وقفة مع موالين الحسين عليه السلام
يعيش الحسين عليه السلام في ضمير الإنسانية منذ قرون وسيستمر على هذا الحضور عندهم الى ما شاء الله تعالى، ويظهر هذا الحضور في إقامة شعائره عليه السلام بصورها المعروفة، وهي أيضاً مستمرة وقد تطرأ عليها صور جديدة لم تكن موجودة من قبل، وشيء جميل أن يستحضر الحسين عليه السلام سنوياً، عبر هذه الشعائر التي أخذت جدلاً كبيراً بين فقهاء الإسلام من كونها- اقصد بعض صورها كضرب القامات على الرؤوس والسلاسل على الظهور- من حيث حليتها وحرمتها وقد قطعنا بجوازها على تفصيل ذكرناه في مناسبات متعددة، ومن غريب ما ذكره البعض من كونها ممارسات غر حضارية ونحن مأمورون لمخاطبة الناس على قدر عقولهم، وقد نسي أن الممارسة في توصيفها المذكور من الحاكم فيها؟ هل هو الشرع أو العقلاء، فإن كان الشرع فقد حكم بجوازها بدليل قوله تعالى ((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)) الحج32، وأما كيفية هذه الممارسة فلم يبينها الشارع تاركاً لها على وفق النسق الاجتماعي المقبول حيث لم يتدخل في كيفية وجودها كما فعل بصيغة الطلاق والنذر وغيرها من تحديده صيغة معينة لإيجاد هذه المعاني خارجاً، وعليه لا يمكن التجاوز عليها بخلاف ما نحن فيه، وإن كان الحاكم هم العقلاء فالممارسون لها من العقلاء ولم يعترض هذا البعض على ممارسة الغرب من استعراضات بهلوانية ومجازفات رعونية، من قبيل القفز مئات الأمتار على الجبال أو سباق السيارات أو غيرهما، فهل هي حضارية عندهم وممارسة شعائر الحسين من خلال الزنجيل والقامة غير حضارية.
ثم ما معنى نخاطب الناس على قدر عقولهم، وهؤلاء الممارسون خطابهم المفهوم عندهم لربطهم بمصيبة الحسين وشدهم الى قيمها ومبادئها من خلال هذه اللغة الأكثر تأثيراً من غيرها عندهم، وهذا هو مقصد الشعيرة، الإعلام والإعلاء، ولو قبلنا انه بهذه الممارسات لا إعلاء فيها، ففيها الإعلام أكيداً، والشعيرة غير ذي الشعيرة كما هو واضح.
ولو تجاوزنا جانبها الشرعي، فمن الإنصاف أن نسأل هل فعلت هذه الشعائر عند ممارسيها قيم الحسين عليه السلام من تثمين معاني التضحية، ونصرة الحق ودفع الظلم، والجهاد في سبيل الدين، وإحياء سنة الرسول صلى الله عليه وآله و.. و..، أو أنها وقفت عند حدها دون تجاوزها الى هذه القيم وتكريسها في حياتهم.
فما أكثر المحبين واقل المعتبرين وما أكثر الممارسين واقل العاملين بتكاليف الشرع، وما أكثر المتكلمين واقل الساعين، وما أكثر المنادين واقل المجيبين، وما أكثر الحسينيين واقل الثائرين، إن الحسين عليه السلام خط لنا منهجاً في الحياة وأخذت الشريعة عبر المعصومين عليهم السلام بيان طرق الحصول على هذا المنهج عبر الشعائر وإقامتها.
لكنها ليست هي الثورة لكي نتفاعل معها بل هي طريق الى الثورة وما علينا إلا أن نعيش معاني الثورة بعد أن تستقطب النفوس وتستميل القلوب الى هذا الحدث الأكبر أهمية في تاريخ الإنسانية قاطبة.
