في محلها ووقتها وضمن مجالها فلا تتزاحم القدرات وتتمانع معرقلة سير العمل، ومحدثة إشكالية واضحة للمشتغلين، حيث يعتمد كل واحد منهم على الآخر والآخر عليه والنتيجة انه لا تقدم في العمل، وقد ورد عن الأمير عليه السلام (( الله الله في نظم أموركم)) وقسمه عليه السلام ما كان إلا لأجل أهمية وخطورة النظام في مجال العمل والإنتاج والتطور والإبداع.
واستخدام عنصر الثواب والعقاب وإن كان الأخير يفضل أن لا تلجأ إليه الإدارة إلا بعد نفاذ كل السبل لأن اثر العقاب سيئ على فريق الإدارة وعملها.
ومتابعة أحدث التطورات والدراسات في مجال الإدارة والإشراف للاستفادة من هذه الدراسات ومواكبة التطورات كي لا تكون الإدارة تتحرك بإيحاء من زمان غير زمانها.
واعتقد أن تستخدم الإدارة عنصر الاستفزاز للكادر العامل معها لتفجير طاقاتهم في الإبداع والبناء على أن لا يكون إلا في مجال الخير والمنافسة الشريفة في ميدان العمل.. هذه أهم عناصر الإدارة الناجحة.
السؤال الثالث: هل إن القرارات الصادرة من إدارة العمل ملزمة على الموظف، ومخالفتها توقعه في المحذور الشرعي، أم إن مخالفتها تقصير بحق الإدارة فقط ولا يترتب عليها محذور شرعي؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
نعم القرارات الصادرة من قبل الادارة ملزمة للموظف، وينبغي عليه احترامها، إذ المؤمنون عند شروطهم، ولكنه لا يوجب محذوراً شرعياً بعنوان الحرمة بل إن مخالفتها تقصير بما التزم به الموظف عند العمل مع الإدارة ويحق للإدارة معالجة هذا التقصير وفق ما تراه مناسباً ومانعاً عن الاستمرار فيه وفق الضوابط واللوائح المعمول بها في الدائرة والتي اطلع عليها الموظف والتزم بمضمونها.
السؤال الرابع: هل يحق للموظف معرفة أسباب ودواعي صدور أي قرار من إدارة العمل أم إن عليه التنفيذ فقط؟ وعلى فرض أحقيته فهل يحق له الامتناع عن التنفيذ لو علم أن القرار الإداري يعارض الثوابت الشرعية التي يؤمن بها الموظف أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
بل من حقه أن يعلم أسباب ودواعي صدور القرار من الإدارة الا فيما يتعلق ببعض الاسرار التي تعرّض الادارة للاهتزاز لو انكشفت، وإلا مع عدم معرفته كيف يتسنى له أن ينفذه، وله الامتناع عن التنفيذ فيما لو كان القرار مخالفاً للثوابت الشرعية باعتبار أن شرط الله قبل شرطكم، وأن الله لا يطاع من حيث يعصى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
السؤال الخامس: إذا دار الأمر بين أن يلتزم الإداري أو الموظف المكلف بعمل ما بما وضعته الدائرة من قانون ا والية عمل وبين أن يلجأ لطريقة خاصة من ابتكاره تحقق له نتائج أفضل، فهل يحق له الاعتماد على طريقته والإعراض عن القانون الموضوع من قبل الدائرة، سواءً أمن المحاسبة على تركه هذا أم لم يأمن، مع تحقيقه نتائج أفضل؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
من الواضح أن مصلحة الدائرة في تحقيق نتائج أفضل وعليه ما يبتكره الموظف من طريقة تحقق النتائج الأفضل لا يلاقي اعتراضاً من قبل الدائرة ولا معنى لمنعه من الابتكار بحجة وجود قانون إداري وضعته الدائرة فإن ذلك أمر غير معقول، نعم لو فرض جدلاً وجود صرامة في تطبيق ما وضعته الدائرة من قانون وهو يتعارض أو يمنع الموظف المبدع من إبداعه، كما لو كانت الدائرة حكومية تعيش حالة بيروقراطية قاتلة، فعلى الموظف الالتزام بالقانون لالتزامه هو باحترامه عند تقدمه للتوظف فيها، أو يصار إلى تبديل القانون من قبل الدائرة أو تعديله بما لا يتعارض مع الابتكار المفروض للموظف، لأن المفروض أن الدائرة تعمل لهدف ما والابتكار المفروض يخدم ذلك الهدف إلا إذا كانت الإدارة غير ناشطة ولا فاعلة في الإبداع والتطوير.
