You are currently viewing نشــــــرة النــــهــج العـــــدد 83

نشــــــرة النــــهــج العـــــدد 83

عــــــــدد خاص بالمقـــــاومة

وجـــــهة نظــــرنا

اقترب للناس حسابهم

في لحظة تذهل العقول وتشد الأسماع إلى اقتراب الساعة وحصول القيامة، خوف واضطراب، وقلق واستغراب، فقد ضاقت الأرض بما رحبت على ثلة من المؤمنين كان همّهم أنهم سيجدون من يؤازر فعلهم ويثمن عملهم، ويقول لهم بارك الله لكم في سعيكم وثبت أقدامكم، وآخر ما توقعوه منهم قولهم (ونصركم)، والمفاجأة التي أذهلت عقولهم أنهم سمعوا وقرأوا لا بارك الله فيكم، وسود فعلكم، لقد عرضتمونا للدمار والخراب، فتعساً لكم واللعنة عليكم، كلمات مسطورة، وعلى جدران المدينة القديمة مخطوطة، ناهيك عن سماع دعوات الويل والثبور لهم من العامة بعد هروب من هرب من النجف، وخروج من خرج، فلا قوات متواجدة، ولا حراسة حاضرة ولحضرة أمير المؤمنين مدافعة.

إنها لحظة مات فيها الضمير وأحبطت الأنفس، واغتيل المدافع ورضيت النفوس بالتطبيع، وأن قوات الاحتلال هم أصدقاء التحرير.

وإذا بالفارس يعلنها حسبه للتاريخ الإنساني عموماً وللشيعي بالخصوص، بأن المقاومة حق مشروع ما دام الاحتلال جاثماً، بل وراح يستنهض الهمم والنفوس ويحيي الضمائر المتسترة لتتلمس الموقف الصحيح وتتنفس نسيم الحرية وخطى الأحرار، فأطلقها صرخة بوجه المحتلين الأجانب، والقريبين، بأن الشهداء في مواجهة الكفر والرضا به أفضل الشهداء، وبها فجر في نفوس المواجهين براكين من الغضب، وأشعل نور رؤية الحقيقة، فراحوا يتنافسون في ساحة المواجهة وكل ينشد صيده من الشهادة أو النصر، ومن ينسى ذلك فإنه اعور ودجال، ومزور ومغوار، واليك عزيزي اطلاق شرارة المقاومة.



((اللهم شتت شملهم))

    المُشخص للأحداث التي جرت في لبنان في مواجهات النجف الأشرف قبل عامين مع قوات الاحتلال الأمريكي مدعومة بالقوات الحكومية و مُقارنة ما بينها وبين الأحداث الجارية الآن في جنوب لبنان مع الكيان الصهيوني الغاصب سيكشف أن الأداء واحد والطريقة متماثلة وكذلك السلاح وطريقة استخدامه .

    تبدأ المقارنة من التوصيف الميليشيات المسلحة و إن أية عملية سياسية يُراد لها الاستقرار ذات صياغة ديمقراطية تقف بالضد مع الميليشيات المسلحة و إن أحدهما لا يتوافق مع الآخر ، فأما العملية الديمقراطية التي يُراد إحياؤها وإتمامها ، وأما التضحية بها لأجل الميليشيات – طبعاً على طبق تسميتهم – وإلا فهي مقاومة مشروعة وحقانية  واتخذت صيغة الفرز إصدار قرار رسمي لتبرير النزع ففي لبنان قرار مجلس الأمن 1559،وفي العراق قرار الحكومة آنذاك بإيحاء من المحتلين فكانت تُطلق كلماتً أنه لا يُمكن تأسيس دولة يسودها القانون مع الميليشيات ، التي تُمثل دولة في بطن دولة ، وحيث لم يُستجاب لبنود  قرار النزع حصلت المواجهات ، في النجف وفي لبنان لإعادة ترتيب الأوضاع وفق النظرة الأمريكية ، احتلالاً في العراق ، ونفوذاً في لبنان إلى درجة التأثير على دائرة القرار الحكومي .

    الموقف الرسمي في لبنان والعراق واحد هو نزع سلاح المقاومة أمر ضروري لبناء دولة ديمقراطية قوية ، ففي كلا البلدين على الحكومة بسط سيطرتها وإنهاء المظاهر المسلحة مع فارق هو أن بعض الشخصيات الحكومية اللبنانية مع المقاومة  مساهمة في دعمها وتقوية معنوياتها ، وهذا ما لم يحصل بالعراق بالمطلق مما ولد عقدة كبيرة مزجت المقاومة بالإرهاب فصارت محرمة رسمياً وربما شعبياً لقلة الوعي العام وتأثير الإعلام على مواقف المجتمع .

    لم تكن لمقاومة النجف من إعلام موجه يبين وجهة نظرها أو يعرض عملياتها الميدانية أو يعكس حجم الدمار والخراب التي فعلته آلة الحرب الأمريكية مع عدم التكافؤ بين الآلتين وبساطتها عند مقاومة النجف ، مما عرض المقاومة لتشويه واضح من خلال أجهزة الإعلام الرسمية والعربية عاجزة عن متابعة الحدث واستقصاء سيره للمنع المعلن من قبل القوات الأمريكية ، وإغلاق الحكومة العراقية مكتب قناة الجزيرة الفضائية في بغداد .

