You are currently viewing نشرة النهــــج العدد  93

نشرة النهــــج العدد 93

   

   

نشــــــرة النهــــــج العــــــدد   93 

الرابطة الوجودية
ما بين كل شيئين إذا كان أحدهما علة والآخر معلولاً، فإن هنا رابطة وجودية ما بينهما تستدعي أن يكون معلول هذه العلة هو هذا المعلول دون غيره ومعنى ذلك أنه لو لا هذه الرابطة الوجودية لنتج كل معلول من أية علة ولو لم تكن للرابطة من وجود وكأنها تحدد مسار العلة في انتاج معلولها، فالنار  بفعل الرابطة الوجودية ما بينها وبين الحرارة التي هي معلول لها، نتجت الحرارة دون البرودة والدفء وغيرهما من الحالات.
وعلى هذا نأتي المحاورات العرفية العراقية، وإن التعليل المعطى لبعض التصرفات لا يملك أية رابطة بينه وبين ما ينتج منه من معطيات، وإذا دققنا في ذلك جيداً، نلاحظ ان هذه التصرفات هو في مورد إدانة المتصرف، وأنه قد أخطأ في سلوكه وأنحرف عن طريقه السوي فيحاول ايجاد بعض المبررات أو العلل لتصرفه، عله يتخلص من الاحراج الاجتماعي أو الإدانة الدينية أو النقد الاعلامي أو غير ذلك.
وقد نبهني على هذه الفكرة ما تعرضه بعض الفضائيات من دعايات اعلامية لبعض خطوط الاتصالات، عندما يقرأ رسالة من أبن المرأة الجالسة أمامه والتي طلبت منه قراءة الرسالة، وبعد تعثره في القراءة ولحنه الكثير فيها الى درجة تغيير المعنى، حينما سألته ماذا تعني هذه الكلمة فأجابها (سلام بالهندي) ومحل الشاهد أنه علل ذلك لأنها مكتوبة بالوسط، فأي ربط بين كون الكلمات سلام باللغة الهندية وأنه مكتوب بالوسط بحيث يصبح الاخير علة للأول مع أنه لا رابطة بينهما البتة.
والذي يدعو ابناء العراق الى هذه الأساليب هو قدرتهم العالية على التخلص من مواقف الاحراج أو الخجل أو الإدانة وخصوصاً في ظل ظروف قاسية عاشها العراقيون في زمن النظام المقبور حتى اصبحت عندهم سجية تحضير العذر أو الداعي لهذا التصرف على نحو لا يشكل إدانة واضحة إليهم وقد تمرسوا عليه، فأصبح من النادر ترى تدبيراً يرتبط بالمبرر إلا في موارد قليلة.