السؤال السادس: لو علم الإداري أن احد الموظفين أو المختصين في ضمن دائرته لا يملك الكفاءة والخبرة التي تحقق للدائرة انجاز أعمالها بشكل مقبول وصحيح فهل تترتب عليه تبعات أو ظلامات فيما إذا اخبر الجهات المسؤولة عن هذا الموظف واتخذت إجراءات بنقله أو عزله مما يؤدي إلى الإضرار به وبحاله المادي مع انه لا يملك الكفاءة كما قلنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الإضرار بموظف بدعوى عدم كفاءته في انجاز عمله من مسؤولية الدائرة التي قبلت تعيين هذا الموظف وعليها تطوير أدائه وقدراته بما يجعله ينجز عمله بشكل صحيح ويقول، وأما إخبار الدائرة عن هذا الموظف لتتخذ إجراءات بنقله أو فصله إضرار به وهو غير جائز، كما ورد لا ضرر ولا إضرار، وتقع مسؤولية عدم كفاءته أو تطويرها على الدائرة نفسها وإدارتها.
السؤال السابع: غالباً ما تختار الدوائر الوظيفية العناصر التي تشغل مناصب إدارية على وقف مقياس القِدم أو طول مدة التوظيف لهذا الشخص في هذه الدائرة وتفضله على غيره وإن كان هذا الغير ممن يملك الكفاءة والخبرة في ميدان الإنتاج والتميز فيه، كل ما هنالك انه لا يملك رصيداً كافياً من سنين الخدمة، :كيف تقرأون الآثار المترتبة على ذلك وما هو نظركم؟ وهل أن التقييم بقياس عدد سنين الخدمة أو بالناتج الذي يقدمه الموظف أم بكلاهما؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
المقياس هو النتائج التي يقدمها الموظف، نعم لسنين الخبرة مدخلية في إنتاجه وكفاءته في انجاز عمله وفق الضوابط والمواصفات المطلوبة، وعلى الدائرة الاستفادة من كل الخبرات والعناصر القادرة على تطوير عملها وانجازه بشكله الصحيح وإن لم يكن ممن خدم في الدوائر فترة طويلة، إذ رب خبير يكون كلّاً على دائرته ورب جديد يكون عوناً وظهيراً لدائرته، ويبقى المقياس ما ذكرناه في الجواب الأول ((إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)) القصص26.
السؤال الثامن: كيف تفسرون كلمة (وظيفة) و(موظف) وماذا تعني بنظركم؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الوظيفة في اللغة على ما يذكره في المنجد هي ما يعيّن من عمل أو طعام ورزق وغير ذلك، وتأتي بمعنى العهد والشرط وقد تستعمل بمعنى المنصب والخدمة.. المنجد مادة وظف.
وعلى هذا فهي تعطي معنى الإجارة حيث يعيّن للرجل عمل معين من قبله ويعيّن له رزق معين، ففي مقابل عمله يعين له مال معين، وهي ملزمة للطرفين فالموظف هو الأجير والوظيفة هي الإجارة، فكأنما عيّن للموظف عمل يؤديه لقاء مبلغ من المال يتقاضاه.
السؤال التاسع: نجد أن اغلب الدوائر والمؤسسات تعمل وفق منهج ونظام وضعي معين، ولا يخفى إن مثل هذه المناهج تحمل الكثير من الثغرات التي تفسح المجال للكثيرين في استغلالها لمصالحهم الشخصية من دون أن يقعوا في إدانة فقرة من فقرات القانون القضائي الوضعي، فهل يجوز لهم التصرف بهذا النحو وإن كان المتصرف مأمون الطلب من القضاء الوضعي؟ أم انه لابد من مراعاة عدم الوقوع بالتقصير في جانب التكليف الشرعي أولاً؟ أرجو الإشارة لهذا الجانب.
بسم الله الرحمن الرحيم:-
لا يخلو أي قانون وضعي من ثغرات لأنه من صنع ووضع البشر غير المحيط بكل ما يدخل في تحقيق هدفه وغايته حينما وضع القانون لأجل تحقيقها، وأما استغلال هذه الثغرات لمصالحهم الخاصة، خلاف عقد التوظيف (الإجارة) الذي يعمل بموجبه الموظف لصالح من وظفه وهو هنا الدائرة، حتى وإن كان الموظف مأمون الطلب، فهو غير جائز وعليه مراعاة عدم التقصير الذي يلزمه به عقد الإجارة.
