سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله… وبركاته.
قبل البدء بسؤالي أتقدم لكم بالشكر الجزيل لأنكم لم تجعلوا بينكم وبين السائل حاجزاً.
ذكر العلماء عدة شرائط لمن يجب تقليده، منها العدالة وهي من أهم الشرائط، وعندما نسأل ما هي العدالة يكون الجواب هي العمل بالواجبات وترك المحرمات، ونحن نعرف أن من الواجبات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم أن المنكر بجميع مصاديقه انتشر في جميع مجالات الحياة، فكيف يكون عمل المرجع الديني بهذه الفريضة المغيبة؟ وهل لها دخل بعدالة المرجع الديني؟ هذا أولاً.
وثانياً: قد ذكر العلماء أن عدالة مرجع التقليد تثبت بأمور..
1) العلم الحاصل بالاختبار أو بغيره.
2) شهادة عدلين بها.
3) شهادة العدل الواحد أو الثقة مع حصول الوثوق الشخصي بقوله.
4) حسن الظاهر والمراد به حسن المعاشرة والسلوك بحيث لو سئل غيره عن حاله لقال لم نر منه إلا خيراً.
هل يمكن فهم هذه الأمور من السلوك الخارجي أو من خلال عمله بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعبارة أخرى هل هنالك ارتباط بين أولاً وثانياً؟ وشكراً جزيلاً.
اسأل الله العلي القدير… أن ينفع المؤمنين بعلوم وعمل مراجع الدين.
الشيخ محمد الجبوري
بسم الله الرحمن الرحيم..
نعتقد بدخالة ذلك في العدالة باعتبار أن التقوى ومن بعدها العدالة لها جانبان، فردي كالصلاة والصيام وغيرها من العبادات، واجتماعي وهو القيام بالوظائف الاجتماعية المطلوبة وأهمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن هنا فإن التأمل في معنى العدالة يكون مطلوباً فهل هو من يقوم بوظائفه الخاصة العبادية أو عليه القيام بوظائفه الاجتماعية مع وظائفه الخاصة؟ الأرجح هو الثاني لأن الشخص المسؤول بهذا الاعتبار والقيمة الاجتماعية وآراؤه تؤثر في توجيه الناس والتزاماتهم لا يكفيه والحال هذه القيام بوظائفه الخاصة ما لم يتفاعل مع المجتمع بالوظائف العامة وأهمها هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي قدم إمامنا الحسين عليه السلام كل التضحيات تفعيلاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الواضح أن القدوة الحسينية هي للمتصدي وغيره، بل الأول أولى بالتفاعل معها والسير على هداها، لأنه يمثل النيابة في زمن الغيبة كما هو المرتكز عندنا.
ولك أن تقول إن التقوى على درجات متفاوتة ومن الضروري أن يكون المتصدي على درجة عالية منها، وأعلى من عامة الناس فيها ليتأهل للتصدي إلى شؤون الامة ويستأمن على الإطار الديني من الاختراق والتجاوز بدواعي التقية، وعدم إطاعة العامة والوقت غير مناسب، ونحن علينا الفقه والاصول فقط، ونقتصر على الفتوى دون الدخول في التفاصيل والتصدي للشؤون العامة، بل نتركها تتحرك ما شاءت الأقدار ولسنا بمسؤولين ما دمنا قدمنا الفتوى والحكم، مع أن الحكم ينبغي تطبيقه والالتزام به لتصان الحياة الاجتماعية ويحافظ عليها من التلوث والفساد بدعاوى التحلل والحرية، والانفلات الاخلاقي والتحلل الانضباطي وغيرها.
من لم يأمر بالمعروف ويساهم في تنشيطه وممارسته وكذا النهي عن المنكر، فإن الدين سيغرق في شبهات وإشكالات وانحرافات وتدليسات وتلبيسات عديدة قد لا نجد المخرج منها بعد حين، إذ مع تركها والتغاضي عنها قد تصبح مع مرور الأيام سجايا خلقية وممارسات عرفية مقبولة بشكل عام، وبالتالي يصبح الخروج عليها ضرباً من التجاوز وإخلالاً بالوضع العام وتكبيلاً للحريات العامة، وهكذا.
ولكبار السن أن يلتفتوا إلى ذلك حينما كان شرب الخمر استثناءً والشارب منبوذاً اجتماعياً، والآن أصبح محترماً والشرب (اتكيتاً) كما يعبرون أو تحضراً..
وللكلام تتمة قد نبحثها خارجاً إن شاء ا….
((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ ا… شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال : 25]))
قاسم الطائي
25/ربيع2/1433هـ