وجهة نظرنا
مائة يوم للاصلاح
اعتقد أن هذه الفترة والتي أعلن عنها رئيس الوزراء باعتبارها نهجاً متبعاً في معظم دول الارض لتقييم وإصلاح الأداء الحكومي وفق البرنامج الذي تضعه الحكومة لنفسها، وصحة هذا الإجراء وواقعيته في مناطق أخرى من العالم من جهة أنها دول مؤسساتها قائمة على ساق ولها أهداف إستراتيجية، وسياسات متبعة ومدروسة، وشأن الحكومة هو إدارة هذه المؤسسات ووضعها على الطريق الصحيح الذي يحقق لها أهدافها ويُنجح برنامجها، والعراق بلد لم يصل الى هذا الحد من قيام مؤسساته وفق سياسات مدروسة وقائمة، ومشاريع تنموية مطلوبة، ومن هنا فإن المائة يوم غير كافية للإصلاح وترميم ما يمكن ترميمه.
نعم هي فترة لترتيب أوضاع الحكومة الحالية وفق المستجدات الحالية التي خلفتها التظاهرات الجماهيرية المستمرة في عموم العراق والتي فاجأت الحكومة وأربك حالها في القيام بمهماتها المطلوبة في الإعمار والبناء.
ومراجعة أدائها في الدورة السابقة وتشخيص أخطائها بعد أن وقف الشعب أمامها مطالباً بالتوضيح للعديد من القضايا والمشاريع والفساد وهدر المال العام، والتفصي عن جرائم الإرهاب ومن يقف خلفها، وعرض تحقيقات لجان عديدة شكلتها الحكومة بكل وزاراتها لا أن تخفي الوزارات وزرائها وتجعل السيد رئيس الوزراء في مواجهة الجمهور، فليتحملوا مسؤولياتها الدستورية والأخلاقية لمعظم قضايا الفساد والإرهاب، وهي نفس الوجوه الحكومية السابقة بتبديل مواقع عملها، فهي هي إلا من جهة توسيعها لترضية أطراف العملية السياسية.
وحلها- أي حل الإرباك الحكومي- ليس بصعب وله خارطة طريق نقدمها لمن يريد الحل الأمثل لبلده ومواطنيه.
والاستمرار في التظاهرات أمر مطلوب شريطة أن لا تسيس لأية جهة قد تستغل هذه التظاهرات للضغط على الحكومة ومحاولة إسقاطها لحسابات سياسية ضيقة بين الفرقاء السياسيين، كما يلوح ذلك في الأفق من بعضهم، حيث اصطف البعض للإطاحة بحكومة الشراكة الوطنية التي يرأسها المالكي، وقد نسي هؤلاء أن إسقاطها في الظرف الحالي معناه عودة الأمور الى الوراء وتدهورها وبعثرتها، بل هو إسقاط لذواتهم وتاريخهم السياسي حيث هم شركاء في العملية السياسية.
والموقف الوطني والسياسي يفرض عليهم تحمل مسؤولياتهم معها في الإخفاق ومشاركتها جدياً لإنجاحها والحيلولة دون سقوطها، ولو سقطت ستكون عادة جارية لإسقاط الحكومات اللاحقة، وحل البرلمانات في مشهد يذكرنا بالاحتلال البريطاني في القرن الماضي وهذا شيء لن يتحمله الجميع.
والتظاهرات تمثل المرآة التي ترى الحكومة فيها أدائها، وعلاقتها مع المواطنين وهي لا تريد إسقاطها بقدر ما تريد إصلاحها.
والأولى لها أن تفتح حوارات جدية بأعلى المستويات مع الشخصيات المهمة والمؤثرة في هذه التظاهرات، تلافياً للانهيار الذي يلوح في الأفق والذي قد يستعمله بعض الجهلة ممن يتظاهرون كحالة عمت بلدان الوطن العربي، وقد تكون لهم مآرب أخرى.
ومن جهتنا فنحن نحمل كل السياسيين والكتل المشاركة في الحكومة أية تداعيات قد تحصل في صرف التظاهرات السلمية الإصلاحية الشعبية أو توظيفها لمآربهم السياسية، بل لا نسمح حتى لجهات دينية في استغلالها تضعيفاً للحكومة أو إنهاء لممارستها- ممارسة التظاهرات-.
والله من وراء القصد..
فن انتهاك الحرمات
يبدو أن انتهاك الحرمات والتجاوز على الحقوق الشخصية والمكانة الاجتماعية على نحوين كل واحد منهما يؤدي الى المطلوب، مع تعارض بينهما سأشير إليه..
