You are currently viewing شرعية المقاومة ،، الاشكال الثالث ،، الجزء الثالث

شرعية المقاومة ،، الاشكال الثالث ،، الجزء الثالث

بسم الله الرحمن الرحـــــــــــــــــــــيم
الاشكال الثالث ،، الجزء الثالث

س / في ظل الأوضاع الخطيرة التي يمر بها عراقنا العزيز وما يقدمه شعبنا العراقي الغيور من تضحيات دفاعاً عن أرضه ومقدساته ضد هيمنة الاحتلال الأمريكي وفي الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه لتعبئة المؤمنين لاتخاذ موقف حاسم ضد المحتل ظهرت مع شديد الأسف أصوات مأجورة لخدمة أعداء الإسلام غايتها التشكيك بما يقدمه المؤمنون من تضحيات بالغالي والنفيس في مدن العراق بصورة عامة وفي مدينة النجف وكربلاء المقدستين خاصة وكأنهم أطلعوا على أسرار من قدموا أنفسهم قرابين في سبيل الله ولخدمة الإسلام والمقدسات وتجرؤا بالحكم عليهم أنهم ليسوا شهداء في سبيل الله بل هم قاصدوا الفتنة .

 فكيف تردون على من يتجرأ بهذا القول ويستخف بحرمة هؤلاء المؤمنين ولكم الأجر والثواب .

بسم الله الرحمن الرحيم:

       عندما تغيب الرؤية الواضحة بفعل عوامل وظروف معينة يصبح الفرد تابعاً لأراء الآخرين وتحليلاتهم وتقييماتهم فهو يردد ما يقولون من دون وعي لما يقول ولا أدراك لما يفعل فيتورط ويورط وقد يسعفه الوقت في معرفة الأمور على حقائقها فتأخذه الحسرة ويشعر بالندامة ( ولات حين مناص ) . ولا يزال الكثيرون يتابعون من غير هدى ما يبثه الأعلام الغربي وتذيعه وسائل الأعلام وكأنهم فقدوا العقل واستسهلوا تقليد الآخرين ضناً منهم صوابية رأيهم وقوة حجتهم فلا عقولهم استغلوا ولا شرعهم رجعوا ولا أعرافهم احترموا ولا أنفسهم سألوا ، ما ينطبق عليهم المثل الشعبي ( حشرٌ مع الناس عيد ) وليتهم أكرموا غيرهم بالسكوت بل أذاعوا به البسطاء من الناس إرجافاً  بهم وتثبيطاً لهمهم فأعانوا الشيطان وتخاذلوا عن شرع الرحمن وخانوا الوطن والإنسان .

  ولست أدري أي عقل يحملون حيث يرفضون من يتبرع للدفاع عنهم ويحافظ على كرامتهم التي انتهكها المحتل وأبتذلها الأجنبي فأصبحوا مصداق لقول النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) (( كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً ، بل كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف )) وأي معروف أعظم من الدفاع عن المقدسات والشرف والأموال والأنفس والدين وليعلم أعوان الشيطان أن المخلص من هؤلاء إذا عقد نيته طالباً لمرضاة الله واستسهل الغالي والنفيس في هذا الدفاع المقدس قد لا أبالغ أنه أفضل الشهداء وليس شهداء فقط بيان ذلك ذكر سيدنا الأستاذ الشريف الشهيد محمد الصدر ( قده) في وجه المقارنة بيت أصحاب الحسين وأصحاب المهدي (عج) أبان الأفضلية لأصحاب الحسين لأنهم علموا بموتهم وأقدموا عليه وأصحاب المهدي (عج) احتملوا النصر فأقدموا ومن لا يحتمل إلا الموت هو أفضل بطبيعة الحال .. فلو أخذت هذه المقدمة مسلمة أمكن أن نقول بأفضلية ممن يقتل الآن في سبيل الله لعدة أمور .

  الأمر الأول  /  شدة التشويش الحاصل الآن لتخوير هممهم وتضعيف أرادتهم على المنازلة فأصبح عندهم غير معروف المصير فهل عملهم صحيح شرعاً وعقلاً أم باطلاً ؟ كذلك فأحدهم لم يجزم بنتيجة عمله ومع ذلك يقدم بشجاعة ويطلب الموت ، ومن يقدم مع عدم الجزم بالنتيجة باعتبار التشويش والتلبيس هو أفضل ممن يقدم مع الجزم بالنتيجة وأنه على صواب وأنه داخل الجنة لا محالة ، لأن الأمام عليه السلام قد بشره بالجنة وهؤلاء المساكين لم يبشرهم أحد فلم يترددوا وصدقوا واقدموا غير آسفين على فعلهم ولا نادمين على عملهم ، وقد يستغرب من هذا الجواب ولكن لا غرابة في الأمر لقول الأمام الصادق ) u ( شيعتنا أصبر منا ، قيل كيف ؟ قال لأننا صبرنا على شيء نعرفه وهم صبروا على شيء لم يعرفونه .