    وقد ولد حجب الحقيقة شعوراً بإلاحباط عند الناس والموالين وإحساساً بالهزيمة عند المقربين ، مسبباً ضغطاً شعبياً كبيراً على المقاومين بوصفهم تورطوا وورطوا البلد بمواجهة غير مضمونة ومجازفة غير محسوبة ، مما زاد في قوة الضغط والتأثير على نفسيات المقاتلين .

    وكانت مقاومة الجنوب اللبناني أوفر حظاً لما تملكه من قناة خاصة بها – وهي قناة المنار- مع تفاعل القنوات الفضائية الأخرى ونقلها للأحداث أولاً بأول ، فكانت المقاومة ذات خطاب سياسي وإعلامي موجه ومدروس ينمُ عن خبرة ودراية بأهمية الوسيلة الإعلامية وعظيم أثرها على نتائج الحرب .

    والمنع الذي حصل للفضائيات في متابعة أحداث النجف حصل لها في متابعة ما يحصل داخل الكيان الصهيوني فكان ثمة تعتيم على الأحداث في كلا الموقعين ، ومبرره المعقول هو إخفاء الحقيقة عن حجم الخسائر التي تكبدتها القوات المحتلة في الموقعين ولو شاء القدر وعُرضت خسائر الجيش الأمريكي في النجف لغيرت كثيرٌ من الحقائق وصححت الكثير من الآراء ، وقد تحقق إنجازاً لم يسبق له مثيل وإن كان تحقيقه حاصلاً بدرجة أقل عرضت بعضه في مناسبات سابقة .

    والموقف الشعبي ، فإن الشعب اللبناني بمختلف طوائفه واتجاهاته مع المقاومة إلا بعض الشذوذ الذين لا يقفون مع التيار والمد الشعبي العارم المساند للمقاومة وزعيمها حسن نصر الله .

    والشعب العراقي مردد ما بين معارض للمقاومة ويعتبرها عملاً جنونياً لا يخدم مصالح العراق ويُفضي إلى دمار شديد وتمادى بعضهم حينما وصف المجاهدين بأنهم قتلى وليسوا بشهداء مما شكل عقبة كبيرة أمام المقاومين وضعف معنوياتهم لولا المد والرد الصاعق الذي أصدره كاتب هذه السطور بأنهم أفضل الشهداء .

    لكن في كلا البلدين يعتبرون المقاومة عملاً انفرادياً لم يأخذ رأي حكومته ، ومعقوليته ممكنة في لبنان وأما في العراق فغير معقول .

    في كلا البلدين راهن العدو على عزل المقاومة واستعداء الشعب لها لما سببته من دمار وخراب عظيمين تعمده العدو لخلق حاجز نفسي ما بين المقاومة والشعب وقد نجح إلى حد ما في النجف ، وفشل فشلاً ذريعاً في لبنان .

    كما وراهن على جعل المقاومة عملاً يمثل طائفة من البلد لا تساعده على كسب الصفة الوطنية التي من خلالها تتعزز قناعة الجمهور بالمقاومة ، وبعبارات الساحة انه حاصص المقاومة وجعلها خروجاً على الشرعية الوطنية المتمثلة بالحكومة ، مستعملاً كعادته عبارات استعمال العنف أو الإرهاب أو التمرد أو غيرها من عبارات الإدانة في نظر الاحتلال .

    التيارات والكتل السياسية تباينت مواقفها في البلدين ، ففي حين حثت الكتل السياسية الاحتلال على إنهاء المقاومة في النجف وتصفية رموزها بشهادة الحاكم برايمر ، وقد دون ذلك في مذكراته المطبوعة الآن وهي جديرة بالمطالعة ، لترى من أمرهم عجباً .

    في حين وقفت الكيانات السياسية والقوى العاملة في لبنان مع المقاومة بما تملكه من قدرات وإمكانيات متاحة ، ومن لم يقف معها ، فلم يعمل ضدها أو يتآمر عليها .

    الآن هو اليوم التاسع عشر من الاعتداء على لبنان ولم تحقق الآلة العسكرية الصهيونية نصراً يذكر على الأرض بل تكبدت خسائر عظيمة في المواجهات البرية ، ولم يشفع لهم زجهم لواء غولاني في المعارك البرية فقد ولى هارباً من هول المقاومين الشرفاء الذين أعادوا للأمة مجدها وصنعوا تاريخ عودها إلى اعتلاء ناصية القيادة العالمية .

    وفي النجف لم يحصد الاحتلال الامريكي بكل جبروته نصراً يذكر فقد صمد المقاومين أمامه لمدة أطول من مدة غزو العراق بكامله ، صمدوا بمساحة لا تتجاوز ( الكيلومترين المربعة ) لمدة واحداً وعشرين يوماً ، وقد تكبد خلالها خسائر جسيمة لم يكن بالإمكان الإعلان عنها لتهديده الصحفيين من تغطية الأحداث ، ولم يكن بإمكان المقاتلين من تسجيل أو تصوير خسائر العدو لكنها كبيرة بكل تأكيد يخبرك عنها المقاتلون أنفسهم .