النحو الأول: أن يكون الانتهاك لحرمات صغيرة يراد بها اختبار ردود الأفعال العامة أولاً، وأهل الحرمات الأكبر ثانياً، حتى إذا لم تدان ويقف أمامها من له القدرة على الوقوف بحسب موقعه ومؤهلاته، زُيّد في سقف الانتهاك لينتقل الى مرحلة اكبر وحرمة أعمق، وهكذا حتى تصل الانتهاكات الى ما يراد لها أن تصل، وهي لم تقف عند حد لأن طريقها يشمل الجميع ممن يعيقون أو يؤمل منهم أن يعيقوا طريقها، وهذا النحو اتبعه الاحتلال في سياسته في العراق فأول من دشن ضرب الجوامع ثم الحسينيات ثم مراقد الأولياء ثم مراقد الأئمة ثم انتهاك القرآن والإساءة الى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد وصل الى ما يريد بعد أن لم يجد من يعرقل مسيره ويقطع طريقه، وليس هو إلا إرادة الأحرار ومواقف الشرفاء لا المواقف الخجولة من الاستنكار والإدانة فإنها اضعف الإيمان في ردع المنكر.
النحو الثاني: أن تنتهك حرمة أعلى شخصية لها اكبر حرمة في وسطها الاجتماعي، حتى إذا تخطى المنتهكون واختبروا أنفسهم في رفع الحواجز النفسية والهيبة الاجتماعية للمنتَهك اتضح لهم سبل انتهاك غيره، وكأنهم يلوحون بأن انتهاك غيره أصبح سهلاً يسيراً، ما دمنا لم نُردَع عن حرمة الكبير فما شأن الصغير أمامنا.
وهم بانتهاكهم حرمة الكبير قد اخرسوا الجميع وقيدوه بالضرب بالحديد حين لم يتوقع المجتمع أن تنتهك حرمة الكبير، ومع المفاجئة يفقد اتزانه في اتخاذ الموقف، وبعد تهدئة نفسه وعوده الى الاتزان والاستقرار فقدت القضية حماسها وانطفأت جذوة لهبها المؤججة للمشاعر والباعثة على الواجهة وحين ذهابها تصبح لا تخيف المنتهكين لا من قريب ولا من بعيد، وقد مثل صدام نموذجه المعاصر، ومثل بعض الصحابة في السقيفة نموذجه السابق، فقد انتهك الأول حرمة مفكر جليل ومرجع كبير وعالم نحرير، ولم ينبس هذا الشعب ببنت شفة إلا ثلة لا تسمن ولا تقي من جوع، فيما انتهك الأولون الرسول العظيم صلى الله عليه وآله بجرأة عالية تخطيطاً لأمر قد دبروه ليضربوا بهذه الجرأة الآخرين كي يطمأنوا الى ضربهم من قبل الضاربين بعد الجرأة على الرسول الأمين صلى الله عليه وآله، وقد تحقق لهم ما أرادوا بالانتهاك وتجرئوا على سبط الرسول محمد صلى الله عليه وآله بعد جرأتهم على بضعتهم الزهراء سلام الله عليها.
وقد تتعدد حرمات الكبار لتعددهم كما في العصر الحالي حيث تتعدد المرجعيات الدينية، فالتعدي على احدهم هو فتح لطريق التعدي على غيره من المراجع فضلاً عن غير المراجع، وسكوتهم هو خير معين للمنتهك على أنفسهم، ولو رجعوا الى بعض السنين السابقة، حينما تركوا الشهيد الصدر الأول في الميدان، وقد قتل صبراً من قبل جلاد العراق، كيف آلت الأمور صعبة وقاسية عليهم، فأصبحوا في ديارهم لا يُؤمَنون، وعلى أرواحهم لا يسلمون، وعلى راحتهم لا يطمأنون، متى شاء أن يلتهم بعضهم كان له ذلك يسيراً.
ولو اعدوا لأنفسهم صيانة من شره والتامين من حرزه، ما كان ليتحقق اصطيادهم من قبله والمجاملة له، وكان بإمكانهم ذلك لو تركوا واستنكروا أو احتجوا أو ابدوا بعض الفعاليات المعبرة عن الاحتجاج، كترك الدرس الحوزوي والتعطيل لمدة معينة، بل وتعليق عملها في الدرس والتدريس.
إذن الوقوف وإبداء الرأي الاعتراضي صيانة للآخرين، والسكوت عن الاعتداء والتجاوز طريق للاعتداء عليهم قد شرعوه بأنفسهم لأنفسهم، وهو احد مصاديق ((كيفما تكونوا يولى عليكم)).
شباب العراق والشيخ قاسم الطائي ودماء المتظاهرين.
(حول مقتل المتظاهرين العراقيين ومداهمة منزل الفقيه الطائي)
بسم الله الرحمن الرحيم
منْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
عن محمد بن عبيد بن مدرك، عن أبي عبد الله ( الإمام الصادق) عليه السلام قال: من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عزوجل وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله. (الوسائل ج/8 ص615).