 
نشــــــرة النهــــــج العــــــدد   93 
الرجوع الى نقطة الصفر
لقد حاولت الإدارة الأمريكية أبان احتلالها العراق بذر بذور الشق الطائفي باعتباره يمثل معادلة متوازنة الى حد إذا ضم الأكراد الى الجانب السني -(مع الاعتذار لاستخدام اللفظة) إلا من أجل توضيح الفكرة- ولهذا عملت على اثارة أكثر من قضية بدأت بجانبها السياسي وانتهت بجانبها الطائفي من خلال بعبع القاعدة التي اصبحت المواجهة المدعاة معها من خلال أمريكا ساحتها العراق كما صرح بذلك الرئيس بوش الأبن نفسه أمريكا لم تملك القوة الكافية فضلاً عن الشجاعة لمواجهة القاعدة التي انتجتها ابان ثمانينات القرن الماضي في مواجهة غير مباشرة مع الاتحاد السوفيتي في افغانستان وإذا ما تمت مهمتها تورطت في اعدادها ورجالاتها فأخذت تبحث لها عن مناطق قتالية تحت مسميات متعددة، ظاهرها مواجهة أمريكا واستكبارها وهو شعار يكذبه ان القاعدة بكل امكانياتها – الأمريكية اليهودية – لم تستطع القيام بأية عملية داخل الكيان الصهيوني بل لم تستعمل لفظة الكيان في بيانات قادتها ولم تأخذهم غيرتّهم الاسلامية وجهادهم المزيف أن يفتحوا لهم جبهة في الكيان الصهيوني وان ينتفضوا لصرخات الفلسطينيين المسلمين الذين يقتَّلوا متى ما أراد الصهاينة وبدم بارد ولم يحرك المجتمع الدولي ساكناً لردعهم أو ردهم إلا بكلمات مجاملة تعطي صفة الجلاد للضحية، وبالعكس ومرجعياتهم الدولية أدوات بيد الدول المستكبرة والمسماة بالعظمى وهي ليست الا بيوتات العنكبوت يمكن هزيمتها باتخاذ بعض التدابير اهمها امتصاص واستيعاب الضربة الأولى لهم وهم يعتمدون عليها دائما، واستمرار المواجهة أكبر فترة ممكنة، فأنهم منهزمون لا محالة، لك في فيتنام وحرب تموز لبنان المقاومة، وغزة الأخيرة اعظم شاهد على هذا القول.
ولو اقترحنا – أحد امرين-  إما بسحب الاعتراف بهذه المنضمات ما لم تغير من موادها التي صُيغت من أجل الحفاظ على مصالح القوى المنتصرة في الحربين الأوربية الأمريكية وإما بتوسيع الممثلية الدائمة لمجلس الأمن بضم عضوين للبلدان الإسلامية، واحد منهم للوطن العربي تمثله أقوى الدول إما العراق أو مصر بالتناوب دورياً بينهما لثقل الدوليين عربياً ودولياً كما هو غير خاف على الآخرين.
واما بالانسحاب منها رسمياً واسقاط اعتبارها الدولي والتأسيس لمنظمات تخدم دول العالم الاسلامي وغيرها من غير دول مجلس الامن ومن على شاكلتها ومثل هذا الاجراء سيرضخ الدول المستكبرة على النزول على الرغبة الدولية فعلاً لا تسيير هذه الرغبة بعوامل الضغط والابتزاز الى رغباتها هي وارادتها هي في تسيير احداث الأرض وأزمات الوضع الدولي.
وعلى أية حال وظيفة القاعدة الآن ضمن المنظور الأمريكي هو الجهاد ضد الإسلام الشيعي كما تسميه واحداث الفرز الطائفي بفعل الاعمال الارهابية التي تحدثها هنا لتوجيه التهمة هناك، وهناك لتوجه التهمة هنا كما حصل بالضبط في العراق، ولما لم تجد الإرادة بداً من الخروج من العراق عاد الشعب متصافياً متراصفاً ينبذ الاعمال الارهابية والطائفية المقيتة لأنه شعب يملك من عمق الوحدة الاجتماعي تاريخياً ما لم يحمله شعب آخر فكان هذا ولطيب نفسية العراقي وكرمه وعفوه ووعيه من كبح ووأد الفتنة الطائفية وإن كانت بعض آثارها موجودة للأسف في الجانب السياسي ومفردات وادوات عمله كواقع لا يمكن انكاره.
وما كان للأمريكان ان يقفوا عن مشروعهم المخطط له في الاصطدام القائم ما بين الصف الاسلامي وبين الطائفتين الكبيرتين – السنة والشيعة – فبدأت من جديد في اضعف وجود للشيعة في تونس ثم في مصر الأكثر وجوداً لهم ثم في اليمن ثم في ليبيا والآن في سوريا في صورة بيانية لتكاثر الشيعة فيها على الترتيب المذكور تحت عنوان الربيع العربي وفي نظري الخريف العربي فهلا استقرت الى الآن هذه الدول بعد سنتين من التغيير الحاصل لها، وما يلفت نظر المتابع أن الواصلين الى السلطة في هذه البلدان هم الاسلاميون، متشددون كما في ليبيا وغير متشددين كما في مصر مع أدوات لضرب الوجود الشيعي وعدم السماح لأية ممارسات شعائرية فيها، وبالطبع سيكون الاعلام الرسمي الوسيلة للتطبيل لكل اعمال السلطة وإجراءاتها الأمر الذي قد يدفع الجانب الطائفي الآخر ليدافع عن وضعه وحقه في ممارساته الشعائرية وحينئذٍ يحصل مما لا بد منه من الاصطدام بطشاً من السلطة، ومواجهة من قبل الآخرين، وقد لوحظ ذلك في كثرة ما حصل في العراق في فترة النظام السابق بحق اصحاب المذهب الآخر، وإما في البلدان فلا نملك مما يمكن ان يقوله الا احتمالاً يعززه الضخ السعودي والمساعدات المالية المقدمة  لهذه الدول من أجل ابقاء الصورة السيئة قائمة وهي من تملك السلطة ومثاله الواضح لبنان ودعم السعودي لخط كتلة المستقبل.
وعلى كل بقي لإدارة الشر أمريكا سوريا ولو لا الدعم الروسي والصيني والايراني لكانت في خبر كان والاطالة كما نوهنا عليها يضعف ارادة الشر وتجعلها تسلم بهزيمتها وإن لم تملك شجاعة الموقف بالاعتراف بها فكان من الطبيعي لها أن تحرك ما سكن في العراق وإن كانت بثوب المطالبة بالحقوق وهي كلمة حق لا يمكن نكرانها وإن الحقوق يجب المطالبة بها إلا أن تضمن بعض الكلمات والشعارات انفاس عدائية – طائفية – وحينئذٍ تكون كلمة للباطل تنذر بأن هذه التظاهرات يراد لها انتاج فتنة طائفية جديدة في العراق ليعود الأمر الى ما بدأ منه يراد لها أن تحقق ما يمكن قطع الطريق على حصول أية مساعدات لسوريا من العراق وقد يكون قطع الطريق الدولي مؤشراً لذلك وإن أنكره بعض الخطباء وما علاقة الطريق الدولي وأنت تقول بأن التظاهرات للمطالبة بالحقوق لا قطع الحقوق بقطع الطريق الدولي، ومع قطع الطريق يشدد الخناق على سوريا لانهاء وضعها وتسليم السلطة الى اسلاميين متشددين طبعاً ويلاحظ استهداف مرقد السيدة زينب في بعض الاحيان ويراد البدء باشعال أزمة جديدة قبل انتهاء الأزمة السورية لإبقاء الوضع الإقليمي والدولي مأزوماً بفتح المجال للوجود الأمريكي تدخلاً وابقاء في دائرة التأثير الدولي وتحريك مجلس الأمن لاتخاذ قرارات متناغمة مع المصالح الأمريكية على ما هو الخط الاستراتيجي للسياسة الامريكية كما تابعنا بدقة خلال اربعين عاماً.
وإذ نأسف لوصول الى هذه الدرجة ولم يسمع كلامنا السابق من مناسبات عديدة ووضعنا العلاجات المناسبة لوأد الفتنة ودفعها قبل ظهورها ولكن لا يحبون الناصحين.