نعم لا نعدم الفائدة من هذه الممارسات- كإعلام تأكيدي- على هذه الثورة وبقائها حية في نفوس المحبين والموالين ومدعاة لاستمالة غيرهم الى دائرة الثورة الحسينية والشخصية الفذة له عليه السلام، ولكنها لا ترقى الى جانب إعلاء كلمة الحق والإسلام لو اقتصر على ممارستها بهذه الفعاليات دون الوصول الى غاياتها وتأثيراتها في النفوس، فتبقى شعائر ناقصة من حيث مدلولها المطلوب شرعاً، وما على الموالين من ردم نقصها وتتميم مدلولها من الإعلام والإعلاء لكلمة الإسلام الخالد.
((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) التوبة 32.
زيارة الحسين لا يمكن منعها
شهد العالم يوم عاشوراء ونقطع انه انبهر لهذه الجموع المليونية وهي تتقاطر على عرصة كربلاء لتلقي تحية الإعظام والإكرام، وتتزود من موقف إمامها الحسين علي السلام بما تستعين به في حياتها وسلوكها، انه يسكن في القلوب فيشدها إليه بقدرة عجيبة لا تدرك معناها، وكيفية كنهها لكننا نحسها ونتفاعل معها مشدودين لهذا الشخص العظيم، وهذه المشاهد الملتهبة والقلوب المتراصفة حباً للحسين عليه السلام، تخيف أعداء الإسلام ومناوئيه وتقض مضاجعهم وهم يفكرون باستمرار بوسيلة منعها أو التقليل من آثارها، فتارةً بالوضع الأمني المتردي واحتمال كبير استهداف الزائرين من قبل الإرهابيين، وقد ظهرت سذاجة هذه الأكذوبة حينما راح العراقيون بأجهزتهم الأمنية مشكورة من توفير أجواء أمنية عالية الدقة والضبط مما سهل ويسر انسيابية الزيارة بدون تعقيد وتشديد، فلهم منا شكر السعي وتقدير العمل، وهنا لابد من الإشارة الى نقطة في غاية الحساسية قد اشرنا إليها مراراً وتكراراً ونبهنا بعض المسؤولين الحكوميين على ضرورة مراعاتها واتخاذها بالحسبان، ألا وهي اشتراك القوات الغازية في هذه الإجراءات الأمنية، وغالباً ما كانت تحدث اختراقات وتحصل بعض العمليات الإرهابية، وأما عند ابتعادها ورحيلها فالوضع آمن ومستقر وأثبتت قدرة العراقيين بأجهزتهم الأمنية على حسم الوضع والسيطرة عليه، مما يعني أن اشتراك تلك القوات كان يسجل خرقاً امنياً يستهدف بعض الأبرياء، وقد وجدوا أن الزيارة ومهما تناول الإرهاب من الزائرين فهي مستمرةٌ ومستمرة ولا يمكن أن تتوقف، وهذا هو بيت القصيد، حيث سمعنا من الكثيرين من أبناء شعبنا وإخوتنا في الإيمان، تخوفهم من منع الزيارة فيما لو قامت الحكومة وتأسست على قوائم أخرى غير موالية للحسين عليه السلام وهذا القول جارٍ على ألسن بعض السياسيين ممن يرفعون شعارات الحسين للمزايدة السياسية، كما هو غير خفي على المواطن العراقي الذي خبر حال سياسييه خلال فترة السبع سنوات الماضية، وتحصن بما لا يستطيع السياسي أن يستقطبه بمثل هذه الشعارات.
ونضيف للقول، وبضرس قاطع انه لا يمكن لأحد مهما أوتي من قوة وجبروت أن يمنع الزيارة بل حتى أن يفكر في منعها سواءً أكان سلطة حكومية أو قوات احتلالية أو مجاميع إرهابية ذلك لأننا مستعدون للدفاع عنها بكل ما أوتينا من قدرة وسطوة ولا نبخل في التضحية بكل غالٍ ونفيس للوقوف ضد مثل هذه المحاولات على تقدير حصولها، وإن الشعب العراقي سوف لن يتراجع عن ارتباطه بالحسين عليه السلام وديمومة زيارته مهما كلف الأمر وانجر للوقوف ضد هذه المحاولات المتوقعة في نظر الكثيرين، وهي غير متوقعة ولا مُفكَر فيها بالمرة كما نقطع ولن يسمح لأي كان بذلك، وكاتب هذه السطور واحد ممن هو مستعد للتضحية والإقدام في حال وقوع منع قد يصدره بعض من لا يعرف قدرة الحسين على تأجيج المشاعر ضده إلا إذا باع حظه.. ((وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)) الكهف 28.