أولاً : استنكر مداهمة بيت الفقيه الإسلامي آية الله الشيخ قاسم الطائي دام ظله العالم الديني العراقي البغدادي الجنوبي آية الله الشيخ قاسم الطائي،عقلية علمية باهرة وهو إضافة إلى تفقهه في الدين شخصية أكاديمية ومهندس مدني ويتكلم لغات عديدة، باحث ومحقق ومجاهد عريق ومن عائلة متدينة ومضحية معروفة في بغداد.
سماحة آية الله العلامة الشيخ قاسم الطائي (حفظه الله) من الطلاب المجتهدين المنتجبين للسيد محمد صادق الصدر طاب ثراه، مداهمة بيت سماحته سابقة خطيرة تستوجب إدانتها والوقوف عندها.لئلا يصل التمادي إلى حدود خطيرة يتعذر إصلاحها، من حق سماحة الشيخ العلامة الطائي (حفظه الله) أن يعترض على ظلامات شعبه ويدافع عن أبناء وطنه وهو يرى قتل أبناء شعبه وإهانتهم أمام عينيه مقابل مطالبيهم المشروعة .
وقف الشيخ قاسم الطائي وما يزال موقفاً شجاعاً مع مطالب الشعب المظلوم وقال ولا يزال: إنا مع شباب العراق وسأشارك معهم في التظاهرات حين تسنح الفرصة.
دماء العراقيين ليست رخيصة، تضاف إلى دماء العراقيين في مجازر البصرة ومدينة الثورة / الصدر وفي الزركة. وهي دماء سالت بدون محاكمات، جاء دور شهداء تظاهرات يوم جمعة الغضب في هذا العهد الأسود، رأيت وشاهدت بألم وحزن إطلاق النار على الأبرياء المتظاهرين العزّل في يوم الغضب المشروع، ورأيت قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وجعل سبحانه وتعالى قتلها بمثابة قتل الناس جميعا. ورأيت بعيني إهانة الإنسان العراقي على أيدي طغاة جيش السلطة.
استنكر مواقف جيش السلطة قتل المتظاهرين وإن كان العذر إن بعض المتظاهرين رمى الحجارة فليس من العدل أن يكون الجواب بالرصاص الحي، أليس من الدين والإنصاف والأخلاق والضمير أن يراعي وضع الجماهير وهم متظاهرون غاضبون، قد سرقت السلطة الحاكمة الحالية أحلامهم وأموالهم وخيراتهم وجعلتهم يعيشون على الفتات، تتقطع أشلاء أبنائهم بالتفخيخات التي لا تنتهي. ومن يسلم من التفجيرات تفتك به إشعاعات الأسلحة التي قدمها الطاغوت البائد صدام والقوى العظمى هدايا عبارة عن أمراض لا تنتهي ولم تعالج هذه إلى هذا اليوم، ويتشرد بعضهم مثلنا ليعيشوا عذابات الذل والاستجداء من دول الغرب الغرباء، ويعانون مثلنا وحشة الغربة ومخاطر ضياع الأبناء، على أن بعض الحالات جاء فيها رمي الحجارة من أشخاص مدسوسين لتقديم العذر في قمع المحتجين.
وإن كان عذر البعض يقول أن هناك محاولة حرق مجلس محافظة أو مقر بلدي أقول لهم إن المواطن العراقي، بل كل إنسان أغلى من كل البنايات التي كانت ولا زالت محلاً لضياع أموال الشعب وتعيين المحسوبين على السلطة ومن دون شهادات حقيقة أو كفاءة وسوء التخطيط.
أليس بإمكاننا إن نبني كل مجالس المحافظات من قسم قليل من أموال العراق المسروقة المنهوبة من قبل المسؤولين.
وآخرها سرقة أربعين مليار دولار، وقسم من المبالغ المنهوبة تكفي لبناء كل مجالس المحافظات إذا احترقت كلها، ليس معنى هذا إني اقبل بالحرق والتخريب. (حاشا لله) كل المنشآت تابعة إلى الشعب ولا يجوز حرقها او تهديمها.
أكثر المسؤولين عاشوا خارج العراق لماذا لم يتعلموا من الأوربيين كيف يتم التعامل مع الإنسان، الشعوب الأوربية تعترض وتغضب وتخرّب في تظاهراتها، وهي شعوب مرتاحة ولا تعاني واحد بالمائة مما يعانيه الشعب العراقي من السرقة وانعدام الخدمات، ولا تشتوي كل عام بحرارة الصيف العراقي اللاهب، مع هذا لا تقتلها أنظمة شعوبها، حتى وان غضبت وخرّبت.
أليس الوزير المتهم حتى أخمص قدميه عبد الفلاح السوداني ووزير الكهرباء الفاشل كريم وحيد والوزير الفاشل خضير الخزاعي وصافي الدين الصافي وإضرابهم من الحزبيين والمحافظين الفاشلين هم أولى بالرفس والركل والضرب بالهراوات من شبابنا المحروم المظلوم.