 الأمر الثاني / حالة المقاتل المجاهد تختلف بين أن يجاهد بين يدي القائد والأمام المعصوم ويراه حِساً ويسمع كلامه وهو ملزم بطاعته ، والدفاع عنه وبين أن يجاهد وهو بعيد عنه وغائب ، فإذا خانته الهمة وضعف عن المنازلة كان الوجود المبارك للأمام المعصوم عليه السلام خير معين له على الاستزادة والأقدام ، خصوصاً إذا كان يقاتل معه ويشارك بنفسه الزكية في الدفاع وكل هذا مما لم يكن مع هؤلاء ، فإذا سألت نفسك من الأفضل من هؤلاء ؟ لا أعتقد أنك تخطيء في التقييم .

  وبعبارة أخرى أكثر إيضاحاً أن أصحاب الأئمة كانوا يقاتلون عن قضية حاضرة يحملها الأمام معه ، وهؤلاء يقاتلون عن قضية غائبة يحملها اعتقادهم بصدقها وأيمانهم بفحواها وطاعتهم لأئمتهم وهم غائبون عنها فإذا تساووا في الدفاع والأقدام وطلب الشهادة والموت في سبيل الحق كان هؤلاء أفضل .

   الأمر الثالث /  ضخامة العدد المحارب ، فمقارنة بسيطة بين الطرفين من حيث العدة والعدد ، توقفنا على أفضلية هؤلاء لأن المواجهة قد تكون سهلة مع ضحالة العدد وبساطة معداته ، ولكنها ليست كذلك مع ضخامته وتطور معداته وسعة سيطرته في حالات الحرب من جميع النواحي ، يستطيع بها أن يعرقل ويشل حركة المجاهدين والمدافعين ، يساعده في ذلك الوسائل الإعلامية وأشاعتها للخوف والرهبة فيهم ، كما أن المنازلة لم تكن متكافئة على مستوى الأفراد كما هي ليست متكافئة على مستوى الجيش لأمكان المحارب القديم أن يحارب عن نفسه ولو لفترة وليس بإمكان المحارب والمدافع أن يدافع عن نفسه لقوة ودقة الآلة القتالية وضعف احتمال خطئها ، يضاف إليها التدريب الجيد والأعداد المسبق للمواجهة والاستعانة بالآخرين عبر وسائل الاتصال المتوفرة لديهم .

  الأمر الرابع / حلاوة وطراوة دنيا اليوم عن دنيا الأمس ، وحلاوتها من أعظم المغريات التي توقف النفس عن اقدامها في التضحية وتقاعسها وتخاذلها ، ومما لا شك فيه أن مغريات الدنيا في عالم اليوم هو توفرها بشكل كبير وبألوان شتى أكبر بكثير منها في دنيا من جاهد من السابقين وإذا تساووا مع ضخامة العائق والمانع ومغريات الدنيا أعظم مانعاً عن التضحية كان المدافع مع ضخامة المانع أفضل من الآخر.

 وهناك في الأخبار ما يرشد إلى هذا الأمر وهو ما ورد عن رسول الله (ص) في أحوال رجال آخر الزمان أنه قال : ( أن الواحد منهم يساوي أو يعادل أربعين عماراً ) ـ يقصد عمار بن ياسر ـ والنتيجة أن معادن الرجال تظهر وتتضح عندما تشتد الفتنة ويزداد البلاء وتوضع في الطريق عقبات كثيرة ومصائب عديدة ، وكلما اجتازها بأيمان راسخ وقلب ثابت كان مدعاة للتفاخر والاعتزاز واستحق المدح والثناء وفاز باللذة والبقاء ، فأفهم يا غافل تغنم وأعلم إن الله  يعلم ما توسوس به نفسك ويعلم صدقك من كذبك ، (( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) سورة العنكبوت )) .

