الحلقة الثانية من سلسلة حوارات مع فقهاء وعلماء الدين الإسلامي
الحوارية السادسة:
ما قولكم في تأخير بعض المراكز الصوم أو صلاة العيد بعنوان عدم رؤيتهم الهلال بسبب تلّبُد الجو بالغُيوم في الدولةِ التي يُقيمون بها، مع العلم إنّ مراجعنا (أعلى اللهُ مقامهم) يقولون بوجوب الرجوع الى البلدان المجاورة ذات السماء الصافية للسؤال حول رؤية الهلال، سواء من الفقهاء ومراجع الدين الذين يقولون بتعدّد الأفق أو من الفقهاء الذين يقولون بوحدة الأفق … المسألة متفق عليها على حد علمي وبحثي. (أقصد السؤال من اهل البلاد الصافية سمائهم). ونحن في كل عام نقع في فوضى وفرقة وتشتت في الآراء.
الجواب
بسم ال.. الر.. الر..
هذه المسألة تتعلق بالتكليف الشرعي، ومسؤولية المكلف بإزائه معروفة، وهو يتحمل نتائجها في الآخرة إمام الله، وفي كلتيها فهي تخضع بحصول الاطمئنان بالرؤية ولو بالطرق المقررة والمعتبرة عند مراجع تقليدهم، فقد لا يحصل له الاطمئنان أو لم يسمعوا أو غير ذلك من موجبات عدم الإفطار، ومن هنا فالمسألة لا تستحق مثل هذه الإثارة بالقول بالتشتت والفوضى، بل كل يعمل على تكليفه الشرعي، وما لم يتفق الفقهاء على مبنى فقهي واضح فسوف يستمر الخلاف إلى حين الاتفاق على مبنى محدد.
الحواريّة السابعة:
بعض الأشخاص يقومون بالتوافق مع بعض المتصدين بتسجيل أسمائهم أنهم قاتلوا النظام الديكتاتوري السابق وحصلوا على درجات عسكرية من قبيل نقيب ومقدم ركن وعقيد وعميد وغيرها ويستلمون رواتباً مجزية بعنوان التقاعد.
وهم لم يكونوا من المقاتلين في حين بقى الكثير من المقاتلين بدون رواتب. وبعض المقاتلين المعارضين عندهم اصابات بالغة وبعضهم من المعوقين في الحرب. ولم يحصلوا على أي تعويض، كما إنّ الكثير من الذين استشهدوا سواء في الجبهة أو في السجون ظلّت عوائلهم بدون مساعدة وبدون تقاعد رغم المراجعات العديدة.
الجواب
بسم ال.. الر.. الر..
نعم هناك إرباك في العمل الإداري وإيصال حقوق المواطنين سليمة، وقطع الطريق على المحتالين والغشاشين والمسألة تحتاج لتظافر الجهود، ولنزاهة القائمين على العملية.
وضابط سلامة الأمور هي حكومة قوية تحتكم إلى القانون وتحاسب بشدة المفسدين، وتجعل القانون بوجه الجميع وبدون ذلك لا يمكن ضبط الفساد أو المنع منه وسيستمر الظلم للبعض، والحصول على مكاسب للبعض الأخر بدون وجه حق.
نسأل الله إن يرقق قلوب القائمين لإيصال حقوق المظلومين ويشد من أزرهم لمحاسبة المفسدين والمحتالين.
الحوارية الثامنة:
بعض المراكز الاسلامية، وبعض القنوات الفضائية الاسلامية وبعض الصحف والمجلات بُنِيت وتأسّست مِن أموالِ الحقوق الشرعية، ولكنّ القائمين عليها جعلوها وقفاً على اصدقائهم أو أبناء حزبهم أو أبناء مدينتهم أو عشائرهم. ولا يسمحون للمختلفين معهم حزبياً أو مرجعياً بالتبليغ والمساهمة في نشر أحكام الاسلام.
كذلك بعض القنوات الفضائية تنشر محاضرات وردات مجموعة خاصة من الخطباء والفضلاء والرواديد
كذلك بعض المساجد يحتكرون المنبر إلى أشخاص تربطهم علاقات خاصة.
وفي أغلب الأحيان يكلف مجيئ هؤلاء الأشخاص (الأصدقاء) أموالاً كثيرة من بيت المال، وفي حين يوجد في نفس المدينة من هم أكفأ منهم علما وخطابة وشعرا وغيره.
ما هو قولكم وتحليلكم إلى هذه الظاهرة المستشرية في الوسط الاسلامي العام، وبين المؤمنين بالمعنى الخاص.