المظاهرات بالأساس وسيلة للتعبير عن الغضب المكبوت
كنا نتمنى أن تأخذ قوات الجيش والأمن العراقيين العبرة والدرس من التعامل الحضاري والإنساني للجيش المصري مع أبناء شعبهم في مصر. يجب أن يعلم الجميع أن قتل العراقيين جريمة يحاسب عليها القانون، وأتمنى من كل الحقوقيين العراقيين بل والحقوقيين في العالم ممن يسمع صوتنا الدفاع عن شعب العراق المسحوق المسروق المنهوب وتقديم الدعوى ضد حكومة نوري المالكي وقادة الجيش ومن أمر بإطلاق الرصاص ومن ساهم بإهانة المتظاهرين.
في الختام.. احيّ موقف الإمام آية الله السيد علي السيستاني (دام ظله) في تأييده تظاهرات الشعب العراقي.. أحي موقف آية الله السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) حين أيد المتظاهرين واعتبر التعرض لهم صد عن سبيل الله تعالى، وهي عبارة فقهية خطيرة وعينة ينبغي الوقوف عندها لأهمية المعاني الدقيقة التي تحملها.
أترحم على الشهداء وأدعو لهم بالرحمة والرضوان والمغفرة وأدعو إلى ذويهم بالصبر والسلوان.
علي آل قطب الموسوي
ali.ramadan@hotmail.se
كما تدين تدان
التعرض للمواطنين المطالبين بحقوقهم المشروعة وإلزاماً بوفاء من وعدوهم بتحسين الأوضاع المعاشية، وصيانة أنفسهم من العوز والحاجة المذلَّين، أمر مطلوب شرعاً وهو ما تقره كل الشرائع السماوية، ومطلوب عقلاً وعقلائياً، فلا تجد من العقلاء ألا وهو يطالب بحقوقه، وعرفاً حيث هو قائم على اعتبار المطالبة ولذا قيل (ما ضاع حق وراءه مطالب)، بل وعشائرياً هو مطلوب أيضاً.
وعلى هذا فالتعرض للمطالبين بالقوة والسلاح من أية جهة كانت رسمية أو غير رسمية محرم شرعاً، من الناحية التكليفية، ومن الناحية الوضعية حيث تشتغل ذمة المتعرض بما يسببه من إتلاف بالأنفس والإضرار بها، ناهيك عن دعم وكفالة الدستور لحق التظاهر والمطالبة بالحقوق والمطالبات الإنسانية لأبسط شعوب الأرض.
نعم على المتظاهرين أن لا يعتدوا بالتعرض لرجال الامن الذين هم في خدمة الشعب، كما يعكسه الآن الجيش المصري القائم على حماية أرواح المواطنين بالرغم من خروجهم على النظام ومطالبتهم برحيله، فإن الواجب يفرض عليهم ذلك إلا في حالات رد الاعتداء بمقدار ردعه على أن لا يصل الرد الى حد القتل فإنه جريمة محرمة شرعاً وقانوناً وهي من الكبائر التي يعاقب عليها الفاعل بالخلود في النار، وهذا ما لا يراد لأفراد أجهزة الدولة الذين هم من أبناء هذا الشعب وإخوانه، وأن عليهم أن يتعلموا من التاريخ ويخلعوا لباس القوة والبطش الذي كان يمارسه النظام الصدامي السابق.
إن ترك المتظاهرين يعبرون عن آرائهم بحرية واتزان من دون التعرض للأموال العامة ودوائر الدولة واستفزاز أجهزة الامن، وفتح المجال لاندساس أناس مخربين في صفوفهم، وغيرها مما يشوه صورة المتظاهرين ويعرضهم للوصف بكونهم خارجين عن القانون، شيء حضاري يعبر عن قيم إنسانية نبيلة ندعو الجميع الالتزام بها، لإعطاء صورة عن شعب حي متحضر يملك من القيم ما لا يملكه شعب آخر .. مع احترامنا لجميع شعوب الارض.
بيـــــان
إلى أبناء الشعب العراقي الكريـم
بقدر ما أفرحنا خروج المتظاهرين الغاضبين على الأوضاع وترديها وقد أكلوا من الوعود الرسمية ما جعلهم لا يصدقون بما هو جديد منها، فكانت تظاهراتهم خطوة مقدرة ومحترمة من قبلنا، ونحن معهم قلباً وقالباً، وطالما وجهنا نظر جمهور المواطنين على المطالبة بحقوقهم في أطار حضاري ويعكس الوجه الحقيقي للشعب العراقي، وهو ليس بأقل وعياً من الشعب المصري الذي عبر بشكل أثار إعجابنا وتقديرنا، في الحفاظ على السلم الاجتماعي، واحترام دوائر الدولة ومؤسساتها بعد أن حاول نظام مبارك تشويه صورة تظاهراته بالحرق والسلب كما حصل فعلاً بانتفاضة 15/شعبان لشعبنا العظيم عام 1991.