 
نشــــــرة النهــــــج العــــــدد   93 
الضبط السلوكي
بسم الله الرحمن الرحيم
((واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة))
نرشد إخواننا العراقيين جميعاً بدون استثناء أي أحد منهم ما دام متصفاً بالعراقي وهو الوصف الذي حذرنا من غيابه أو استبداله بتوصيفات عرقية أو طائفية .. الى
1) محاصرة الاشاعات والأراجيف التي تطلق من هنا وهناك ومن بعض الفضائيات المعادية للِحُمة الشعوب العربية والإسلامية كالعربية والجزيرة وعدم متابعة اخبارها والتصديق بانبائها فانهما اداتان  يهوديتان وقد نبهنا على ذلك قبل أكثر من تسعة سنين وعلى السياسيين عدم قبول أية لقاءات مع هذه القنوات وعلى الحكومة غلق مكاتبها في عموم العراق والتشويش على تردداتها وإذا
اقتضى الأمر قطع شبكة الاتصالات العنكبوتية وخطوط الاتصالات لمنع سريان مثل هذه الأراجيف الى حين انتهاء الأزمة.

2- الرجوع في معرفة حقائق الأمور وتداعياتها الى علماء الأمة من العراقيين والى رجالاتها المخلصين من غير علماء الدين ممن خبرتهم الحياة وعرفوا غثها وسمينها وصحيحها وسقيمها ونالوا حظاً من تجاربها افادتهم في صواب رأيهم أو قربيته من الصواب.