خطاب البرزاني
تضمن خطاب البرزاني البوح بحق تقرير المصير للأكراد في مؤتمر الحزب السنوي، وكان بحضور جملة من السياسيين الذين لم يعلقوا على كلامه أو يخرجوا معترضين عليه، وهذا ضعف الإيمان حفاظاً على المجاملة السياسية التي غالباً ما يكون على حساب مصلحة العراق، وهذا شانهم ولا يهمنا ما هو ردة فعلهم، فإنهم إن ردوا فلا تأثير وإن لم يردوا فلا تأثير أيضاً.
وهنا نحن بصدد تحليل هذا التصريح وبيان ما ينطوي عليه من مغالطة واضحة قد وقع فيها المصرح وهو لا يشعر بذلك، والمغالطة تنطلق من حق تقرير المصير فهل هذا الحق قُرر للأكراد أو لم يقرر في ظل عراق موحد ديمقراطي فدرالي تعددي وهو مصطلح كانت مجاملة الكرد فيه واضحة من جهة أن (موحد) غير صحيح اذ التوحد فرع التعدد وهو بالأصل التاريخي له كان واحداً لا متعدداً ليتحد، وفدرالي وهو مصطلح انضمام مجموعات مختلفة لتنتظم تحت نظام يسمى اتحادي فيدرالي يشترك فيه بعض المجالات المهمة والمميزة كالدفاع والخارجية وتبقى لكل منطقة أو كيان خصوصيته الخاصة، فالمصطلح يطلق من تعدد أريد له الاتحاد بموافقة المجموع، والعراق كان واحداً لا متعدداً لينتظم تحت هذا المسمى، والأمر سهل لو كانت فيدرالية إدارية، وهي بالأصل موجودة في نظام المحافظات.
وتشير كلمة تعددي الى نفس تحليلنا للكلمتين المتقدمتين من الاتحادي والفيدرالي، وكأنها تأكيد للتعدد الذي قد يجد طريقه للانفصال في ظروف دولية وإقليمية قد تخلقها أحداث معينة.
فالحق الكردي مقرر ضمن هذه التسمية، إلا إذا أراد البرزاني التلويح إن لم يكن التصريح بالانفصال والتمهيد له، بعد أن وجد الوضع الدولي مهيأً لذلك وقد جرت الرياح باتجاهه في استفتاء جنوب السودان المزمع إجراؤه، وقد نبهت عليه قبل مدة.
هذا إن لم يكن في مقصود البرزاني الضغط على السياسيين وعلى رأسهم المالكي في ظرف توزيع الحقائب الحكومية للحصول على اكبر عدد ممكن منها بعد حصول الكرد على رئاسة الجمهورية في غير استحقاقها لهم.
ولو قبلنا حق التقرير، وأن الآلية المتبعة فيه هي الاستفتاء، فهنا يطرح التساؤل التالي، هل هذا استفتاء مختص بالكر داو عام لكل العراقيين وهنا المغالطة الكبرى.
فإن اقتصاره على الكرد، وهو جزء من منظومة دولية تسمى العراق معناه تجاوز حقوق الآخرين الذين اشتركوا معهم في بلد العراق ودفعوا ضريبة هذه المشاركة في الدفاع عنهم في ظروف الحرب أو الزج بهم في مواجهة الكرد رغماً عنهم في سياسيات الاستبداد السابقة والتي راح ضحيتها معظم أبناء العراق من العرب، وتخصيص ما يقارب 17% من واردات العراق النفطية، وهي بمعظمها تؤخذ في منابع التصدير الرئيسية فيه كالعمارة والبصرة، ثم يسلب حقهم في المشاركة بالاستفتاء لتقرير مصير جزء من بلدهم كان يستنزف 17% من وارداتهم النفطية هم أحق بها من غيرهم، ناهيك من أن تقرير المصير لو كان مختصاً بكيان قومي أو جغرافي أو طائفي لجر ذلك الأمر الى مطالبة كل محافظة حق تقرير مصيرها بنفسها.