إلا أن بعض التصرفات المشوهة لصورة استخدام حق التظاهر والمطالبة غير مقبولة عندنا، ومن جهة موقعنا الشرعي، والوطني، فإننا نوجه نظر الشعب المطالب:
1- يحرم التعرض للممتلكات العامة، فضلاً عن الخاصة، بل يجب صيانتها من قبل المتظاهرين، وعدم السماح لأي كان نهبها أو حرقها.
2- يحرم رفع أية شعارات احتقانية، سواء كانت دينية أو سياسية.
3- لا يجوز استفزاز الأجهزة الأمنية أو محاولة سحبها الى مواجهة المتظاهرين بالقوة كي لا يترك المتظاهرين أي عذر لأجهزة الدولة الأمنية.
4- لا يجوز استغلال المظاهرة في إطارات ضيقة من الطائفية أو الحزبية أو غيرها، وأن يكون الشعار المرفوع أولاً هو العراق ومصلحته، ووحدته فوق كل الاعتبارات الحزبية وعدم تصديق من يتظاهر وهو مشارك بالحكومة.
5- أن يكون للمتظاهرين مطالب معينة واضحة، وقابلة للتطبيق في الوقت الحاضر.. ونخص بالذكر لا الحصر:
1)) إطلاق مفردات البطاقة التموينية جميعها.
2)) تحسين الطاقة الكهربائية ولو بعلاجات سريعة كاستخدام مولدات ضخمة وبأسعار مدعومة.
3)) محاسبة المفسدين أياً كانوا، إذ الاعتبار للعراق لا للعرق أو المذهب أو.. أو..
4)) محاكمة الإرهابيين وتنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم ردعاً للإرهاب والإرهابيين وعرض ملفات التحقيق لكل العمليات الإرهابية وملابساتها التي وقعت في السنوات السابقة.
5)) تعديل بعض فقرات الدستور بل كله، وأن يكون النظام رئاسي لا برلماني دفعاً للمحاصصة المقيتة.
6)) تشكيل دائرة تظلم للمتظاهرين تأخذ على عاتقها المطالبة بحقوق من انتهكت حياتهم أو تضرروا في التظاهرات، وأن تعمل بثلاث محاور:
– المحور الرسمي وزارة العدل
– المحور العشائري العرفي
– المحور الشرعي في تقدير الضمانات والديات
هذا وللجميع ممن يخلص نيته في خدمة العراق كل الود والاحترام.. {وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} محمد35.
أخوكم
قاسم الطائي
صوت العراق
الخيانة العظمى عقوبتها الإعدام كما وعد رئيس حكومة تونس الثورة (الباجي القائد السبسي)، بحق الضابط الفار القائد العام للقوات المسلحة (زين العابدين بن علي)، الفار على أثر منتحل أعلى رتبة في الجيش العراقي (مهيب ركن!) الخائب الوغد صدام الإجرام سفاح الدجيل سلف سفاح سفح جبل قنديل الجلال والجمال (موطني) الذي أقسم على عدم التوقيع على أحكام الإعدام أمام (الإشتراكية الدولية) وعلى صيانة ووحدة أراضي الوطن بحضرة ممثلي شعب العراق تحت قبة (البرلمان العراقي)؛ فوفى في الأولى ونكث الثانية إمعاناً في الفساد والكيل بمكيالين.
المرجع الشيعي (الشيخ قاسم الطائي) في تصريح صحافي نقلته الوكالة الوطنية العراقية للأنباء اليوم طالب تطبيق عقوبة الإعدام بحق المفسدين. وقال “إذا كان إفساد المفسد فيه إرباك للحياة الإجتماعية فينطبق عليه وصف المفسد في الأرض والمحارب لله ورسوله وجزاء هذا القتل”. لكنه استدرك قائلاً “ولكن يمكن ان تخفف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد في حال استرجع المفسد الأموال التي سرقها”. وأشار إلى أن إعدام المفسدين فيه حل جذري لكثير من المسائل والمشاكل التي يعاني منها البلد ومنها التدخلات الخارجية. وشدد على ضرورة عدم مجاملة أي شخص مفسد حتى ولو كان صاحب منصب رفيع في الدولة. وعن الدعوات التي تطلق بالغاء عقوبة الإعدام ومراعاة حقوق الإنسان تساءل الطائي قائلاً “لماذا نراعي حق هؤلاء ولا نراعي حقوق الناس الذين سلبت من قبل المفسدين؟!.
مرجعية الحقيقة المهجورة!
عندما يريد الإنسان أن يطور من ذاته يقف متردداً بين أن يصغي للعقل أو للعواطف، ومن اجل ذلك لابد من توظيف الاثنين معاً ليسجل موقفاً يصنع منه إنساناً ناطقاً بالحق والصدق لأجل منفعة نفسه في الآجل وللتاريخ الذي لا يرحم أحداً.
