ورد في الادبيات الدينية والشرعية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كلمة حق امام سلطان جائر هي أعظم الجهاد ، فهل ما وجه منتظر حذاءه لضرب الرئيس بوش ، هو من مصاديق هذه المقالة العظيمة وقبل تشخيص ان فعلته تلك مصداق لها أو ليس مصداقاً ، علينا ان نشير ولو بشكل مختصر عن وجه كون الكلمة أعظم الجهاد ، الجهاد من الجهد وبذل الوسع ، وكلما كان البذل أوسع كان الجهاد أعظم ، حتى يصل الى بذل كل غالٍ ونفيس فيكون أقصى الجهد ، واقصاه هو تعريض النفس للقتل عندما تدوي صرخة أو كلمة الحق امام السلطان الجائر ، والتوصيف بالجائر يأتي من ان الجائرين لا يملكون من رد فعل غير البطش من الخصم أو المواجه اذا كانت كلماته لا رائحة فيها لمدحه أو التزلف لديه بقدر ما فيها من وخزه أو نقده أو اشعاره بخطأه وتجاوز حدوده الانسانية ، وهنا تكون نفس الملقي في خطر مؤكد وإزهاق غير بعيد ، ومن هنا تكون هذه الكلمة أعظم الجهاد لان الجهد فيها يعادل النفس التي هي الانسان ووجوده المادي . والتوصيف باعظم الجهاد لعظم الجهد المقابل للتضحية بالنفس امام الجائر الذي كلما ازداد جوراً ازداد بطشاً ، ويكون الجهد في مقابله عظيماً . واذا عدنا الى ضربة منتظر لنرى هل تتوفر على عناصر ، كونها كلمة حق أمام سلطان جائر ، فقد يعترض على انها ليست كلمة بل هي فعلة وضربة ، وقد فات هذا المستشكل ان الضربة هي كلمة لكن بدون لفظ ،لان الكلمة هي عبور المعنى من باطن الانسان الى خارجه لاعلام المقابل أو المخاطب عما في داخله واعلامه بمراده ، فما ان يسمع المقابل صوت كلامه يفهم مراده ، والمتكلم انما ينبغي ايصال مراده الى المقابل ، اما كيفية هذا الايصال فغير مهم فقد يصل بالكلام وقد يصل بالفعل ، وهو اصدق تعبيراً عن المراد من القول لاحتمال تاويله وتوجيهه الى غير الوجه التي يراد له التعبير عنها . ولذا قيل في الشعر المنسوب لابي فراس الحمداني (السيف اصدق إنباءً من الكتب ) ووجه الصدق واضح لان السيف اداة للفعل اما الكتاب فهو اداة للقول والقراءة . واذا صدق الفعل على الكلام كما هو صادق على الصوت المفهوم الخارج من الفم ، كان صدق الكلمة على ضربة الحذاء صحيحاً بلا ادنى شك . واما السلطان الجائر فلا يعتقد ان شخصاً في الارض اجور من بوش الذي شن حربين واسقط بلدين واحتل أرضين وقتل اكثر من مليونين من المسلمين في افغانستان والعراق ، وليس له مبرر لهذا الجور والاستبداد غير اوهام واحلام توسعيه حان وقت تطبيقها وجني ثمارها بعد واقعة 11 ايلول عام (2001) . وقد كشفت الايام زيف الادعاءات الامريكية لغزو العراق كما اعلن عنها مسؤول التفتيش الدولي السابق (اكيوس) . وعلى هذا فموضوع القضية محقق ، فان الضربة كلمة وهي كلمة حق ، وامام سلطان جائر هو الرئيس الامريكي بوش . تبقى بعض الاعتراضات المنطلقة من النفوس الضعيفة والمريضة بان بوش ضيف ولا ينبغي مواجهته بهذه الفعلة ، والكل يعلم بان الضيف انما يكون كذلك بدعوة من المضيف وترحيب منه ، فهل كان بوش مدعواً من قبل المالكي ؟ وهل استقبل المالكي أو الرئيس العراقي بوش؟ كما هو المعمول به بالمراسيم الرسمية للزيارات . وقد استقبل الرئيس قواده العسكريين ووصل فجأة الى العراق والتقى المالكي بالمنطقة الخضراء ، وجاء فاتحاً كما يدعي لاضيفاً ، فاين الضيافة ليكرم . وهل كان ضيفاً على منتظر؟ كلا هو ليس ضيفاً على المالكي فضلاً عن كونه ضيفاً على منتظر لتدان فعلته ويرفض ضربه . ونحن نسال المدعين ، هل من يدخل بيوتكم عنوة وبلا استئذان له حرمة الضيافة أو له ضربة المواجهه واهانة الفعلة ؟! . والغريب في الامر ان العالم أجمع تقريباً على استحقاق هذه الضربة ووصفها بالبطلة الا ثلة من العراقيين وهذا أمر مؤسف جداً لان المفروض نحن من يشكر الفعلة ويكرم الفاعل لاننا المستعمَرون ، وبحاجة الى فك لغز المواجهة وتوجيه الضرب لرأس الهرم الامبراطوري الامريكي تدعيماً للمقاومة والممانعة وطرد الاحتلال اكثر من غيرنا مع انبطاح الاخرين امام غطرسة الغول الامريكي الجامح لابتلاع الكل مهما كلف الامر . ولكنه سيعيد الكثير من حساباته بالنسبة لهذا الشعب الذي تمخض عنه منتظر لينتفض لكل مظالم المستعمرين كلما سنحت فرصة للانتفاض ، وهكذا حال الخيرين من عراق الحسين الذين كانوا ولا زالوا يصرخون بوجه الظلم وان غلت التضحيات ، فهنيئاً للحسين (عليه السلام) من خلال منتظر الزيدي وشكراً لمنتظر لان حقق مقولة الحسين (عليه السلام) .