ياساسة البلاد الآن أو في المستقبل ، نخاطبكم بدافع الحرص وشعار حب لأخيك ما تحب لنفسك وأني أحب لها الإستقامة وتحقيق العدل والمساواة بين الخلق بما أوتيت من قوة وقدرة على تكريس هذه القيم التي زرعها فينا أسلافنا العراقيون إنطلاقاً من الأساس النفسي الفطري الذي يميل بالإنسان الى تحسين وتشجيع العدل ونبذ ورفض الظلم مروراً بتراثنا الإسلامي الطافح بها قولاً وممارسة أبهرت تاريخ الإنسانية وبيضت وجه مسيرتها الطويلة من أجل تحقيقه على صعيد الحياة الاجتماعية.
وإذا كان الأساس الذي ينطلق منه التحقيق وجدانياً فإن إمتلاك السلطة والسعي بالطرق الديمقراطية للوصول إليها كحق طبيعي كفله الدستور العراقي لكل العراقيين بمختلف أطيافهم والوانهم بدون تميز وتحيز.
هو الوسيلة المطلوبة لتكريس هذه المبادئ وتربية المجتمع عليها من خلال إمتلاك وسائل التوجيه والتربية، بعد أن يعي المسؤولون أهمية وخطورة المهمة الملقاة على عاتقهم والتي ستبقى تأثيراتها واضحة على تاريخهم الشخصي وتاريخ اخلافهم وإستحقاق الناس الذين إنتخبوهم واوصلوهم الى هذه المناصب السلطوية وقد إختاروا لأنفسهم أن يكونوا مشاركين وساعين للوصول إليها إنطلاقاً من حقهم المكفول.
إلا أن إتخاذها مغنماً والتمتع بمكاسبها دون الشعور بمسؤولياتها الجسيمة، يضعه في موضع لا يحسد عليه قد تجاوز التوثيق العام والسير بمركب الأمة نحو المجهول.
ونؤكد هنا على النظام التربوي العام الذي على الساسة إنتهاجه إنطلاقاً من أنه الأساس الذي ترتكن إليه كل الأنظمة سياسية كانت أم اجتماعية أم اقتصادية، فإن زرع القيم النبيلة من حسن الخلق واحترام المال العام والإحسان الى الآخرون وحب الإيثار والتضحية في سبيل الغير والتخفيف عن معاناتهم، وزرع الصدق والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن وحب الدفاع عنه حاضراً ومستقبلاً في عالم مليء بالظلم والإجحاف بالحقوق العامة.
وسبيل ذلك تفاعل المؤسسة الدينية مع المؤسسة السياسية في عملية منظمة ومكثفة تجند لها الدولة كل الوسائل الإعلامية والتربوية، إنطلاقاً من المدرسة وانتهاءً بالجامع.
مستفيدة من قدرات المؤسسة الدينية على إقناع الناس بأمثال هذه الأخلاق والتطبيق لهذه القيم عبر ما تملكه من أدلة شرعية وعرفية وعقلية في صناعة مجتمع متراص متحابب، يستطيع دفع الظلم عن نفس أبناءه ومكاسب مجتمعه وتحقيق أكبر قدر ممكن من التطور والإبداع إذا وجه أبناء المجتمع نحو تلك الأهداف السامية.
فإذا ما إكتملت أسس النظام التربوي الذي تضعه الدول ورجال الدين مشتركين، أمكن معالجة معظم الأزمات التي يعاني منها المجتمع اليوم، فإن التأكيد على حرمة المال العام وإشاعته للجميع لا لخصوص فئة دون أخرى، أو مسؤول دون غيره، أمكن الحد من الفساد المالي وإنتهاب المال العام الجاري للأسف على قدم وساق، قد أستغل المحترفون الأزمات القائمة والتي تحاول الدولة معالجتها بما تستطيعه.
ومن جهتي فقد أكدت على حرمة المال العام وتحريم سرقته تحت أي ذريعة وحجة، وقد توصلنا أثناء البحث بأن عنونته بالمجهول المالك لا أساس له ولا دليل عليه، إنما كان لمصلحة في الجعل اقتضتها ظروف الأنظمة السابقة والتي كفانا الله شرها وهيأ لنا فرصة الإستفادة والإعتبار من تاريخها ومصيرها.
وهكذا في بقية جوانب الحياة فمع تقديم المصلحة العامة على الخاصة بضرورة الشرع والعقل وتجارب الأمم والشعوب أمكن أن نوجه المخلصين الذين يتقدمون لخدمة بلدهم وإن كان على حساب مصالحهم.
ومن هنا نكرر تأكيدنا على الجانب التربوي الذي يتحمل مسؤوليته أولاً السلطة التنفيذية لامتلاكها وسائل تعزيزها والسلطة الدينية ثانياً لو فتح لها المجال وتوفر لها إمكانيات التربية والتوجيه.
أيها الأخوة البرلمانيون أجعلوا الله نصب أعينكم واعملوا أنكم ملاقوه في نهاية حياتكم فأجهدوا أن تلاقوه على محل رحمته ورأفته لا غضبه وانتقامه فإن التعرض للسلطة مسؤولية عظيمة.
وأجهدوا أن تكونوا في يوم رحيلكم فرحين مسرورين.
قاسم
الطائي
النجف الأشرف
26/ربيع1/ 1431هـ