ولأجل ذلك وجدت نفسي اخط هذه الكلمات واسطرها، وأنا المعروف عني في كتاباتي أتعايش فيها من خلال طرح الفكر الذي لابد أن يكون هو السائد والحاكم على غيره، واليوم أتحدث كي أدون في ذاكرة العقول الواعية اسماً جعل من الثقافة التنويرية في مجال اختصاصه نزعة إنسانية إسلامية في رحاب العلم والبحث عن الحقيقة، هو نجم سطع من بين نجوم الحركة الدينية والثقافة الإسلامية العربية، وقطب من أقطاب النهج الثوري في زمن أصبح الجميع فيه صامتون، وقد نشأ وترعرع في مدينة شعبية، عمل على تطوير وتوظيف نفسه لرعاية الشؤون المرجعية الإسلامية وخصوصاً الشيعية منها، درس الأكاديمية واختص بالهندسة منها وكان له فيها جهداً متميزاً من خلال عمله كمهندس في إحدى المشاريع العملاقة في العراق، وفي مجاله الحوزوي راهن على ذكائه وانتهج منهجاً يختلف عن الكثير من المختصين في هذا المجال، حيث ناقش آراء أساتذته وغيرهم وحولها من جميل الى أجمل، ومن صحيح الى اصح، وهو من المستميتين في الدفاع عن قيم المنظومة الأخلاقية والفكرية الحوزوية، التي اتصفت بالحركية في الميدان، والميدانية في قيادة المجتمع وعمل على تأسيس وإرساء منهج لطلبته بنهضة تأهيلية للعقل الحوزوي، وتحديثه من عمق الاعتراف بالسلبيات ومعالجتها، وصوت من أصوات الاعتدال والعقل في المناهج الإسلامية المعاصرة.
دعواته دائماً الى المشاريع التثقيفية وعلى كافة المستويات لتأصيل عراقية العراق على تعدد دياناته وثقافاته، وكان يرى فيها مصدر القوة والمعرفة وليس العكس، أنتج الكثير من المؤلفات والبحوث العلمية على عدة مستويات منها الحوزوي العالي والسياسي والاجتماعي والفقهي والأخلاقي، تقبل النقد من كل ناقد ودعاهم للمناقشة والحوار علمياً، اشتغل في ساحته الفقهاء كفقيه مثقف بثقافة دينية أكاديمية، طال بكتاباته مواضيع وجوانب كثيرة على خلاف السياق المتبع في المنظومة الدينية الإسلامية بمختلف مشاربها، لا يهاب المحذور ويطرح ما لم يكن في الحسبان وما غفل عنه أو سكت غيره عنه، انطلاقاً من الوعي والشعور بالمسؤولية التاريخية الدينية تجاه أبناء المجتمع الواحد، هو أول من زار سامراء ومرقد العسكريين عليهم السلام في وقت كانت فيه فكرة الذهاب إليها مخالفة للمعتاد وغير مقبولة، وأقام فيها وبين عشائرها عدة أيام، سعى الى نقد العقل الديني المتطرف الذي يعتاش على الدين ولا يعيش للدين وتصدى الى كل من تكلم بلهجة إلغاء ثوابت المذهب أو الدين برمته، مشروعه يرتبط ارتباطاً وثيقاً في جعل الإسلام منهجاً وعلماً يُتبع كالمصباح الذي يضيء على العالم كله انطلاقاً من الانفتاح على الآخر مهما كانت ثقافته أو عرقه وما يحمل من سجايا الخير والرحمة والسلام والرفعة لبني البشر، جعل الإصغاء الى العقول وربطها بالروح من خلال تسامحه وبساطة حياته، رفع سلاح الحب لتغيير النظرة المعكوسة التي يريد الآخرون إدراجها في المنهج الإسلامي وتوصيفه بالعنف والقسوة، كل من جلس معه قال عنه انه من العقول النيّرة وذو أخلاق قلّ نظيرها بما تحمله شخصيته من بساطة واحترام للآخر بغض النظر عمّن يكون، سعى الى إخراج طلبة العلوم الدينية من دائرة الدروس الكلاسيكية المعتادة، وادخل مواد أخرى جديدة تمثل المد الحضاري والتكنولوجي والابتعاد عن نمطية العقائد المتعلقة بذات المبدأ التي تأسست عليها الكثير من العقائد التي تناغم عصرها فقط، له من رحابة الصدر في العلم والتدريس وتشغيل المنهج لصالح الطلبة ولو كلفه ذلك راحته، إيمانه الذي اتعب الكثيرين ممن معه لأنه اكبر من قدرتهم على التحمل.
أقول أيها الأحبة وأنا إن لم أكن على يقين فقريب منه في إصابة واقع ملموس ليس فيه إبهام ولا حجب، انه فيلسوف النزعة الإنسانية في فهم الإسلام وضوابط كيميائية، التفكير بالآليات التي من شأنها رفع الإسلام للإنسانية وتقديم أروع الصور المضيئة بحقائق الشعور بالحس المرهف للإسلام ومبادئه واستيعابه لحقائق الأمور استيعاباً معرفياً جوهرياً نقدياً يحمل في ثناياه المعرفة والإبداع والابتكار بما يتناغم مع تاريخه مع هذا الدين.
