You are currently viewing جراح المظاهرات

جراح المظاهرات

جراح المظاهرات

المظاهرات التي جرت يوم أمس الموافق 1-10-2019 سالت بها دماء احبتنا واعزتنا ما كانت لتحصل لو حُكم العقل وعرف كل طرف ما له وما عليه، وقد نبهنا على ضرورة ضبط النفس منذ مظاهرات البصرة عام 2006 المطالبة بتحسين الكهرباء وقد سقط فيها بعض المتظاهرين شهداء لأنهم يطالبون بحقوقهم، وإن على المتظاهرين ان لا يستفزوا القوات الأمنية أو يعبثوا بالممتلكات العامة والخاصة، وفي جانب القوى الأمنية ضبط النفس وعدم التهور في استخدام الرصاص الحي وإزهاق بعض الارواح، فأن ذلك من القتل العمد المحاسب به الفاعل في الدنيا والآخرة، إلا إذا كان بصيغة الدفاع عن النفس، وإن القوى الأمنية المتطاولة على حق المواطنين بالتظاهر أن يحموا المظاهرات ولا يكونون لطرف على حساب الآخر فهم ليسوا معنيين بالسلطة وافرادها وإن واجبهم الوطني هو حماية المواطنين ماداموا ضمن الأطر الشرعية والقانونية في تظاهراتهم وعدم التورط في سيل دمائهم شرعاً وقانونا وعشائرياً ثم ماذا يجني رجل الأمن من ذلك؟ إلا التورط والوقوع في جرم ما كان ليحصل لو حكّم عقله ونبه ضميره الى عدم صحة هذا الفعل وعلى كل حال يجب فتح تحقيق جنائي لا يمثل أحد الطرفين لمعرفة المسبب ومحاسبته وتحميله كافة الاضرار الحاصلة من النفوس والدماء والممتلكات والجراحات وارباك الوضع الامني والاعلان عنه أمام الملأ وأعين الناس لزيادة أواصر الثقه بين المواطن وحكومته.

والمفروض إن البلد ديمقراطي مع تحفظنا على هذه الكلمة مدلولاً وواقعاً والأمور تجري فيه على رغبة الجمهور لا سلطة الحاكم فالجمهور الذي انتخب السلطة هو صاحب اعطاءها وسحبها وله ان يعبر عن رأيه وإن يُحترم رأيه ويُدرس بكل امانة واخلاص، لا أن يتجاوز عنه ويستخف برأيه وإلا لا يضمن أحد كيف ستصير الامور في العراق، ربما الى انتفاضة لا يعلم اثرها الا الله سبحانه ونحن لا يسرنا ان تصل الامور الى هذا النفق ولكن تعمد أهل السلطة واستخفافهم بحقوق الناس قد يفاجئهم حصوله ولات حين مناص.

كما ان المظاهرات يجب ان تأخذ جانب الجمهور وما يمس حياتهم الشخصية لا أنها تبتعد عن ذلك بعد تكريس وتجذر لأسس ما طالبت بتغييره، وبُنيت عليه الدولة منذ تأسيسها، وإن تعالج القانون الذي تعمل به هذه المؤسسة أو تلك، فيا حبذا لو كانت المظاهرات تطالب برفع الحيف واثقال المواطن بمصاريف ارهقته وقتلت احساسه بحياة كريمه، بعد سلسلة من الضرائب وتقليل الرواتب بدعوى عجز الميزانية الذي يسري ردمه من المواطن، ويعفى عنه أهل السلطة والجاه الرسمي، وهم مع سابقيهم يستهلكون أكثر من خمسة عشر مليار دولار سنوياً من ثروات الدولة.

 

                                                                                              المكتب الإعلامي      

                                                                                    لسماحة المرجع الديني الفقيه

                                                                                     الشيخ قاسم الطائي  (دام ظله)

                                                                                            3 صفر الخير 1441ش