مع ملاحظة أن هذا المصطلح السياسي إنما طرأ على الساحة السياسية في المناطق التي تشكلت كياناتها بعد الوضع الدولي الذي حدث بعد إنهاء الحرب المسماة العالمية الأولى، حيث ضمت كيانات سياسية جغرافية لها هويتها الخاصة مع أخرى وشكلت كيانات جديدة، مثل جيكوسلفاكيا ويوغسلافيا وغيرها، حين تتهيأ ظروف المطالبة بالانفصال لأنه وضع طارئ حدث في ظروف معينة وهو مما لا ينطبق على العراق لأن الشعب العراقي بقسميه العرب والأكراد كان واحداً منذ مئات السنين كما تشهد الوقائع التاريخية، وليس انضماماً طارئاً ليطالب بتقرير المصير، وقد ارتبط مصير الكرد بالمصير العراقي وكان واحداً.
هذا ما ينبغي الانتباه له جداً ومن سمح بتمرير التقرير للمصير من خلال استفتاء منطقة كردستان فقد خان فهمه وإدراكه للمصطلح السياسي ناهيك عن لعبه بمصير بلده ووضع في مهب ريح التجزئة الجارفة لوحدته وعمقه التاريخي، والعقائدي.
إني لكم من الناصحين
1) اثنان لا تعاشرهما أبداً، الجبان والبخيل، فالأول يخذلك عند الشدة والمواجهة، والثاني يتركك عند الحاجة، ويجمعهما الكذاب فهو الجبان والبخيل فعلاً والشجاع والكريم ثرثرة.
2) لا نجاح بلا شجاعة، ولا تفوق بلا إقدام، ولا تقدم بلا مواجهة.
3) بالصبر تحصل على مفاتيح الفرج، ولا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمن.
4) التجاوز عن الإساءة من الشجاعة وامتنها الإحسان إليه.
5) الجبان مغرور يخفي جبنه وراء غروره.
6) لا وطنية عند الجبان، ولا ذمة عند البخيل.
7) التأني في الأمور خير من الاندفاع في غرور.
8) من عاش شجاعاً في صباه كان شجاعاً في كهولته مهما كان موقعه ومكانته الاجتماعية، والعكس صحيح.
9) من خذلك مرة، يخذلك مرات.
10) الصعوبات لا تحل إلا بالدخول فيها وفتح مغاليقها.
11) من عمل ابتداءً تحرك الى الأمام ومن جادل ابتداءً راوح في المكان.
12) عد من الخير ما تفتح به القلوب وسد من الشر ما تقرب به النفوس.
هذه اثنتا عشرة عيناً اعقلها وافعلها تكن فارسها.