  س / لم يكتفِ الكثير من ذوي النفوس الضعيفة بإثارة الشبهات والإشكاليات حول المقاومة الشعبية وأبطالها المجاهدين أثناء فترة مقاومة المحتلين عسكرياً ، بل جاؤا في هذا الوقت ( فترة الهدنة ) بأشكال جديدة لتلبيس الأمر على الناس وأيهماهم بعدم فائدة المقاومة وعدم مشروعيتها والإشكال هو : ما هي النتائج التي حققتها المقاومة غير تعطيل الأعمال وأرباك الوضع الأمني وقتل الكثير من الأبرياء ؟ ما هو رد سماحتكم على هذا الأشكال جزاكم الله خير جزاء المحسنين ؟

بسم الله الرحمن الرحيم:

       قد أجبت على هذا الأشكال فيما سبق ، والآن أقول أن هؤلاء الذين يطالبون بالنتائج وما هي قد غاب عنهم أن المهم هو قيام الإنسان بما يمليه واجبه الشرعي أولاً والوطني ثانياً وبه يوصف الإنسان بأنه إنسان أو رجل ، وأما النتائج فهو غير معني بها شرعاً إذ التوفيق إليها بيده تعالى ، وهل حصل الحسين    ) u ( على النتائج الدنيوية التي يقصدها هؤلاء أو أن ثورته المباركة قد أفرزت واقعاً أطاح بعروش الظالمين ولو بعد حين .

 على أن المقاومة قد أنتجت نتائج عظيمة قد ذكرت فيما سبق أن الناس لا تستحق تعريفها بها ولكني أذكر واحدة فقط  أن المقاومة أعادت الوجه الناصح وأكدت أن الموالين لأهل البيت لا يزالون يتحركون بوحي ما أسسه المعصومون ) u ( في نفوسنا من ( هيهات منا الذلة )  ( وما ضاع حق ورائه مطالب )   

  ( وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا )

 ( ولو أن أحدهم مات كمداً لما كان ملوماً )

( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) سورة البقرة) ( والخير كل الخير في الضرب بالسيوف )

وهكذا وكفى بها شرفاً ستبيض صفحات تاريخ أتباع أهل البيت عليهم السلام ، وأما ما حصل من خسائر ودمار فيتحمله المعتدي ـ وهو المحتل لا غير ـ فلماذا ( تلبس الحق بالباطل ) والغريب أن هؤلاء لا يلومون المحتل ولا يحملونه القتل اليومي لعشرات الأفراد وبلا مبرر ، فمن الدهس بالدبابات والقتل العشوائي والقصف بالطائرات وفتح المجال للتفجيرات وغيرها قائمة يطول ذكرها ، فهلا وجهوا نظرهم ونقدهم لمن سبب لهم كل هذه المظالم ، أو أن هذا أجراء طبيعي يحصل في كل زمان ولا تعجب حينما نقد العالم بما فيهم جهات رسمية للمحتل الممارسات اللاأخلاقية في سجن أبي غريب وهؤلاء ساكتون كأن على رؤوسهم الطير .

  س / ما هو الأسلوب المناسب حسب رأي سماحة الشيخ ( أدامه الله ) بعد توقف المقاومة المسلحة لأخراج المحتلين من وطننا العزيز وما هو رأي سماحة الشيخ بما يسمونه المقاومة السياسية التي زعم الكثير في أنه يعمل بها ضد الاحتلال ، وما هي توجيهات الشيخ الطائي لأبناء العراق الشرفاء من خلال تطلعاته للفترة المقبلة التي سيمر بها العراق سياسياً أدامكم الله ؟

بسم الله الرحمن الرحيم:

       ما يسمونه ( بالمقاومة السياسية ) هو صرف وهم باعتبارين :

   الأول : عدم صحة إسناد المقاومة السياسية ري عدم صحة استعمال هذا المفهوم من جهة عدم اجتماع النقيضين أو الضدين فيه . لأن المقاومة تعني أو تتضمن الممانعة والمدافعة والسياسة تتضمن المجاملة والمخادعة وهي ضدا ونقيض المدافعة فكيف يوصف ما يتضمن المدافعة بالمجاملة أو المهادنة .