3- الحكومة العراقية ملزمة بصيانة النسيج الاجتماعي ومعاقبة من يسيء له بنشر الانفاس الطائفية واستخدام التوصيفات المذهبية، وخصوصاً من قبل الساسة المشاركين في العملية السياسية وهذا مما يؤسف له، بل يتعين على الجميع ممن هو شارك في الحكومة أن يدعم نهجها في محاسبة  من يريد لهذا البلد سوء التفرقة والتجزئة، بل عليها محاسبة كل من يرتكن الى جهة خارجية تحرك فيه انفاس مذهبية طائفية، وان تقطع علاقاتها أو تقلل معاملاتها مع كل دول من هذا القبيل كتركيا، والسعودية وقطر والأردن إذا بقت على هذه الشاكلة، وان تشكل لجنة وطنية عامة لدراسة مطالب المتظاهرين وبيان حقانية بعضها وعدم حقانية البعض الآخر لتنفذ ما هو حقاني فقط وإن قرارات اللجنة ملزمة للحكومة والمتظاهرين شريطة ان لا تكون اعضائها من السياسيين المشاركين في الحكومة والبرلمان لأنهما مبنيان على المحاصصة وهي لا توصل الى قرار حاسم.

4- ننبه العامة من اخواننا العراقيين بضرورة على عدم التخوف الذي يجر الى تدابير تحشيدية غير مأمونة العواقب، قد تسبب ثقلاً إضافية على عمل الحكومة وعلى بعض دخول الأفراد مما لا داعي لها في الوقت الحاضر وأن يتأملوا خيراً فإن العراق قد مر بأزمات عديدة وقى الله شرها العراقيين ويكفيك فتنة العقد الماضي بافاعيل امريكية وتحت صبغة القاعدة وأن تكون حواراتهم واحاديثهم منصبة حول الحلول المنطقية والحقانية وأن يكونوا جزءً رئيسياً من الحل بالانضباط والانصياع لكلمات من ذكرناهم في النقطة الثانية.

وان تكون الحوزة الدينية من دون فرق بين دين وآخر أو مذهب وآخر هي من يُفضل رأيها فيما لو اختلف من رأي الآخرين وليس هذا انحيازاً لهم دون سواهم وإنما ذلك لأنهم يضمنوّن الآخرة ونتائجها الى الدنيا ونتائجها ولهم قراءة في النصوص الدينية تجعل لهم أفضلية في هذا الجانب المتعلق بنفوس وأموال واعراض ابناء البلد فيما لو حصلت الفتنة والعياذ بالله.

ونذكرهم أن لا ينسوا بأنهم لم يحصدوا في الفتنة الطائفية الا خسران الأحبة والاصدقاء واهلاك الحرث والنسل، ونشر الكراهة وخلق الحواجز النفسية افقدتهم ثقة بعضهم البعض الآخر وان يعلموا بأن العراقيين وكلهم منتسبون لأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب الذي ملئ قلبه قيحاً حينما كانت غارات معاوية على الرمادي لغرض السلب والقتل والنهب والتدمير، وقد تخطى الأمة الإسلامية الى ذميّة أخذ قرطها وقلادتها من قبل المهاجمين، حرقة بالقول لو أن أحداً مات كمداً لما كان عندي ملوماً، هذه نقطة اجتماع العراقيين مع صحابة الرسول الميامين، فلا تضيعوا هذا العاصم التأريخي الإسلامي الأخلاقي العراقي العشائري، قبل أن تسمعوا صوت الحق (ولات حين مناص).

