من القيم الانسانية النبيلة والتي اكدت على اكثر من صعيد، صعيد الشرائع والقوانين الدولية والاعراف الاجتماعية، هي حرمة الميت، وعدّ نبش قبره جريمة كبرى، ناهيك عن نبش قبور رموز الامة ورجالات شعوبها لما لهم من التقدير والاعتبار الاجتماعي والافتخار الشعبي لما قاموا به من انجازات لأممهم ومعتقداتهم، وهذا لا يختلف فيه اثنان.
ومن هذا وذاك تعتبر جريمة نبش قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي موبقة كبيرة، عملاً بربرياً لا تفعله الا الحيوانات المتوحشة التي تبحث عن فرائسها تحت التراب، وهؤلاء اضل من الحيوانات المفترسة لأنها تبحث عما يعينها في بقاء حياتها وقد هيئتها الحكمة الالهية لذلك فكان لها غرض قد هيئت له واستعدت عند الحاجة لفعله، وهؤلاء لا غرض لهم الا الحقد على الانسانية ومواقع عزها وافتخارها، وهي جريمة فاقت كل الحدود الموضوعة للجرائم الانسانية، فيتعين على الجميع ادانتها واول المدينين هي هيئة الامم المتحدة والمحكمة الدولية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وجامعة الدول العربية وعلماء الازهر ومراجع النجف وعقلاء البشر، ورؤساء الدول ومنظمات المجتمع الدولي واحزاب حرية الانسان ومدّعو القيم الحضارية، وأن تدخل الجماعات القائمة بهذا العمل الشنيع تحت عنوان ارهابي الموتى فضلاً عن الاحياء، وأن تُنضم بقانون دولي لتجريم العمل وأن يسعى المتنفذون في المحافل الدولية لوضع حد لهذا الفعل الشنيع، كما قاموا ومنظمات حقوق الانسان بإدانة طالبان عندما هدموا صنمين اثريين قامت لهما الدنيا ولم تقعد، وتصاعدت صيحات الاستهجان والاستنكار الى اعلى المستويات فما بالك بإنسان جليل قدم نموذجاً انسانياً رائعاً لأهل العدالة والخير.
فالاكتفاء بالإدانة والاستنكار لا يوقف الجناة عن استمرارهم في جرائم مماثلة من هذا القبيل ومحاولاتهم المتكررة بتدمير كل ما هو من رموز الحضارة الانسانية وقيمها العالية، ولقد قلنا من قبل ونكرر بأن مرور هذه الجريمة بلا وقفة حازمة من الجميع سيعاد انتاجها في مناطق عديدة من العالم الاسلامي الذي اريد له من قبل قوى الغرب ان يحترق تحت اطر طائفية تمهيداً لإحداث صراع داخل البيت الاسلامي الكبير لتمزيقه وتفتيت عوامل وحدته وعناصر قوته، قبل ان تتلاقى وتشترك كقوة للجميع.
وهذا الاجراء قد يستهدف ما هو اعمق من ذلك واخطر وهو قطع صلة الامة بتاريخها وماضي حضارتها التي انتشرت على ربوع الارض تصنع الحضارة والثقافة بنشر نور العلم والهدى، وتجعل اجيالها الحاضرة غريبة وبعيدة عن ماضيها، فتكون ضعيفة في وعيها وثقافتها حتى يسهل احتوائها وتوجيهها بالوجه التي يراد لها ان توجه اليه لا الوجه التي تريد هي ان تتوجه اليه من بناء ذاتها ومستقبلها واعادة امجادها التي ما ان تستحضر حتى تشكل مانعاً من اختراق هويتها الاسلامية وعمقها الحضاري، وبالتالي ستكون لقمة سائغة لأعداء امتنا وديننا.
وهو برنامج عمل عليه الطغاة من فصل عرى الامة بمحطات تاريخها المتميز والحضاري وهو محطة الاسلام العظيم، وقد طبقه بدقة الطاغية صدام وحسني مبارك بعد ان قفزا بالأمة عن تاريخها الاسلامي الى تاريخها الوثني من البابليين والفراعنة.
ومن هنا فإننا نوصي ونضع الخطوات التالية:
1) حرمة كل المقدسات الاسلامية لجميع فرقها وطوائفها ما لم تخالف قرآناً او سنة قطعية.
2) التفريق بين من يطلب الحق فيخطئه وبين من يطلب الباطل فيدركه، وهؤلاء من الثاني فلا عذر لهم في ذلك.
3) مواجهة هؤلاء بكل الوسائل الممكنة من الاعلامية والسياسية والاجتماعية ومحاصرتهم داخل المجتمع الاسلامي والتعريض بهم وبسوء نواياهم وحرمة التعامل معهم والارتباط بهم، لأن هؤلاء لا يحترمون الصحابة فضلاً عن ائمة اهل البيت عليهم السلام فيكون استهدافهم للإسلام خاصة بغض النظر عن هويتهم الطائفية.
4) انهم يستهدفون المواطن الحساسة والخطيرة والتي يصعب السيطرة بعدها على الاوضاع الاجتماعية والاستتباب الداخلي للبلدان الاسلامية، ومن الواضح انها مخططات يهودية استعمارية هدفها تفتيت البلاد وتشتيت العباد وافراز عوامل الحقد والبغض بينهم، وينبغي ارشاد ابنائنا وشبابنا الى عدم الارتباط بهم والتبليغ عن نواياهم وانشطتهم.. والله ولي الصالحين.
قاسم الطائي
النجف الأشرف
23-جمادي2-1434هـ
