وناديت إذ ناديت حياً …

      ما آلت اليه مسيرة العملية السياسية وتعيين رؤوساء السلطات الثلاث واصرار الكتل الانتخابية الكبيرة على تنحي الجعفري مرشح الائتلاف عن منصبه بالرغم من الطريقة التي اختارها الائتلاف في ترشيحه ، ودعواه انه يعول على الشعب الذي انتخبه ، ومراهنته على حماية ظهره من قبل التيار الصدري – الذي تركه في اقسى ظروف مر بها اثناء مواجهتي – الكوفة والنجف قبل عامين تقريباً الذي تركه راحلاً الى بلد أبو ناجي – البلد المحتل لارض الوطن مدعياً اجراء فحوصات طبية للتأكد من سلامته من الامراض وكان حينها نائباً للرئيس – الا ان التيار لم يعامله بالمثل فقد كان نبيلاً الى الغاية معه ، ولكن ماذا يفعل مع من يعبر عنهم القرآن ( وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64) سورة طـه ) – استعلى على الدستور فداسه تحت قدمه واستعلى على ارادة الامة فتجاوزها باستحقاق ، واستعلى على الديمقراطية الامريكية فكانها بجدارة .

      كان على الائتلاف والجعفري بالخصوص ان يدرك الشواهد الشاخصة امام عينه ليعتبر بها ولا يقع في اسر اتجاهاتها ، والشاهد لا يكذب اهله ، شاهد حماس ، وشافيز وغيرهما ممن اوصلتهم صناديق الاقتراع ، والاختيار الشعبي الى مواقع السلطة ، فهل رضت عنهم امريكا ؟ وكيف حاصرت حماس بكل قسوة وغطرسة لا لشيء الا لأنها لا تتناغم مع السياسة الامريكية وتطير خارج سربها كما يحلو للبعض ان يعبر ، وقد خرج عن السرب الجعفري عندما أئتلف مع التيار الصدري .

      وليس المقصود – هنا – الجعفري وان كان هو ممن أصابه سيل العرم – ولكن المقصود الائتلاف ومن يمثلهم الائتلاف ان يدركوا جيداً ما قال القرآن وصرحت به كثير من المرويات وحكت عنه تجارب آخرين – ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (120) سورة البقرة ) وما بعد الغاية لا يعني الا الانسلاخ عن دينك الى دينهم ، وهذا عين ما اراده المنصور العباسي من بعض المتزلفين للسلطات ، عندما لم يرض عنه حال انتهائه من قوله افديك بنفسي قائلاً له – لا حاجة لي بنفسك – فلم يحصل رضاه الا بعد ان قال له افديك بديني .

      وقد نادينا لاكثر من مرة وفي مناسبات عديدة في صلوات الجمعة ، والمحاضرات والكلمات الارتجالية ، والبيانات المكتوبة والاستفتاءات عن هذا الامر ، وقلنا صراحه ان الديمقراطية الموعود بها الشعب العراقي ليست هي ديمقراطية ارادته بل ديمقراطية الادارة الامريكية .

      وها هي النتيجة – والمؤسف فيها اكثر هي الاثار التي تركها – الدكتور الجعفري – وراءه واهمها صوره الكبيرة يلوح بيده للجماهير بعبارة – القوي الامين – والذي لم يطبق الائتلاف فحواها مصداقاً او الصور التي تتصدرها عبارة سبع اشهر من الانجازات ، نعم انجازات قهقرائية من تردي الامن واستفحال الجريمة والاصطفاف الطائفي ، ولاجئين داخل بلدهم ، ومحاصصة مقيتة تنذر بالشؤم ، واكثر ما أثر في التنحي للدكتور هو ، وضعه أكليل من الزهور على قبر عدو الاسلام الاول – اتاتورك – ولم يكن بحكم ثقافته العالية ان يدرك – ان الذنب اسرع للمسلم من غيره ، وها هي سرعته أتت فنحته عما كان يصبو اليه ، فاصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها وهي خاوية على عروشها .

      حظاً اوفر للمالكي فعلينا الدعاء له بالتوفيق وعليه الحزم بالامور وان يفهم قوله تعالى : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) سورة الكهف ) .

2 – ربيع2 – 1427هـ