 

نشــــــرة النهــــــج العــــــدد   93 
محاصرة الفتنة
قلنا في بيان الضبط السلوكي، بأن الرجوع الى علماء الامة ورجال الدين هو ما ينبغي الالتزام به والاهتمام والتأكيد عليه، واقصد برجال الدين- مراجع التقليد حصراً- اذ لا يجوز ولا يسوغ الرجوع في اتخاذ اي فعل او رأي في حال هيجان الفتنة الى شخص غيرهم مهما كانت صفته ونوعيته وموقعه، كل ذلك انطلاقاً من النص القرآني، ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ فقد حصر النص ارجاع الامور وتقييم الاحداث وقراءة الوقائع بدقة وموضوعية وتشخيص حالاتها من حيث الضرر وعدمه الى المستنبطين من العلماء وليس هم الا الفقهاء.
ويمكن الاستشهاد بما قاله السيد الشهيد الاستاذ محمد الصدر (قدس سره) وهو يصدع به في احدى خطب الجمعة المباركة على مسجد الكوفة، بأنه لا ينبغي الرجوع الا للحوزة، ومقصوده ليس الحوزة على عمومها وبمختلف مستوياتها بل الى الفقهاء خاصة وأكده في مسألة التقليد ايضاً.

ومن هنا يتقرر عندنا ما يلي:

1- لا يجوز لأي شخص ان يتخذ قراراً ما بشأن ما قد يحصل مستقبلاً من احداث نرجو الله ان يوقي شعبنا شرها، فيما يتعلق بفعل او تصرف الناس ما لم يستقه من عين صافية من مرجع عرف بإخلاصه وتقواه وصحة تشخيصه وواقعية قراءته للاحداث، وأن ارتباط فعل الفرد لا يكون مبرءً للذمة الا اذا اخذه من المرجع.

2- لا يجوز اشاعة الدعايات المغرضة والاراجيف التي تحدث هلعاً واضطراباً عند الناس عامة كما لا يجوز التصريح بأي شيء ما لم ينضم الى النقطة الاولى وانه منقول عن المرجع الفلاني.

3- قولنا بعدم الجواز في السابقيَن لأننا نعرف بأن الفتنة اذا اقبلت وشبهت- اي اشتبه الامر على الناس فاختلط عندهم الحق بالباطل- فلا يقدروا على تشخيص اي الصفتين من الحق والباطل وهذا بخلاف المرجع المتفاعل مع هموم الناس والمجتمع ويملك من ادوات التشخيص المعرفية، والتوعوية والعلمية ما يمكنه من ذلك، قال الامير عليه السلام (الفتنة اذا اقبلت شبهت واذا ادبرت نبهت) فكم من فتنة قد نبهت الاخرين ولكن بعد ادبارها وقد اتخذوا مواقف غير صحيحة في حال اقبالها.

4- يحرم استغلال الفتنة لإحداث ارباك في الواقع المعاشي والاقتصادي للناس من خلال احتكار المواد الاساسية ورفع اسعار السلع والبضائع الاساسية، ومثله في الحرمة استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية او اجتماعية قد يتوهمها البعض، وعلى الجميع محاصرتها لوأدها بدء خروجها او التضييق على عدم انتشار تأثيرها فيما لم يمكن وأدها.

نشــــــرة النهــــــج العــــــدد   93 
اذلال المستكبرين
فقد قالت عليها السلام مخاطبة يزيد لعنه الله::
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله سبحانه كذلك يقول ((ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ)).

اظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى ان بنا على الله هوانا وبك عليه
كرامه وان ذلك العظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوثقة والأمور

متسقه وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا؟!! فمهلا مهلا، انسيت قول الله عزوجل ((وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)) ؟؟!! ..

أمن العدل يا أبن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدوبهن الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهن اهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدني والشريف ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي ؟، وكيف ترتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن والإحن والأضغان ثم تقول غير متألم ولا مستعظم لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل منحنيا على ثنايا ابي عبدالله سيد شباب اهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم ، فلتردن وشيكا موردهم ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت .

اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا
فوالله ما فريت إلا جلدك وما حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله صلى الله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ لهم بحقهم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) وحسبك بالله حاكما وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيما وبجبرائيل ظهيرا، وسيعلم من سوّل لك ومكنك من رقاب المسلمين (بئس للظالمين بدلا) وأيكم (شر مكانا واضعف جندا) ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك لكن العيون عبرى والصدور حرى .

الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنظف من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت وما ربك بظلام للعبيد، فإلى الله المشتكى وعليه المعول .

فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك والله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا يرخص عنك عارها وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي (ألا لعنة الله على الظالمين)
فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولأخرنا بالشهادة والرحمة ونسأل الله ان يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافه إنه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل ..

في خطابها عدة نقاط..
الاولى: انها (عليها السلام) قتلت واقبرت توهم يزيد بأن له مقاماً عند الله استحقه بجدارة ولولا جدارته لما استحقه وليعكس ايضاً ايجابياً على مكانته عند الله، ولعلها تشير بالنص القرآني ((وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا)) الكهف/18، واوضحت بشكل قاطع ان ذلك من قانون الامهال الالهي للظلمة والمستكبرين.

الثانية: انها (عليها السلام) استنكرت عليه ما يفعله بهن وما يفعله بحرائره، والمفروض ان لجدهم حق عليه بأن اطلق ابائه واجداده عند الفتح ومقابلة هذا المعروف الذي لا يوزن بثمن امر عقلائي وعرفي لا يتركه ذوو المروءة والشرف وفي ذلك رمزية الى فقدانه هاتين الخصلتين، وقد وجهت اليه صدمة اخرى حينما استبعدت ممن هو من ابن اكلة الاكباد وممن نبت لحمه على دماء الشهداء ان يراعي حرمة بنات الرسالة وحرائر النبوة والامامة.

الثالثة: انها انقضت تهدم كبرياؤه وما فعله هو تعبير واضح عن الحقد والعداوة التي دأب عليها البيت الاموي ومن هنا فإن قولك مفاخراً بأجدادك المشركين الذين نالهم سيف الاسلام فأوردهم النار- لأهلّوا واستهلوا فرحا، وانت تتجرأ على ثنايا ابي عبد الله عليه السلام تنكثها بمخصرتك فرحان جذلاً، ولكنك سترد مورد اشياخك وستعرف وزر قولك هذا وتتمنى انك لم تقله.

الرابعة: ان يوم القيامة هو يوم الجزاء واسترداد المظالم وعودة الحقوق وأن ما من ظلم يقع في هذه الارض الا وسيؤاخذ به صاحبه يوم القيامة، وهو اليوم الذي يعض الظالم على يديه ويقول يا ليتني كنت تراباً ثم يتبين له صورة المشهد الذي غاب عنه بل غفل عنه وهو يترنم بهذه الابيات الشعرية وسيعلم عما قريب عظيم جرمه وسوء صنيعه بذرية رسول الله صلى الله عليه وآله.

الخامسة: ان معادلة المعركة ليست في الانتصار المادي في الساحة الحربية بقدر ما هي الانتصار للقيم والمبادئ التي اراد كل طرف تحقيقها، وهي قد لا تتحقق الا بعد حين وأن مقدمتها قد تكون الشهادة وانه لا تنال الا بعظم التضحيات وهي ما عبر عنه الامام عليه السلام بالفتح (ومن لم يأت فلم يدرك الفتح) وان المقاتلين في سبيل الله احياء عند ربهم يرزقون، وها هي حياة الحسين تتجدد على مر السنين والعصور وهو يفرض نفسه بقوة على واقع الحياة، في ابهى مظهر تمثله الزيارة الاربعينية التي نتوقع ان تحقق مقدمات النصر العالمي للإمام المهدي (عجل الله فرجه) كما صورناه من قبل.

السادسة: تدفع بكبرياؤه الى السفل حينما تشير الى حقيقة ان الفتح الذي طار به فرحاً بقتله الذرية سينقلب عليه وشيكاً مغرماً يوم يعض الظالم على يديه ويقدم على ربه بوجه اسود قد غطته السيئات وسودته المنكرات وأي منكر اعظم من قتل الذرية الصالحة، وتدفع اكثر باستصغار قدره وأنه لا يستحق ان يخاطب لولا مقادير الامور وجريان الاحداث التي ألجئتها الى مخاطبته، ومع ذلك هي تستكثر تقريعه وتوبيخه.
ثم تنتهي بالحمد والثناء على الله سبحانه لأنه اهل لذلك.

وهكذا يصنع الايمان الحقيقي في الانسان من ارادة في مواجهة الظالمين في عقر كبرياؤهم وزهوة انتصارهم استصغاراً لقدرهم واستحقاراً لشأنهم.