    وفي الموقعين استعملت القوة الجوية بشكل مكثف لقطع التواصل بين المقاتلين وإعاقة طرق المرور وحركة العجلات للإمداد والمساعدات ، كما وعطلت خطوط الاتصالات لتفكيك عمل المقاومة وبعثرته مما يضطر البعض منهم إلى الاجتهاد في الموقف بعيداً عن القيادة .

    وقد حصد القصف الجوي أرواح العديد من الأبرياء المساكين ، والدعوى هي الدعوى تحصن المقاتلين في هذه الأماكن أو أخبار كاذبة عن وجود بعض أفرادهم ، وإذا اشتد الموقف حراجة وظهرت الأزمة ، فان أسفاً ما يصدر عن بعض المسؤولين لهذه الجريمة ، طبعاً غير المتعمدة في نظرهم .

    مع التذكير إن العدو قد استخدم أسلحة محرمة دولياً ، من القنابل العنقودية والانشطارية في الموقعين معاً ، بل قد نجزم بان الأداء واستخدام القوة وطريقة الاستخدام يكاد يكون واحداً مما يؤكد وحدة العدو وان اختلفت تسميته هنا وهناك .

    عززت هذه المواجهات قناعة العالمين العربي والإسلامي ، وبعض دول العالم الثالث بإمكانية مواجهة قوى الاستكبار العالمي وإلحاق الهزيمة بها ، وإن كانت القناعة أكبر في مواجهات لبنان لما سطرته المقاومة من ملاحم عجزت الجيوش العربية بكل أعدادها وعدتها من أن تحقق بعضه مع حفظ الفارق من حيث العدة والتنظيم والإعداد والدعم .

    وفي كليهما كانت المواجهات أطول مما خاضته الجيوش العربية مع الكيان الصهيوني في حروبه معنا خلال القرن الماضي ، كما وأن كليهما يمثلان النص القرآني للمؤمنين (( رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) سورة البقرة )) .

    فالإيمان ثم الصبر والصمود هم عماد صناعة النصر ، وهي بمجموعها تُعادل أو تتفوق على آلة العدو العسكرية مهما عظُمت ، وإذا أردت التأكد من الحقيقة فسأل المقاومين أنفسهم .

    وقد تفرج العالم في كلتا المنازلتين على ما يجري ولم يحرك ضميره لوقف العدوان والضغط على أصحاب الآلة العسكرية ليتوقفوا في استهتارهم بحياة الأبرياء وخروجهم على قواعد وقوانين الحرب وضرورة الالتزام بها ، ولم يجرؤ واحد منهم على التأسف أو التحزن على ما حصل بالنجف وإن بدى من البعض مثل هذا الأمر في أحداث لبنان ، وصاحب القرار الوحيد لوقف الاعتداء هو الإدارة الأمريكية وهي المحارب في الموقعين ولكن بأداء وتنفيذ صهيوني في لبنان ، وأمريكي في العراق.

    ولم يكن المجتمع الدولي وحده عاجزاً بل المنظمات الدولية التي أُنشأت أساساً لحفظ السلم والآمن العالميين وإيقاف الاعتداءات وحماية أرواح الأبرياء وضبط النزاعات بما لا تخرج إلى المواجهة وحلها بالطرق الدبلوماسية ، هذه المنظمات كمجلس الآمن وهيئة الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي ، والجامعة العربية ، ومنظمة العمل الإسلامي كلها مشلولة لا تقدر على فعل أي شيء .

     ومن هنا نقترح على الدول العربية والإسلامية بالخصوص ، الانسحاب من هذه المنظمات لعجزها أولاً ولكونها أداة بيد الإدارة الأمريكية ثانياً بحيث أصبحت تتوجه باتجاهات السياسة الأمريكية وتخدم مصالحها ، يكفيك مناشدة كل دول الأرض بما فيها ما تُسمى العظمى بوقف فوري لإطلاق النار ، ولم يأبه بمطالبها لأن إدارة  بوش لا تريد ذلك إلا في الوقت الذي تحدده بما يخدم تحقق مكاسب سياسية تتوافق مع مشروعها المسمى بالشرق الأوسط الجديد .

   هذه المنظمات أصبح الاستمرار في الانضمام إليها تقوية لمحور الشر والاستكبار و إعانته  على ظلم البلاد والعباد من خلالها في إصدار القرارات المجحفة والمنع من بعضها المحقة كقرار وقف إطلاق النار في لبنان .

    كما وإن الزحف على مواقع السيادة فيها أمر متعذر لهذه الدول بل مستحيل عادة في ظل الظروف الدولية الراهنة .