لا مكان بساحته للمتملقين أو البلهاء الذين يريدون الاعتياش على الأسماء والبهرجة الكذابة، يدعو الى مواجهة التيار الفكري المعاكس الذي يتبناه إعداد الإنسانية على كافة المستويات العقلائية التفكيرية والثقافية السياسية الدينية امتاز بالسماع للآخر وشرح ودراسة الاقتراحات المقدمة له لتوظيف ما يستطيع توظيفه لخدمة الإنسانية.
هذا خطابي وفهمي لهذا الإنسان الذي امتاز بسيره مشياً على الأقدام لزيارة سيد الشهداء ولمدة ثمانية أعوام على التوالي هو ومن يرافقه من دون زوبعة إعلامية وأضواء خلابة لأنه يتخذ من الحسين (ع) محطة للتغيير النفسي والواقعي.
هذا فهمي لهذا الإنسان الذي إذا فقدناه وناديناه.. وأسفاً على ما فات، ونردد المقولة المعروفة (العظماء يولدون بعد مماتهم) انه المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي.
اختار لنفسه لقباً من حيث المساحات التي يشغلها ليس أكثر من ذلك وهو المسار الحقيقي لنجاح الإنسان دنيوياً وأخروياً، هذا هو بما عرفته عنه من خلال متابعتي المستمرة، فوجدته إنموذجاً للفقهاء الذين يتحدثون ويشاركون وهو مع ذلك تحت التعتيم الإعلامي غريب الأطوار للذي يتابعه، ولذلك أسباب كثيرة منها انه لا يحمل لقب العوائل الدينية المشهورة وإنما يحمل لقب فقراء الأمة وصعاليكها الذين خرجوا يوم 25 شباط وسوف يخرجون بأيام أُخر إذا استمر التردي والفساد المستشري في مفاصل الدولة.
وأخيراً أدعو كل من يقرأ مقالي هذا الى عدم التسرع بالرد عليه إلا إذا تأكد بنفسه من هذه الشخصية عن قرب أو بُعد.. وأنا واثق من انه سيجد من الخير في هذا الرجل أكثر مما ذكرت آنفاً.
تقبل مني يا أبا محمد قاسم الطائي أدام الله علمك هذه الكلمات قربة الى الله تعالى بما تحمله من صفات قد عرفتها وراقبتها وعشتها من خلال مسيرتك مع عراقنا الجديد.
أثير محمد الشموسي
تحية للمتظاهرين
يا أبناء بلدنا الغالي، أحييكم بتحية الإنسانية، من سنيكم قبل شيعيكم، ومسيحيكم قبل مسلمكم، وكرديكم قبل عربيكم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن خروجكم في مسيرة تظاهرية سلمية، احتجاجية على ما وصلت إليه الأوضاع من تردي في بلدنا الغالي، وإخفاق في الأداء أدى الى تضييع الحقوق وهدر الأموال، وارتباك الأمن وتفشي الرشوة، وفساد مؤسسات بكاملها ولسان حالكم يقول يا أيتها السلطة بعد أن استصرختمونا والهين فاصرخناكم مرجفين، سللتم علينا سيفاً لنا في انتخابكم واحتششتم علينا ناراً قد اقتدحناها على عدونا وعدوكم.. إن هذا التردي ما كان ليقف عند حد إلا بالرفض له والاستنكار من خلال زحفكم المؤمل أن يكون واسعاً وكبيراً يشمل جميع العراقيين بما فيهم السياسيين الذين لا حيلة لهم في إصلاح الأمور ولكنهم يحاولون، وخروجهم مع المتظاهرين سيوفر لهم الدعم الكامل في تدعيم محاولاتهم الإصلاحية والبنائية.
فحيّا الله الجميع وبارك سعيهم في عملية إصلاح شاملة تنطلق من إنهاء حالة الاحتلال، وتغيير الدستور وإعادة صياغته وفق أسس جديدة بعد فشل المعمول منه وإلغاء العديد من القوانين المجحفة بحق الشعب العراقي والتي منها- على سبيل المثال لا الحصر- قانون تقاعد السلطات الثلاث الذي يستنزف أموال خرافية من ميزانية الدولة، حيث تتجاوز راتب الرئيس الروسي بثلاث أو أربع مرات! في حين يأن الملايين تحت فقر مدقع وحرمان مميت.
وليعلم الجميع بأن المظاهرة لا تستهدف غير إصلاح الأحوال ولا مساس لها بالدولة ومؤسساتها ومنافسة سلطانها، ومن هنا حرّمنا كل تصرف يسيء إليها من أعمال التخريب والنهب والسلب وما يشوه صورة الانتظام الجماهيري المتوقع في مشهد عظيم يهز العالم، وليس ذلك على العراقيين بعزيز، فهم من صاغ ملحمة الزيارة الأربعينية، حيث الاصطفاف الشعبي من مختلف الطوائف والأديان والأعراق، فليكن مسيركم وتظاهركم بتلك الصورة، بل الأحسن منها، كما أن استفزاز المواطنين من قبل رجال الأمن أمر مرفوض ومدان ولا ثمرة فيه بل فيه شوكة في عيونهم كما حدث في تونس ومصر وليبيا.