 

نشــــــرة النهــــــج العــــــدد   93 
سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة ا.. وبركاته.

يوم بعد يوم تتسارع الأحداث وتسوء في الساحة العربية والإسلامية، ولابد من مواجهتها لأنها تضرب في أطناب الساحتين وفي كل الاتجاهات علماً أن الدلائل تشير أنها معركة الحوزة العاملة مع التكفيريين الذين يقاتلون بالنيابة عن الغرب الكافر والصهاينة, وقد تكون بقوة السلاح وليست معركة الساكتين أو أصحاب المصالح الضيقة من السياسيين, خطورتها القصوى ستكون على المؤمنين الموالين لأهل البيت عليهم السلام.
فما هو فعل الحوزة العاملة وإستراتيجيتها من الناحية العقائدية والمجتمعية, السياسية, والجغرافية وكيف الوقاية منها خصوصا للشعب العراقي علماً أن الناس تنظر في هكذا محن الى الحوزة العاملة فقط.
ونسأل ا.. أن يحفظكم ذخرا للأمة.
خادمكم محمد العسكري
بسم ال.. الر.. الر..

لقد شخصنا الأزمة منذ مدة مديدة وأعطينا صورة واضحة للمشهد على المستويين السياسي والعقائدي وإن كان الأول يتبع الثاني، ونبهنا أن الصراع المستقبلي- انطلاقاً من التأسيس له في العراق منتصف العقد الأول من القرن الحالي- سيكون عقائدياً طائفياً، طرفاه إيران ومن يرتبط بها من حيث المذهب كجزء كبير من العراق وبعض أطراف منطقة الشام والدول العربية المتمذهبة بالمذهب السني، بعد طغيان التشدد فيه، وإن الفرز الجغرافي لبعض مناطق العراق هو من ضمن إعدادات التمهيد لهذا الصراع، ورفضنا بشدة مبدأ الفيدرالية المؤسس لها دستورياً وإنها نقطة بداية تقسيم العراق وتهيئة كل مستلزمات الصراع المنظور.
ووضعنا جملة حلول واقعية لمنع ذلك والحيلولة دون وصول الصراع العقائدي والسياسي الى نقطة إشعاله.
وكان الإطار الاستراتيجي العام الذي وضعناه هو التحرر من الأطر الضيقة التي تؤيد للفرقة والخلاف، وإلغاء التعنونات المذهبية في الخطابات السياسية والإعلامية، والتأطر بإطارين كبيرين لا يخرج منهما طرفا الصراع، هما العراق والإسلام، فالكل عراقيون ومسلمون، وإذا انتقلنا وابتعدنا عن الإطار الأول يبقى الإطار الإسلامي هو من يضم كل الأطراف المتهيئة بإرادتها أو برغم عنها لتخوض الصراع نيابة عن الغرب، إذ يبقى الجميع مسلمين تحت خيمة التوحيد والرسالة المحمدية، والأول هو الأس العقائدي مع الثاني الذي يتفق عليه المسلمون جميعاً.
ثم قدمنا شواهد تاريخية بعضها قريبة وبعضها بعيدة تشهد بإمكان تجاوز هذه الأزمة مع قوة الإرادة وبعد النظر والاحتكام الى المصالح العليا التي تنطوي تحتها كل المصالح وذهبنا الى أن استهداف المصلحة الطائفية أو القومية لا يوصل الى الهدف المطلوب وإنما الموصل له هو استهداف المصلحة الوطنية والإسلامية العليا لأنه بالإسلام يعيش السنة والشيعة، إخواناً متحابين، وبالتوحيد يعيش المسلمون والمسيحيون متحابين.
وحرمنا من الجهة الشرعية كل ما يؤسس للطائفية أو يولد الشحناء والبغضاء بين المسلمين.. فضلاً عن العراقيين.
بل سنذهب الى اكبر من ذلك بالحث على التزويج المتبادل بين الطائفتين بل وبين القوميتين العربية والكردية، وحرمنا كل فعل يمس المسلم والعراقي تحت أي عنوان كان.
قاسم الطائي      
28/ ذو القعدة/1433هـ