    وعليه فالأولى الانسحاب منها وتضعيف مشروعيتها والمحاولة لإنشاء منظمات مستقلة وفق أسس العدل والمساواة ، للضغط على إصلاح تلك  المنظمات والتخفيف من احتكارها من قبل الدول العظمى – أمريكا – خصوصاً ، أو جعل بديل يكون حلاً للدول المنظمة إليها ، وهي غير ملزمة بالمنظمات الأخرى المحتكرة لخلق معادلة توازن نوعاً ما مع منظمات العالم الغربي واستثمارها لمصالحة خاصة حتى بدت وكأنها منظمات قد اختزلت كل أرادات الشعوب وقراراتها وقوانينها لصالح الغول الأمريكي .

    فالبقاء فيها لا يخدم مصالح هذه الدول بل يضرها ويقوي جانب الكفة الأمريكية ، والغربية وقد يدفعها إلى مزيد من الظلم والاستبداد على شعوب الأرض.

    ولدينا شاهد تاريخي على قوة الاستقلال وأثره  في موازنة القوى ، هو ضرب الدنانير والدراهم الإسلامية في زمن عبد الملك بن مروان بإشارة من الإمام السجاد (عليه السلام) أو الباقر ( عليه السلام) عندما ضغط إمبراطور الروم عليه بالإساءة إلى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وإله وسلم) لأن العملة كانت تُضرب في الروم وتُنقل إلى بلاد الإسلام ، وقد نجحت الخطة وتخلصت الدولة الإسلامية من َضغط الروم .

                                                                                

اطلاق شرارة المقاومة

س/ في ظل الأوضاع الخطيرة التي يمر بها عراقنا العزيز وما يقدمه شعبنا العراقي الغيور من تضحيات دفاعاً عن أرضه ومقدساته ضد هيمنة الاحتلال الأمريكي وفي الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه لتعبئة المؤمنين لاتخاذ موقف حاسم ضد المحتل ظهرت مع شديد الأسف أصوات مأجورة لخدمة أعداء الإسلام غايتها التشكيك بما يقدمه المؤمنون من تضحيات بالغالي والنفيس في مدن العراق بصورة عامة وفي مدينة النجف وكربلاء المقدستين خاصة وكأنهم أطلعوا على أسرار من قدموا أنفسهم قرابين في سبيل الله ولخدمة الإسلام والمقدسات وتجرؤوا بالحكم عليهم أنهم ليسوا شهداء في سبيل الله بل هم قاصدوا الفتنة. فكيف تردون على من يتجرأ بهذا القول ويستخف بحرمة هؤلاء المؤمنين ولكم الأجر والثواب.

بسمه تعالى :

عندما تغيب الرؤية الواضحة بفعل عوامل وظروف معينة يصبح الفرد تابعاً لأراء الآخرين وتحليلاتهم وتقييماتهم فهو يردد ما يقولون من دون وعي لما يقول ولا أدراك لما يفعل فيتورط ويورط وقد يسعفه الوقت في معرفة الأمور على حقائقها فتأخذه الحسرة ويشعر بالندامة (ولات حين مناص). ولا يزال الكثيرون يتابعون من غير هدى ما يبثه الأعلام الغربي وتذيعه وسائل الأعلام وكأنهم فقدوا العقل واستسهلوا تقليد الآخرين ضناً منهم صوابية رأيهم وقوة حجتهم فلا عقولهم استغلوا ولا شرعهم رجعوا ولا أعرافهم احترموا ولا أنفسهم سألوا, ما ينطبق عليهم المثل الشعبي (حشرٌ مع الناس عيد) وليتهم أكرموا غيرهم بالسكوت بل أذاعوا به البسطاء من الناس إرجافاً بهم وتثبيطاً لهمهم فأعانوا الشيطان وتخاذلوا عن شرع الرحمن وخانوا الوطن والإنسان.

ولست أدري أي عقل يحملون حيث يرفضون من يتبرع للدفاع عنهم ويحافظ على كرامتهم التي انتهكها المحتل وأبتذلها الأجنبي فأصبحوا مصداق لقول النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ((كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً, بل كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف)) وأي معروف أعظم من الدفاع عن المقدسات والشرف والأموال والأنفس والدين وليعلم أعوان الشيطان أن المخلص من هؤلاء إذا عقد نيته طالباً لمرضاة الله واستسهل الغالي والنفيس في هذا  الدفاع المقدس قد لا أبالغ أنه أفضل الشهداء وليس شهداء فقط بيان ذلك ذكر سيدنا الأستاذ الشريف الشهيد محمد الصدر (قده) في وجه المقارنة بيت أصحاب الحسين وأصحاب المهدي (عج) أبان الأفضلية لأصحاب الحسين لأنهم علموا بموتهم وأقدموا عليه وأصحاب المهدي (عج) احتملوا النصر فأقدموا ومن لا يحتمل إلا الموت هو أفضل بطبيعة الحال.. فلو أخذت هذه المقدمة مسلمة أمكن أن نقول بأفضلية من يقتل الآن في سبيل الله لعدة أمور.

