الفتنة اذا اقبلت

 

ظهرت موجة من الإرهاب تتعمد استهداف الأجهزة الأمنية من الشرطة والحرس الوطني، يدعمها بعض الفتاوى الصادرة من بعض علماء المسلمين والمبرر الذي يطلقه ما يسمون أنفسهم – بالمقاومة الإسلامية- ولا أقصد به الجميع بل البعض، هو ان الأجهزة تقف عائقاً في طريقهم لضرب المحتل الأمريكي والذي يجب مقاومته وطرده عن بلدنا، فلابد من زوال هذا العائق والمانع ليمكن الوصول الى ضرب المحتل، والغريب ان بعض المتفقهين والمتعلمين يصرحون علنا بهذا المبرر وكأنه أمر صحيح، وهو ليس كذلك إذا نظرنا الى المبررات الواقعية التالية وأخذناها بعين الاعتبار بعيداً عن نوايا مبطنة تختفي وراء استهداف هذه الأجهزة والتي شهدت بعض الحوادث عن هذه النيات، من أجل تحقيق ظواهر معينة في البلد قبل استقرار وضعه واستتباب أمنه.المبرر الأول: ان عملية استهداف قوات الاحتلال لوحدها ليست صعبة للمقاومين وهي تصول وتجول في طول البلاد وعرضها وتسيّر دورياتها من دون مرافقة أجهزة الشرطة والحرس الوطني إلا في بعض الحالات التي ربما تخضع لعملية التأهيل لهذه القوات، وإذا أمكن ضربهم فلماذا تستهدف مراكز الشرطة ومراكز تسجيل الحرس الوطني مع انها ليست قوات احتلال ولا أثر لهذه القوات فيها؟     ألم يكن الأجدر استخدام هذه القدرات لضرب من يستحق الضرب، ثم ما بال الأبرياء الذين يقتلون بلا ذنب ولا جريرة!؟المبرر الثاني: ان اطلاق فتوى بقتل هؤلاء لابد ان يخضع للموازين الشرعية المقررة عند الجميع بلا استثناء ولا اختصاص بطائفة دون أخرى، ولا يختص بظالم ومفتر دون آخر، وينطلق من قوله تعالى ((ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار)) وأين كانت هذه الفتوى من ظلم وجبروت صدام ولا يعقل ان أفراد قوات الأمن الحاليين أشد ظلماً وجبروتاً من صدام، أم ان هذه الفتوى تخضع لاعتبارات سياسية وكيانية خاصة من دون ان تستند الى دليل شرعي.

المبرر الثالث: ان هنا طريقين أما استعداء هؤلاء والجائهم الى الاحتماء بالأجنبي وسعيهم للمحافظة على بقائه وتواجده في بلدنا لأنه مخلصهم الوحيد ومأمنهم الفريد مثل زمرة البعث الخائب حين احتمائهم بحصن صدام بعد ان خسروا ثقة الشعب بهم.واما افهام هؤلاء بأن وظيفتهم عظيمة لعود الأمن النظام الى البلد وجعل الناس يستأمنون على أموالهم وأرواحهم باعتبار ان نعمة الأمن من أعظم النعم كما قال أمير المؤمنين (ع) [نعمتان مفقودتان الصحة والأمان] وتشجيعهم على الحرص على مصالح العباد والبلاد، وتحذيرهم من إعانة المحتل ومساعدته وبالتالي يكون عملهم واجبا وطنيا بل وشرعيا من باب الواجب الكفائي. فالإرشاد والتوعية ومساعدتهم على أداء عملهم هو ما يريده الجميع إلا بعض الشواذ ممن يؤلمهم استقرار البلد واستتباب أمنه، وخير شاهد شرطة البصرة والعمارة..المبرر الرابع: انه من غير المعقول ان تجري أمور الناس بشكلها الطبيعي وبانضباط من دون أجهزة الدولة سلطوية للتنفيذ والمحافظة على الأمن ومنع الظلم والاعتداء، وهذه الأمور لن توفرها قوات الاحتلال التي أعلنت بمناسبات عديد ان حفظ الأمن ومنع جرائم القتل والسلب ليس من واجباتها وقد أصدر الحاكم المدني – برايمر- قرارا بمنع الملاحقات القانونية لقوات الاحتلال لتقصيرها من عملها – لأن من واجبات القوات المحتلة المحافظة على أمن البلد المحتل ناساً وأموالا كما يقرره القانون الدولي- .وإذا اضيف كثرة البطالة وقلة فرص العمل وضغط الحالة المعاشية، وخلو الحدود من المراقبة لمنع المتسللين، كل هذه العوامل تعين على الاضطراب الأمني وانتشار الجريمة، ولا يعقل ان تترك الامور بلا أجهزة لحفظ الأمن في البلد والدفاع عن مصالحه.ولهذه المبررات علينا جميعا ان نضع النقاط على الحروف ونتقي الله والناس فيما نقول ونعمل.