كورونا يوحد
16/06/2020
مقاله بقلم المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

                          كورونا يوحد

أصبح الشعور الانساني العام في عموم المعمورة هو كيفية مواجهة هذا الوباء وايقاف انتشاره في دول العالم، وإن كنا لاحظنا ان دول جنوب الكرة الارضية غير مصابة الا باعداد طفيفة في بعض البلدان لا في جميعها وهذه ملاحظة تستحق المتابعة والدراسة من قبل الاطباء وعلماء الاحياء المجهرية.

ومن هذا توحد العالم بكافة اشكاله من العلماء والباحثين والسياسيين والكسبة حتى المتدينين في جولة البحث عن علاج له، فطرحت عدة محاولات يدعى نجاجها في المعالجة أو الوقاية ولكن دون اثباتها خرط القتاد ولعلها تبقى امنيات لا واقعية لها أو أن واقعيتها متحققة في نطاق ضيق جداً لعل الحالات المعالجة لم تكن بالخطوة العالمية فتقبل مثل هذه العلاجات وكل محاولات البشرية مشكورة وهدفها واحد مما يعني وحدة الاسرة البشرية في هذا الصدد ولولا الوباء لما أتحدت الجهود.

ويبقى في نظرنا العلاج الغيبي هو الناجع وقد جُرب على بعض فتماثلوا للشفاء، انطلاقاً من النص الروائي القائل (ما من داء أنزله الله إلآ وأنزل معه الدواء) فمثلاً هناك عشبة في الصين هي العلاج، ومادة عند النحالين هي العلاج والمسماة (البروبلس) أو يعبر عنها بالعكبر، وربما يلحق بها البصل والثوم وإن كان العالم الغربي قد لا يقتنع بها وهذا شأنه، إنما نقولها انسانيةً منا للبشر شركاؤنا في الخلق، وهذا خلق الاسلام، وليس بأمر غريب وخصوصاً اتباع أهل البيت (عليهم السلام).

والعالم بكل الامكانيات سيرجع يوماً ما الى الأخذ من معين الشريعة لأنها في حديثها تتحدث عن الحقيقة المعلومة لديها لا من التجارب البشرية والمحاولات المادية وهي قد تخطئ غالباً وقد تصيب أحياناً لأنها جهد بشري لا يتعدى تصوراته وهو محدود أكيداً، وأما الشريعة وسيلة الوحي فهي غير محدودة ولا تقف عند حد.

ولا تتكلم الا عن مصلحة البشر وخلاصه في الدنيا والاخرة، وعدم معقولية البشر لحديثها لا يضر بصدق هدفها وصحة ومتانة كلامها، إلا أن البشر بغروره لا يميل الى الارتكان اليها أو يتخذها وسيلة للبركة والتعطر من اجوائها العطرة ولكن الانسان سيرضخ بالنهاية لأحكامها وقوانينها والتي من أهمها هو الرجوع الى الله والالتزام بأحقية أهل البيت (عليهم السلام).

هذا وقد تفضل الله علينا بالعلاج الحقيقي لهذا الداء ولكن لا يؤمنون وربما ضحكاً على ما نقول ولذا نؤجل البوح به الى حين أو نقوله لمن يريد وهو لا يخلف عن العلاج ولا يختلف فيه.

وهكذا فعل كورونا بالبشر كل اسرع من موقعه العلمي والاجتماعي يطلق صرخة علاج لهذا الداء وإن كنا نعتقد أنه عقاب إلهي لتمادي البشر في غيه واستهتاره بقيم السماء وعدم الخوف من رب الارباب وأصبح من استهتاره ان يجعل مباشرة الذكر للذكر أو الانثى للانثى من ادبيات الحريات الشخصية التي أقر لها قوانين وتشريعات تجيزها والحيوانات لا تفعلها.

وأما الربا فهو في كل مناحي حياتهم لا يفارقها طرفة عين، ولو يعلم البشر كم هو قبيح ويُهلك لما تمادوا فيه، يكفي ان الشارع يقول ((ان أكل درهم من الربا لأهون عند الله من سبعين زنية بذات محرم في بيت الله الحرام)) والدرهم لا قيمة له اليوم في عملات الارض.

وقد ظهرت مظاهر الرجوع بالدعاء والصلاة الى الله في مناطق الارض وهذا بداية لرجوع أكبر قادم ان شاء الله، وهو يستدعي التسبيح لله والاستغفار انطلاقاً من قوله  تعالى ((إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3}))

                                                                                    7 شعبان 1441