سماحة آية الله الشيخ الأستاذ قاسم الطائي أدامه الله تعالى ذخراً للمؤمنين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً. الإشكال الثاني المطروح في الساحة العراقية – حول المجاهدين للإحتلال – بعد إشكال عدم الشهادة هو الإشكال الثاني إن كل مقاتل في الساحة العراقية تشوبه وتوجه نحوه إشكالات إخلاقية وإنحراف في السلوك والعمل الديني.فكيف يكون مجاهداً ؟ ولأجل هذا الإشكال فنحن لا نؤمن بالجهاد الحالي!!
ثانياً: من يصرح بهذه الإمور فهل تجوز الصلاة خلفه؟
الشيخ محمد الحلفي
8ربيع الثاني 1425ه
بسم الله الرحمن الرحيم:-
إذا نظرنا إلى التاريخ وأحداثه في الجهاد والثورات وخصوصاً الحديثة نجد بالإستقراء أن المجاهدين معظمهم من هؤلاء ممن ظاهرهم الإنحراف وسيرتهم بعض المحرمات ، ولكن هذه الموانع لا تمنع من إرتقاءهم إلى أعلى الدرجات لنكران الذات و المتاجرة مع الله والإعراض عن الدنيا ، وقتل كل مشتهيات النفس ومغريات الحياة – والتي لم يستطع المتدين الذي يقوم الليل والنهار ويتعبد لربه ويتزي بزي العلم والدين ويعتاش عليه وله موقع إجتماعي مرموق عند الناس ومكانة مقدمة على الآخرين وغيرها من المغانم التي حصل عليها بإسم الدين أن يتخلص من أنانيته وإنيته ونظره إلى نفسه وهو لم يتعبد إلا للوصول إلى حالة الفناء كما يعبرون (أهل العرفان) ولكنه هل وصل إلى ما وصل إليه هذا المسكين.وإذا لم يصل فهو متأخر مرتبةً لم يجعل لله الحصة الكاملة في حياته كما جعلها من وصف بالإنحراف.
ويكفي هذا المسكين أنه وصل لمرتبة من البر لم يصل إليها المتعبد ……إذ لا بر فوق الشهادة كما قال u فوق كل بر بر إلا الشهادة فليس فوقها بر…..بالمضمون.
مع إن السؤال يستبطن كون الشهادة مختصة بالمتقين وهو ليس بصحيح ، فالشهادة طريق يفتحه الله لمن يستحقه ولو كان كما وصفت إذا علم الله منه الصدق والإخلاص وإعتبر بالحر الرياحي.
رحم الله الخميني حينما قال أن قائدنا جميعاً هو (لم أتذكر إسمه) الذي فجر نفسه أمام دبابة . والمعروف عن السيد الخميني أنه من العارفين وقد يُدعى إن طريق الجهاد لا يكون إلا بعد المرور بتهذيب النفس وهو فاسد من وجوه:
الوجه الأول:ما ذكر قبل قليل من عدم إختصاص الجهاد بالمتقين بل هو طريق يفتحه الله للمخلصين ممن وجد في نفوسهم الإستعداد للتضحية والبذل في سبيل الحفاظ على بيضة الإسلام وحرماته ومقدساته وأرواح معتنقيه من أن تنتهك أو تهان.
الوجه الثاني :إنما ذكره غير عملي إذ أن طريق تهذيب النفس مفتوح وطويل وقد لا يصل إلى مراتب عالية منه طيلة حياة الفرد إذا لم يتورط فيه مع أنه ضيق الآثر إذ لا يتعدى في أغلب أفراده دائرته الشخصية وهذا بخلاف طريق الجهاد فإنه لا يحتاج إلا لحظة صدق مع الله وإستعداد للتضحية وآثره أوسع غالباً من آثر الأول .
الوجه الثالث:- قد نسي المدعي أنه لو صح ما قال لكان ذلك لم يتخطَ منهج رسول الله e الذي قال قضيتم الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر ويقصد بالجهاد الأكبر تهذيب النفس وفي كلامه e إشارة للوجهين المتقدمين .
الوجه الرابع :- إن هذه الدعوى قريبة من دعوى أعداء الدين والمستعمرين والمستكبرين الداعية إلى فصل الدين عن السياسة وإنزواء الفرد المسلم في زوايا بيته يتعبد ويترك الإمور الإجتماعية وحياة الناس يُعبث فيها من قبل الآخرين.
ثانياً:- كل من يستهزأ ويسخر من هؤلاء الأبطال وينبزهم بألقاب بذيئة وسيئة لا تجوز الصلاة خلفه
قاسم الطائي
13/ربيع الثاني/ 1425هـ