You are currently viewing شرعية المقاومة  الشهداء

شرعية المقاومة الشهداء

سماحة المرجع الديني الفقيه المجاهد سماحة الشيخ قاسم الطائي أعزكم الله

 في ظل الأوضاع الخطيرة التي يمر بها عراقنا العزيز وما يقدمه شعبنا العراقي الغيور من تضحيات دفاعاً عن أرضه ومقدساته ضد هيمنة الاحتلال الأمريكي وفي الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه لتعبئة المؤمنين لاتخاذ موقف حاسم ضد المحتل ظهرت مع شديد الأسف أصوات مأجورة لخدمة أعداء الإسلام غايتها التشكيك بما يقدمه المؤمنون من تضحيات بالغالي والنفيس في مدن العراق بصورة عامة وفي مدينة النجف وكربلاء المقدستين خاصة وكأنهم أطلعوا على أسرار من قدموا أنفسهم قرابين في سبيل الله ولخدمة الإسلام والمقدسات وتجرؤا بالحكم عليهم أنهم ليسوا شهداء في سبيل الله بل هم قاصدوا الفتنة

 فكيف تردون على من يتجرأ بهذا القول ويستخف بحرمة هؤلاء المؤمنين ولكم الأجر والثواب .

بــــــــــــسمه تعـــــــالــــــى :

عندما تغيب الرؤية الواضحة بفعل عوامل وظروف معينة يصبح الفرد تابعاً لأراء الآخرين وتحليلاتهم وتقييماتهم فهو يردد ما يقولون من دون وعي لما يقول ولا أدراك لما يفعل فيتورط ويورط وقد يسعفه الوقت في معرفة الأمور على حقائقها فتأخذه الحسرة ويشعر بالندامة ( ولات حين مناص ) . ولا يزال الكثيرون يتابعون من غير هدى ما يبثه الأعلام الغربي وتذيعه وسائل الأعلام وكأنهم فقدوا العقل واستسهلوا تقليد الآخرين ضناً منهم صوابية رأيهم وقوة حجتهم فلا عقولهم استغلوا ولا شرعهم رجعوا ولا أعرافهم احترموا ولا أنفسهم سألوا ، ما ينطبق عليهم المثل الشعبي ( حشرٌ مع الناس عيد ) وليتهم أكرموا غيرهم بالسكوت بل أذاعوا به البسطاء من الناس إرجافاً  بهم وتثبيطاً لهمهم فأعانوا الشيطان وتخاذلوا عن شرع الرحمن وخانوا الوطن والإنسان .

ولست أدري أي عقل يحملون حيث يرفضون من يتبرع للدفاع عنهم ويحافظ على كرامتهم التي انتهكها المحتل وأبتذلها الأجنبي فأصبحوا مصداق لقول النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) (( كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً ، بل كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف )) وأي معروف أعظم من الدفاع عن المقدسات والشرف والأموال والأنفس والدين وليعلم أعوان الشيطان أن المخلص من هؤلاء إذا عقد نيته طالباً لمرضاة الله واستسهل الغالي والنفيس في هذا الدفاع المقدس قد لا أبالغ أنه أفضل الشهداء وليس شهداء فقط بيان ذلك ذكر سيدنا الأستاذ الشريف الشهيد محمد الصدر ( قده) في وجه المقارنة بيت أصحاب الحسين وأصحاب المهدي (عج) أبان الأفضلية لأصحاب الحسين لأنهم علموا بموتهم وأقدموا عليه وأصحاب المهدي (عج) احتملوا النصر فأقدموا ومن لا يحتمل إلا الموت هو أفضل بطبيعة الحال .. فلو أخذت هذه المقدمة مسلمة أمكن أن نقول بأفضلية ممن يقتل الآن في سبيل الله لعدة أمور .

  الأمر الأول  /  شدة التشويش الحاصل الآن لتخوير هممهم وتضعيف أرادتهم على المنازلة فأصبح عندهم غير معروف المصير فهل عملهم صحيح شرعاً وعقلاً أم باطلاً ؟ كذلك فأحدهم لم يجزم بنتيجة عمله ومع ذلك يقدم بشجاعة ويطلب الموت ، ومن يقدم مع عدم الجزم بالنتيجة باعتبار التشويش والتلبيس هو أفضل ممن يقدم مع الجزم بالنتيجة وأنه على صواب وأنه داخل الجنة لا محالة ، لأن الأمام عليه السلام قد بشره بالجنة وهؤلاء المساكين لم يبشرهم أحد فلم يترددوا وصدقوا واقدموا غير آسفين على فعلهم ولا نادمين على عملهم ، وقد يستغرب من هذا الجواب ولكن لا غرابة في الأمر لقول الأمام الصادق  شيعتنا أصبر منا ، قيل كيف ؟ قال لأننا صبرنا على شيء نعرفه وهم صبروا على شيء لم يعرفونه .