والواجب الوفاء به طبقاً لقوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)) المائدة1، بل يتعين على الموظف تنبيه الدائرة على ما وجده من ثغرات في القانون صوناً للأمانة التي تحملها بتوظفه في الدائرة.
السؤال العاشر: كيف توجهون الإداريين في التعامل مع المعلومات التي ينقلها لهم بعض الموظفين على البعض الآخر سواء كان ذلك نقلاً للحقيقة أم محاولة للإيقاع بهم؟ وما هي نصيحتكم لمثل هؤلاء الموظفين الناقلين؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
على المسؤول أن يستمع إليهم ولكن ليس له أن يرتب أثراً على إخبارهم خصوصاً إذا اخبره المخبَر عنه انه لم يقصر أو لم يقع منه ما نقله الآخرون عنه، لما ورد ما مضمونه فصدقه وكذبهم فيما لو كان ثقة مأموناً عن الكذب.
نعم لو ثبت بالأدلة والقرائن تقصيره في عمله وصحة النقل عنه، فعليه نصحه وإرشاده أولاً إلى تقصيره حفاظاً على مصلحة الدائرة التي التزم المسؤول الحفاظ عليها.
وعلى المخبرين إيقاعاً لزميلهم أن يتقوا الله في الإيقاع به، فإنها جريرة كبيرة وموبقة عظيمة يتحملون تبعاته القانونية وقبلها الشرعي بل والعشائرية أيضاً، وقد وجد في موروثنا الشرعي ما يتضمن (( انه لا يدخل الجنة نمام)).
السؤال الحادي عشر: ما هو حكم الراتب أو العطاء الذي يتقاضاه الموظف مقابل وظيفته عند وجود التقصير في أداء عمله أو عدم التزامه بالدوام المقرر عليه، حتى على فرض اتفاقه مع زملائه في أن يستغلوا مكانه في فترة غيابه دون علم الدولة أو صاحب المشروع؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الموظف ملزم شرعاً بلزوم الوفاء بالعقد وكذا قانوناً، ومعنى إلزامه أن الوقت المخصص للدوام مملوك للجهة المستأجرة (الدائرة) وأي تقصير فيه معناه أن ما يقابله من المال يأخذه بلا مقابل وهو محرم عليه، ومجرد اتفاقه مع زملاءه الملزمين مثله بمملوكية وقتهم ودوامهم للدائرة لا يعفيه عن المسؤولية، بل لا يعفيهم فيما لو حصل تقصير بعملهم من جراء اشتغالهم نيابة عنه.
نعم لو أذن له صاحب المشروع أو المسؤول الحكومي بذلك في نطاق ما جُعل له من صلاحيات جاز ذلك.
السؤال الثاني عشر هل يحق للإداري معاقبة الموظف المقصر بأداء عمله بعقوبة قطع الراتب، وهل يترتب عليه اثر ذلك في حالة:
أ – وجود التقصير واقعاً عند الموظف واستناد العقوبة على قانون موضوع لذلك وفي ضمن الحدود المقررة فيه؟
ب- نفس الفرض مع تجاوز العقوبة حد المقرر لها في القانون الموضوع؟
ج- عدم وجود قانون للعقوبات مع وجود التقصير من قبل الموظف؟
د- عدم وجود التقصير من الموظف بل استند الإداري إلى شهادات غير صحيحة على فرض وجود القانون وعدم وجوده؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
أ- لا اثر يترتب على الإداري فيما لو طبق القانون الوضعي واستحقاق الموظف للعقوبة بسبب تقصيره.
ب- يعتبر ظالماً للموظف في تجاوز حد العقوبة ويضمن ما يترتب من ضمان على هذه الزيادة.
ج- عليه تنبيه الموظف مرة وأخرى وإرشاده إلى انه سيعرض نفسه للعقوبة ثم إذا لم يرتدع الموظف واستمر في تقصيره فله عقوبته ولو من باب ردعه عن التقصير المنكر.
د- نفس الجواب (ب) حيث يعتبر ظالماً له وعليه تحمل تبعات ذلك سواءً وجد القانون أو لم يوجد ما دام الموظف لم يقصر في عمله.