 الثاني : أن توصيف المقاومة بالسياسة غير صحيح لأن المقاومة تعني المدافعة وإبداء رد الفعل المناسب للشيء المراد مقاومته فإذا كان الشيء هو السياسة كما يدعي هؤلاء فرد الفعل لمدافعتها هو مقاومتها وإسقاطها بكل الوسائل لأنها تمثل أمراً مرفوضاً وغير مستساغ ولا مشروع وإلا لما جاز مقاومتها ، وإذا جاز مقاومتها وإسقاطها بكل الوسائل فأن هذا ممكن إذا قوم الاحتلال الذي جاء بهذه السلطة السياسية ومع عدم مقاومته لم تكن تلك مقاومة والأحسن تسميتها بالمجاملة التي تكرس الاحتلال وتبرر وجوده ، إذا توصيف المقاومة بالسياسة احتواءً لمفهوم المقاومة بتضييقه بدائرة السياسة الناتجة من أعمال المحتل وتوجهاته في البلد ، وإقراراً له في بقائه لأن السياسة غير خارجة عن إطار نظر المحتل ما زال باقياً في البلد . وأعتقد أن هنا أسلوباً ناجحاً ومفيداً لإخراجهم بدون تكلفة أو تضحية قد نقدها نفوس المعظم عندما استجاروا من الرمضاء بالنار فرضوا بالاحتلال بديلاً عن الاستبداد وهما أسلوبان قد يبدوان غريبين :

  الأسلوب الأول : هو المقاطعة الشاملة والتامة حتى على مستوى السلام وألقاء التحية ويرشد إليها بعض المرويات كقوله ) u ( ( واجهوا أهل الفسق والفجور بوجوه مكفهرة ) ( ومن تبسم بوجه مبتدع فقد أعان على هدم الإسلام ) فالاحتلال أسوأ من الفسق والابتداع لأنه يمثلها وزيادة .

  الأسلوب الثاني : أن يتفاعل الشعب جميعاً ويعلن بصوت واحد وفي أوقات معينة من اليوم كأوقات الصلاة ـ أن يصلي على محمد وآل محمد ـ ولا تستغرب فقد ورد في الخبر ( أن الله أتخذ إبراهيم خليلاً لكثرة صلاته على محمد وآل محمد ) . وتقع المسؤولية على خطباء المنبر وأئمة الجماعة والجمعة والمؤذنين .

س/  ما هو رأيك بمقاومة الاحتلال في العراق ؟

بسم الله الرحمن الرحيم:

 

      الامور التي تتطابق مع الفطرة والعقل والأعراف والشرائع هي القاعدة ولا معنى للسؤال عن شيء مطابق للقاعدة ، انما ينفتح السؤال فيما لو كان الشيء المسؤول عنه مخالفاً لها اذ مع مخالفته يطلب المبرر ويسأل عن الحجة والبينة ، والسؤال يقع على عدم اتخاذ المقاومة كخيار استراتيجي لحل الازمة .

      والمقاومة من الامور المطابقة بالتمام للقاعدة وليست بحاجة الى السؤال ، وهي حق مشروع ومكفول دولياً وشرعياً بل عقلائياً وعرفياً .

      وتبقى آلية تطبيقها موكولة الى وعي القائمين بها من خلال دراسة موضوعية لكل عناصر التأثير الممكنة في ان تأتي بنتائج مقبولة .

س / كثر في الآونة الأخيرة وفي مناطق متعددة من البلد وبالأخص في مدينة البصرة سقوط قذائف هاون على الدور السكنية مما أدى الى قتل بعض المدنيين من أبنائها نتيجة لذلك ، وهناك من ينسب هذا الفعل الى بعض الأشخاص من عناصر جيش المهدي . أجيبونا يرحمكم الله .

بسم الله الرحمن الرحيم:

 

      لقد عهدنا جيش المهدي ، جيشاً وطنياً خالصاً ، هدفه الاساسي هو مقاومة الاحتلال بما يتوفر عليه من وسائل وقد شهدنا منازلته لقوى الاحتلال الامريكية في مدينة النجف والكوفة ، ولم تعهد منه استهدافه للمناطق السكنية وإصابة الابرياء من الناس ، بالرغم من تشنج الناس منه آنذاك .

      ومن ينسب اليه هذه الافاعيل فهو اما مدسوس او مدفوع من قبل بعض الجهات التي تتقاطع اهدافها مع اهداف الجيش ولا تريد إلا فرض رؤيتها في عملية استقلال البلد او لا تريد ان يحقق الجيش مكاسب اجتماعية اكبر مما ترجوه لنفسها .

      نعم لا يستبعد ان تدس بعض العناصر في الجيش ، وهي التي تفعل ذلك عن قصد غرضه الاساءة للجيش وسمعته ، والصعوبة تكمن في طريقة تشخيص هذه العناصر المندسة التي سببت تشويه صورة الجيش ، وسيكتشف الجميع ان افراد الجيش الذين عهدنا منهم الصمود والعزيمة والتضحية والإخلاص في منازلة النجف والكوفة هي عناصر الجيش الحقيقية وما بعدها ممن حشر أنفه واندس زبدٌ يذهب جفاءً .

قاســـــــــم الطـــــــــائي