الأمر الأول/ شدة التشويش الحاصل الآن لتخوير هممهم وتضعيف أرادتهم على المنازلة فأصبح عندهم غير معروف المصير فهل عملهم صحيح شرعاً وعقلاً أم باطلاً ؟ كذلك فأحدهم لم يجزم بنتيجة عمله ومع ذلك يقدم بشجاعة ويطلب الموت, ومن يقدم مع عدم الجزم بالنتيجة باعتبار التشويش والتلبيس هو أفضل ممن يقدم مع الجزم بالنتيجة وأنه على صواب وأنه داخل الجنة لا محالة, لأن الأمام عليه السلام قد بشره بالجنة وهؤلاء المساكين لم يبشرهم أحد فلم يترددوا وصدقوا واقدموا غير آسفين على فعلهم ولا نادمين على عملهم, وقد يستغرب من هذا الجواب ولكن لا غرابة في الأمر لقول الأمام الصادق شيعتنا أصبر منا, قيل كيف ؟ قال لأننا صبرنا على شيء نعرفه وهم صبروا على شيء لم يعرفونه.

الأمر الثاني/ حالة المقاتل المجاهد تختلف بين أن يجاهد بين يدي القائد والأمام المعصوم ويراه حِساً ويسمع كلامه وهو ملزم بطاعته, والدفاع عنه وبين أن يجاهد وهو بعيد عنه وغائب, فإذا خانته الهمة وضعف عن المنازلة كان الوجود المبارك للأمام المعصوم عليه السلام خير معين له على الاستزادة والأقدام, خصوصاً إذا كان يقاتل معه ويشارك بنفسه الزكية في الدفاع وكل هذا مما لم يكن مع هؤلاء, فإذا سألت نفسك من الأفضل من هؤلاء ؟ لا أعتقد أنك تخطيء في التقييم.

وبعبارة أخرى أكثر إيضاحاً أن أصحاب الأئمة كانوا يقاتلون عن قضية حاضرة يحملها الأمام معه, وهؤلاء يقاتلون عن قضية غائبة يحملها اعتقادهم بصدقها وأيمانهم بفحواها وطاعتهم لأئمتهم وهم غائبون عنها فإذا تساووا في الدفاع والأقدام وطلب الشهادة والموت في سبيل الحق كان هؤلاء أفضل.

الأمر الثالث/ ضخامة العدد المحارب, فمقارنة بسيطة بين الطرفين من حيث العدة والعدد, توقفنا على أفضلية هؤلاء لأن المواجهة قد تكون سهلة مع ضحالة العدد وبساطة معداته, ولكنها ليست كذلك مع ضخامته وتطور معداته وسعة سيطرته في حالات الحرب من جميع النواحي, يستطيع بها أن يعرقل ويشل حركة المجاهدين والمدافعين, يساعده في ذلك الوسائل الإعلامية وأشاعتها للخوف والرهبة فيهم, كما أن المنازلة لم تكن متكافئة على مستوى الأفراد كما هي ليست متكافئة على مستوى الجيش لأمكان المحارب القديم أن يحارب عن نفسه ولو لفترة وليس بإمكان المحارب والمدافع أن يدافع عن نفسه لقوة ودقة الآلة القتالية وضعف احتمال خطئها, يضاف إليها التدريب الجيد والأعداد المسبق للمواجهة والاستعانة بالآخرين عبر وسائل الاتصال المتوفرة لديهم.

الأمر الرابع/ حلاوة وطراوة دنيا اليوم عن دنيا الأمس, وحلاوتها من أعظم المغريات التي توقف النفس عن اقدامها في التضحية وتقاعسها وتخاذلها, ومما لا شك فيه أن مغريات الدنيا في عالم اليوم هو توفرها بشكل كبير وبألوان شتى أكبر بكثير منها في دنيا من جاهد من السابقين وإذا تساووا مع ضخامة العائق والمانع ومغريات الدنيا أعظم مانعاً عن التضحية كان المدافع مع ضخامة المانع أفضل من الآخر. وهناك في الأخبار ما يرشد إلى هذا الأمر وهو ما ورد عن رسول الله (ص) في أحوال رجال آخر الزمان أنه قال : (أن الواحد منهم يساوي أو يعادل أربعين عماراً) ـ يقصد عمار بن ياسر ـ والنتيجة أن معادن الرجال تظهر وتتضح عندما تشتد الفتنة ويزداد البلاء وتوضع في الطريق عقبات كثيرة ومصائب عديدة, وكلما اجتازها بأيمان  راسخ وقلب ثابت كان مدعاة للتفاخر والاعتزاز واستحق المدح والثناء وفاز باللذة والبقاء, فأفهم يا غافل تغنم وأعلم إن الله يعلم ما توسوس به نفسك ويعلم صدقك من كذبك, ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) سورة العنكبوت)).