السؤال الثالث عشر: لو اتخذ الإداري قراراً على موظف ما، ولم يكن القرار في محله بل كان مجحفاً وأدى ذلك إلى الإضرار بالموظف فهل يتحمل الإداري تلك الإضرار ولو على المدى البعيد كحرمانه من حق التقاعد وما شابه ذلك أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
نفس الجواب السابق (د).
السؤال الرابع عشر: لو كان الإداري مجحفاً في تعامله مع الموظفين أو سوء إدارته للدائرة ولم يجدوا حلاً إلا بتقديم شكوى عليه لدى السلطات المسؤولة، ولكن شكواهم تدفعه إلى إلحاق الضرر بهم أو حرمانهم من المخصصات أو الوظيفة فما هو الحل بنظركم؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
بإمكان الإنسان ومن حقه أن يدفع الظلم عن نفسه أو قد يدفع الإضرار بنفسه وعليه استخدام الطرق المتعارفة والمقبولة مع التدرج فيها من الأخف إلى الأشد، فإذا لم يرتدع إلا بتقديم شكوى ضده فليكن من باب الانحصار وعدم ارتداع المسؤول إلا بذلك، ويوازن بين تداعيات الشكوى من حرمانه وبين منع إجحاف الإداري بحقه، فلو أدت الشكوى إلى ما ذكر من الإضرار به امتنع عنها.
السؤال الخامس عشر: لو أدت سياسة الإداري إلى خسارة مادية للدائرة فهل يجب عليه شرعاً تعويضها من ماله الخاص؟ على فرض مطالبة الدائرة أو عدم مطالبتها بذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
قلنا فيما سبق أن الموظف إدارياً كان أم غيره أجير عند الدائرة، وهو أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وحيث يكون مقصراً أو متعدياً بسياسته فهو ضامن للدائرة وإن لم يكن فلا ضمان إذ قد يكون اتبع منهج الدائرة وسياستها وأدت إلى الخسارة فلا معنى لتحميله مسؤولية ذلك، ولكن تحمله للخسارة يتوقف على مطالبة الدائرة، وأما مع عدم مطالبتها فلا معنى لتحمله التعويض إذ يرجع إلى الإبراء لذمته مما تعلق بها من حق للدائرة، فيما لو كانت هناك صلاحيات أو تعليمات للإدارة في ذلك، كرئيس الدائرة أو رئيس مجلس إدارتها.
الفقيه عشائرياً
والحمد لله على نعمة الإيمان وإتّباع طريق الرحمن ونبذ مفتريات ما كان قائده الجهل وعميدة البهتان، طريق الغي والشيطان الذي ما انفك يسرح في عقول الرجال من امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم حتى أنساهم ذكر ربهم وهداية نبيهم نبي الرحمة فكانوا غرباء عن ما خلقوا له، أصدقاء لما نهوا عنه.
ولم يكن في الأفق من أمل يلوح لتصحيح مسار الرجال فيما يصح في سبيل الشريعة والأخلاق حتى أشرقت شمس الهداية بثلّة مخلصة من علماء الحوزة الشريفة فكانوا اعز الأعوان لهداية الإخوان وتبنيهم إلى ما يراد منهم في هذه الأحيان من إتباع سبيل الرشد ونور القرآن، وكشف أستار ومداخلات الشيطان عدو الإنسان منذ بدأ الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فالتفت الواعون من وجهاء الأمة ورؤساء العشائر إلى دعوة الضمير وصحوة الإيمان قلبوا الطلب واستجابوا للدعوة ذاعنين مقتنعين وعن بصيرة مهتدين يسترشدون علماء الإسلام ورجالات العلم والفقه ويتخذون طريق الرحمن لا يحيدون عنه بدلا ولا يشترون به عوضاً.
