المتابع للضجة والحملة التي تقوم بها الإدارة الأمريكية لنشر الديمقراطية في العالم وعبر وسائل الأعلام التي تنتهي بالأخير الى الحل العسكري، والسيطرة على البلاد والعباد ابتداءً من أفغانستان وانتهاءً بالعراق الذي خاض العملية الانتخابية للجمعية الوطنية العراقية، وقد أفرزت حكومة الدكتور الجعفري الذي ترجم الرغبة الأمريكية بعدم أمكان إعطاء فترة زمنية معينة لرحيل القوات الغازية من العراق بعد الجدل القائم في الكونكرس الأمريكي عن جدوى بقاء هذه القوات وهي تلاحق بالخسائر البشرية والمالية يومياً من العراق مما أوقع إدارة الرئيس بوش بحرج أمام أعضاء الكونكرس الديمقراطيين وأمام الرأي العام وعوائل أفراد الجيش الأمريكي الموجود في العراق والذي لا يزال يخوض حرباً شرسة ضد ما يسميه بالإرهاب أو المتمردين.
وجاءت زيارة رئيس الوزراء المقر للبيت الأبيض لتدعم رأي الإدارة هناك بان إعطاء جدول زمني محدد لانسحاب القوات أمر غير وارد وليس بمنطقي مبررة ذلك بأنه إعطاء فرصة ( للإرهابيين ) في فرض سيطرتهم واستمرار عملهم مما يفسد المشروع الأمريكي المعلن في نشر الديمقراطية في دول العالم. ديمقراطية على النمط الأمريكي – نمط الدوران في فلك الإدارة ودعم توجهاتها ورعاية مصالحها، وأما الديمقراطية الكاشفة عن استقلال البلد وتحقيق سيادته واقعاً وإطلاق أدارته في التصرف بمقدراته وتوجيه سياساته فليست ضمن إطار النمط الأمريكي.
ومن هنا عقبت الإدارة عن الانتخابات التي جرت في جمهورية ايران الإسلامية بأنها انتخابات ليست ديمقراطية ولا تقترب من مبادئ الصحة ولكنها لم تفسر لنا كيفية ذلك، بما يعطينا فرصة التفسير وإبداء الرأي وهو ما قلناه آنفاً بان الديمقراطية هي ما كانت على الفصال الأمريكي وبتبعة اليهودي بعد تعليق وزير خارجية الكيان على انتخابات الرئاسة في ايران، بأنها تخدم التطرف وحب السيطرة وامتلاك أسلحة الدمار الشامل و ……… لان نجاتي يمثل التيار المحافظ المدعوم من قبل الحرس الثوري وقوات التعبئة الشعبية ( البسيج ). الأمر الذي يعني بالنسبة لهم أن هذا الفوز مدعوم من قبل قوات لها ممارستها في خوض الحرب ومواجهة التحديات.
أن فوز نجاتي في انتخابات الرئاسة يعطي الجميع أشعاراً بان الديمقراطية في ايران الإسلام قد تفوقت على ديمقراطية رافعة شعارها الإدارة الأمريكية من عدة جهات:
-
جهة سعة المشاركة الشعبية فيها فقد أوضحت النتائج أن نسبة المشاركة بلغت 60% أو أكثر بقليل وهي أعلى من نسبة المشاركة الأمريكية الأخيرة، مما يجعل شرعية الرئيس المنتخب الإيراني أعلى وأرقى من شرعية بوش نفسه.
-
جهة المرشحين للرئاسة، فقد رشح عشرة أشخاص أنفسهم للدخول من دائرة المنافسة على الرئاسة وهي أكثر من مشاركة الأشخاص الأمريكيين فيها حيث لم تتجاوز الثلاثة ثم انحسرت الى اثنين.
-
انه لا ثوابت في الديمقراطية في ايران فقد كشف فوز احمد نجاتي بان الرئاسة هناك غير محصورة برجال الدين وان مجال المنافسة مفتوح لكل وطني نزيه مخلص من أبناء الشعب الإيراني ولا خصوصية لرجل الدين، بخلاف ديمقراطية أمريكا فان للديمقراطيين والجمهوريين خصوصية الفوز بها.
فانظر واحكم أي الديمقراطيتين انتصرت ؟!.