استغلال بيت المال العام للعلاقات الخاصّة والمصالح السياسية والحزبية الضيقة.
الجواب:
بسم ال.. الر.. الر..
أسفي الشديد على ما وصلت إليه الحالة الإسلامية من التفرق والتشرذم، واعتقد إن السبب الأساسي هو عدم استهداف الجميع هدفاً محدداً وبعيداً يستوعب كل أهداف المتصدين القائمة، فلو استهدف الجميع مصلحة الإسلام أو اعتبار المذهب لامكن اجتماع الجميع ولا اقل المعظم منهم، ولكن حيث يقصر نظر البعض أو يشعر بالأنانية أو بالالتفات إلى نفسه وذاته وكأن الدين أو المذهب يمر من خلاله خاصته، يحصل ما ذكرته ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وأما استغلال المال لعناوين شخصية ضيقة فمنتشر في الوسط الديني بقوة، ويحتاج لرجل قوي، وشخصية قوية تفرض سيطرتها على الوضع برمته، ولكن أنى حصول ذلك ومتى سيتحقق.
ولكننا لابد من حمل البعض على سلامة النية والقصد فإنه بالتأكيد يرى إن خدمة الإسلام أو المذهب من خلال عمله وتصوراته وقد نسي إن مشاركة الآخرين ضم قوتهم إلى قوته، ونظرتهم إلى نظرته ليقوى النظر ويصحح مجال الوصول إلى اسلم طريق وأكثره تأثيرا ميسوراً.
وقد فصلنا القول في إجاباتنا لسؤال حيث قلنا بأن المرجع هو المتصدي لشؤون المجتمع والمدافع عن الذين هو من يحق إيصال الحقوق الشرعية له، لا كل من يتصف بالاجتهاد ولو لم يكن متصدياً.
الحواريّة التاسعة
يبني بعض الأشخاص مسجداً أو مركزاً اسلامياً أو حسينية، ويدعي أنه بناها من ماله الخاص إلى وجه الله تعالى، وهو يعترف بان الثلث على الأقل ما يقارب من نصف عمله هو من الكذب على الدولة، والتحايل عليها من خلال الكذب على جباة الضرائب والعمل الأسود، وتغيير تاريخ بعض المواد وأمور أخرى.
هل هناك قربة إلى الله (تعالى شأنه) في الصلاة في مثل هذه الموارد.
الجواب
بسم ال.. الر.. الر..
على المسلم إن يكون داعياً لإسلامه بأخلاقه وسلوكه قبل قوله وأن يعكس كل قيم الإسلام الحنيف وأخلاقه وأدبياته وأما إن يحتال على بعض قوانين الدول التي يعيش فيها، فأمر مرفوض عندنا، وخلاف الذوق الشرعي الإسلامي.
وأين قول الإمام الصادق عليه السلام ((ليقولوا أدبهم جعفر بن محمد فأحسن تأديبهم)) ولا أظن الإمام عليه السلام يقبل مثل هذا الاحتيال ولو وقع في طريق الطاعة بإنشاء مسجد، فالله لا يطاع من حيث يعصى، فلا قربة في كل هذا العمل.
الحوارية العاشرة:
أحد المفكرين الإسلاميين قال جملة مفادها: إنّه لا يجوز إطلاق كلمة الإسلامي على أيّ جهة سياسية أو ثقافية تدّعي انها اسلامية لأنّ الإسلام معصوم، والمتصدون ليسوا معصومين.
بسم ال.. الر.. الر..
التوصيف بالإسلامي يكفي فيه إن يكون المتصف مسلماً مقراً بالشهادتين- كحد ادنى للإسلام، وأما الالتزام بتكاليفه وآرائه فهو زيادة بالالتزام والتوصيف، ولا يختص التوصيف بالمعصوم أو عدم الخروج عن بعض التكاليف الشرعية، فذلك لا يسلبه التوصيف بالإسلامي.
قاسم الطائي
11/10/2011م الموافق 14 ذي القعدة 1432 هجري.
——————————–
ملاحظة الأسئلة عامة ولا تختص بشخص أو مدينة أو بلد بعينه ،إنّما هي أحكامّ عامة نسأل عنها. أنا بلّغتُ وما زلت أبلّغ في عشرات الدول والمدن وهذه الأسئلة مستقاة من استماعي ومشاهدتي وقرائتي، ومن خلال تجارب عملية خلال فترات عملي التبليغي.
مالمو / السويد