الولاية والولايا
سألني بعض الناس بالقول، هل نقول بالولاية العامة للفقيه؟ فأجبته بما مختصره، بعد أن وجدت إن هذه المسألة تنطلي على الكثيرين في دائرة مفهومها ومصداقها، فالولاية بحسب أداء الدليل الشرعي عليها أو عدم أدائه إليها مسألة نظرية صرفة، محلها البحث الفقهي، فمن الفقهاء من ذهب الى وفاء الدليل الشرعي بها، ومنهم من ذهب الى عدم وفائه بها، والأول قائل بثبوت الولاية العامة للفقيه، وهي تعني الحاكمية كامتداد لحاكمية المعصوم التي نقول بها جميعاً، فيما كان الثاني قائلاً بعدم ثبوتها، ولكنه مؤاخذ على جملة تصرفات يؤديها هو تحت عنوان الحسبة هي في حقيقتها ولاية ولكن بدائرة أضيق مما يقوله القائل بوفاء الدليل عليها، ولا مستند له في هذه الحسبة إلا القول بأنه في بعض الموارد مما لا يرضى الشارع بتركها، ومع دوران الأمر بين أدائها من قبل الفقيه أو غيره، المتعين هو الأول بدعوى معرفته بوجه المصلحة وكيفية إدارتها، وهذا منه قول بالهروب الى دائرة الولاية وهو لا يقول بها. ومن هذا القبيل ما ذكره بعض فيما يتعلق بمطالبة طلبة الحوزة للموقوفات الشيعية التي يتصرف بها ديوان الوقف ظلماً وزوراً اعتماداً على بعض المكاتب التي صرح بعض أبنائها عندما سئل عن الطلبات، بأنه لا يقبل ولا يرفض، ولكنه أردف القول بأنه أمر لا يحصل. وهو يقطع بكلامه هذا الأخير، وحينما سئل هذا البعض عن المطالبات قال أنا احرمها و… ، ولا دليل عنده على التحريم الذي نسبه الى نفسه إلا انه يعتبرها خطوة ستصرف الطلبة عنه وعن غيره فيما لو حصلوا على مورد مالي يحفظ لهم ماء وجوههم، وقد صرح بعضهم بأن الطلبة يجب أن يبقوا فقراء ليجدّوا في الدرس.. هذا لعمرك من الشطط.
ومع عدم الدليل عنده وقد نسب الحرمة الى نفسه، لو سألنا هل نقول بالولاية؟ ينبغي أن يجيب نعم وإلا تورط بالتحريم بلا دليل فما كان عليه إلا أن يقول بها ليصح تحريمه مطالبات الطلبة، ومعنى ذلك هو يقول بالولاية، وقد نسي أن وفاء الدليل بها شيء وهو القول بثبوتها وكونه مصداقاً لها وولياً بالفعل شيء آخر، وإلا كان عليه التصريح بها.
وهنا نقطة منطلية وهي انه ليس كل من قال ثبوت الولاية ثبتت له شخصياً فكان ولياً عاماً كما نسمع من هذا وذاك تحت عناوين ضخمة لا نقولها إلا من اقترب من العصمة وكان فارس ميدانها وواقع حياته وتاريخه لا يعينه على ذلك، فقد سمعنا ولي الأمة وولي عامة المسلمين من سنيهم وشيعيهم، وربما قد سمعنا او قد سمعنا. ولي المسلمين العام، أي كل مسلم وجد في عالم الإمكان، بتلويح قد يشمل حتى مسلمي الجن، والشفيع لهؤلاء هو إطلاق القول من أنصارهم لا من أنفسهم، ومع ذلك كان عليهم الرد، لا السكوت وهو ما يقال عنه علامة الرضا.
ثم أين ميدان عمل هذه الولاية المدعاة؟ وميدان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خالي من عناوين الولاية ومجال عملها، وها هي أمور العراقيين يراها الجميع ويسمع عنها من التقهقر المستمر في مجال الأمن، والتردي الأخلاقي للشباب، وانتشار الفاحشة وشيوع الرذيلة وعلانية بيع الخمرة والمجون، وفتح الملاهي والبارات، وإذا لم يكن للولاية من هذه الموارد موطن قدم لمنعها او لا اقل الحيلولة منها فماذا هي فاعلة وولاية على ماذا؟
نعتقد أن من يدعي الولاية بعد ثبوتها بالدليل عنده أن يحرز فيه خصال، أهمها على الإطلاق الشجاعة والصراحة، وقوة الكلمة وقول الحق مهما كلف الأمر، والإعراض عن الدنيا والزهد فيها لأنه مصداق هذه، يجمعها حب الدنيا والارتباط بها، وقد قال حسين الشهادة والفداء عليه السلام في صرخة مدوية ستبقى خالدة خلود الدار الدنيا (( كونوا أحراراً في دنياكم)) ومن ارتبط بها وتعلق فيها لا يكون الا من صنف الولايا لا الأولياء، فما بين المفردتين فرق بسيط هو ما قلناه من الارتباط بالدنيا والتحرر عنها، وبعبارة ابسط واخصر ما بين من ينتظره الموت ليرحل به الى عالم الآخرة، ومن يفتش عن الموت لتنهض الحياة صافية نظيفة، صحيحة، صادقة، كما فعل الحسين عليه السلام في نهضتها التي لا زلنا نعيش على هامشها دون الغوص في أعماقها، فنحن من الولايا اقرب منا من الأولياء.