ولتكن الشعارات المرفوعة بعيدة عن الاستفزاز وأن تسمو بالمطالب الى إعادة المكانة العراقية والكرامة الشخصية والقيمة الحضارية للشعب العراقي، الذي أكمل الاحتلال فيه مشوار النظام البائد في سحق الشخصية وإهدار الكرامة، والعديد من السياسيين المخلصين يحاولون التخلص من قيده ولكنهم لا يستطيعون ويتحرجون من مكاشفة شعبهم الذي أوصلهم الى السلطة، وكان ذنبه الوحيد هو ذلك حتى لامه من لا حرجية له في الوطن، محملاً ما سيقع وإن شاء الله- لا يقع شيء يسيئ للدولة والمواطن على الشعب- وقد خانته ثقافته السياسية.
وإن للشعب حق للتنصيب وله حق التبعيد، ونعتقد أن احد أهم أسباب الإرباك الحكومي هو سلطة الاحتلال التي يهيئ من وراء الكواليس مشاحنات للاحتقان الحكومي لإعطاء صورة عجزها في ضبط الأمن وإلجائها الى تقديم طلب إبقاء تلك القواعد، ولكن بثمن مدفوع من أموال العراق.
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المتتبع للأحداث الجارية في بعض البلدان العربية يرى هناك صحوة ضمير وانتفاضة ضد الظلم والانحراف وقد فسرها البعض بأنها بداية صحوة إسلامية وفي حينها أبدت الإدارة الأمريكية قلقها ومخاوفة حول ما يحصل وخصوصاً ما صرح به وزير الخارجية البريطاني من أن الاحتجاجات الشعبية في العالم العربي تعوق عملية السلام ومنهم من قال أن الفقر والحاجة هي التي دعت الى خروج الشعب للمطالبة بحقوقه وهذا ما حصل في تونس ثم مصر واليمن والآن في الجزائر وكذلك في مناطق متفرقة في العراق.
– الى ما توعزون أسباب انتفاضة الشعوب؟ وهل يمكن سريان هذه الاحتجاجات الى بقية البلدان العربية مع ما فيها من تلون مذهبي وخصوصيات دينية؟.
ولدكم محمد السعداوي
بسم الله الرحمن الرحيم:
أسوأ ما يواجهه الإنسان في حياته هو الظلم وإمتهان كرامته ومصادرة حريته والتقليل من إنسانيته، وهذه الأمور قد تحصل من خلال سياسات اقتصادية خاطئة تؤدي به الى الفقر والعازة ، وقد تؤدي به الى الاضطراب والتضييق، وتكبيل حركته الحياتية والاجتماعية، وقد تحصل من خلال استبداد الحكام وتهورهم واستخفافهم بالإنسان بشكل عام، واستكبارهم على الثوابت البشرية من الشرائع السماوية أو الديانة الوضعية التي يشعر الإنسان بعدها بأن حاكمه مستبد وظالم ولا يُخضع تصرفه الى ميزان واضح وقد يحصل الانتفاض والخروج إذا واجد الإنسان نفسه أمام اختيار صعب أما أن يعيش كسوية البشر وأما أن يموت وهو حي.
والإنسان بطبعه لا يقبل الموت من دون ثمن، كل هذه وغيرها تكون سبباً للخروج على الحكام إذا حكمّت الناس إراداتهم نحو هدف واحد وهو الإصلاح لما أفسدته الأجهزة الحاكمة، وأدت الى فساد وخراب في المجتمعات على الصعيدين النفسي للبشر والاجتماعي للمجتمع، وهذا ما نجده في الشعوب التي خرجت والتي هي مهيئة للخروج على أنظمتها.
وقديماً قيل (الظلم لا يدوم) وقيل (كل جديد بال) فهذه الأنظمة هي ظالمة وهي بالية لا يقبلها الوضع الدولي الجديد، ولا تناسب طموح شعوبها ورغبتها في اللحاق بركب المسيرة البشرية من التطور والتغيير.
وقد نستطرد لجانب من الحقيقة يذكرها النص القرآني والتي طالما أكدنا عليها وهي درء الفتنة ومحاولة قبرها وإلا عمت الجميع من الخيرين و الشريرين {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً }الأنفال25.
وأبعد من ذلك إذا لم ينفض الإنسان الظلم عن نفسه فهو ينقاد الى الظلم شعر بذلك أم لم يشعر بل كان مريداً له، ويؤكدها النص (( كيفما تكونوا يولى عليكم)).
قاسم الطائي