فقد زاد شوقهم وقاربت خطوتهم ممثلهم نحو التكامل والرقي والخروج عن زي الأحكام العرفية والأعراف العشائرية التي ما انزل الله بها من سلطان، فاستهدوا الحوزة ووصلوا إلى المبتغى، ولم يكن بالأمر البعيد عليهم وقد عاشوا اعرافاً تكرست وتجذرت فكانت عادات وتقاليد مقدسة لا يؤمن الخروج عنها والتمرد عليها من الطرد والتغريب، والاستهجان والتعيير ولكن هداية الله تنال الراغب وتطلب المجيب وقد شمّر ثلّة من الوجهاء ورؤساء العشائر الطيبين ساعد الجد وقصدوا الحوزة الشرعية لترعى شؤونهم وتكيف تصرفاتهم على منهج شرع الله الحكيم وصراطه المستقيم، فحيا الله إخلاص الرجال وجهادهم الأكبر ضد أهواء نفوسهم ومصالح ذواتهم وغرور أنفسهم، فشكر الله سعيهم وبارك خطوتهم وجعلها ميمونة تثير في نفوس غيرهم من رؤساء العشائر غيرة الدين وحمية الإسلام للالتفاف حول علماء المذهب وفقهاء الدين من اجل إصلاح شؤون المسلمين وتثبيت أركان الإسلام في سلوك معتنقيه وأن تعود امة المسلمين كما كانت خير امة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وهذا نموذج طيب قدم نفسه ايماناً بالله وتصديقاً برسالته واتباعاً لسنته وطلباً لمرضاته.. إلا وهو الشيخ رحيم بدر الطائي رئيس عشيرة آل حاتم من فروع طي ممثلاً عن أبناء ورؤساء عشائر قبيلة طي في الوسط والجنوب كل من آل حاتم وآل حداد وآل جرس وآل رويعي، وقد وقع اختيارنا على جناب العلامة الشيخ قاسم الطائي رئيساً تشريفياً على هذه العشائر، فقبل الأمر وشكر السعي وتحفظ بأمرين:
الأول منها: لا دخل له فيما يتعلق بالجانب العرفي العشائري في علاقة العشيرة بغيرها من العشائر أو في علاقتها مع الجهات الرسمية، وأما ما يتعلق بالشؤون الشرعية والأحكام الإلهية فيتعين على الجميع الخضوع لها والانصياع إليها وجعله القائد والمرشد في حل المشاكل العشائرية فيما يتعلق بالفصول والديات والغرامات والحكومات، وان يكون تدخله فيها لا بالمباشرة بل بواسطة نائب عنه يعينه هو من طلبة الحوزة العلمية أو من خارجها حسب ما يراه مناسباً.
وبالجملة فإن قبوله تشريفي ليس إلا.
والثاني منها: أن يتعلق قبوله لهذه الجهة التشريفية بالتزام الجميع بأوامر الله ونواهيه والابتعاد عن أعراف وتقاليد ما انزل الله بها من سلطان، وأن لا يتدخل ولا يطلب منه التدخل في شؤون خاصة تتعلق ببعض العوائل أو الأفراد، وأن لا يشغل بما هو من شؤون العشيرة ورسومها.
ونحن نقدر له قبوله وتحفظه ونحرص على التزام ما تشرف برعايته ومتابعة إرشاداته، وعدم إشغاله بأمورنا الخاصة أو العامة التي يمكن حسمها فيما بيننا خاصة، ولا نربك وقته وجهده إلا في أمور مستعصية ومحكمة على قبول الحل المرضي عند الكل فلابد من الرجوع إلى قول الشرع الفصل وبيانه الحتم بما يراه سماحة الشيخ الطائي عن طريق نائبه الخاص.
ونسأل الله تعالى أن يبقيه ذخراً للمسلمين عامة ولنا خاصة وللحوزة الشريفة.
ممثل رئاسة عشيرة الطائية
في الوسط والجنوب
22/4/2001م
الاستفتاءات
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
حول الخروقات الأمنية التي تحصل في الساحة العراقية سنتكلم بوضوح وجرأة وذلك لوجود أربعة نقاط رئيسية لم تعالج مطلقاً وبقصد، وهي:
1- فساد القضاة وضباط التحقيق بإطلاقهم سراح الإرهابيين بأموال طائلة وعلى حساب امن البلد.
2- بقاء القوات الأمنية لفترات طويلة في محلها ومكانها علماً انه من الناحية العسكرية تنقل كل ستة اشهر.
3- توجد مذكرات قبض بحق الإرهابيين تقدر بالآلاف في جميع الدوائر الأمنية لكنها مرمية بالحفظ ولا احد يتجرأ على تنفيذها بسبب المحاصصة.
4- دخول وخروج الإرهابيين من المراكز الحدودية بشكل دوري وعلناً على طريقة البيع والشراء وتحت أنظار المسؤولين.