ماذا حققت لنا المقاومة؟

س/ لم يكتفِ الكثير من ذوي النفوس الضعيفة بإثارة الشبهات والإشكاليات حول المقاومة الشعبية وأبطالها المجاهدين أثناء فترة مقاومة المحتلين عسكرياً, بل جاؤوا في هذا الوقت (فترة الهدنة) بأشكال جديدة لتلبيس الأمر على الناس وإيهامهم بعدم فائدة المقاومة وعدم مشروعيتها والإشكال هو : ما هي النتائج التي حققتها المقاومة غير تعطيل الأعمال وإرباك الوضع الأمني وقتل الكثير من الأبرياء ؟ ما هو رد سماحتكم على هذا الأشكال جزاكم الله خير جزاء المحسنين ؟

بسمه تعالى :

قد أجبت على هذا الأشكال فيما سبق, والآن أقول أن هؤلاء الذين يطالبون بالنتائج وما هي قد غاب عنهم أن المهم هو قيام الإنسان بما يمليه واجبه الشرعي أولاً والوطني ثانياً وبه يوصف الإنسان بأنه إنسان أو رجل, وأما النتائج فهو غير معني بها شرعاً إذ التوفيق إليها بيده تعالى, وهل حصل الحسين على النتائج الدنيوية التي يقصدها هؤلاء أو أن ثورته المباركة قد أفرزت واقعاً أطاح بعروش الظالمين ولو بعد حين.

على أن المقاومة قد أنتجت نتائج عظيمة قد ذكرت فيما سبق أن الناس لا تستحق تعريفها بها ولكني أذكر واحدة فقط أن المقاومة أعادت الوجه الناصع وأكدت أن الموالين لأهل البيت لا يزالون يتحركون بوحي ما أسسه المعصومون في نفوسنا من (هيهات منا الذلة) (وما ضاع حق ورائه مطالب) (وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا) (ولو أن أحدهم مات كمداً لما كان ملوماً) (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) سورة البقرة) (والخير كل الخير في الضرب بالسيوف) وهكذا وكفى بها شرفاً ستبيض صفحات تاريخ أتباع أهل البيت عليهم السلام, وأما ما حصل من خسائر ودمار فيتحمله المعتدي ـ وهو المحتل لا غير ـ فلماذا (تلبس الحق بالباطل) والغريب أن هؤلاء لا يلومون المحتل ولا يحملونه القتل اليومي لعشرات الأفراد وبلا مبرر, فمن الدهس بالدبابات والقتل العشوائي والقصف بالطائرات وفتح المجال للتفجيرات وغيرها قائمة يطول ذكرها, فهلا وجهوا نظرهم ونقدهم لمن سبب لهم كل هذه المظالم, أو أن هذا أجراء طبيعي يحصل في كل زمان ولا تعجب حينما نقد العالم بما فيهم جهات رسمية للمحتل الممارسات اللاأخلاقية في سجن أبي غريب وهؤلاء ساكتون كأن على رؤوسهم الطير.

قالوا.. ان المقاومين منحرفين!!؟

س/ أولاً : الأشكال الثاني المطروح على الساحة العراقية ـ حول المجاهدين للاحتلال ـ بعد أشكال عدم الشهادة هو الأشكال الثاني :أن كل مقاتل في الساحة العراقية تشوبه وتوجه نحوه إشكالات أخلاقية وانحراف في السلوك والعمل الديني فكيف يكون مجاهداً.. ؟ولأجل هذا الأشكال فنحن لا نؤمن في الجهاد الحالي!!!

 ثانياً : من يصرح بهذه الأمور فهل تجوز الصلاة خلفه.. ؟

بسمه تعالى :

إذا نظرنا إلى التاريخ وأحداثه في الجهاد والثورات وخصوصاً الحديثة, نجد بالاستقراء أن المجاهدين معظمهم من هؤلاء ممن ظاهرهم الانحراف وسيرتهم بعض المحرمات ولكن هذه الموانع لا تمنع من ارتقائهم إلى أعلى الدرجات لنكران الذات والمتجارة مع الله والأعراض عن الدنيا وقتل كل مشتيهات النفس ومغريات الحياة والتي لم يستطيع المتدين الذي يقوم الليل والنهار ويتعبد لربه ويتزين بزي العلم والدين ويعتاش عليه وله موقع اجتماعي مرموق عند الناس ومكانة مقدمة على الآخرين وغيرها من المغانم التي حصل عليها بأسم الدين أن يتخلص من أنانيته وأنيته ونظره إلى نفسه وهو لم يتعبد إلا للوصول إلى حالة الفناء كما يعبرون ((أهل العرفان)) ولكنه هل وصل إلى ما وصل إليه هذا المسكين.

وإذا لم يصل فهو متأخر لم يجعل لله الحصة الكاملة في حياته كما جعلها من وصف بالانحراف ويكفي هذا المسكين أنه وصل لمرتبة من البر لم يصل إليها المتعبد.. إذ لا بر فوق الشهادة كما يقول (فوق كل بر بر إلا الشهادة فليس فوقها بر.. بالمضمون) مع أن السؤال يستبطن كون الشهادة مختصة بالمتقين وهو ليس بصحيح فالشهادة طريق يفتحه الله لمن يستحقه ولو كان كما وصفت إذا علم الله منه الصدق والإخلاص واعتبر بالحر الرياحي رحم الله الخميني حينما قال : أن قائدنا جميعاً هو (لم يذكر أسمه) الذي فجر نفسه أمام دبابة والمعروف عن السيد الخميني أنه من العارفين وقد يدعي أن طريق الجهاد لا يكون إلا بعد المرور بتهذيب النفس وهو فاسد من وجوه.