 الأمر الثاني / حالة المقاتل المجاهد تختلف بين أن يجاهد بين يدي القائد والأمام المعصوم ويراه حِساً ويسمع كلامه وهو ملزم بطاعته ، والدفاع عنه وبين أن يجاهد وهو بعيد عنه وغائب ، فإذا خانته الهمة وضعف عن المنازلة كان الوجود المبارك للأمام المعصوم عليه السلام خير معين له على الاستزادة والأقدام ، خصوصاً إذا كان يقاتل معه ويشارك بنفسه الزكية في الدفاع وكل هذا مما لم يكن مع هؤلاء ، فإذا سألت نفسك من الأفضل من هؤلاء ؟ لا أعتقد أنك تخطيء في التقييم .

 وبعبارة أخرى أكثر إيضاحاً أن أصحاب الأئمة كانوا يقاتلون عن قضية حاضرة يحملها الأمام معه ، وهؤلاء يقاتلون عن قضية غائبة يحملها اعتقادهم بصدقها وأيمانهم بفحواها وطاعتهم لأئمتهم وهم غائبون عنها فإذا تساووا في الدفاع والأقدام وطلب الشهادة والموت في سبيل الحق كان هؤلاء أفضل .

 الأمر الثالث /  ضخامة العدد المحارب ، فمقارنة بسيطة بين الطرفين من حيث العدة والعدد ، توقفنا على أفضلية هؤلاء لأن المواجهة قد تكون سهلة مع ضحالة العدد وبساطة معداته ، ولكنها ليست كذلك مع ضخامته وتطور معداته وسعة سيطرته في حالات الحرب من جميع النواحي ، يستطيع بها أن يعرقل ويشل حركة المجاهدين والمدافعين ، يساعده في ذلك الوسائل الإعلامية وأشاعتها للخوف والرهبة فيهم ، كما أن المنازلة لم تكن متكافئة على مستوى الأفراد كما هي ليست متكافئة على مستوى الجيش لأمكان المحارب القديم أن يحارب عن نفسه ولو لفترة وليس بإمكان المحارب والمدافع أن يدافع عن نفسه لقوة ودقة الآلة القتالية وضعف احتمال خطئها ، يضاف إليها التدريب الجيد والأعداد المسبق للمواجهة والاستعانة بالآخرين عبر وسائل الاتصال المتوفرة لديهم .

 الأمر الرابع / حلاوة وطراوة دنيا اليوم عن دنيا الأمس ، وحلاوتها من أعظم المغريات التي توقف النفس عن اقدامها في التضحية وتقاعسها وتخاذلها ، ومما لا شك فيه أن مغريات الدنيا في عالم اليوم هو توفرها بشكل كبير وبألوان شتى أكبر بكثير منها في دنيا من جاهد من السابقين وإذا تساووا مع ضخامة العائق والمانع ومغريات الدنيا أعظم مانعاً عن التضحية كان المدافع مع ضخامة المانع أفضل من الآخر.

 وهناك في الأخبار ما يرشد إلى هذا الأمر وهو ما ورد عن رسول الله (ص) في أحوال رجال آخر الزمان أنه قال : ( أن الواحد منهم يساوي أو يعادل أربعين عماراً ) ـ يقصد عمار بن ياسر ـ والنتيجة أن معادن الرجال تظهر وتتضح عندما تشتد الفتنة ويزداد البلاء وتوضع في الطريق عقبات كثيرة ومصائب عديدة ، وكلما اجتازها بأيمان راسخ وقلب ثابت كان مدعاة للتفاخر والاعتزاز واستحق المدح والثناء وفاز باللذة والبقاء ، فأفهم يا غافل تغنم وأعلم إن الله  يعلم ما توسوس به نفسك ويعلم صدقك من كذبك .

(( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) سورة العنكبوت )) .

قاســـــــــــــــــــــم الطـــــــــــــــــــــتائي