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
بعد مطالعتنا لكتابكم (مالكية الدولة) وهو ما ذهبتم إليه في البحث الخارج خلاف مشهور الفقهاء وقمنا بتوزيعه على بعض المسؤولين لغرض صيانة الأموال العامة لكن لا يتسنى لنا توزيعه على عامة الناس فضلاً عن فهمه فليس كل من يقرأه يفهمه لكونه كتاب استدلالي معمق وكثيراً ما نواجه بالسؤال حول فتواكم في هذا الكتاب.
نرجو من سماحتكم بيان فتواكم حول هذا الموضوع..
ادامكم الله وحفظكم من كل مكروه.
ولدكم الشيخ محمد السعداوي
25 ذي الحجة 1431هـ
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الأموال العامة التي بيد الحكومة ليست من مجهول المالك كما ذهب إليه بعض أساتذتنا ومراجعنا العظام، الأمر الذي يعين أن مصرفها هو فقراء المؤمنين مما أوقع إشكالات كثيرة في كيفية تصرف قابض الأموال من الحكومة مع كونها معنونة بهذا العنوان، وربما ذهابهم لمصلحة في الجعل اقتضتها ظروف خاصة.
وقد حققنا انه لا يمكن أن توصف الأموال العامة بهذا العنوان بل هي تبقى على مملوكيتها لعموم أبناء البلد ويبقى تصرف الحكومة فيها من باب الوصاية عليها لضرورة الحاجة الاجتماعية القاضية بتمشية أمور الناس، ويترتب على ذلك صحة قبض الأموال منها بلا إذن من الحاكم الشرعي، وأن الأخذ منها محرم قطعاً ومضمون على الآخذ بالطريق غير الشرعي، وإن قرارات الحكومة ملزمة وشروطها محترمة ما لم تخالف كتاباً أو سنة.
قاسم الطائي
25/ ذي الحجة/1431هـ
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
بعد استفتاءكم السابق فيما يتعلق بكلمة (سيدي) المستخدمة في المخاطبات العسكرية واستبدالها بكلمة (سيادة) حيث أخذت صدى واسعاً لتصحيح بعض السلوكيات العسكرية التي لا تتناسب مع أعرافنا وتقاليدنا بل وديننا، نطرح عليكم الآن سؤالنا حول حلق اللحية بالنسبة للمنتسبين في الأجهزة الأمنية، وأن هذا الفعل محرم كما هو مذهب مشهور فقهاء الإمامية، فما هو رأيكم وإرشادكم للمسؤولين في هذه الأجهزة لقطع هذا الفعل المحرم على المشهور، جزاكم الله خيراً.
محمد الفريجي
4 – محرم– 1432
بسم الله الرحمن الرحيم:-
حلق منطقة الذقن من اللحية هو المحرم خاصة دون منطقة العارضين (الجانبين)، لا مطلق مسمى اللحية هو المحرم، وعليه فيمكن للمسؤولين العسكريين مراعاة ذلك وأخذه بنظر الاعتبار، احتراماً للتكليف الشرعي والتزاماً بالقانون الذي لم يجوّز سن تشريع أو إجراء مخالف للشريعة، كما هو في بعض بنود الدستور الجديد، وبذلك سيجمع الأخوة المسؤولين بين التزام الشريعة واحترام الدستور، وهو إجراء (عدم حلق اللحية) معمول به في دول الجوار كالسعودية وإيران ولا يؤثر ذلك على انضباط العسكر، بل نعتقد بالعكس إن هذا المقدار من التسامح في حلق اللحية سيزيد التزامهم وانضباطهم بوجود مثل هذه المرونة.
قاسم الطائي
5- محرم- 1432