الأول : ما ذكر قبل قليل من عدم اختصاص الجهاد بالمتقين بل هو طريق يفتحه الله للمخلصين ممن وجد في نفوسهم الاستعداد للتضحية والبذل في سبيل الحفاظ على بيضة الإسلام وحرماته ومقدساته وأرواح معتنقيه من أن تنتهك أو تهان.

الوجه الثاني : أنما ذكره غير عملي إذ أن طريق تهذيب النفس مفتوح وطويل وقد يصل إلى مراتب عالية منه طيلة حياة الفرد إذا لم يتورط فيه مع أنه ضيق الأثر إذ لا يتعدى في أغلب أفراده دائرته الشخصية وهذا بخلاف طريق الجهاد فأنه يحتاج إلى لحظة صدق مع الله واستعداد للتضحية وأثره أوسع غالباً من أثر الأول.

الوجه الثالث : قد نسي المدعي أنه لو صح ما قال لكان ذلك لم يتخط منهج رسول الله. الذي قال (قضيتم الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر) ويقصد بالجهاد الأكبر تهذيب النفس وفي كلامه إشارة للوجهين المتقدمين.

الوجه الرابع : أن هذه الدعوة قريبة من دعوة أعداء الدين والمستعمرين والمستكبرين الداعية إلى فصل الدين عن السياسة وانزواء الفرد المسلم في زوايا بيته يتعبد ويترك الأمور الاجتماعية وحياة الناس يعبث فيها من قبل لآخرين

ثانياً : كل من يستهزء ويسخر من هؤلاء الأبطال وينبزهم بألقاب بذيئة وسيئة لا تجوز الصلاة خلفه.

من يتحمل الدمار

س/ يُحمّل البعض المجاهدين ذنب القتل والدمار البيئي الذي حل بالبلاد, كرد فعل على دفاع وحرب القوات المحتلة, وجزاكم الله خير جزاء المحسنين.

بسمه تعالى :

هذه مغالطة واضحة ـ إذ من حق المعتدى عليه أن يدافع عن نفسه بالطريقة التي يحرز بها رد الاعتداء, لأنه أنما يستعمل حقه الذي تقره كل الأعراف والقوانين والشرائع وما يحصل من جراء استعماله للحق المشروع له فيتحمله المعتدي ولو لا الاعتداء لما حصل الدفاع.

ثم إذا كان الاعتداء ظلم والدفاع حق مشروع, فهل يحمل ما هو حق نتائج ما هو ظلم فما لكم كيف تحكمون

هذا إذا قلنا بأن المدافع هو المباشر للدمار والخراب ـ وأما إذا كان المباشر لكل ذلك هو المحتل فتحميله المسؤولية كان أوضح مما سبق.

لأنه في حال كونه مسبباً والمدافع مباشراً كان السبب أقوى فتلحقه المسؤولية القانونية والأخلاقية لما حصل, وأن كان العكس كما هو حاصل بالفعل باعتبار كونه مباشراً لهذا الدمار والخراب والمدافع مسبباً كما يتصوره المستشكل كان المباشر أقوى فتحميله المسؤولية في محله, وهذا مبحوث في علم الفقه بالنسبة إلى الضمان.

وأعتقد أن كل هذا ناشيء من الانهزام والشعور بالضعف وعدم القدرة على الدفاع عن الوطن والمال والمقدسات, ألم يحصل دمار وخراب في مناطق متعددة من البلد ولا أثر للمقاومة فيها, وهل كانت المقاومة هي السبب لما حصل من انتهاكات ـ سودت تاريخ الشعوب التي تدعي التحضر والتفوق ـ في سجن أبي غريب.

ولا يفوتني بأن أذكر أن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة تنص على :

((إذا وقع هجوم مسلح على إحدى الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة, فأن أيا من مقررات هذا الميثاق لا تمس حقها الذاتي ـ المشروع في الدفاع عن النفس بصورة  فردية أو جماعية يقصد بصورة طلب المساعدة من الدول الأخرى لتشترك معها في رد العدوان)). انتهى موضع الحاجة,  وفيه غنى وكفاية بالرغم أن الدفاع عن النفس أصل لايختلف عليه اثنان.

لماذا تطالبون الناس بالنهوض؟

س/ بعد الأشكال الأول حول الشهادة, والأشكال الثاني حول المجاهدين, أنهم غير ملتزمين, هناك أشكال ثالث وهو : أن الأئمة عليهم السلام منهم من قام بالسيف كالإمام الحسين ومنهم من لم يقم بالسيف كالإمام الحسن فلماذا تطالبون الناس أن ينهضوا بالسيف مادامت هناك طرق أخرى, ولكم الأجر والثواب.