شيخنا الجليل.. هذه حياة امة والأغلب يتاجر بها ونحن عاجزون عن ردعها والجميع ساكت، لذا لجئنا إلى سماحتكم لأنكم مثال للوطنية بعد أن طرقنا جميع الأبواب ولا حياة لمن تنادي لردع هذه الأعمال التخريبية.
فما هو رأي سماحتكم لهذه النقاط من الناحية الشرعية والقانونية ومستقبل البلد على المحك وحتى يكون المواطن على بينة من الذي يحصل.
لفيف من
الضباط العاملين والمطّلعين على الملف الأمني
3/11/2010
بسم الله الرحمن الرحيم:-
1) إذا فسد القضاة ضاعت الحقوق وانتصر الظلم واندحر الحق وغاب العدل، وانتشر الجور وسادت الرشوة وانعدمت النصفة، وعلى هذا فإطلاق الإرهابيين محرّم قطعاً واخذ المال عليه من السحت، والراشي والمرتشي في النار، فليتقوا الله القضاة في بلدهم وأرواح شعبهم، وإطلاق سراح الإرهابي معناه المزيد من الدماء الذي يشارك القاضي المطلِق للإرهابي في سفكها وسيؤاخذ عليها في يوم القيامة، بل وقبله.
2) إذا كان بقاؤها سيكسر اندفاعها في محاسبة القتلة والمجرمين باعتبار امتداد العلاقات المصلحية أو يولد استرخائها في عملها مما يجعلها محلاً للرشوة والخرق من قبل الإرهابيين، فيكون بقاؤها محرماً، ويترتب عليه كل النتائج في الجواب الأول.
3) كل من يعين إرهابياً أو يسكت عن فعله أو يتراخى في إلقاء القبض عليه ظالم مثله، فإن الظلَمة ثلاث، فاعل الظلم والراضي به والساكت عنه، ولا تشفع لهم محاصصتهم اللعينة التي لم تجلب لنا إلا الدمار والخراب، ويتحمل المسؤولون كل جرائم الإرهابيين وتداعياتها الشرعية والعشائرية والاجتماعية والقانونية.
وعلى المسؤولين تنفيذها واتخاذ القرارات الصارمة بحق الارهابيين والقتلة والا اُخذوا بأفعالهم يوم القيامة، ولا تشفع لهم شفاعة الشافعين.
4) نفس الجواب السابق، وعلى الباغي تدور الدوائر، [ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً{27} يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً ((كياناً سياسياً كان أو رمزاً وطنياً)) خَلِيلاً] الفرقان(27،28).
إخواني في القوات الأمنية، كونوا حذرين على أرواحكم وعلى مستقبلكم وعلى ذريتكم، فإنا لا نريد لكم مصيراً مجهولاً قد يقول القائل منكم في حين ((وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ))، فأنا والله أريد لكم الخير كما أريده لنفسي ومستقبل أطفالي، فإن ديننا وخلقنا وأعرافنا كلهم يقولون حب لأخيك ما تحب لنفسك واكره له ما تكرهه لها، والدين النصيحة وها هي أمامكم.
قاسم الطائي
29/ ذي القعدة/1431 هـ
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
توجد خلافات اجتماعية بين أبناء مذهبنا فكل فئة من أبناء المذهب تقول إن توجهنا هو الصحيح لخدمة المذهب، فتارة يتقاتلون وتارة يتخاصمون، ونحن قد ابتلينا شيوخ العشائر بهذا الاقتتال والتخاصم لأنهم أبناءنا وكلهم أولاد عشائر فأصبح التناحر العشائري بسبب هذا التخاصم والاقتتال بين أبناء المذهب الواحد حتى وصلت إلى البيوت.. فأفتونا مأجورين بهذا الصدد وماذا على شيوخ العشائر أن تفعل؟
وجزاكم الله جزاء المحسنين
شيوخ عشائر مدينة بغداد
بسم الله الرحمن الرحيم:
إن أتباع أهل البيت يتعين عليهم التخلق بأخلاقهم والسير على هداهم، ومن لم يتخلق ولم يسر فهو ليس من أتباعهم، وقد ورد عن إمامنا الصادق عليه السلام: (ليقولوا أدبنا جعفر بن محمد فأحسن تأديبنا) أي يقولوا للآخرين حينما يجدوا فيهم معالي الاختلاف وخصال الأفعال.