بسمه تعالى :

قبل الإجابة لابد من بيان أن المطالبة لم تتعلق بطريقة معينة, بل تعلقت بكل طريقة تندرج تحت عنوان الحق المشروع الذي تقرره كل الأعراف والقوانين والشرائع, فرد الاعتداء واجب بلا مكابرة وحق مشروع للكل, وإذا وجد طريق آخر لرده فذلك لا ينافي مشروعية رده بالطرق الأخرى, إذ لا ينحصر الطريق بواحد بعينه ليقال بعدم صحة الآخر, هذا أولاً.

ثانياً : أنه هل أعمل أصحاب الأشكال الطرق الأخرى ؟ ورأوا نتائجها حتى إذا كانت مجدية كان للأشكال مسوغ ومبرر أو أنه يستشكلون وحسب!

ثالثاً : قد غاب عن هؤلاء أن تصرف المعصوم عليه السلام لم يكن بازاء الاحتلال للأرض الإسلامية من قبل أعدائها وإلا لكان عملهم واحد والذي يبرر سكوت أمير المؤمنين عن حقه بالخلافة هو تربص الأعداء ـ وأخطرهم الفرس والرومان آنذاك ـ ويعرف ذلك من المتابعة التاريخية وتبرير الأمير عليه السلام قعوده عن المطالبة بحقه فهم لم يحصروا الخطر بالخطر الداخلي وأن كان كبيراً.

ودعاء السجاد عليه السلام لأهل الثغور في الصحيفة السجادية كاشفاً عن رفضه للاحتلال وضرورة رفعه قبل حصوله بحماية الأراضي الإسلامية وجعل الرصد على طرق يتحمل سلوكها من قبل الأعداء الخارجية.

وجواز بيع الأسلحة لأهل الشام والتي عللّها الأمام الصادق عليه السلام بأن الله يدفع عنا وعنكم أعداء الدين ويقصد بهم الرومان المتاخمين للدولة الإسلامية من الشمال. وأرشاده الخليفة الأموي لضرب الدنانير الإسلامية وإلى الاستقلال الاقتصادي  ونبذ التبعية للروم في ضربها, عندما هدد هرقلهم بالإساءة إلى الرسول الكريم في الدنانير.

وهكذا نجد أن النمط العام الذي لا يختلف عليه المعصومون  هو حماية الإسلام والدفاع عنه ضد أي خطر أجنبي وأين هذا مما يقوله المستشكل من تبيان مواقف الأئمة فأن هذا إذا صح فأنما هو باتجاه انحراف السلطة الإسلامية عن مسارها المرسوم لها من قبل السماء فأحد الموضوعين غير الآخر, فلا وجه للمقارنة, على أنه لو سلمنا عدم الفرق كما يتوهمه السائل فأن تباين رد الفعل للمعصوم ليس بصحيح لعدة وجوه أذكر منها :

1) أن الخروج بالسيف كان لتوفر أسسه الموضوعية من وجود القاعدة المخلصة المطيعة لقائدها ولولاها لما خرج المعصوم لعدم قدرته بعد فرض عدم وجود القاعدة, واعتبر بخروج الأمام الحسن لمنازلة معاوية ومناجزته بالسيف وقد أشار إليه في بعض كلماته تمسك ما حصل لتفريق أصحابه وخيانتهم له, وطلب الأمام الصادق عليه السلام عندما جاءه الخراساني طالباً منه الخروج واستلام الأمر وان له في خراسان (100) ألف مقاتل, وقد اختبره الأمام برمي نفسه في التنور, فأمتنع وأمر أحد مواليه فرمى نفسه فيه وظل كما هو والقصة معروفة فقال له كم عندكم مثل هذا ؟ فامتنع وانصرف ـ بالمضمون ـ ولو علم الأمام عليه السلام الإخلاص ومطالبتهم بالحق المغتصب واستعدادهم للتضحية لما تأخر بالخروج, وترحمه لعمّهِ زيد شاهد صدق على أجازته للعمل ضد الطغاة والمستكبرين لو كانت نية الخارج المطالبة بحق آل محمد, إذا اختلاف المواقف لو صح كان بسبب الظروف الموضوعية لكل أمام.

2) أننا نعتقد أن المعصوم عليه السلام لا يخطئ, ومعنى ذلك أن سكوت الأمام الحسن عليه السلام وخروج أخيه الحسين عليه السلام كانا على صواب, لو تغير الحال جدلاً لما كانا كذلك, والأمام المعصوم أعرف بتكليفه ولا ينبغي تعليل تصرفه إلا من جهة إقناع ذوي النفوس الضعيفة أو ممن لا يفهمون العصمة, ويُفهم ذلك من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا.

هذا ولو أتيتهم بكل آية على أن يؤمنوا لك لن يؤمنوا, فمع وضوح القرآن في آياته والسنة في بياناتها والعقل في أحكامه والعقلاء في تبانيهم والأعراف الشعبية والدولية في قوانينها والتاريخ في شواهده والتي أهمها صدقاً القضية الفلسطينية التي لازالت تقدم أنهار الدم طريقاً للتحرر بعد أن اكتشفت كذبة القوانين الدولية لمجلس الأمن وإلزامه الصهاينة بالانسحاب من الأراضي المحتلة وهي تمتنع وتزيد

غطرسة واستعلاء, فما لكم كيف تحكمون.