أما وإن نجد أن بعض شيعة الإمام الصادق عليه السلام يتحاربون فيما بينهم ويتقاتلون فإن ذلك أسوء فعل نقدمه لمولانا الإمام عليه السلام، نسوّد به صحيفة أعمالنا ونلطخ به تاريخنا، مع ما في عملية القتل والتقاتل من عقاب في الآخرة مخلداً، قال سبحانه {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93.
ثم أن المتقاتلين كلاهما في النار، فقد سئل الرسول الكريم صلى الله عليه وآله: (علمنا أن القاتل في النار فما بال المقتول، فقال صلى الله عليه وآله: لأنه أراد قتل صاحبه..) والله والمعصومين، والحوزة والمرجعية لا تريد لكم هذه النتيجة المؤسفة مع ما فيها من فضيحة اجتماعية وعار عشائري لا يمكن نسيانه بسهولة.
ثم أين هم مشايخ عشائرنا الكرام ووجاهتهم التي تختبر في مثل هذه الأزمات، وفرض شخصياتهم على أبناء عشيرتهم ليلتزموا بمقرراتهم العرفية والشرعية.
إننا نناشد شيوخ عشائر بغداد أن تضع أمامها مسؤولياتها العشائرية والوطنية والشرعية في درء الفتنة وإطفاء نائرة القتل، وأن لا يتساهلوا مع قاتل أو مجرم لا يريد لهم إلا الفضيحة والعار.
إن ضريبة الوجاهة الاجتماعية ومشيخة العشيرة هي بمثابة زكاة لهم يقدموها لأبناء وطنهم وأهلهم في تلطيف الأجواء المسممة بفعل أزمات متعاقبة يمر بها البلد وأن يكونوا الحضن الدافي لجميع أبناءهم سواءً من عشيرتهم أو من غيرها ما دام في ذلك رضا الله ورسوله.
ثم ليعلم الجميع أن الفتنة تعم الخيرين منهم والسيئين لأنها إن لم تتق تصيب الجميع بلا استثناء..
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25
قاسم الطائي
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
لاحظنا في جلسة البرلمان العراقي ليوم السبت (13/11/2010) إن إحدى النائبات في البرلمان طالبت بتخصيص مبلغ عيدية للفقراء واليتامى والأرامل من أبناء الشعب العراقي وطلبت التصويت على هذا الأمر، والملفت للنظر أن غالبية أعضاء البرلمان صوتوا لهذا الأمر إلا بعض الإسلاميين وخصوصاً المعممين وبعض المعروفين من قادة الكتل الإسلامية، فما رأيكم سماحة الشيخ بهذا الأمر المؤسف جزاك الله خيراً.
الشيخ حامد النعماني
7 – ذي الحجة – 1431
بسم الله الرحمن الرحيم:-
يفترض بأعضاء البرلمان وهم ممثلون للشعب، وهذا التمثيل يوجب عليهم مراعاة المجتمع في جميع حوائجه، وسد ثغرات نسيجه الاجتماعي المتماسك، والذي يعتبر الفقر مفتاح تفككه لخطورة الفقر على الحياة الاجتماعية عموماً والشخصية خصوصاً، وما قول أمير المؤمنين عليه السلام (( لو كان الفقر رجلاً لقتلته )) إلا إشارة إلى خطورته، ولذا كان من أوليات عمل البرلمان الجديد انتشال الفقر من حياة العراقيين وهم يتمتعون بخيرات كثيرة قد حباهم الله بها، وقد تكالبت عليهم أمم الأرض بسببها، وها هي فرصة البرلمانيين لتأكيد استحقاقهم لممثلية هذا الشعب، وأما عدم التصويت عنه وخصوصاً من قبل الإسلاميين فهو شيء مؤسف ومعيب ومرفوض وهم مؤاخذون على ذلك عرفاً وشرعاً، لا اقل من باب حب لأخيك ما تحب لنفسك، ومن باب أن الفقر بوابة لانتشار الفساد والإرهاب والحيلولة دون وقوعهما مطلوبة شرعاً، وعليه فصفتهم الإسلامية وزيّهم الديني يلزمهم كما يلزمهم دينهم وكما تلزمهم إنسانيتهم بمراعاة الفقراء والاهتمام بقضاء حوائجهم، وماذا يفقد البرلماني لو قضيت حاجة الفقراء واستغنوا من موارد بلدهم وخيراته الكثيرة، انه سؤال يوجه إليهم، وعليهم الجواب عاجلاً أم آجلاً.
قاسم الطائي
7/ذي الحجة/1431